الاغتيالات تنفجر بوجه الغنوشي.. عنكبوت الإخوان يختنق بخيوطه
من الإرهاب للفساد مرورا بتسفير الشباب التونسي لبؤر التطرف، وصولا وليس آخر للاغتيالات، يجد عنكبوت إخوان تونس يختنق بخيوط أفعاله.
فزعيم حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي يقف اليوم خلف القضبان، يحاسب على جرائم أراد تنظيمه من ورائها أن يحول تونس الخضراء إلى ساحة حرب أهلية.
وعملا بالمثل الشعبي "يا قاتل الروح وين تروح" أصدر القضاء التونسي في العاشر من يونيو/حزيران الجاري مذكرة إيداع بالسجن هي الثالثة بحق زعيم حركة النهضة، ضمن قضية ما يعرف بـ"الجهاز السري" الذي يقف وراء الاغتيالات السياسية في هذا البلد.
وقبل ذلك، وتحديدا في 6 فبراير/شباط الماضي، أعلنت وزارة العدل التونسية تشكيل لجنة خاصة للنظر في ملف اغتيال سياسيين في عام 2013 لم يبت القضاء فيهما بعد، وأذنت بمهمة تفقد قضائي وإداري شاملة للملفات ذات العلاقة، لكشف حقيقة من دبر وخطط وحرّض، لا فقط من ضغط على الزناد.
كما يجري التحقيق في قضية "الجهاز السري" منذ سنوات، إذ تُتهم حركة النهضة بإدارته واختراق أجهزة الأمن حينما كانت في السلطة، كما تٌتهم بالتورط في الاغتيالات السياسية الذي راح ضحيتها السياسيان شكري بلعيد ومحمد البراهمي عام 2013.
وكانت هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي كشفت في أكتوبر/تشرين الأول 2018 عن تورط الجهاز السرّي لحركة النهضة في اختراق أجهزة الدولة وفي أنشطة تجسس لصالح جهات أجنبية، والتستر على معلومات تتعلق بالاغتيال، متحدثة عن غرفة سوداء في وزارة الداخلية يتم فيها إخفاء الوثائق الهامة.
علاقة وتدريب
وسبق أن قال عبدالناصر العويني، عضو هيئة الدفاع، إن "كمال القضقاضي المتهم الرئيسي في اغتيال شكري بلعيد باعتباره منفذ العملية، وأحد أعضاء تنظيم أنصار الشريعة، تدرب مع الحارس الشخصي للغنوشي على استعمال سلاح كلاشنيكوف".
وأضاف أن "الحارس الشخصي للغنوشي والقضقاضي تدربا معا في قاعة للرياضة وسط العاصمة، وقد جمعت بينهما 10 مكالمات هاتفية".
ولفت إلى أن ذلك "يؤكد بما لا يدعو للشك، وجود علاقة وثيقة بين أنصار الشريعة وحركة النهضة، وهو ما نتج عنه تحضير وتنسيق بينهما لاغتيال شكري بلعيد".
وأشار إلى أن القاعة قد أُغلقت بعد اغتيال شكري بلعيد ولم تتمكن الجهات الأمنية من الدخول إليها إلا بعد 3 سنوات، وذلك بعد إتلاف كل الوثائق.
كما ذكر أنه "تم العثور على صور تتعلق بالتدريب على سلاح كلاشنيكوف والسلاح في منطقة دوز بالجنوب التونسي، حيث كان يوجد معسكر تدريب يشرف عليه كمال القضقاضي".
وشكري بلعيد هو الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد، واغتيل أمام منزله في 6 فبراير/شباط 2013، بأربع رصاصات كانت واحدة بالرأس وواحدة بالرقبة ورصاصتان بالصدر.
واتهم بلعيد في آخر مداخلة تلفزيونية له يوم 5 فبراير/شباط من نفس العام، على قناة نسمة الخاصة، حزب النهضة بالتشريع للاغتيال السياسي بعد ارتفاع اعتداءات رابطات حماية الثورة التي كانت تتهم في ذلك الوقت بأنها الذراع العسكرية لحزب النهضة.
أما محمد البراهمي الذي عُرف بمعارضته الشرسة لحركة النهضة فاغتيل في 25 يوليو/تموز 2013 بـ14 طلقة نارية أمام منزله، ونفذ العملية القياديان بتنظيم أنصار الشريعة المحظور بوبكر الحكيم ولطفي الزين.
