مشروع طلاق بالتراضي خارج المحاكم يُفجّر جدلاً في تونس

أثار مشروع قانون جديد في تونس جدلاً كبيراً، بعد أن تقدم 105 نواب بمبادرة تشريعية تسمح بإجراء الطلاق بالتراضي أمام عدول الإشهاد، دون المرور عبر القضاء.
وقد واجه المشروع، الذي يهدف وفق مروّجيه إلى تخفيف العبء على المحاكم وتسريع إجراءات الطلاق، انتقادات حادة من قبل قانونيين ونشطاء في المجتمع المدني، معتبرين أنه يُهدد مكتسبات مجلة الأحوال الشخصية ويُضعف الحماية القانونية للمرأة والأسرة.
النائب يوسف التومي، أحد الموقّعين على المبادرة، أوضح أن المشروع يندرج ضمن تحديث قانون تنظيم مهنة عدول الإشهاد، والذي يعود إلى أكثر من 30 عامًا، مشيراً إلى أن الهدف منه هو تسهيل الطلاق في حال التراضي، خاصة أن آلاف الحالات تبقى عالقة في المحاكم سنوياً.
وينص المقترح على توثيق الطلاق رسميًا أمام عدل إشهاد، بشرط عدم وجود نزاع أو ضرر، مع ضمان حقوق الأطفال القصر.
لكن هذه الخطوة لقيت اعتراضًا واسعًا، فقد عبّر مجلس الهيئة الوطنية للمحامين في رسالة رسمية موجهة للبرلمان، عن "رفضه القاطع" لصيغة المشروع الحالية، واعتبرها تهديدًا للأسرة التونسية، وضربًا للمكاسب التي حققتها المرأة.
وحذّر المجلس من أن المشروع يكرّس التنفيذ دون حكم قضائي، ويمسّ بمبدأ المواجهة وحق الدفاع، معتبراً أنه يفتح الباب أمام "الفوضى والقصاص الفردي".
من جهتها، شددت المحامية وفاء الشاذلي على أن "مكتسبات مجلة الأحوال الشخصية لا يمكن المساس بها إطلاقًا". كما عبّر القاضي عمر الوسلاتي عن استيائه، مؤكداً أن المشروع "انتكاسة وتراجع عن حقوق المرأة"، لكونه يزيل الضمانات القضائية ويُضعف المراقبة القانونية على حالات الطلاق، لا سيما في العلاقات غير المتكافئة.
ويأتي الجدل في وقت سجّلت فيه وزارة العدل خلال السنة القضائية 2021–2022 نحو 14,706 حكم طلاق، ما يعكس حجم الملفات التي تتطلب حلولاً عملية، دون المساس بالحقوق الأساسية للمواطنين، خاصة النساء والأطفال.
وتبقى المبادرة التشريعية رهينة التوازن بين التحديث الإداري وضمان العدالة الاجتماعية، في بلد تعتبر مجلة الأحوال الشخصية إحدى أبرز رموزه القانونية والاجتماعية منذ الاستقلال.
aXA6IDMuMTM1LjIwMi40MCA= جزيرة ام اند امز