"العين الإخبارية" تشهد عرض "الحضرة".. لمسة صوفية في ليالي "رمضان تونس"
في أجواء روحانية خالصة، أحيا الفنان التونسي الفاضل الحزيري عرض "الحضرة" الصوفي في مسرح الأوبرا وسط العاصمة التونسية.
"الحضرة" هي موسيقى منبثقة من صميم التراث التونسي الصوفي توارثها التونسيون جيلاً بعد جيل، حيث يتمازج فيه الذِكر والمديح، وتُؤدّى بصوت خفيف فثقيل، فيها يتغنّى المنشدون بالحبّ والجنة والروح والسلام النفسي.
و"الحضرة" هي مشروع ثقافي خرج إلى الجمهور التونسي منذ ثلاثة عقود، ما جعله مرجعاً ومقياساً للعروض الصوفية التي أنجزت بعده خلال السنوات الأخيرة.
وسجّل أول ظهور لها عام 1992، إذ شكّلت حدثاً استثنائياً حينها من حيث الفكرة والخلفية التاريخية، وشهدت إقبالاً جماهيرياً.
يشارك في العرض الذي يخرجه الفاضل الجزيري، ابنه فنان الجاز علي الجزيري والفنانة التونسية آمنة الجزيري وكوكبة من الفنانين والمنشدين والموسيقيين والراقصين.
وبالقرع على الدفوف والبندير (آلة موسيقية إيقاعية)، انطلق الحفل بالأدعية والأذكار ليضع جمهوره في جو روحاني صوفي خاص.
ودخل المنشدون الحفل رافعين رايات ضخمة تعود إلى الطرق الصوفية التي مرّت على تونس مثل العيساوية والقادرية والسلامية، كما فاحت روائح البخور المنبعثة من فوق الركح لتغطي كامل المسرح.
وقدّم فنانو العرض مجموعة من الأغنيات التراثية الصوفية، التي تفاعل معها الجمهور بالرقص والغناء على غرار "يا بلحسن يا شادلي" و"الليل زاهي" و"مولاي صلي" و"زادت الأشواق يا أحبابي" وغيرها.
ولم يخل العرض من اللمسات العصرية، فقد ساهمت فرقة الجاز التي يقودها الفنان علي الجزيري، الحاضرة بقوة على الركح، بدفع حماس الجمهور وبعث نفس متجدّد.
ومزج الجزيري بين الموسيقى الصوفية التقليدية وموسيقى الجاز والروك، حيث أدخل آلات جديدة مثل الساكسوفون والباتري والقيثار الإلكتروني عليها.
والفاضل الجزيري، مخرج وفنان مسرحي تونسي ذهب إلى عالم الإنشاد الصوفي التونسي، ومدارسه من سلامية وعيساوية وغيرها، فاستخرج منها مقطوعات يمكن أن تتحوّل إلى عناصر ضمن عمل مسرحي أتى له بموسيقيين وعازفين ومغنّين محترفين (عوض المنشدين الصوفيين) وحشد على الركح ما يقارب الـ100 مشارك.
واعتلى مسرح أوبرا، راقصون ومنشدون وعازفون من فئات عمرية مختلفة، لكن غالبيتهم من الشباب. وفي تجانس وتكامل قدّموا عرضاً مسرحياً لافتاً، تواتر بين الأداء الفردي والجماعي.
وساهمت اللوحات الكوريغرافية المتنوّعة، التي أداها عدد من الراقصين المحترفين، في جمالية العرض، إلى جانب الأناشيد الروحانية التي ألهبت المسرح وزادتها جمالاً أجواء شهر رمضان الرائعة.
وقالت فنانة العرض آمنة الجزيري إنّ "عرض (الحضرة) منبثق من التراث التونسي، وقمنا بتطويره وتجديده كي يواكب العصر عن طريق إدماج موسيقى الجاز بالموسيقى الصوفية".
وأشارت الجزيري، في حديث مع "العين الإخبارية"، إلى تغيير ألوان لباس المنشدين والراقصين، التي كانت في السابق أبيض وأسود أو رماديا، إلى ألوان زاهية ومزركشة ترمز للحياة والحب.
وأوضحت أن "طريقة الإضاءة والمشاهد الكوريغرافية ليست اعتباطية.. فكل حركة تحمل وراءها رسائل ورمزيات يستطيع المتفرج تفكيكها ويغوص في هذه الأجواء الروحانية الصافية".
aXA6IDMuMTQuMjUwLjE4NyA= جزيرة ام اند امز