"أمير الإخوان"
وفي هذا الإطار، قال منجي الرحوي رئيس حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد إن "إصدار قاضي التحقيق المتعهد بقضية الجهاز السري، مذكرة إيداع بالسجن في حق راشد الغنوشي أمير جماعة الإخوان بتونس على خلفية القضية التي قدمتها هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي، هو أكبر برهان على وجود تقدم من قبل القضاء، وأن هناك مسائل جدية سيكشف عنها القضاء في الأيام القليلة القادمة."
وأكد في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن حزبه وأمام هذه التطورات الجديدة ينظر بارتياح تام لإصدار مذكرة الإيداع في القضية المعروفة لدى عموم التونسيين "بقضية الجهاز السري".
كما ثمن مجهود ودور هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي "في كشف ملابسات هذه القضية الأمنية الخطيرة على الدولة والمجتمع"، مشيرا إلى أن قيادات الإخوان البارزة الآن في السجن وتتم مقاضاتهم على هذه القضايا.
وطالب السياسي التونسي "بكشف الحقيقة الكاملة عن الإرهاب ومموليه الذين جعلوا من تونس ساحة للمجاميع الإرهابية ووظفوا شبابنا في معارك ضد وطنهم وضد أقطارنا العربية".
ودعا إلى "كشف حقيقة الاغتيالات السياسية لشكري بلعيد ومحمد البراهمي، وهما من حملة المشروع الوطني الاجتماعي والثوري في مواجهة حركة النهضة وكل مشتقاتها".
وشدد على أن حركة النهضة "ساهمت في نشر الإرهاب عبر اختراق أجهزة الدولة، وتشكيل عصابات أمنية موازية، وتنصيب نقابات أمنية موالية، وفتح مراكز تدريب وشبكات تسفير ومراكز إعلامية خاصّة، وإغراق البلاد بالسلاح والمال الفاسد والمشبوه، فضلا عن نشر ثقافة التكفير والقتل".
والرحوي هو سياسي يساري تونس وبرلماني سابق ورفيق شكري بلعيد، عرف بانتقاده الشرس للإخوان، وتم تكفيره سابقا من قبل البرلماني الأسبق الإخواني الحبيب اللوز سنة 2013. كما تعرض سابقا لتهديدات بالقتل.
أذرع مسلحة وإعلامية
من جهة أخرى، قال رياض الفاهم، القيادي اليساري التونسي إن هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي أثبتت بالدليل والحجة والبراهين علاقة الجهاز السري للإخوان بأبي عياض المسؤول عن تنظيم أنصار الشريعة المحظور (المتهم في قضية الاغتيالات) وبقضية التخابر المعروفة باسم "استالينغو" التي تدار من الطابق الخامس لحركة النهضة بالعاصمة التونسية.
وجماعة "أنصار الشريعة" صٌنفت كتنظيم إرهابي محظور عام 2013، بعد ثبوت ارتباطها بتنظيم "القاعدة" ومشاركتها في اغتيال السياسيين المعارضين بلعيد والبراهمي وضلوعها في العمليات الإرهابية في جبال الشعانبي على الحدود مع الجزائر، ويتواجد حاليا عدد من قياداتها داخل السجون.
وأكد الفاهم، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن الجهاز السري لحركة النهضة يتمتع بأذرع مسلحة وإعلامية، موضحا أن أغلب القيادات في حركة النهضة تتعلق بها قضايا في هذا الخصوص.
واعتبر الفاهم أن المحاسبة بدأت في تونس، مطالبا القضاة بالتحلي بأكثر قدر من النزاهة والموضوعية.
ولفت إلى أن ترديد التونسيين شعار "يا غنوشي يا سفاح يا قتال الأرواح" "لم يكن عبثيا، بل هو نابع مما شاهده الشعب ومما تأكد منه".
والغنوشي ملاحق في قضايا أخرى متعلقة بالإرهاب، حيث لا يزال على ذمة التحقيقات في قضية تسفير التونسيين للقتال مع الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق.
كما يخضع لتحقيق آخر بشبهة تبييض الأموال تتعلق بتحويلات مالية مشبوهة من الخارج لجمعية خيرية تحمل اسم "نماء تونس".
وفي مايو/أيار 2022، صدر قرار قضائي يقضي بمنع الغنوشي من السفر وتجميد حساباته المالية مع قياديين آخرين في حركة النهضة.
aXA6IDMuMTQ3LjI3LjEyOSA= جزيرة ام اند امز