لعنة إسطنبول.. الهزيمة تزلزل حزب أردوغان
خلافات متعاظمة وانتقادات متزايدة للرئيس التركي رجب أردوغان داخل حزبه عقب الهزيمة الصارخة في انتخابات بلدية إسطنبول
كشفت صحيفة تركية، الأحد، عن أن حزب "العدالة والتنمية" التركي الحاكم شهد حالة كبيرة من الجدل والخلافات بين أعضاء الحزب ورئيسه رجب طيب أردوغان، على خلفية الهزيمة القاسية أمام المعارضة في انتخابات بلدية إسطنبول.
الموقع الإلكتروني لصحيفة "يني جاغ" المعارضة، ذكر أن حالة الجدل بدأت تتكشف هذه الأيام، وأنها وصلت لأبعاد لا يمكن معها التستر عليها.
- أكرم أوغلو لأبناء إسطنبول: لقنتم أعداء الديمقراطية درسا
- "واشنطن بوست": خسارة إسطنبول للمرة الثانية توبيخ لأردوغان
ونقلا عن معلومات من كواليس العدالة والتنمية، ذكرت الصحيفة أن أعضاء لجنة الإدارة المركزية داخل الحزب كشفوا مؤخرا عن أنه لم تكن لديهم رغبة لإعادة انتخابات إسطنبول في معارضة صريحة لرئيس الحزب رجب طيب أردوغان.
ذات المعلومات التي نقلتها الصحيفة أوضحت أن اجتماعا عقدته لجنة الإدارة المركزية بالحزب شهد الاجتماع توترا كبيرا بين أردوغان، حيث شن 10 من أعضاء اللجنة انتقادات لاذعة للرئيس التركي.
عدد من أعضاء اللجنة في كلماتهم خلال الاجتماع سلطوا الضوء على الأخطاء التي ارتكبها الحزب خلال الفترات الماضية، وكان لها دور كبير في خروج نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة بالشكل المؤسف بالنسبة للحزب الذي يسيطر على مقاليد الحكم في البلاد منذ عام 2002.
وأوضح الأعضاء أن "حزب العدالة والتنمية يفتقر خلال الآونة الأخيرة إلى ثقافة الحوار"، قائلين لـ أردوغان: "القررات التي تصدر عن الحزب باتت حكرا على عدد من الأشخاص المحيطين بكم، في حين أنه ينبغي أن تصدر عن هذه اللجنة، حتى هؤلاء الأشخاص لا يستشيروننا في هذه القرارات".
أعضاء اللجنة ذكروا كذلك أنهم لم يصدر عن لجنتهم أي قرارات بشأن انتخابات إسطنبول، مضيفين: "حيث كنا نرى أنه لا يوجد أي داع لإعادة تلك الانتخابات مرة ثانية".
وأوضحت المعلومات أن الرئيس أردوغان غضب غضبا شديدا حيال هذه الانتقادات، وقال ردا عليها "هذه الكلمات تعتبر إهانة لي".
الاجتماع المذكور سلط الضوء كذلك على المواد الإعلامية التي نشرتها وسائل الإعلام المؤيدة للنظام، وكان لها أثر بالغ في إلحاق ضرر كبير بالحزب، وفي هذا السياق قال عدد من أعضاء اللجنة إن مثل هذه المواد كانت سببا رئيسا في خسارة العدالة والتنمية لعدد كبير من الأصوات.
أعضاء بلجنة الإدارة المركزية داخل الحزب، تحدثوا كذلك في الاجتماع عن اللغة التي يستخدمها العدالة والتنمية في خطاباته خلال السنوات الأخيرة، واصفين إياها بـ"السلبية" و"تدعو للاستقطاب"، وشددوا على ضرورة أن تكون هذه اللغة "احتوائية شاملة للجميع".
وعن الأسباب الأخرى التي أدت إلى خسارة الحزب في الجولتين الماضيتين، قال مديرو الحزب داخل اللجنة إن "ذرائع إعادة الانتخابات بإسطنبول لم تلقَ قبولا، وساهم هذا في دعم أحزاب المعارضة، كما أن القضية السورية كان لها دور بالغ في خسارة الأصوات".
كما ذكر أعضاء اللجنة أن هناك مزاعم بشأن أصول أكرم إمام أوغلو، الفائز برئاسة بلدية إسطنبول، أثارها الحزب خلال الانتخابات الأخيرة، حول انحداره من أصول يونانية بنطية، في إشارة إلى انحدار إمام أوغلو من منطقة البحر الأسود شمالي تركيا، موطن اليونانيين البنطيين.
وأوضح الأعضاء أن مزاعم التشويه هذه كانت سببا في غضب أهالي منطقة البحر الأسود حيال الحزب، وبالتالي حدوث انخفاض كبير في نسبة الأصوات التي كانت تذهب للحزب في أحياء إسطنبول التي يقيم فيها المنحدرون من منطقة البحر الأسود.
وبحسب أعضاء باللجنة، كانت الرسالة التي وجهها عبدالله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني المحظور بتركيا، قبل يومين من جولة الإعادة، سببا آخر في خسارة الحزب للأصوات خلال تلك الجولة.
ودعا أوجلان، أنصار حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد إلى التزام الحياد السياسي خلال جولة الإعادة.
ووفق نتائج جولة الإعادة، فاز إمام أوغلو بالانتخابات بعد حصوله على 54.22% من أصوات الناخبين، مقابل 44.99% حصل عليها يلدريم رئيس الوزراء الأسبق.
وكان إمام أوغلو فاز برئاسة البلدية ذاتها في الجولة الأولى من الانتخابات المحلية التركية، قبل قيام اللجنة العليا للانتخابات بإلغاء نتائج الاقتراع على منصب رئيس البلدية الكبرى لمدينة إسطنبول وإعادتها يوم الأحد.
وتشهد الأروقة السياسية في تركيا خلال الآونة الأخيرة جدلا واسعا عن حدوث انشقاقات كبيرة داخل العدالة والتنمية، ومن هذه الانشقاقات ما أثير من مزاعم حول اتجاه الرئيس التركي السابق عبدالله جول وعدد من قيادات حزب العدالة والتنمية، ومن بينهم رئيس الوزراء الأسبق، داوود أوغلو، ووزير الاقتصاد نائب رئيس الوزراء الأسبق، علي باباجان، لتأسيس حزب سياسي جديد؛ احتجاجاً على السياسات التي يتبعها أردوغان وحزبه العدالة والتنمية.
وسبق أن كشف كاتب تركي، يوم 25 يونيو/حزيران الجاري، عن اعتزام 80 نائبا برلمانيا من أعضاء حزب العدالة والتنمية، الانشقاق عن الحزب، والانضمام إلى حزبين جديدين من المحتمل أن يؤسسهما داود أوغلو، وباباجان قريبا.
وفي يونيو/حزيران الجاري أيضًا، استقبل حزب "الخير" التركي المعارض أعضاء جددا انضموا إليه من حزب العدالة والتنمية، الذين استقالوا منه بعد الممارسات التي قام بها الحزب بقيادة الرئيس رجب أردوغان في الانتخابات المحلية التي جرت يوم 31 مارس.