القوة الدولية في غزة.. «فيتو» إسرائيلي على دولة إقليمية
في الوقت الذي تتبلور فيه ملامح القوة الدولية المنتظر نشرها في غزة، أبلغت إسرائيل -التي تصر على أن يكون رضاها
شرطًا لتشكيل تلك القوة-، حلفاءها برفضها القاطع لوجود جنود أتراك ضمنها.
ومع تمسك واشنطن بمبدأ «القوة المقبولة إسرائيليًا»، تبدو مشاركة أنقرة أقرب إلى «الاستبعاد الصامت» منها إلى النقاش المفتوح.
فبحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فإن الشكوك تثور حول مشاركة أنقرة في القوة الدولية المقرر نشرها في غزة لمنع فراغ السلطة بعد الحرب.
ومن المرجح أن يتم استبعاد تركيا من قوة حفظ السلام، التي من المقرر تشكيلها داخل غزة لتضم 5 آلاف جندي، بعدما أوضحت إسرائيل عدم رغبتها في مشاركة قوات تركية.
وألمح نتنياهو الأسبوع الماضي إلى معارضته لأي دور لقوات الأمن التركية في قطاع غزة. وتدهورت العلاقات التركية الإسرائيلية، التي كانت جيدة في السابق، إلى أدنى مستوياتها خلال الحرب على غزة بسبب انتقادات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للحملة العسكرية.
وقال وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، إنه رضا إسرائيل عن جنسيات القوة الدولية يعد أحد تشكيلها، بحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، التي أشارت إلى تصاعد التوترات بين إسرائيل وتركيا بشأن سوريا.
عنصر كفء
لكن استبعاد تركيا من قوة الاستقرار سيكون مثيرًا للجدل، نظرًا لكونها أحد ضامني خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف إطلاق النار في غزة والمكونة من 20 نقطة، كما أن الجيش التركي من أكثر الجيوش كفاءة.
وتفضل بعض الدول أن يتم منح القوة تفويضا من مجلس الأمن، حتى لو لم تكن قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة حيث ستعمل على التنسيق مع خلية عسكرية بقيادة الولايات المتحدة، تُعرف باسم «مركز التنسيق المدني العسكري» ومقرها مدينة كريات جات جنوب إسرائيل.
ويوم الثلاثاء الماضي، افتتح نائب الرئيس الأمريكي، جيه دي فانس، هذه الخلية، التي تضم عددًا صغيرًا من المستشارين البريطانيين والفرنسيين والأردنيين والإماراتيين.
ويبدو أن مركز التنسيق المدني العسكري يتولى -أيضًا- دور تنسيق المساعدات في غزة، على الرغم من أن معابر المساعدات الرئيسية لا تزال مغلقة.
ومن المفترض أن تقوم هذه القوة بنزع سلاح حماس وتأمين حكومة فلسطينية انتقالية، لا يزال تشكيلها محل خلاف بعدما استبعد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تدخل السلطة الفلسطينية في غزة بعد الحرب لكن الفصائل الفلسطينية الرئيسية اتفقت يوم الجمعة على أن تتولى لجنة مستقلة من التكنوقراط إدارة القطاع.
وفي إشارة إلى التوترات بين تركيا وإسرائيل، ظل فريق إدارة الكوارث والطوارئ التركي الذي تم إرساله للمساعدة في تحديد أماكن جثث فلسطينية وإسرائيلية داخل غزة، بالقرب من الحدود المصرية مع القطاع يوم الخميس الماضي في انتظار الحصول على إذن إسرائيلي للدخول.
مطالب تركية
وقال أردوغان يوم الجمعة إنه ينبغي على الولايات المتحدة بذل المزيد من الجهود للضغط على إسرائيل، بما في ذلك من خلال العقوبات وحظر مبيعات الأسلحة، للوفاء بالتزاماتها في خطة ترامب.
وفي وقت سابق الأحد، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل ستحدد القوات الأجنبية التي ستسمح لها بدخول قطاع غزة ضمن القوة الدولية المقرر تشكيلها للمساعدة في إنهاء الحرب بموجب خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت دول عربية أو غيرها مستعدة لإرسال قوات إلى القطاع في وقت عبرت فيه إسرائيل عن مخاوفها إزاء تشكيل هذه القوة. وفي وقت تستبعد فيه إدارة ترامب إرسال جنود أمريكيين إلى غزة، فإنها تدرس الاستعانة بقوات من مصر وإندونيسيا.
وقال نتنياهو خلال اجتماع لمجلس الوزراء: «نتحكم في أمننا، وأوضحنا للقوى الدولية أن إسرائيل ستحدد القوات غير المقبولة بالنسبة لنا، وهذه هي الطريقة التي نتصرف بها وسنستمر في التصرف بها».
وأضاف: «هذا، بالطبع، مقبول من الولايات المتحدة، وفقا لما عبّر عنه كبار ممثليها في الأيام القليلة الماضية».
دور الأونروا
من جهة أخرى، قال روبيو إنه لا يمكن أن يكون هناك دور لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في غزة، نظرًا لكونها «فرعًا لحماس» وهو تصريح سيضعه في خلاف مع العديد من الدول الأوروبية، والأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية، التي قالت في رأي استشاري قبل أيام إن الأونروا وسيلة لا غنى عنها لتوزيع المساعدات داخل غزة.
وتشكل المعارضة الأمريكية الإسرائيلية للأونروا معضلةً، خاصة وأن ترامب وافق في خطته على دور الأمم المتحدة في توزيع المساعدات في غزة، لكنه يبدو مصراً على استبعاد وكالة الأمم المتحدة الرئيسية المعنية بالمساعدات.
من جانبها، أعلنت النرويج، التي بادرت بالتحرك في الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، مما أدى إلى صدور رأي محكمة العدل الدولية، أنها بصدد صياغة قرار يتضمن النتائج الرئيسية لمطالبة إسرائيل، بصفتها القوة المحتلة، بعدم تقييد وصول المساعدات إلى غزة.
وبموجب خطة ترامب، كان من المقرر دخول 600 شاحنة مساعدات إلى غزة يوميًا لكن منذ الاتفاق، بلغ المتوسط اليومي 89 شاحنة يوميًا بما يعادل 14% فقط من الكمية المتفق عليها.
ووجهت الأونروا انتقادات لإسرائيل، قائلة: «منذ بداية حرب غزة، شهدت الضفة الغربية، التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، تصعيدًا حادًا في العنف».
وأضافت: «لا تعرف العائلات سوى الخوف وعدم اليقين.. يستمر الضم المتزايد للضفة الغربية بلا هوادة، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.. يجب أن يتوقف هذا.. مستقبل غزة والضفة الغربية واحد».
وحول زيارته الأخيرة لغزة، قال توم فليتشر رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا)، في حديثه لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «شعرت وكأنني أقود سيارتي عبر أنقاض هيروشيما، أو ستالينغراد، أو دريسدن».
ولا تزال إسرائيل تسيطر على جميع المنافذ المؤدية لغزة، وفرضت حصارا على القطاع منذ عامين دعما لحملتها الجوية والبرية على القطاع والتي بدأتها بعد هجوم حركة حماس عبر الحدود في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وفي سياق تعزيز وقف إطلاق النار الهش، قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو خلال زيارة لإسرائيل يوم الجمعة إن القوة الدولية يجب أن تتألف من قوات "دول ترحب بها إسرائيل" لكنه أحجم عن التعليق على دور تركيا تحديدا.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTgg
جزيرة ام اند امز