تذكرت ما قاله هؤلاء الأعلام وأنا أطالع هذه البطولات المجانية والعنتريات الجوفاء من القابضين على زمام الأمر التركي بخصوص قرار ترامب.
ثمة مثل عربي شهير قديم ذكرته كتب الأدب والأمثال، ومنها كتاب «مَجْمَع الأمثال» للميداني، يقول: أوسعتهم سبًّا وأودوا بالإبل. يروى بصيغ مماثلة، مثل: أوسعتهم شتماً وراحوا بالإبل. وقد استعاره الشعراء، وتردد في نثر العرب وشعرهم، منذ الأزل حتى اليوم. وحسب شرح الشرّاح، فهو نتاج قصة حصلت في الجاهلية قبل الإسلام، سردها يطول هنا ويخرج عن سياق الحديث وسباقه.
قال الشاعر:
وصرتُ كراعي الإبل حين تقسّمتْ
فأوْدى بها غيري وأوسَعْتُهم سَبّا
من أجمل شروحات المثل التي تروق لي ما جاء عند الثعالبي في «التمثيل والمحاضرة» عن هذا المثل أنه يضرب: "لمن ينكأ فيه عدوه، ولا يكون له منه إلا الوعيد". أما العالم والراوية أبوعبيد، فقال: "ومن أمثالهم المشهورة قولهم: أوسعتهم سبًّا وأودوا بالإبل، أي: ليس على عدوِّك منك ضرر أكثر من الوعيد بلا حقيقة"!
لن يرسل أردوغان الجنود الانكشارية وعناصر الجندرمة لتحرير الجولان من المحتلين، سيغضب كلاميًّا، ويحتج دبلوماسيا، ويزأر إعلاميا. بارك الله فيه، وليذهب الإسرائيلي بإبل الجولان.
تذكرت ما قاله هؤلاء الأعلام وأنا أطالع هذه البطولات المجانية والعنتريات الجوفاء من القابضين على زمام الأمر التركي بخصوص قرار الرئيس الأمريكي ترامب الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان «المحتل».
نقلت وكالة «الأناضول» التركية، وهي المنبر المفضل للعنتريات الأردوغانية، عن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو هذه الغضبة المضرية، أو العصمنلية المحدثة، حيث قال: «حتى الاتحاد الأوروبي أدان قرار البيت الأبيض، وذلك في الوقت الذي فضلت فيه بعض البلدان العربية الخائفة من إسرائيل والولايات المتحدة عدم توجيه أي انتقادات لترامب».
وذكر أن تركيا -وليست أي دولة عربية- أصبحت أول دولة ردَّت على قرار ترامب الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان.
طبعاً، واضح المقصود من هذه الغمزات والهمزات واللمزات التركية؛ يعني من سيكون قصده غير مصر والسعودية والإمارات والبحرين؟
وكل هذه الدول مواقفها المدينة والرافضة للقرار الأمريكي بشأن الجولان معلنة، فهل يريد الباشا التركي شيئاً آخر؟
ليته يجهر بهذا الشيء الآخر حتى يكون، مع رئيسه الأديب الأريب اللبيب، مصدر إلهام وقدوة صالحة للعرب المغضوب عليهم، تركيًّا.
هو شرح لنا حدود الغضبة العصمنلية، فكفانا شر التأويل، حيث أكد جاويش أوغلو البيان المبين، فقال إن «تركيا ستقوم باللازم في المحافل كافة، بما في ذلك الأمم المتحدة، ضد قرار ترامب المتعلق بالجولان».
جميل.. وهل ستفعل الدول العربية، المهموزة المغموزة من قوم أردوغان، إلا هذا بالضبط، وربما أحسن منه وأنفع؟!
يعني لن يرسل أردوغان الجنود الانكشارية وعناصر الجندرمة لتحرير الجولان من المحتلين؛ سيغضب كلاميًّا، ويحتج دبلوماسيا، ويزأر إعلاميا. بارك الله فيه، وليذهب الإسرائيلي بإبل الجولان.
نقلاً عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة