التحليلات
السيناريوهات الثلاثة.. ماذا لو لم يتخذ قيس سعيد قراراته ضد الإخوان؟
الجميع يتحدث عن سيناريوهات ما بعد قرارات الرئيس التونسي، لكن ماذا لو لم يعلن الإجراءات الاستثنائية في تلك الليلة؟ ماذا كان سيحدث؟
الإجابة قد تستشرف اقتتالا في الشوارع، وانقساما في الجيش والأمن، وحكومتين تتنازعان الشرعية.. سيناريوهات مرعبة نجت منها تونس كان يمكن أن تجعل منها نسخة من سنوات الحرب في الجارة ليبيا.
سيناريوهات سوداء كانت ستحول تونس إلى بؤرة توتر جديدة تتقاطع فيها الأزمات والنزاعات الداخلية مع الصراعات الإقليمية والمخاطر الرابضة على حدودها الجنوبية والغربية بشكل خاص.
ومساء الأحد، أعلن سعيد تجميد عمل البرلمان وتعليق الحصانة عن نوابه، وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، في تدابير استثنائية جاءت على خلفية احتجاجات شعبية تطالب بإسقاط الإخوان.
حرب أهلية
وراء توقيت إعلان الإجراءات الاستثنائية كواليس لم تخرج تفاصيلها بعد، وإن كشفت بعض المصادر أن خطوة سعيد جاءت عقب معلومات استخباراتية خطيرة، وهذا ما يمكن أن يفسر إعلانها عقب اجتماعه مع قيادات عسكرية وأمنية.
المصادر كشفت أن حركة النهضة الإخوانية كانت تحضر لعزل سعيد ووضع يدها على السلطة بجميع مفاصلها، وهذا ما دفع نحو تسريع إعلان القرارات.
لكن قبل سعيد، كان هناك عامل آخر عجّل بالقرارات وهو الشارع الذي تحرك مناديا بإسقاط الطبقة الحاكمة والإخوان بشكل خاص.
خرج المحتجون في معظم المدن التونسية وأحرقوا مقرات للإخوان، في غضب شعبي كان من الممكن أن يتحول إلى اقتتال في شوارع منقسمة بين مناوئي وأنصار الإخوان.
محللون أكدوا أنه لو لم يحسم سعيد الأمر، لاندلعت في تونس حرب أهلية يسلح فيها الإخوان أنصارهم للانقضاض على الشعب، في سيناريو كان سيكون مرعبا.
فحركة النهضة تعودت على الاستقواء بالشارع واللعب على وتر التناقضات فيه أو عبر زرع مندسين ومخربين بين المحتجين السلميين لإجهاض تحركاتهم ومنحها طابع العنف الذي يشرع للأمن التدخل.
سيناريو يبدو منطقيا بالعودة إلى تأكيد قيس سعيد على أن "قوات الدولة ستواجه بالرصاص أية محاولة رفع سلاح ضدها"، واعتراف ضمني من النهضة الإخوانية بخسارتها لمعركة قلب الموازين السياسية في الشارع بسبب الخلافات الكبيرة بين القيادة والقواعد صلب الحركة.
انقسام الجيش والأمن
أما السيناريو الثاني فهو المخاطر العالية لحدوث انقسامات بصفوف الجيش والأمن، خصوصا أن الجهاز الأخير كان تحت سيطرة المشيشي الذي يتقلد أيضا منصب وزير داخلية بالإنابة، وسبق أن وظفهم قبل يوم واحد من الاحتجاجات في غلق الشوارع والطرقات.
صحيفة "الشارع المغاربي" التونسية (مستقلة)، نقلت عن مصدر وصفته بالفاعل في رئاسة الحكومة، تأكيده أن المشيشي علق على إجراءات قيس سعيد فور صدورها، قائلا إن "أبناء المؤسستين العسكرية والأمنية لن يستجيبوا كلهم للرئيس".
انقسام كان سيغذيه أيضا أبناء الحركة الإخوانية المنتدبين بالجيش والأمن إبان 2011، والمندسين فيه منذ النظام السابق، فجميع هؤلاء تعتبرهم النهضة بمثابة خزانها الاحتياطي حال خروج الأمور عن سيطرتها.
حكومتان متنازعتان
الصراع المفتوح بين سعيد وزعيم الإخوان منذ فترة من الزمن، والأداء الواهن لحكومة المشيشي المدعوم من التنظيم، كان لا بد أن يقود إلى مواجهة ما يكون مسرحها قصر الحكومة بالقصبة، وهو السيناريو الثالث.
فالمؤكد أن حالة الغليان بالشارع والمطالبة بإسقاط الحكومة في ضوء تردي الأوضاع على جميع الأصعدة وانهيار المؤشرات الاقتصادية والثقة بالسياسيين، كان سيدفع نحو إسقاط التشكيلة الوزارية، لكن هل كانت النهضة ستقبل بذلك؟ حتما لا.
طرحٌ كان سيقود نحو الأسوأ لولا الإجراءات الرئاسية التي تخطت نزاعا مفترضا حول الشرعية، كان من الممكن أن ينشب بين الحكومة الراهنة والحكومة الجديدة التي سيختارها قيس سعيد، وهذا ما يفسره أيضا الموقف المفاجئ للمشيشي حين أعلن استعداده تسليم السلطة.
وجاءت قرارات سعيد عملا بأحكام الفصل 80 من الدستور، على خلفية احتجاجات شعبية نادت بإسقاط الإخوان.
ومساء الأحد، قال سعيد، عقب اجتماع طارئ مع قيادات أمنية وعسكرية، إنه اتخذ جملة من القرارات سيتم تنفيذها على الفور، قبل أن يبدأ باليوم التالي بإقالة مسؤولين بارزين.