خبير يوضح لـ«العين الإخبارية».. كيف أثر رفض قروض «صندوق النقد» على اقتصاد تونس؟

مع إصرارها على رفض الاقتراض الخارجي خشية الانصياع لتعليمات صندوق النقد الدولي، تعاني تونس حاليا من وضعية اقتصادية غير مواتية نتيجة الانكماش والركود المصاحب لتفاقم العجز التجاري وتراجع الصادرات، وفقا لما يراه رضا الشكندالي أستاذ الاقتصاد بجامعة تونس.
ومع ذلك لا يرى الشكندالي أن الحل يكمن في الاستسلام وطلب التمويل الدولي، بل هو حل داخلي أيضا يتمثل في تعديل السياسات لتشجيع القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية.
وفي حوار مع "العين الإخبارية" أكد الشكندالي أن أسباب الركود الاقتصادي تتمثل في اعتماد الحكومة التونسية المفرط على الموارد الجبائية مع غياب إصلاحات هيكلية، وتحويل الاقتراض الخارجي إلى اقتراض داخلي من البنوك والبنك المركزي إضافة إلى التقشف في الواردات حتى تلك الضرورية للإنتاج (مواد أولية ونصف مصنعة)، ما أدى إلى ركود اقتصادي وتراجع النمو.
نتائج عكسية
وشدد على أن هذه السياسة في شكلها الحالي لم تسهم في رفع النمو أو خفض البطالة، بل أفرزت نتائج عكسية تتمثل في انكماش اقتصادي وتدهور في المقدرة الشرائية، وتراجع الموارد الجبائية بسبب انخفاض النشاط الاقتصادي.
وللإشارة فإن المعهد الوطني للإحصاء أكد أن نسبة النمو خلال الثلاثي الأول من سنة 2025 قد بلغت قرابة 1.6% فقط.
وقد بلغت قيمة الصادرات خلال الأشهر الأربعة الأولى من سنة 2025 حوالي 20.7 مليار دينار (نحو 7 مليارات دولار) بتراجع قدره 2.4% مقارنةً بالفترة نفسها من السنة الماضية.
في المقابل، ارتفعت الواردات بنسبة 7.8% لتصل إلى 28 مليار دينار، ما أدّى إلى تفاقم العجز التجاري إلى 7.29 مليارات دينار، مقابل 4.5 مليارات دينار في الفترة نفسها من 2024.
حلول مقترحة
واقترح أستاذ الاقتصاد مجموعة من الحلول للخروج من الوضعية المالية الراهنة، حيث شدد على ضرورة تحسين مناخ الأعمال والتقليص من الإجراءات الإدارية المعقدة ووضع إجراءات لتشجيع الاستثمار في القطاع الخاص.
وقال الخبير الاقتصادي إنه "لا يمكن خلق الثروة في تونس إلا عن طريق القطاع الخاص".
وأكد أن "الحلول سهلة جدا على مستوى الاقتصادي التونسي"، وأنه لا يمكن "لا الدولة ولا للشركات الأهلية التي تُعتبر تجربة جديدة أن تقوم بذلك".
وأوضح أن الشركات الأهلية بإمكانها أن تُكمّل القطاع الخاص ولكنها لا يمكن تعويضه.
ودعا الشكندالي إلى تشجيع المؤسسات التونسية على الاستثمار وجلب المستثمرين الأجانب، مع الحرص على توفير مناخ أعمال واستثمار ملائم.
وتابع أن مناخ الأعمال في تونس فيه سياسات اقتصادية مقيتة وادارة بيروقراطية، مؤكدا أن أكبر عائق للنمو في تونس هو الإدارة التونسية.
ودعا إلى ضرورة إعادة النظر في قانون الشيكات الجديد الذي زاد في تعطيل المبادلات التجارية .
تراجع التضخم
من جهة أخرى، أكد رضا الشكندالي أن انخفاض نسبة التضخم المُعلن مؤخرًا من 5.6% إلى 5،4% هو أمر جيد لكنه لا يعكس التحسن الفعلي في المقدرة الشرائية للمواطن التونسي.
وشدد على أن هذه الأرقام لا تعني الكثير للمواطن العادي الذي يواجه ارتفاعًا مستمرًا في أسعار المواد الأساسية.
وأوضح الشكندالي أن مؤشر التضخم العام يُستخدم بالأساس في رسم السياسات الاقتصادية والتفاوض مع المؤسسات الدولية، إلا أنه لا يعبّر عن الواقع اليومي للتونسي.
كما أشار إلى ارتفاع أسعار عدد من المواد الأساسية مقارنة بالسنة الفارطة.
ويوم الخامس من يونيو/ حزيران الجاري ،أصدر المعهد الوطني للإحصاء (حكومي) تقريره الشهري حول مؤشر أسعار الاستهلاك العائلي، حيث تم تسجيل تراجع في نسبة التضخم السنوي لتبلغ 5.4% بعد أن كانت في حدود 5.6% خلال شهر أبريل/ نيسان.
ويعود هذا الانخفاض أساسا إلى تباطؤ نسق ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي بلغت 6.7% مقارنة بـ7.3% في الشهر السابق، متأثرة خصوصا بارتفاع أسعار الخضر الطازجة بنسبة 25.3%، الغلال الطازجة بـ22.8%، لحم الضأن بـ19.8% والأسماك الطازجة بـ10.8%، في حين تراجعت أسعار الزيوت الغذائية بنسبة 22.2% وأسعار البيض بـ5.1%.
كما شهدت أسعار المواد المصنعة بدورها ارتفاعا بنسبة 5.2%، ويُعزى ذلك إلى ارتفاع أسعار الملابس والأحذية بـ9.4% ومواد التنظيف بـ4.9%.
أما أسعار الخدمات فقد ارتفعت بنسبة 4.7% مدفوعة بزيادة خدمات المطاعم والمقاهي والنزل بنسبة 11.5%. وبالنسبة للتضخم الضمني، أي دون احتساب أسعار الطاقة والتغذية، فقد سجل بدوره تراجعًا طفيفًا ليستقر في حدود 5.5% مقابل 5.7% في شهر أبريل/ نيسان الماضي.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjQ1IA== جزيرة ام اند امز