"جائحة طبيعية" تعطل أهم محركات الاقتصاد التونسي.. جفاف كارثي
تواجه تونس ظاهرة الجفاف وانحباس الأمطار منذ نحو 4 سنوات ما دفع السلطات التونسية إلى تمديد قرار تقسيط المياه ومنع استعمالها في العديد من الحالات، وسط دعوات من المزارعين لتصنيف الظاهرة على أنها "جائحة طبيعية".
وقد انخفض المخزون العام للسدود التونسية، بنسبة تزيد على 20 في المئة، مقارنة بالمعدل المسجل خلال السنوات الثلاث الماضية، بحسب معطيات المرصد الوطني للفلاحة.
وتشير التوقعات الجوية في تونس إلى أن فترة الجفاف متواصلة، وأن الأمطار لن تسجلَ حضورها خلال الأيام المقبلة وأن هذا الوضع الجوي يؤثر بصفة ملحوظة على نسبة امتلاء السدود والتي تُقدر بـ25 بالمئة إجمالا.
عواقب كارثية
وعلى غير العادة انقضى شهر سبتمبر/ أيلول الماضي دون هطول الأمطار كما أن التوقعات الجوية لشهر أكتوبر/ تشرين الثاني الجاري تشير إلى أنه من الممكن وخلال الأيام العشرة الأخيرة من الشهر أن يصل إلى تونس منخفض جوي لتعود معه الأمطار.
ويحذر الخبراء، منذ سنوات، من أن قلة الأمطار في تونس ستكون لها عواقب كارثية على الزراعة، أهم محرك للاقتصاد.
الماء ممنوع في هذه الحالات
وفي تونس، تُستخدم معظم موارد مياه الشرب، أي 80 في المئة، في الري الزراعي.
ومنذ نهاية مارس/آذار الماضي، دخلت تونس ولأول مرة، تقسيط توزيع الماء الصالح للشرب عن طريق قطع الماء ليلا في عديد أحياء تونس العاصمة، ضمن نظام لجدولة توزيع المياه على مختلف إنشاء البلاد، ولتوفير الاستهلاك.
وتمنع السلطات التونسية استعمال الماء الصالح للشرب في الزراعة وسقي المناطق الخضراء وتنظيف الشوارع وغسيل السيارات، بسبب موجة الجفاف الحادة التي خلفت سدوداً شبه فارغة.
"جائحة طبيعية"
من جهته، دعا طالب رئيس الاتحاد المحلي للمزارعين بمنوبة، خالد العياري، بالإسراع في إصدار أمر حكومي بالجريدة الرسمية ينص على تصنيف الجفاف الحاصل على الزراعات الكبرى هذا العام كجائحة طبيعية.
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن هذا الطلب يهدف لتسهيل حصول المزارعين على شهادة الإجاحة التي تمكّنهم من جدولة ديونهم ومساعدتهم على انطلاق الموسم الزراعي في آجاله.
وأوضح أن الجفاف أثر ما على نشاطهم الزراعي، وخاصة مع بداية الموسم الزراعي الجديد الذي يتطّلب إجراءات استثنائية حفاظا على الأمن الغذائي للبلاد.
وأشار إلى أن جائحة الجفاف أثرت على الزراعات الكبرى بنسبة 100 %.
وضع خطير
وقد حذر وزير الفلاحة الأسبق سعد الصدّيق، من خطورة وضع المياه في الفترة الحالية بسبب شحّ الأمطار حيث ان معدل امتلاء السدود في تونس لا يتجاوز حاليا 25.5% كما ان نسبة الامتلاء بأكبر السدود الواقعة بالشمال لا تتعدى 29.9 %.
وأكد على ضرورة العمل على تأمين مياه الشرب إلى فترة معيّنة لحين هطول الأمطار والاقتصاد أقصى ما يمكن في المياه لتأمين حاجيات المواطن التونسي من الماء، وفق تعبيره.
كما دعا إلى التسريع في استكمال مشاريع كبرى مقررة والتي تأخرت عملية انطلاقها وأساسا محطتي تحلية مياه البحر بمحافظتي قابس وسوسة.
وتابع بالقول إن الوضع يتطلب حزما أكبر واقتصادا أكثر في الماء.
وللعام الخامس على التوالي تمر تونس بموجة جفاف غير مسبوقة، تضرب مناطق شبه قاحلة مثل القصرين (وسط الغرب) وقابس (الجنوب)، ولكن أيضًا في الشمال الغربي بمناخه الأكثر اعتدالًا، والذي يعتبر سلة خبز القمح في البلاد.
بالنسبة للسكان، الذين اختبرتهم بالفعل أزمة اجتماعية واقتصادية وسياسية خطيرة، سيتم أيضًا تقنين إمدادات مياه الشرب في فترات زمنية محددة ووفقًا لنظام التناوب حتى نهاية سبتمبر/ أيلول.