ميتسوتاكيس في مصر.. هل تكون القاهرة جسر تواصل بين تركيا واليونان؟
زيارة أولى لرئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس للمنطقة بعد إعادة انتخابه وتشكيل حكومته، تحمل العديد من الملفات المتعلقة بالتقارب المصري التركي.
واعتبر خبراء في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية" أن الزيارة تحمل أهمية كبيرة ودلالات متعددة، يمكن أن تسهم بشكل ما في تقريب وجهات النظر بين دول المنطقة وبناء جسور من التواصل والتعاون تسهم في استقرارها.
- ميتسوتاكيس يفوز بالانتخابات اليونانية.. "تفويض كبير"
- المحافظون يفوزون بانتخابات اليونان.. العين على اقتراع جديد
وفي وقت سابق، صرح المستشار أحمد فهمي، المتحدث باسم الرئاسة المصرية، بأن قمة مصرية يونانية ستعقد، اليوم الخميس، بين الرئيس عبدالفتاح السيسي، وكيرياكوس ميتسوتاكيس رئيس الوزراء اليوناني، في مدينة العلمين الجديدة.
وفي حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، قال الخبير وأستاذ العلاقات الدولية الدكتور طارق فهمي إن لقاء رئيس الوزراء اليوناني بالرئيس المصري اليوم يأتي في ظل توقيتات مهمة تتعلق بمسار العلاقات في منطقة شرق المتوسط.
وأضاف أن "هذا اللقاء يهدف إلى تعزيز وتنمية العلاقات بين البلدين، ويحمل تأكيدا بأن أي تطور في مسار العلاقات في المنطقة لن يكون على حساب أي طرف، سواء اليونان أو قبرص".
كما أشار إلى أن "القاهرة تقيم علاقات على مستوى الندية والمصالح الكبرى التي تحكم علاقاتها مع الأطراف المختلفة"، وأن "هذا اللقاء يأتي بعد ترتيبات جرت في الفترة الماضية بشأن منتدى غاز المتوسط، وتدشين منظمة إقليمية للغاز".
رسائل قمة العلمين
وتحمل قمة اليوم في العلمين رسالة للجانب التركي، بأن مصر تحرص على الحفاظ على علاقاتها القوية في إقليم شرق المتوسط، وهذا يأتي بعد نجاحها في تدشين ترتيبات سياسية واستراتيجية عالية المستوى في الفترة الماضية، وفقاً لفهمي.
ومن بين رسائل القمة المصرية اليونانية، أن القاهرة وأثينا يمكنهما أن يلعبا دوراً حاسماً وركيزة أساسية في استقرار منطقة شرق المتوسط، خاصةً في ظل التوتر الموجود بين العلاقات التركية اليونانية، وذلك في حال انضمام تركيا إلى أي تسويات أو ترتيبات مستقبلية أو تطورات يمكن الاعتماد عليها في مسار العلاقات.
وأشار الخبير المصري إلى أن "العلاقات المصرية الإقليمية، ولا سيما في منطقة المتوسط، تتسم بالرشادة السياسية الكبيرة للدولة المصرية، بما يعطي دلالات مهمة لما سيتم من تحركات مستقبلية، مثل انضمام تركيا إلى مؤسسات شرق المتوسط، سواء كانت منتدى أم منظمة أم ترتيبات قادمة في المنطقة.
وخلص فهمي إلى أن "القمة التي جرت اليوم تؤكد أن القاهرة تسعى لتعزيز علاقاتها مع جميع الدول دون أي حساسيات، وأنها قادرة على القيام بدور الوسيط للتوفيق والتنسيق والتعاون بين جميع الأطراف، وحتى القيام بالوساطة المباشرة بين دول شرق المتوسط".
انطلاقة كبيرة
وبدوره، قال الدكتور بشير عبدالفتاح، الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن العلاقات المصرية اليونانية شهدت انطلاقة كبيرة منذ عام 2014، بعد إعادة اكتشاف الرئيس السيسي للدائرة المتوسطية في السياسة الخارجية المصرية، وبناء عليه باتت العلاقات بين الدولتين استراتيجية بما يصب في صالح استقرار منطقة شرق المتوسط، وذلك بالإضافة إلى العلاقات المصرية-التركية من جهة أخرى.
وفي هذا الإطار، نوه "عبدالفتاح" إلى أنه "من أبرز دوافع التقارب التركي مع مصر هو الاستفادة من علاقات الأخيرة مع اليونان، من أجل تقريب وجهات النظر وحلحلة بعض القضايا والخلافات مع أثينا مثل ترسيم الحدود في شرق المتوسط".
