تداعيات فضائح المافيا.. الأكراد ينتقدون صمت أردوغان
تتواصل في تركيا أصداء الفضائح والجرائم التي كشف عنها زعيم المافيا التركية سادات بكر والذي زعم تورط رموز من نظام أردوغان فيها.
وفي هذا الصدد أعدت صحيفة "أفرنسال" المعارضة تقريرًا التقت فيه مواطنين أكرادا من مدينة ديار بكر، جنوب شرقي تركيا، وتسكنها الأغلبية الكردية، وذلك لمعرفة ردود أفعالهم حيال ما ورد على لسان سادات بكر، زعيم المافيا.
وجاء اختيار ديار بكر على اعتبار أن من بين الجرائم التي ارتكبت من قبل رموز بالنظام، وفي مقدمتهم وزير الداخلية الأسبق، محمد آغار، جرائم قتل تمت بحق الكثير من الأكراد سواء كانوا رجال أعمال أو صحفيين أو سياسيين، وقيدت ضد مجهول.
المواطنون الكرد الذين تحدثوا للصحيفة شددوا على أنهم شهود عيان على الجرائم التي ارتكبت في تلك الحقبة، وهي تسعينيات القرن الماضي، لافتين إلى أن الدولة التركية على معرفة تامة بكل ذلك.
المواطن الكردي إيشيق طاش، قال في حديث للصحيفة، إن "المنطقة عبارة عن تاريخ مترع بالجرائم والحوادث التي قيدت ضد مجهول؛ ولعل الصمت حيال ما كشف عنه زعيم المافيا مؤخرًا؛ إلا لوجود مخاوف سياسية من النظام التركي الحاكم".
وتابع قائلا "لقد نشأنا وترعرعنا على وقع قصص قيدت ضد مجهول، وهنا الجميع يعرفون ما حدث، ولا شك أنه لولا وجود يد للدولة التركية وراء كل ذلك، لما كان بمقدور أحد أن يرتكب هذا الكم من الجرائم".
واستطرد طاش قائلا "وإذا افترضنا جدلًا أن سادات بكر يكذب، هل العظام التي يتم استخراجها بين الحين والآخر من الآبار تكذب؟ وهل فعاليات أمهات السبت التي يتم تنظيمها في تركيا للكشف عن مصير المختفين قسريا تكذب؟".
وأوضح أنه "في الوقت الذي يتعين فيه أخذ تصريحات زعيم المافيا على محمل الجد، لم يحرك أحد من النظام ساكنًا، الجميع صامتون، وهذا يعني أنهم جميعًا مرعبون".
مواطن آخر يدعى قاسم قال إنه "لو ظهرت مثل هذه المزاعم في دولة أخرى لقامت القيامة، لكن هنا الجرائم التي تقيد ضد مجهول أمر طبيعي وألفناه على مر السنين".
وأضاف قائلا: "لم يتحرك مدعٍ عامٍ واحد ليفتح تحقيقًا فيما قيل من اتهامات، وبالنسبة للحكومة التركية لا توجد ولا جريمة واحدة قيدت ضد مجهول، وهذا بالطبع لأن الضحايا من الأكراد، فلا أهمية لنا لدى النظام".
واستطرد قاسم متسائلا "ألا يوجد احتمال ولو ضعيف للغاية أن يكون سادات بكر صادقًا فيما يقول؟.. وحتى نثبت هذا الاحتمال ألا يتعين أخذ ما قاله على محمل الجد والتحقيق فيه كما ينبغي؟".
وأوضح أن "تصريحات بكر لو كانت ضد أحد المعارضين للنظام، لكنا شاهدنا في الحال حملات أمنية تداهم منزله، وقبل أن تشرق الشمس كنا سنجده داخل السجن!".
أما المواطن الكردي فرحات حاجي، فشدد على خطورة الاتهامات التي تحدث عنها زعيم المافيا، مطالبا بفتح تحقيق حول الجرائم التي نسبت لوزير الداخلية الأسبق، آغار.
وأردف قائلا "لقد ارتكبت على هذه الأرض الكثير من الجرائم التي كما يعلم الجميع وزير الداخلية الأسبق متورط فيها حتى النخاع، وهذا ما أكدته تصريحات زعيم المافيا، فهما كانا في يوم شركاء، واليوم اختلفا لاختلاف المصالح".
وأبدى حاجي استغرابه من "حالة الصمت بنظام أردوغان وعدم التحرك القضائي للتحقيق في هذه الاتهامات، مضيفا أن "ذلك ليس له سوى تفسير واحد، وهو أن الجميع شركاء وعلى علم بتلك الجرائم".
بدوره قال أحمد يازغي، إن تصريحات زعيم المافيا سادات بكر لم تكن جديدة بالنسبة لهم، مضيفًا "لأننا نعرف هذه الأمور منذ زمن، فقد ترعرعنا في هذا المنطقة، ونعرف هذه الجرائم".
وزاد قائلًا "فلتسأل طفلًا في العاشرة من عمره بالشارع عن محمد آغار، فستجده يعرف اسمه، لأنه سمع الكثير عنه هنا في هذه المدينة".
ولفت إلى أن "الحكومة لا تقوم بوظيفتها بالتحقيق في هذه الجرائم للكشف عن مصير الكثير والكثير ممن قتلوا غدرًا".
اتهامات زعيم المافيا سادات بكر بالفساد والاغتيالات السياسية مرورا بالاتجار بالمخدرات والاغتصاب، والتي كشف عنها على مدار الأسابيع الماضية، من خلال مقاطع فيديو عبر قناته بموقع "يوتيوب" طالبت الدائرة المقربة من أردوغان بما في ذلك رئيس وزراء سابق، ومسؤولون كبار وأفراد من أسرهم.
وتركزت التسجيلات بشكل خاص على وزير الداخلية سليمان صويلو، حيث قال بكر إنه "وفر له الحماية ثم أبلغه عن اتهامات جديدة وشيكة ما أتاح له الفرار من البلاد".
وبدأ بكر بتسجيل الفيديوهات بعد أن دهمت الشرطة منزله في تركيا في أبريل/نيسان الماضي، وأساءت معاملة أسرته كما قال.
ولم يتم إثبات أي من الاتهامات فيما تصر الشخصيات المستهدفة على البراءة، لكن الفضيحة السياسية التي فجرتها التسجيلات تأتي في أسوأ الأوقات لأردوغان، الذي تتراجع شعبيته وفق استطلاعات الرأي، بسبب ارتفاع معدلات التضخم والانخفاض الحاد في سعر صرف الليرة التركية.
ولزم أردوغان الصمت أولا ثم دافع الأربعاء وبدون أن يذكر اسم بكر، بقوة عن حكومته ووزير الداخلية صويلو محور الاتهامات.
وقال: "خلال 19 عاما سحقنا المنظمات الإجرامية الواحدة تلو الأخرى"، مؤكدا وقوفه "إلى جانب" وزير الداخلية، مضيفا "نلاحق أفراد العصابات الإجرامية في أي مكان يفرون إليه في العالم".
وقبل عام غادر بكر الأراضي التركية لكنه أطلق تصريحات حول العلاقات المثيرة بين كل من السلطة والسياسة والمافيا والصراع الذي يدور حول مراكز القوى في البلاد، عقب عملية أمنية استهدفت 48 من رجاله في تركيا خلال أبريل/نيسان الماضي.
aXA6IDE4LjExNy4xNTguMTI0IA==
جزيرة ام اند امز