قتل ونهب.. حكايات من معاناة السوريين بعد عدوان تركيا
تقرير يرصد معاناة عائلة سورية فرت من جرائم قوات أردوغان في الشمال السوري
حافي القدمين، حاول الطفل أحمد تسلق جدار صغير تعلوه حجارة ذات حواف حادة، لكن أخته سارعت للإمساك به وإعادته لخيمة صغيرة في مخيم بردرش للاجئين شمالي العراق.
أحمد، الذي كان مصابا بالفعل، حيث تغطي البقع البيضاء وجهه وساقه، رقد في حضن أمه في الخيمة التي تحوي ٥ مراتب إسفنجية فقط، ولاذت بها العائلة هروبا من جرائم العدوان التركي على شمال سوريا، حسب تقرير لصحيفة نيو زوريشر تسايتونغ السويسرية الناطقة بالألمانية.
كانت الساعة لا تتجاوز الرابعة عصرا، يوم ٩ أكتوبر الماضي، عندما شاهدت سهام حواز (30 عاما) ، والدة أحمد، مقاتلات تركية فوق مدينتها "رأس العين" في شمال سوريا، لأول مرة.
وبعدها بلحظات، كانت أولى القنابل تسقط على "رأس العين".
وتقول حواز وهي تحرك يديها بشكل عفوي: "القنابل سقطت على يمين ويسار منزلنا".
وفي اللحظة التي قررت فيها السيدة الشابة جمع أهم متعلقات عائلتها، والفرار، سقطت قنبلة على بيت جيرانها المقربين.
وتوضح حواز: "دفنت القنابل التركية جثث الأب والأم وأحد أبنائهما تحت الأنقاض، ولم ينج من جيراننا سوى بنتين وصبي".
سيرا على الأقدام، قطعت عائلة حواز المكونة من ٧ أفراد، الطريق من رأس العين للحسكة الذي يبلغ طوله ٨٠ كيلومترا، ثم عبروا الحدود لشمال العراق، في أسبوع.
وخلال الرحلة، كانت العائلة تقضي الليل في الحقول خوفا من ملاحقة الجنود الأتراك وحلفائهم الإسلاميين المتطرفين لهم.
ومنذ ٣ أسابيع، تعيش العائلة في مخيم بردرش القريب من المدينة التي تحمل نفس الاسم في شمال العراق.
ويقع المخيم على تلة صخرية، وتحده من الغرب كتلة صخرية جبلية تسببت في إصابة الطفل أحمد بجروح في وجهه وساقيه، وفي الجهات الأخرى يمتد السهل إلى بردرش.
ويضم المخيم ١١ ألف شخص فروا من العدوان التركي في شمال سوريا.
وعلى التلال وفي السهل، يوجد مخيمات أخرى تضم عشرات الآلاف من أفراد الأقلية اليزيدية الذين نجوا من الإبادة الجماعية على أيدي داعش في ٢٠١٤.
ووفق الصحيفة السويسرية، فر نحو ١٥٠ شخصا من شمال سوريا إلى الحسكة وغيرها من المدن في سوريا قبل الهجوم التركي. وبعد أيام من الهجوم، أغلق الأتراك الحدود بين سوريا والعراق في وجه النازحين، في خطوة اعتبرتها منظمات الإغاثة الدولية انتهاكا لاتفاقية جنيف للاجئين المبرمة في ١٩٥١.
ورغم إغلاق الحدود، يصل عشرات اللاجئين إلى شمال العراق يوميا، بعد أن يدفعوا ثمنا باهظا للمهربين يتراوح بين ٢٠٠ و٧٠٠ دولار عن كل شخص بالغ.
عزالدين حسين أمين، رجل كردي هرب رفقة نصف عائلته وطفله المعاق، إلى العراق مع بداية الهجوم التركي.
ويقول لنويه زوريشر تسايتونغ: "إن حلفاء النظام التركي من الإرهابيين يدعون أنهم يقاتلون في صفوف الإسلام.. إنهم ليسوا إلا داعش في مظهر جديد، وإذا قبضوا علينا نحن الأكراد، سيقتلوننا".
وخلال الأسابيع الماضية، قام الأتراك وحلفاؤهم بقتل السجناء ومصادرة المنازل وإهانة الأكراد في شمال سوريا، وهي الحوادث التي أعلنت أنقرة فتح تحقيق فيها، لكن أمين لا يثق في النظام التركي.
ويقول أمين: "نظرة واحدة لعفرين كافية لتعرف ما يفعله الأتراك بمدننا".
ويضيف: "بعد عام ونصف من غزوها للمدينة، لا تبدو تركيا قادرة على إنهاء الفوضى الواسعة فيها".
ويضيف: "قوات حماية الشعب قاتلت داعش، ووفرت الحماية لنا، حتى العدوان التركي، كانت منطقتنا آمنة، والآن باتت العكس تماما".
أما سهام حواز فتقول: "أردوغان هو المسؤول عن معاناتنا، فهو من أدخل جيشه والعصابات المتحالفة معه لبلادنا".
وتتابع: "أنظر إلى ما يفعله المتطرفون المتحالفون مع الجيش التركي.. إنهم ينهبون ويسرقون كلما سنحت الفرصة لذلك".
وتضيف: "فقدت والدي وأخي في الحرب ضد داعش، وتركيا وحلفاؤها ليسوا سوى وجه جديد للتنظيم ويريدون قتلنا جميعا".
واستطردت: "تركيا تريدنا أن نختفي من على وجه الأرض".
وتضيف حواز وهي تحمل طفلها أحمد الغارق في النوم بين يديها: "غالبا ما تنتصر الحرب على السلام".
وعلى مقربة من خيمة حواز، اصطف شبان وأطفال في طوابير حاملين الأواني، منتظرين دورهم لاستلام حصتهم من المياه والغذاء.
وبدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عملية عسكرية في 9 أكتوبر/تشرين الأول الماضي على الأراضي السورية، تسببت في أزمة إنسانية جديدة بسوريا، مع نزوح نحو 300 ألف مدني، إلى جانب مئات القتلى والجرحى أغلبهم من المدنيين.
وقوبل الهجوم التركي بعاصفة من الإدانات الإقليمية والدولية، كما أوقفت العديد من الدول الأوروبية تصدير الأسلحة إلى تركيا، على خلفية الهجوم الذي أدى إلى فرار العديد من عناصر تنظيم داعش الإرهابي من مخيمات المنطقة.
aXA6IDMuMTQzLjUuMTYxIA== جزيرة ام اند امز