وأشار الخبير بمركز الأهرام إلى أن "قمة اليوم قد تتعرض لمسألة الوساطة المصرية بين اليونان وقبرص من جانب، وتركيا من جانب آخر، وهو ما تعول عليه أنقرة بشكل كبير".
وبيّن أن "تركيا تسعى بقوة لتكون العضو الثامن في منتدى غاز شرق المتوسط، وهو ما يتطلب حل القضايا الخلافية مع اليونان فيما يتعلق بترسيم الحدود، بالإضافة إلى ترتيب أوضاعها مع قبرص".
وأكد عبدالفتاح أن "أنقرة تعول كثيرا على مصر في هذا الصدد، لأن الأخيرة تستضيف منتدى شرق غاز المتوسط، إضافة إلى أنها موضع ثقة من جميع الأطراف، حيث تستطيع أن تقنع أثينا بالتقارب، وإقناع أنقرة بأن تكون أكثر مرونة في مسألة ترسيم الحدود".
توازن العلاقات
وتقول أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية الدكتورة نهى أبوبكر إن هذه أول زيارة لرئيس وزراء اليونان للمنطقة بعد إعادة انتخابه وتشكيل حكومته الجديدة وتأتي في إطار زيادة مجالات التعاون بين اليونان ومصر، أمنيا هناك أمن البحر المتوسط ومكافحة الإرهاب والهجرة غير المشروعة واقتصاديا مشروع الربط الكهربائي، وغاز شرق المتوسط والقضايا ذات الاهتمام المشترك.
وأكملت في حديث لــ"العين الإخبارية": "بالإضافة إلى الروابط التاريخية، من المتوقع أن يزور رئيس الوزراء النصب التذكاري اليوناني في موقع معركة العلمين، علماً بأن من ثوابت السياسة الخارجية المصرية بعد عام ٢٠١٣ هو إقامة علاقات مع جميع القوى الإقليمية والدولية، مع احترام سيادة الدول ووحدتها، وعدم التدخل في شؤون الدول الداخلية.
ومع إرساء مبدأ توازن العلاقات مع جميع القوى، وألا تأتي العلاقة مع أحد القوى على حساب علاقة أخرى، مما يجعل العلاقات المصرية اليونانية استراتيجية والتي استثمرت الدولتان في ازدهارها، لا تؤثر على التقارب المصري التركي، والعكس صحيح.
وأوضحت أنه لا يوجد أي تعارض أو احتياج لتطمين مصر دولة لها سياستها الخارجية المتزنة وتعلم جميع القوى الإقليمية ذلك، والعلاقات اليونانية المصرية علاقات استراتيجية وتاريخية مما لا يستدعي احتياج لأي تطمينات.
ومن المتوقع أن يضع رئيس الوزراء إكليلا من الزهور على النصب التذكاري اليوناني في موقع معركة العلمين خلال الزيارة.
تقارب إسطنبول وأثينا
وقد أكد الخبير في العلاقات الدولية الدكتور أيمن سمير أن هذه الزيارة لن تتأثر بالتقارب المصري التركي، بل قد يكون دافعاً للقاهرة للعب دور محوري في التقارب بين إسطنبول وأثينا.
وأشار سمير في حديث لــ"العين الإخبارية" إلى أن "العلاقات المصرية اليونانية قديمة جدًا، وكل منهما يدعم الآخر مع وجود آلية ثلاثية للتعاون بين البلدين".
واعتبر أن "العلاقة الجيدة التي تجمع مصر وتركيا ومن بعدها اليونان ستكون جسر تواصل لحل الخلافات بين البلدين"، لافتا إلى أن "مصر تركز على المساحات المشتركة سواء مع تركيا أو اليونان".
وحول شرق المتوسط، أكد أن المنتدى مفتوح ومن حق أي دولة أن تدخل فيه سواء تركيا أو غيرها بعد ذلك، مشددا على أن "تحسين العلاقات المصرية التركية لن يأتي على حساب العلاقة بين القاهرة وأثينا".
ووقعت 7 دول، هي مصر والأردن وإسرائيل وقبرص واليونان وإيطاليا وفلسطين، في 21 سبتمبر/أيلول 2020، اتفاقية لإطلاق منتدى غاز شرق المتوسط كمنظمة إقليمية، بهدف إنشاء سوق غاز إقليمية تخدم مصالح الدول الأعضاء من خلال تأمين العرض والطلب وتنمية الموارد وتعزيز التعاون، إذ تقدر احتياطات الغاز في منطقة شرق المتوسط بنحو 122 تريليون قدم مكعب.
aXA6IDMuMTM1LjIyMC4yMTkg جزيرة ام اند امز