تونس..سهرات فنية وموسيقية متنوعة في مهرجان دقة الدولي

كشف مدير مهرجان دقة الدولي مختار بالعاتق عن برنامج الدورة التاسعة والأربعين من المهرجان والتي ستجمع باقة من الفنانين التونسيين والأجانب.
تستعد مدينة دقّة الأثرية بالشمال الغربي لتونس لاستقبال الدورة التاسعة والأربعين من مهرجان دقّة الدولي، الذي ينطلق في 28 يونيو/حزيران الجاري ويتواصل حتى 8 يوليو/تموز المقبل، مُعلِنًا افتتاح الموسم الصيفي للمهرجانات في البلاد.
وقال بالعاتق، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن المهرجان حافظ على تقليده في تقديم عروض حصرية ذات جودة فنية عالية، تجمع بين الأصالة والابتكار، وتستدعي أسماء لها شهرة عالمية وتحظى بإجماع فني حول موهبتها وقيمتها الفنية.
ويُعد مهرجان دقّة من أقدم المهرجانات التونسية، إذ يعود تاريخه إلى سنة 1920، وقد شهدت ركحه عروضاً لنجوم عالميين من مختلف الجنسيات، في وفاء مستمر لذائقة فنية وجمالية رفيعة.
وأوضح بالعاتق أن دورة هذا العام ستُكرّس دور المهرجان كمنصة لاكتشاف المواهب الجديدة، مع تقديم إنتاجات مستوحاة من الذاكرة الشعبية والثقافة المعاصرة، في امتداد لخيار الانطلاق المبكر الذي تم اعتماده منذ العام الماضي، لتكون دقّة أولى محطات الصيف الفني في تونس.
افتتاح بطرب تونسي وختام برائحة "رقّوج"
يفتتح المهرجان بعرض الفنانة التونسية آية دغنوج تحت عنوان "في حضرة الطرب التونسي"، بينما يُختتم بعرض مشترك للأخوين عبد الحميد وحمزة بوشناق، مستلهم من العمل الرمضاني التونسي الشهير "رقّوج".
ويتنوع برنامج الدورة ليشمل أنماطًا موسيقية مختلفة: من الطرب والموسيقى السمفونية، إلى الراب والفالس. وتُخصص سهرة 30 يونيو/حزيران لإحياء الذكرى الخمسين لرحيل أم كلثوم، من خلال عرض "كلثوميات" تؤديه الفنانة اللبنانية سيندي لاتي، بمرافقة أوركسترا يقودها محمد لسود. أما في 29 يونيو/حزيران، فيُقدَّم عرض شبابي مصري للفنان Tul8te، المعروف بظهوره خلف قناع غامض.
ويكون عشاق الراب على موعد مع الفنان "جنجون" في 1 يوليو/تموز، تليه في الليلة التالية سهرة تحييها الفنانة التونسية آمال المثلوثي، بأغانيها ذات البعد الحقوقي والاجتماعي.
أما العروض الدولية، فتبدأ في 4 يوليو/تموز بعرضين: "أفرو أرابيك ڤالسير" من النمسا، وليلي ليونز من إنجلترا، تليها سهرة يوم 5 يوليو/تموز مع فرقة نوربي وأوركسترا الفيلهارموني من برشلونة.
الفنون الشعبية في فضاءات مفتوحة
إلى جانب العروض المدفوعة، تحتضن مدينة دقّة فعاليات موسيقية مجانية تُقام في الفضاءات المفتوحة، وتشمل أنماطًا تونسية أصيلة مثل السطمبالي، المالوف، والموسيقى الشعبية، في تمازج بين التراث المحلي والانفتاح العالمي.
تم الإعلان خلال هذه الدورة عن مشروع بحث توثيقي يهدف إلى إعادة بناء التاريخ الحقيقي لانطلاقة مهرجان دقّة، استنادًا إلى شهادات شفهية، تذاكر قديمة، وصور أرشيفية، حيث يُرجّح أن تكون أولى دوراته قد نُظمت عام 1920 خلال فترة الاستعمار الفرنسي. وتتولى الباحثة أمينة الوسلاتي إعداد هذا العمل التوثيقي لعرضه في سياق فعاليات الدورة الحالية.
دقّة... حيث التاريخ يصغي للموسيقى
مدينة دقّة، الواقعة في محافظة باجة، تحتضن أحد أبرز المعالم الأثرية في شمال أفريقيا: مسرح روماني يتسع لأكثر من 3000 متفرج، بُني سنة 168 ميلاديًا في عهد الإمبراطورين مارك أورال ولوقيوس فروس. يتكون من ثلاث وحدات: المدارج، الأوركسترا، وخشبة العرض، ولا يزال يُستخدم حتى اليوم في احتضان العروض الكبرى.
وقد أُدرِجت المدينة الأثرية ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو سنة 1997، باعتبارها المدينة الرومانية الأفضل حفظًا في شمال أفريقيا. وتميّز موقعها وسط ضيعة فلاحية بحمايتها من الزحف العمراني، بخلاف مدن أثرية أخرى مثل قرطاج.
تمتد المدينة على مساحة 70 هكتارًا، وتزخر بتاريخ غني يتراوح بين الحقب البونيقية، النوميدية، الرومانية، والبيزنطية، ما يمنح مهرجان دقّة خلفية حضارية نادرة تمتزج فيها الموسيقى بالحجر، والإبداع بسحر المكان.