انقلابات تركيا.. من الإطاحة بمندريس لمحاولة أجهضها الشعب في 2016
لم تكن محاولة الانقلاب الفاشلة في صيف 2016 هي الأولى في تاريخ تركيا الحديث، وإنما سبقتها انقلابات على مدار العقود الخمسة الماضية.
فمن الانقلاب مرورا بانقلاب ما بعد الحداثة، وصولا إلى المذكرة والمؤامرة والمحاولة، واجهت تركيا هذه المفاهيم والتحولات خلال تاريخها الممتد على أكثر من قرن.
وفي مثل هذا اليوم الـ12 من سبتمبر/أيلول عام 1980، شهدت تركيا ثالث وأشهر انقلاب في تاريخها، الذي وُصف بـ"النقطة السوداء".
وبهذه الذكرى تستعرض "العين الإخبارية" أبرز الانقلابات التي عاشتها تركيا طيلة العقود الخمسة المنقضية.
انقلاب 1960
في صباح 27 مايو/أيار 1960، كان رئيس الوزراء عدنان مندريس في إسكيشهر لحضور اجتماع حاشد، فيما كان رئيس البلاد جلال بايار يستريح في قصر تشانكايا في أنقرة.
في الساعة الخامسة والنصف صباحا، سُمع صوت العقيد الركن ألباسلان توركيش عبر الراديو، يقول إن القوات المسلحة التركية تولت إدارة البلاد عن طريق التكاتف.
بجملة واحدة، استقبلت تركيا شرارة الانقلابات، وأُطيح بحكومة عدنان مندريس الذي حُوكم بالإعدام مع وزراء آخرين بتهمة "الخيانة".
من بين الذين تمت محاكمتهم الشاعر الشهير فاروق نافذ شامليبل، الذي انضم إلى السياسة من الحزب الديمقراطي، ووصف جزيرة ياسيادة في بحر مرمرة التي أقيمت فيها المحاكمة، بقوله "إن واحدا من ألف من السكان لا يعرفون كيف يضحكون، وقد تراكمت متاعب الوطن في حفنة من الأرض. فالطير يجلب الهجرة، والموج يجلب الخيبة، ياسيادة هي قطران الحزن في عين زرقاء".
خلال عهد مندريس الذي كان حينها أيضا، نائب رئيس حزب "الشعب الجمهوري" الذي أسسه أتاتورك، بدأت الحكومة بالانفتاح على الدين مرة أخرى، وأعيد فتح آلاف المساجد، وتم تقنين رفع الأذان باللغة العربية وتم إنشاء مدارس جديدة لرجال الدين.
واستمر الحكم الذي هيمن عليه الجيش في البلاد حتى عام 1965 تقريبا، عندما أعيدت السيطرة للمدنيين الذين انتخبوا رئيسا جديدا للوزراء.
انقلاب 1971 بمذكرة
بعد سنوات قليلة من حكم رئيس الوزراء المنتخب حديثا سليمان ديميريل، أدى الركود والاضطرابات المدنية واسعة النطاق إلى توسيع دائرة الاحتجاجات.
وفيما عرف باسم "الانقلاب بمذكرة"، قدم رئيس الأركان العامة ممدوح تاجماك مذكرة إلى ديميريل، يطالب فيها بتغيير الحكومة, بحجة أن الأخير وحكومته دفعا الاقتصاد للاضطراب.
بعد الحدث، استقال ديميريل وحل محله إسماعيل نهاد إريم الذي قام بتشكيل حكومة مكونة من مزيج من السياسيين المدنيين والعسكريين.
انقلاب 1980
ظلت تركيا غير مستقرة طوال السبعينيات، حيث شهدت تولي 11 رئيس وزراء مختلفا السلطة في ذلك الوقت الذي كانت تعاني فيه من أزمات سياسية واجتماعية عميقة.
وفي 12 سبتمبر/أيلول 1980، حلّ الجيش الحكومة واستولى على السلطة.
وقتها، ظهر رئيس الأركان العامة كنعان إيفرين، الشخصية البارزة في الانقلاب العسكري، على شاشة التلفزيون وأعلن التدخل العسكري، مؤكدا رسميا الانقلاب.
تم تعيين إيفرين رئيسا للبلاد، فيما تولى ضابط البحرية بوليند أولوسو منصب رئيس الوزراء، يليه نائبه تورغوت أوزال.
واُعتبر هذا الانقلاب "نقطة سوداء" في تاريخ تركيا، حيث تم تغيير الدستور وحل البرلمان، وإعلان الأحكام العرفية، وإغلاق الأحزاب السياسية ونفي قادتها، فضلا عن تقارير حول "الإعدامات والتعذيب وسوء المعاملة والأوضاع غير الصحية في السجون التي أدت إلى وفاة 299 شخصا".
كما قامت قوات الأمن باعتقال عدد من الشخصيات السياسية، بما في ذلك ديميريل ورئيس الجمهورية فهري كوروتورك.
1997 انقلاب ما بعد الحداثة
في فبراير/شباط 1997، قدم الجيش مذكرة إلى الحكومة التي يسيطر عليها حزب الرفاه الإسلامي، يطالب فيها باستقالة رئيس الوزراء آنذاك نجم الدين أربكان، في خطوة عُرفت بـ"الانقلاب الأبيض".
والعام التالي، تم إغلاق حزب الرفاه، الذي كان الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان عضوا فيه سابقا.
وامتنع الجيش عن الاستيلاء على السلطة وسمح للسياسيين العلمانيين بتشكيل حكومة جديدة.
"مؤامرة المطرقة" 2012
في عام 2012، اتُهم 300 ضابط عسكري بالتخطيط للإطاحة بأردوغان من منصب رئيس الوزراء الذي كان يشغله في ذلك الوقت.
محاولة 2016
في الـ15 من يوليو/تموز 2016، أعلنت مجموعة من الضباط بالجيش، الانقلاب على السلطة الشرعية في تركيا بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان.
إلا أنه ولأول مرة، خرج الشعب التركي يواجه أقصر انقلاب مرت به البلاد التي عبرت منذ ذلك الوقت إلى دستور وعهد جديد تخللته إصلاحات ديمقراطية.
واتهمت السلطات التركية جماعة "غولن" التي يتزعمها رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن، بالوقوف وراء تلك المحاولة.
aXA6IDE4LjExNi4xNC40OCA= جزيرة ام اند امز