اختتمت في الحادي عشر من مارس الدورة السنوية للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني.
أعلى هيئة تشريعية في الصين، وقبلها بيوم اختتمت دورة المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، أعلى هيئة استشارية سياسية في الصين. في الجلسة الختامية للمجلس الوطني لنواب الشعب، تمت الموافقة على تقرير أعمال الحكومة لعام 2021، كما تم إصدار قرارات تنفيذ الخطوط العامة للخطة الخمسية الرابعة عشرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية (2021- 2025) والأهداف البعيدة المدى حتى عام 2035.
في عام 2020، أصبحت الصين الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي سجل نموا إيجابيا، حيث بلغ ناتجها المحلي الإجمالي نحو 15.4 تريليون دولار أمريكي، محققا معدل نمو 2.3% على أساس سنوي، بينما حققت تجارتها الخارجية "الواردات والصادرات" نموا بنسبة 1.9%.
وفي عام 2020، تخلص جميع السكان الفقراء في الريف الصيني "حوالي 100 مليون فرد"، من الفقر بعد جهود استمرت ثماني سنوات.
خلال الدورتين، حددت الصين أهدافها لعام 2021 واعتمدت خطة تنمية البلاد للسنوات القادمة، مع التركيز على التنمية العالية الجودة. وأعلنت الصين أنها تهدف إلى زيادة ناتجها المحلي الإجمالي في 2021 بنسبة أعلى من 6% على أساس سنوي، مع بذل المزيد من الجهود في الإصلاح والابتكار والتنمية العالية الجودة، وفقا لتقرير عمل الحكومة. وفي فترة الخطة الخمسية الرابعة عشرة وما بعدها، ستظل التنمية العالية الجودة موضوع التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصين. وفي الوقت نفسه، ستنفذ الدولة سياسات الانفتاح على نطاق أوسع وفي مجالات أرحب وعلى مستوى أعمق، وستشارك بشكل أفضل في التعاون الاقتصادي الدولي. وستسرع الصين في صياغة نمط تنمية جديد للتنمية يتمثل في "التداول المزدوج"، تعزز فيه السوق المحلية والخارجية بعضها البعض مع اعتبار السوق المحلية الدعامة الأساسية.
إن الصين، وهي تضع دائما الشعب في قمة الأولويات خلال تنميتها، تزيد من المنافع التي تعود عليى أبناء شعبها، وتتأكد من أن الشعب سيد مصيره، وتدعم التنمية بطريقة شاملة.
من حملة التخفيف من حدة الفقر والتعامل مع جائحة كوفيد- 19، وصولا إلى خطة التنمية والأهداف التي تهدف إلى تلبية تطلعات الناس إلى حياة أفضل، أظهرت الصين أن تحديثها لا يشمل فقط زيادة ملحوظة في القدرة الإنتاجية الاقتصادية، وإنما يشمل أيضا أهدافا شاملة لتحسين رفاه الشعب.
ومن ناحية أخرى، أظهر جدول أعمال "الدورتين" أن الديمقراطية الصينية تتميز بمجموعة واسعة من الاقتراحات العامة والمناقشات المستفيضة والتشكيل تدريجي لتوافق الآراء. وإذا كان الهدف الأسمى للديمقراطية هو تحقيق مصالح الشعب، فإن الحقائق تثبت نجاح الممارسة الديمقراطية في الصين، من خلال نظام سياسي يمثل المجلس الوطني لنواب الشعب واحدا من أهم أعمدته. وفي هذا الإطار، وافق المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني على قرار لتحسين النظام الانتخابي في هونغ كونغ، بما يتماشى مع الدعوات العامة المتحمسة لإدارة هونغ كونغ من قبل أولئك الذين يحبون هونغ كونغ والدولة الصينية. وقد حظيت هذه الخطوة لتحسين النظام الانتخابي في هونغ كونغ بدعم واسع من الذين يهتمون باستقرار هونغ كونغ وتنميتها. إن هذا القرار من شأنه أن يعمل على ترسيخ مفهوم المواطنة لدى مواطني هونغ كونغ. وسوف يسهم تحسين النظام الانتخابي في حماية بيئة الأعمال في هونغ كونغ ويحول دون تحولها إلى منطقة تتنافس فيها القوى المختلفة، مما سيدعم وضع هونغ كونغ كمركز مالي وتجاري عالمي.
