أردوغان في انتخابات تركيا.. رُب "وعكة" نافعة
بوجه شاحب وعينين منتفختين جلس الرئيس التركي خلف مكتبه في ظهوره الأول منذ وعكة أجبرته على "هدنة اضطرارية" بذروة المعركة الانتخابية.
تقاطيع الرئيس رجب طيب أردوغان تتحدى وعكته الصحية وتبعث برسائل متعددة الأبعاد في وقت حاسم، حتى أن مراقبين يرون أن التوقيت والسياق منحا مرضه منحى إيجابيا.
منحى قد يعدل المثل العربي الشهير "رب ضارة نافعة"، إلى "رب وعكة نافعة" بالنسبة لرجل يخوض معركة شرسة ضد المعارضة من أجل استعادة مفاتيح قصر الرئاسة في أنقرة.
وفي وقت سابق الخميس، ظهر أردوغان (69 عاما) بعد غياب ليومين بداعي المرض، عبر رابط فيديو مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، غير أنه بدا شاحبا وعيناه منتفختان، وقد جلس خلف مكتبه أثناء مراسم عبر الانترنت لتدشين محطة للطاقة النووية قامت روسيا ببنائها.
آثار سلبية؟
عالم السياسة البروفيسور تانجو توسون يرى أن عدم قدرة أردوغان على تنظيم مسيرات انتخابية كافية قد يكون له بعض الآثار السلبية، مرجحا في الآن نفسه أن يستثير المشاعر العاطفية عند ناخبيه أيضا.
وفي حديث لـ"العين الإخبارية" في نسختها التركية، قدم توسون قراءته لتداعيات وعكة أردوغان على قاعدته الانتخابية ونتائج الاقتراع المحتملة بشكل عام.
ورغم قوله إن المشكلة الصحية التي يعاني منها أردوغان يمكن أن يكون لها بعض التأثيرات السلبية على الناخبين، إلا أنه تطرق بشكل خاص إلى "الرابطة العاطفية التي أسسها الناخبون التقليديون في التجمعات الانتخابية".
وأضاف: "أعتقد أنه يمكن أن يكون للوعكة بعض التأثيرت السلبية لأن الوقت محدود وخصمه بهذه القوة لأول مرة مرشح تحالف الشعب المعارض كمال كليجدار أوغلو الذي يستمد قوته من الوعود والرسائل المهمة التي يوجهها، ولذلك أعتقد أنه يمكن أن يكون عاملاً مهمًا".
وتوقع الخبير أن تكون الانتخابات المقررة في 14 مايو/ أيار المقبل "حبلى بالمفاجآت خاصة في حالة وجود نسبة تتراوح بين 5-6 بالمئة لايمكن قياس توجهها من الآن".
وخلص إلى أنه "لذلك ليس من السهل التكهن بإمكانية فوز أحد المرشحين في الانتخابات من الجولة الأولى، بسبب الفجوة الضيقة بين المرشحين وتقارب النتائج"، وفق استطلاعات الرأي.
وتر العاطفة
وبحسب توسون، فإن "الناخبين في تركيا يتصرفون بقليل من العاطفة في مواجهة مثل هذه الاضطرابات، وقد يكون لذلك تأثير ووسيلة للحصول على مزيد من الدعم. لكن من ناحية أخرى، فإن أردوغان مهندس حملات انتخابية، ومن وجهة النظر هذه، هناك عملية اختيار حرجة بشكل خاص".
ويتابع: "بمعنى آخر، إذا كان تأثير الحملة من حيث دعم التصويت للمرشحين ضعيفًا من حيث المواجهة وجهاً لوجه مع الناخبين المرئيين إلى حد ما، فقد يرتفع هذا حتماً مع المشاعر العاطفية للمجتمع في تركيا أمام هذه المواقف".
وأعرب الخبير عن اعتقاده بأنه "يمكن أن يكون للمرض تأثير سلبي بعض الشيء لأن الوقت محدود أيضًا وخصمه قوي وهو يجتمع مع الناخبين ويعطيهم وعودا مهمة".
وأكد توسون أن الساحة والتجمعات الانتخابية الميدانية مهمة للناخبين التقليديين ، مرجحا أن "يحاول أردوغان نقل هذه الرسائل عبر وسائل الإعلام والقنوات التلفزيونية، لكن بالنسبة للناخبين التقليديين، لا تزال الساحات أكثر فاعلية على الأقل من حيث إقامة تلك العلاقة العاطفية مع الناخبين".
فوز أو خسارة
في معرض حديثه عن توقعاته لنتائج الانتخابات الرئاسية، قال توسون إن حسم الاقتراع "لا يبدو أنه مضمونا لكلا المرشحين".
وقال: "عندما ننظر إلى نتائج شركات سبر الآراء ودراسة توجه الناخبين، فإن الأرقام الحالية لا تشير إلى امكانية فوز أي من المرشحين بالجولة الأولى بشكل مؤكد".
وأوضح أنه "بمعنى آخر، تبدو الفجوة ضيقة بين المرشحين، وثانيًا، هناك مجموعة من الناخبين لا يمكن قياسها من خلال استطلاعات الرأي العام، والتي، وفقًا لحساب هذا العنصر اللائق، تبلغ ما يقرب من سدس إجمالي الناخبين المسجلين".
ولفت إلى أن ما تقدم يعني "وجود كتلة من الناخبين لم يتم تضمينهم في الاستطلاعات، وهناك ناخبون غادروا دوائرهم بسبب كارثة الزلزال وليس من الواضح ما إذا كانوا سيعودون أم لا".
وعلق أردوغان كل أنشطة حملته للانتخابات الرئاسية المحورية في تركيا بعد إصابته بوعكة صحية خلال إجرائه مقابلة تلفزيونية مباشرة على الهواء مساء الثلاثاء.
وقال الرئيس التركي إنه أصيب بانفلونزا المعدة أثناء تنقله بين خمس مدن للمشاركة في مهرجانات انتخابية وإطلاق مشاريع عامة مطلع الأسبوع.
فيما أعلن وزير الصحة فخر الدين كوجا الخميس أن أردوغان مصاب بالتهاب المعدة والأمعاء.