برلماني لـ«العين الإخبارية»: ولاء الإخوان للخارج خطر على استقلال تونس

في ذكرى استقلال تونس عن الاستعمار الفرنسي، يتجدد الحديث عن معركة السيادة الوطنية التي لم تنتهِ بخروج المحتل، بل استمرت بأشكال أخرى أبرزها هيمنة قوى داخلية تدين بالولاء للخارج.
وفي هذا السياق، يؤكد البرلماني التونسي ورئيس كتلة «الخط الوطني السيادي»، يوسف طرشون، في حديثه لـ«العين الإخبارية»، أن «البلاد لم تستكمل استقلالها بعد»، معتبرا أن «معركة التحرر الوطني اليوم لم تعد ضد مستعمرٍ مباشر، بل ضد عملاء الداخل الذين تآمروا على سيادة تونس وأمنها».
ولفت إلى أن تنظيم الإخوان، ممثلًا في حركة النهضة، كان أداة اختراق خطيرة، استنزفت مقدرات الدولة، ورهنت قرارها لصالح أجندات أجنبية، مشيرًا إلى استمرار الاستغلال الخارجي للثروات الوطنية، والتآمر الداخلي من قبل أطراف سياسية تعمل لصالح أجندات أجنبية.
كما تناول طرشون حقيقة الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس قيس سعيد، مشددًا على ضرورة استبعاد المتورطين في الفساد والإرهاب.
ودافع عن سياسات الرئيس في مواجهة الضغوط الخارجية، لافتا إلى أن استقلال القرار الوطني شرط أساسي لاستكمال مسار التحرر.
تبعات الاستعمار
وتحدث البرلماني التونسي عن ذكرى استقلال تونس عن الاستعمار الفرنسي، التي تحتفي بها تونس، اليوم الخميس، مشيرًا إلى أن البلاد لا تزال تعاني من تبعات الاستعمار في شكل اتفاقيات تستنزف ثرواتها.
كما كشف عن عمالة بعض الأطراف السياسية، وعلى رأسها قيادات حركة النهضة، ومخططاتهم التآمرية على أمن الدولة.
كما تطرق طرشون، في مقابلة مع «العين الإخبارية»، إلى الحوار والوحدة الوطنية التي دعا إليها الرئيس قيس سعيد، مشددًا على ضرورة استبعاد المتورطين في قضايا الفساد والتآمر على الدولة من أي حوار سياسي.
كما أكد دعمه لمسار الرئيس التونسي، لافتا إلى أنه يعمل على تحرير البلاد من الفساد والتبعية للخارج.
مسيرة لم تنتهِ بعد
أكد طرشون أن تونس تحتفل اليوم بذكرى الاستقلال الوطني عن الاستعمار الفرنسي في 20 مارس/آذار 1956، وهي مناسبة تذكر التونسيين بنضالات آبائهم وأجدادهم الذين بذلوا أرواحهم من أجل تحرير البلاد.
وأوضح أن الاستقلال لم يكن مجرد حدث لحظي، بل مسارًا ممتدًا، حيث استكمل بإعلان الجمهورية في 25 يوليو/تموز 1957 وإنهاء حكم البايات، ثم جلاء آخر جندي فرنسي من الأراضي التونسية في 15 أكتوبر/تشرين الأول 1963.
وأشار طرشون إلى أن الاستعمار لم يرحل بالكامل، بل استمر عبر الاتفاقيات الاقتصادية التي لا تزال تونس تعاني من تبعاتها، لا سيما في استغلال الثروات الوطنية كالملح والطاقة، والتي ما زالت تخضع لشروط قديمة مجحفة.
وأضاف أنه طالب البرلمان بضرورة استكمال استقلال تونس من خلال استعادة السيطرة الكاملة على ثرواتها الوطنية وإعادة النظر في هذه الاتفاقيات.
الإخوان.. عمالة وولاء للخارج
كشف البرلماني التونسي عن عمالة عدة أطراف سياسية في البلاد لقوى أجنبية، مؤكدًا أن بعض الأحزاب التي حكمت تونس سابقًا لا تمتلك ولاءً وطنيًا حقيقيًا.
وقال طرشون: «حركة النهضة التي حكمت البلاد خلال السنوات العشر الماضية لم يكن ولاؤها لتونس، بل لتنظيم الإخوان وامتداداته الدولية. كانوا يتحدثون عن مثلث الخلافة، وهم لا يؤمنون بسيادة وطنية، بل بولاء أيديولوجي قائم على أفكار سيد قطب وحسن البنا».
وأضاف أن هؤلاء لا يعترفون بالدولة الوطنية، بل يعتبرون الوطن مجرد «حفنة تراب» لا قيمة لها أمام مشروع الخلافة والأمة.
وأكد أن استقلال تونس لا يقتصر على التحرر من الاستعمار التقليدي، بل يشمل التخلص من هذه الأطراف التي تعمل لصالح أجندات خارجية.
وأشار إلى أن هذه المجموعات لا تزال تتحرك مع أحزاب أخرى ولاؤها للسفارات الأجنبية، متهمًا إياها بالاستنجاد بالخارج في قضية «التآمر على أمن الدولة» لإنقاذ نفسها والعودة إلى السلطة.