وفي وقت تتزعزع فيه ثقة شعوب دول كثيرة بقدرة أنظمتها السياسية على التعاطي مع الأزمات ومواجهة التحديات، تتعزز ثقة الصينيين، وبخاصة الشباب باعتبارهم الفئة الأكثر حيوية وحراكا، في النظام السياسي لبلادهم. ويدعم ثقة الصينيين بنظامهم السياسي، حالة من الرضا والتفاؤل تسود بين أبناء الصين بفضل المنجزات العديدة التي تشهدها بلادهم كل يوم. فعلى الرغم من التحديات التي أحدثها تفشي كوفيد- 19 في الصين، فإن الصينيين أكثر تفاؤلا بمستقبلهم وأكثر رضا عن حياتهم، وفقا لمسح أجرته مصلحة الدولة للإحصاء الصينية.
المسح، الذي نشرت وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا" تقريرا عنه في الثاني من فبراير 2021، أظهر أنه مقارنة مع عام 2016، زادت نسبة الصينيين الذين أعربوا عن رضاهم بمكاسبهم من التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد بواقع 17.8 نقطة مئوية، كما ارتفعت نسبة من أعربوا عن رضاهم بظروفهم المعيشية بواقع 4.2 نقاط مئوية. هذه الحالة من التفاؤل والرضا، تأتي انعكاسا لما حققته الصين، برغم الصعوبات الجمة، من إنجازات كبيرة لها علاقة مباشرة بحياة أبناء الشعب.
لقد تعاطت مداولات دورتي 2021 مع كافة الملفات التي تهم الصين والتزاماتها العالمية وعلاقاتها الدولية. وقد حظيت استضافة بكين للأولمبياد الشتوية 2022 بمناقشات ساخنة بين أعضاء اللجنة الوطنية للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني ونواب المجلس الوطني الثالث عشر لنواب الشعب الصيني، حيث أكدت لجنة بكين المنظمة للألعاب الأولمبية والبارالمبية الشتوية 2022، أنها سننفذ قرارات الحكومة المركزية بشكل شامل، وستعمل مع جميع الأطراف لتجاوز التحديات وضمان استضافة آمنة وسلسة للأولمبياد الشتوية كما هو مقرر.
إن ثمار الإنجازات الصينية لا يتمتع بها أبناء الصين وحدهم، وإنما يتقاسمها معهم شعوب مختلف البلدان. وبينما لا يزال العالم يكافح للتعامل مع وباء كوفيد- 19 والركود الاقتصادي العميق، فضلا عن النظام العالمي المضطرب والسريع التحول، وفي ظل خلفية المخاطر والشكوك المتزايدة، تواصل الصين طرح مبادراتها البناءة على المستويات الثنائية والمتعددة الأطراف، لتقديم الحلول لتلك التحديات الصعبة، وتجاوز نقاط الاختلاف وتعظيم نقاط التوافق. وعلى سبيل المثال، في ملف العلاقات الصينية- الأمريكية، أعرب وزير خارجية الصين وانغ يي عن استعداد بلاده للعمل مع الولايات المتحدة الأمريكية لإعادة العلاقات الثنائية إلى المسار الصحيح. وقال السيد وانغ في مؤتمر صحفي يوم 7 مارس، إن وجود اختلافات وخلافات بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية شيء طبيعي، حيث إن كلا البلدين لديه نظام اجتماعي مختلف. وقال إن وجود منافسة بينهما لا يدعو للدهشة، حيث إن مصالح البلدين متداخلة، ولكن يجب أن تكون المنافسة بينهما صحية ومرتكزة على العدل والإنصاف.
وحول العلاقات الصينية- العربية، قال وانغ يي، إن التعاون البراغماتي الصيني- العربي بلغ مستوى جديدا، مع وصول التعاون إلى الذروة في مجال التقنيات الجديدة والمتطورة مثل شبكات الجيل الخامس والذكاء الاصطناعي والفضاء الجوي والطيران. وأوضح أن الصين هي أكبر شريك تجاري للدول العربية، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين الجانبين 240 مليار دولار أمريكي خلال عام 2020، موضحا أن مشروعات الحزام والطريق الرئيسية بين الصين والدول العربية، والتي عُلقت بسبب تفشي كوفيد- 19، قد استؤنفت مجددا على نحو منتظم. وأضاف أن الجانب الصيني يحرص علي تضافر الجهود وتعزيز التضامن مع الجانب العربي من أجل التحضير الجيد للقمة الصينية- العربية المقبلة، بما يضفي مقومات جديدة على علاقات الشراكة الإستراتيجية الصينية- العربية ويحقق انجازات جديدة لدفع إقامة مجتمع المصير المشترك الصيني- العربي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة