فيلم «وين ياخذنا الريح».. رحلة نحو اكتشاف الذات (خاص)
تابع جمهور الفن السابع في تونس، بمسرح الأوبرا بمدينة الثقافة وسط العاصمة، فيلم «وين ياخذنا الريح» للمخرجة التونسية آمال قلاتي.
ويندرج الفيلم ضمن المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة للدورة السادسة والثلاثين من «أيام قرطاج السينمائية»، التي انطلقت في 13 ديسمبر/كانون الأول الجاري وتتواصل حتى 20 من الشهر ذاته.
وتدور قصة الفيلم حول «عليسة»، وهي فتاة في الـ19 من عمرها، عنيدة ومتمردة، تحاول كسر القوالب التي يفرضها عليها واقعها.
إلى جانبها يقف «مهدي»، وهو شاب في الثالثة والعشرين، خجول وحالم، يجد في رفقته لعليسة مساحة للتنفس من ثقل العيش اليومي.
ويستعين الثنائي بخيالهما للهروب من واقعهما، وعندما يكتشفان مسابقة تتيح لهما فرصة للهروب، ينطلقان في رحلة طريق إلى جزيرة «جربة» جنوب شرقي تونس، متجاوزين العقبات التي تعترض طريقهما.
الفيلم يضع المشاهد أمام أسئلة متجددة عن الحرية والحلم والرحيل وعنوانه «وين ياخذنا الريح» يوحي منذ البداية بالتيه، بالسفر الذي قد يقود إلى الخلاص أو إلى مزيد من الضياع، لكنه يظل دائمًا محركًا للبحث عن الذات.
وجسد بطولة الفيلم كل من آية بالآغا وسليم بفار إضافة إلى سندس بالحسن ولبنى نعمان ومحمد قريع وسوسن معالج.
رحلة وهروب
وقالت مخرجة العمل آمال قلاتي لـ«العين الإخبارية» عقب عرض الفيلم إنها سعيدة بعرض العمل لأول مرة أمام الجمهور التونسي في مهرجان أيام قرطاج السينمائية.
وأكدت عرض الفيلم في عدد كبير من المهرجانات العربية والعالمية إلا أن عرضه أمام الجمهور التونسي له إحساس مغاير ومختلف بالنسبة لها لأن الترجمة النصية تقتل الفيلم.
وتابعت: أخيرا يعرض الفيلم في تونس وأمام الجمهور التونسي الذي يفهم جيدا الحوار والطرافة والنكات التي يتضمنها نص الفيلم.
وعن فحوى الفيلم، قالت المخرجة التونسية إن الرحلة في الفيلم هي بالأساس استعارة للهروب، فهي تتيح للشخصيتين الهرب من واقعهما، جسديا وعبر الخيال أيضا، موضحة أن مشكلة الشباب في تونس تكمن في الرغبة العامة في الهجرة إلى أوروبا ،كما هو الحال بالنسبة لبطلة الفيلم، نظرا إلى الإحباط التي يحيط بالشباب في تونس.
وقالت إن هدفها من الفيلم أن يجد الشباب في تونس والعالم العربي أنفسهم فيه خلال مشاهدتهم العمل، وأن ترى الأجيال الشابة طاقتها وإبداعها منعكسين على الشاشة.
من جهة أخرى، قال بطل الفيلم سليم بفار لـ«العين الإخبارية» إنه كان ينتظر هذا العرض منذ مدة طويلة معتبرا أن تقديم الفيلم أمام شبابيك مغلقة وكامل العدد هو نجاح مهم.
وعبر عن أمله في أن يحصل الفيلم على جائزة في المهرجان، مستدركا قوله: ولو لم يفز فإن عرض الفيلم في تونس بحد ذاته اعتراف كبير بمجهوداتنا.
الفيلم حصل على جائزة أفضل فيلم عربي روائي ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في الدورة الثامنة لمهرجان الجونة السينمائي، في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2025.
وسبق للفيلم أن شارك في مهرجان صندانس السينمائي الدولي الذي أقيم في مالطا من 23 يناير/كانون الثاني إلى 2 فبراير/شباط 2025 وفاز بجائزة «النحلة الذهبية» لأفضل فيلم طويل.
كما حصل على جائزة أفضل فيلم روائي في مهرجان تورونتو السينمائي للفيلم العربي.
برنامج المهرجان
في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، تشارك تونس بثلاثة أفلام هي: «سماء بلا أرض» لأريج السحيري، و«صوت هند رجب» لكوثر بن هنية، و«وين ياخذنا الريح» لآمال قلاتي، إلى جانب أعمال من دول عدة، منها نيجيريا والسودان والعراق وتشاد والمملكة العربية السعودية ومصر والأردن والجزائر وفلسطين وبوركينا فاسو.
أما المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية الطويلة، فتشهد مشاركة 12 عملًا، من بينها «مقبرة الحياة» من السنغال و«الرجل الذي يزرع الباوباب» من بوركينا فاسو، فيما تمثل تونس بأفلام «الكنّة» و«زرّيعتنا» و«فوق التل». كما تضم المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة أعمالًا من لبنان وجنوب إفريقيا ومصر والجزائر والرأس الأخضر والسنغال وفلسطين وسوريا وتونس.
ويتيح المهرجان أيضًا منصة واسعة للسينماءات العالمية، حيث تشارك السينما الأرمنية بأفلام تعالج قضايا الهوية والشتات والمقاومة، والسينما الفلبينية بمجموعة من أبرز أعمالها، إلى جانب السينما الإسبانية والأعمال اللاتينية التي تتناول الذاكرة الشعبية وحركات المقاومة.
ويُعد مهرجان «أيام قرطاج السينمائية» من أقدم المهرجانات في المنطقة، إذ تأسس عام 1966، وكان يُقام كل عامين بالتناوب مع «أيام قرطاج المسرحية»، قبل أن يتحول إلى تظاهرة سنوية، ليظل منصة مهمة لدعم الإبداع السينمائي العربي والعالمي.