وتعود هذه القضية إلى فبراير/شباط 2023، حيث تورط فيها 86 شخصًا داخل تونس وخارجها، بهدف قلب نظام الحكم، ومن بين المتهمين قيادات من حركة النهضة وأحزاب سياسية أخرى.
وأكد طرشون أن لحظة 25 يوليو/تموز 2021، التي شهدت خروج الشعب التونسي ضد هذه المنظومة، كانت لحظة فاصلة في تاريخ البلاد، حيث تم إسقاط نظام لم يكن يعمل لمصلحة الوطن.
وأضاف: «نعلم حجم المؤامرات التي تُحاك ضد تونس، ولذلك فإن بناء الدولة يتطلب تحقيق الاستقلال الحقيقي بعيدًا عن هذه المجاميع».
كما اتهم حركة النهضة باستنزاف خزينة الدولة ونهب القروض التي حصلت عليها تونس خلال فترة حكمها، إضافة إلى تورطها في تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر للمشاركة في العمليات الإرهابية. وأضاف: «كانوا يدعون للجهاد من على المنابر، وكان عداؤهم للدولة واضحًا. حتى إن راشد الغنوشي صرّح سابقًا بأن الجيش غير مضمون».
وشدد على أن «مسار التحرر لا يمر فقط عبر الاستقلال العسكري، بل يتطلب أيضًا التخلص من الخونة والعملاء الذين يعملون ضد مصلحة البلاد».
دعم الرئيس قيس سعيد
وأعرب طرشون عن دعمه الكامل للرئيس التونسي قيس سعيد ومساره السياسي، واصفًا إياه بـ«الصادق والنزيه» الذي يسعى لمحاربة الفساد رغم التحديات التي تواجهه.
وقال: «على الرغم من الدسائس والمؤامرات، سنواصل الوقوف معه في مساره الإصلاحي».
وأضاف أن الشعب التونسي منح سعيد الثقة في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، حيث حصل على نحو 2.4 مليون صوت، لأنه أثبت نزاهته ولم يخضع لأي ضغوط خارجية، بل يعمل على تحقيق استقلال اقتصادي يقوم على ضمان الاكتفاء الذاتي في الغذاء والطاقة.
كما أشاد بموقف الرئيس من صندوق النقد الدولي، حيث رفض شروطه التي عدها تهديدًا للسلم الاجتماعي في تونس، معتبرًا أن هذه الشروط هي شكل آخر من أشكال الاستعمار الاقتصادي.
وأكد أن سعيد اختار سياسة «التعويل على الذات» رغم الصعوبات التي تمر بها البلاد، مشيرًا إلى أن تونس تمكنت من سداد جميع ديونها الخارجية لعام 2024 بفضل التحسن في قطاعات مثل السياحة والفوسفات والزيتون والتمور، إضافة إلى ارتفاع تحويلات المغتربين.
الحوار الوطني والوحدة الوطنية
أكد طرشون أن تونس ليست بحاجة إلى حوار يشمل المتورطين في الفساد أو من عملوا على ضرب استقرار البلاد، مشددًا على أن الرئيس قيس سعيد حين دعا إلى «الوحدة الوطنية الصماء» كان يقصد توحيد الصف الوطني في مواجهة المؤامرات الخارجية.
وأضاف أن الحوار لا يمكن أن يكون مع من اشتكى ببلاده لدى القضاء الدولي، أو من دعا جزءًا من الجيش للتمرد، أو من ثبت تورطه في الإرهاب والتسفير.
وقال: «لا حوار مع الفاسدين، بل يجب أن يكون الحوار مجتمعيًا وشعبيًا بين المواطنين والمؤسسات المنتخبة مثل المجالس المحلية والبرلمان والمنظمات الوطنية كالاتحاد العام التونسي للشغل، والقوى السياسية غير المتورطة في أحداث العشرية الماضية».
مرسوم 54.. ضرورة قانونية أم قيد على الحريات؟
وتحدث طرشون عن الجدل المثار حول المرسوم 54، الذي يهدف لمكافحة الجرائم السيبرانية، موضحًا أن تونس انضمت بموجبه إلى اتفاقية بودابست لعام 2001، مما يسمح لها بتبادل المعلومات وجلب المجرمين المتورطين في الجرائم الإلكترونية.
إلا أنه شدد على أن الفصل 24 من المرسوم يحتاج إلى تعديل بسبب غموض المصطلحات المستخدمة فيه، مثل «الشائعة» و«الخبر الكاذب»، مما قد يؤدي إلى تقييد حرية التعبير. وأوضح أن كتلته البرلمانية طالبت البرلمان بتعديل هذا الفصل لضمان عدم استغلاله في تقييد الحريات الصحفية والإبداعية.
وأكد أن المرسوم كان ضروريًا لمحاربة الشائعات وحماية سمعة الأشخاص، لكنه يجب ألا يُستخدم لقمع الصحفيين والفنانين، مشيرًا إلى أن هناك قوانين أخرى تنظم جرائم التشهير والافتراء، مثل المجلة الجزائية والمرسومين 115 و116.
aXA6IDMuMTQyLjEyNC4xMzUg جزيرة ام اند امز