أردوغان يفتح باب الجحيم الأمريكي.. نهاية مأساوية للعب على التناقضات
ازدواجية وتضارب، تصعيد وتراجع.. مواقف متناقضة يتبناها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في خطاب واحد.
ازدواجية وتضارب، تصعيد وتراجع.. مواقف متناقضة يتبناها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في خطاب واحد، حين يتعلق الأمر بملف شراء أنقرة منظومة الدفاع الروسية «إس ـ 400».
فما بين الإصرار على صفقة يبدو أن أردوغان تورط فيها حتى النخاع، وإبداء الاستعداد للتراجع عنها، تدفقت كلمات الرئيس التركي عاجزة عن فضح النشاز الحاصل على كافة المستويات.
تصعيد كلامي
المكان: المقر الرئيسي لـ«العدالة والتنمية» في العاصمة أنقرة، والزمان، أيام قليلة قبل انتخابات الإعادة في إسطنبول التي خسرها الحزب لصالح المعارضة، والمضمون بدا مشحونا بالتناقض، ومغلفا في قالب نظرية المؤامرة التي يصر أردوغان على الاستنجاد بها كلما هزم أمام منطقية الواقع.
فمن ينصت إلى الجزء من كلامه وهو يؤكد متبجحا أن صفقة شراء المنظومة الروسية تمت بالفعل «وانتهى الأمر»، وأن بلاده ستتسلمها في يوليو/ تموز المقبل، لن يدور بخلده أنه سيعود بعد قليل ليقول إن العقوبات الأمريكية تشكلا خطرا على الاقتصاد التركي.
مستحضرا نظرية المؤامرة الأزلية في رؤيته لمشاكله مع محيطه والعالم، وجه أردوغان اتهامات مباشرة لواشنطن بـ«السعي لإسقاط حكمه»، قائلا إن الأخيرة تريد "الإطاحة بحزب العدالة والتنمية من الحكم، هذا هو هدفهم الأكبر، لكنهم لن يستطيعوا، لن تكون قوتهم كافية لذلك».
ومضى متبجحا: «تركيا لن تستشير أحدا حين ترغب في اتخاذ تدابيرها الدفاعية اللازمة».
لكن، وفي نفس الكلمة، قال إنه أعرب للرئيس الأمريكي عن استعداده للتراجع عن الصفقة، واستبدالها بمنظومة صواريخ الباتريوت الأمريكية، في حال وافق البيت الأبيض على بيعها لتركيا بنفس شروط صفقة إس - 400 الروسية.
وفيما بدا وكأنه تحذير أو نوع من الضغط ردا على التهديد الأمريكي بوقف مشاركة أنقرة في تصنيع مقاتلات «إف- 35»، تابع: «تركيا ليست زبونا فقط لهذه المقاتلات، ولكنها شريك في إنتاجها بنفس الوقت».
ومضى يقول: «سنحاسب على إقصائنا من مشروع إف ـ 35، عبر ذرائع غير عقلانية ولا مبرر لها، وكلفت المسؤولين بمهامهم بهذا الصدد، وسيجرون مباحثاتهم مع نظرائهم، وبعد المباحثات، سألتقي ترامب في اليابان نهاية الشهر، وسنبحث بشكل متبادل مثل هذه المواضيع».
اللعب على التناقض بين واشنطن وموسكو
نهاية صادمة لاستراتيجية أردوغان الرعناء في اللعب على التناقض بين الولايات المتحدة وموسكو، وإعادة ذات الخطأ مع البلد الأول، باتخاذه من منظومة «إس ـ 400» ورقة مساومة تماما كما فعل من قبل بملف القس برونسون.
وبتبنيه لاستراتيجية مماثلة، تكبد أردوغان خسارة مزدوجة فادحة، فهو في طريقه لخسارة صداقته بواشنطن، فيما فشل، في الأثناء، في كسب ود موسكو من خلال شراء منظومتها الصاروحية.
خسارة تكبدتها أنقرة من الجانبين، خصوصا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصر على أن تتولى أنقرة تفكيك الجماعات المتشدّدة في إدلب السورية، بموجب اتفاق أستانة، وهذا ما يضع أردوغان بين أسوأ الخيارات، وهي إما تنفيذ الاتفاق أو الحسم العسكري التام.
مناورة فاشلة قادت تركيا نحو خانة العقوبات الأمريكية ما يهدد بانهيار مؤشرات اقتصاد أنقرة المصاب بالركود بالفعل، كما تضع على المحك دورها في حلف شمال الأطلسي الناتو.
وبهذا، تدخل أنقرة مرحلة حرجة من تاريخها، في وقت تقلص فيه هامش التراجع عن الصفقة مع روسيا، وانحشارها في زاوية ضيقة بمخارج تفتح جميعها على الأزمات، ومن الورطة التركية سواء مع حلفائها في الناتو أو مع روسيا في سوريا.
aXA6IDMuMTUuMTQ5LjI0IA== جزيرة ام اند امز