بعد مباحثات القاهرة.. هل تشيع تركيا مسارها العدائي؟
مباحثات مصرية تركية تعقد لأول مرة منذ سنوات تشير لصفحة جديدة وسط تساؤلات عما إن كانت أنقرة شيعت بالفعل مسارها العدائي تجاه القاهرة؟
صفحة جديدة قد تدفن المسار الذي سلكته أنقرة لسنوات لتتحول إلى ركب الدول المحتمل التطبيع معها من جانب القاهرة.
ويرى مراقبون أن إجراء المباحثات المصرية التركية التي اختتمت اليوم، على أرض مصر يمثل أحد مظاهر تصويب المسار من الجانب التركي تجاه القاهرة.
واتفق الخبراء في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية" على أنه بغض النظر عن نتائج المباحثات التي تخضع لتقييم الجانبين، لكنها عكست اعترافا تركيا بالشرعية المصرية الحالية، معتبرين أن المرحلة المقبلة ستشهد تطورا نوعيا في شكل العلاقة بين البلدين.
ورهن الخبراء مستوى ووتيرة التطور بمضي أنقرة قدما نحو تنفيذ مزيد من الخطوات على الأرض بما يتوافق مع المحددات المصرية.
وفي وقت سابق اليوم، أعلنت الخارجية المصرية اختتام المباحثات الاستكشافية مع تركيا، بعد يومين من المداولات، واصفة المناقشات بالصريحة والمعمقة.
وأوضحت أن المباحثات تطرقت إلى القضايا الثنائية، فضلاً عن عدد من القضايا الإقليمية، لا سيما الوضع في ليبيا وسوريا والعراق وضرورة تحقيق السلام والأمن في منطقة شرق المتوسط.
وفي وقت سابق، قال دبلوماسي مطلع لـ"العين الإخبارية" إن مباحثات القاهرة نجحت في كسر الحاجز مع أنقرة بعد سنوات من القطيعة، مشيرا إلى أن المباحثات لا تتعلق بملف واحد؛ ولكن بمنظومة علاقات كاملة بما تتضمنه من قضايا ثنائية وإقليمية.
ورسم مراقبون ومصادر دبلوماسية المحددات المصرية التي تبحث المشاورات آلية تنفيذها والجدول الزمني لها، لافتين إلى وقف أي نشاط معادٍ للقاهرة سياسيا وإعلاميا.
صفحة جديدة
الخبراء يرون أن تمسك أنقرة بنهجها العدائي لم يعد واقعيا في الوقت الراهن، لأن الأوضاع الإقليمية والدولية تغيرت، وأصبحت المصالح هي السائدة.
ويقول كرم سعيد، الباحث في الشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن مباحثات القاهرة عكست فشل السياسات التي مارستها تركيا منذ عام ٢٠١٣ تجاه مصر، حيث لم تسفر عن تحقيق أي من أهدافها سواء إسقاط النظام المصري أو ممارسة ضغوط إقليمية أو دولية عليه.
ويضيف سعيد لـ"العين الإخبارية": "أنقرة لديها رغبة جادة في تعزيز تعاونها مع مصر والأمر لا يخرج عن كونها تبحث عن مصلحتها الدائمة خاصة في شرق المتوسط.
ولفت إلى أن "القاهرة نجحت في تعزيز دورها في شرق المتوسط عبر منتدى غاز المتوسط الذي تم تحويله إلى منظمة إقليمية في مارس/آذار الماضي، وكذلك تأسيس منتدى الصداقة الذي يجمع مصر وقبرص واليونان وإسرائيل ودولا عربية أخرى، وبالتالي تركيا لم يعد أمامها سوى تهذيب الخصومة مع القاهرة كي تستطيع تقديم أوراق اعتمادها في شرق المتوسط".
ووصف الخبير المصري القاهرة بأنها المدخل الأساسي لتعزيز حضور تركيا في منطقة الشرق المتوسط، قائلا: "المساعي التركية تستهدف جذب القاهرة في اتجاهاها بعيدا عن خصومها خاصة في ظل التوتر التركي مع اليونان وقبرص من جهة، وأوروبا من جهة أخرى".
وحول ما إذا كان التقارب التركي يصب في صالح القاهرة، يرى سعيد أن زيارة الوفد التركي والمباحثات التي جرت تمثل محطة جديدة في شكل العلاقة بين البلدين، مشيرا إلى أن حجم المصالح المشترك يفوق التحدبات والقضايا الخلاقية وهو ما جعل هذه المباحثات القاطرة التي تقود الجانبين نحو تسوية الخلافات.
حصار شامل
أحمد ماهر، الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، اعتبر من جانبه أن القاهرة نجحت خلال السنوات السابقة في الصمت عن المجابهة الكلامية مع تركيا، في المقابل فضلت استخدام الفعل وليس القول، حيث أغلقت الطريق أمام أنقرة في ملفي ليبيا وشرق المتوسط.
وأضاف ماهر أن "تركيا بادرت بالتقرب للقاهرة بعد الضغوط والعزلة والحصار الشامل التي واجهتها اقتصاديا وسياسيا، لأنها أدركت أن القاهرة هي المنفذ الوحيد للتفاوض في أي ملف إقليمي أو دولي".
وأشار الباحث المصري إلى أن الخط المصري الذي وضعته القيادة المصرية أمام تدخلات تركيا في المنطقة، وتشكيل القاهرة جبهات قوية مع الدول الأصدقاء، دفع تركيا إلى الرضوخ وتغيير سياستها.
ومنذ فترة، غيرت أنقرة من سلوكها العدائي تجاه القاهرة، طالبة ودها في تصريحات متكررة لكبار مسؤوليها أعقبتها بخطوة غلق القنوات الإعلامية المعادية للقاهرة التي كانت تبث من داخل أراضيها,
وعلى مدار 8 سنوات، كانت القاهرة هدفا للتصريحات التركية السلبية، فيما كان الرد المصري يتمسك بتذكير أنقرة بإقامة العلاقات على مبادئ القانون الدولي وفي مقدمتها عدم التدخل في الشؤون الداخلية وعدم الإضرار بالمصالح.
aXA6IDMuMTQuMjQ5LjEwNCA= جزيرة ام اند امز