الإمارات 2022.. عهد جديد يؤسس لانطلاقة تاريخية نحو المئوية
تودع الإمارات 2022، الذي استهلت في وسطه مرحلة جديدة بتاريخها، بتولي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئاسة الدولة في 14 مايو/أيار.
مرحلة جديدة تم في بدايتها تحقيق إنجازات تاريخية على مختلف الأصعدة في مستهل خمسينية جديدة في تاريخ البلاد، ووضع أسس وقواعد وسياسات تقود الإمارات لتحقيق هدفها في "مئوية 2071" بأن تكون أفضل دولة في العالم، وأكثرها تقدماً.
أسس وقواعد وسياسات حرص الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات على تحديدها بدقة في خطاباته وتوجيهاته واجتماعاته.
بعض من القواعد والأسس تمت صياغته في استراتيجية "نحن الإمارات 2031"، التي أطلقت قبل شهر، وتضمنت أهدافا وبرامج تؤسس لأول عشر سنوات في مسيرة الخمسين عاما القادمة في البلاد.
وتحمل الاستراتيجية أهدافا عدة؛ أبرزها: رفع الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات إلى 3 تريليونات درهم، وزيادة صادرات الإمارات غير النفطية إلى 800 مليار درهم، ورفع قيمة التجارة الخارجية الإماراتية لـ4 تريليونات درهم، بالإضافة إلى رفع مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 450 مليار درهم.
وفيما وضع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في أول خطاب له منذ توليه قيادة البلاد، في 13 يوليو/تموز الماضي، ملامح سياسة البلاد الداخلية والخارجية، رسم خلال كلمة وجهها بمناسبة اليوم الوطني الـ51 للدولة، مطلع ديسمبر/ كانون الأول الجاري، خارطة طريق لمرحلة جديدة في تاريخ البلاد، أكد أنها ستكون "أفضل وأكثر إشراقا وعزة".
وتولى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مقاليد الحكم، خلفا لأخيه الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، متسلحا بسيرة زاخرة من العطاء والإنجازات ورصيد وافر من حب وولاء أبناء دولة الإمارات، ليكمل مسيرة الإنجازات التي تحققت على مدار 5 عقود في عهد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وقائد التمكين المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، وصولا لمستقبل زاهر للبلاد.
وتودع الإمارات عام 2022 بتحقيق إنجازات تاريخية في مختلف المجالات، تستكملها في عام 2023، وترصد "العين الإخبارية" أبرزها في التقرير التالي:
مكانة دولية وثقة عالمية
على الصعيد الدولي نجحت وساطة دولة الإمارات قبل أيام في تحقيق إنجاز جديد على الصعيد الدبلوماسي، حيث أعلن بيان إماراتي سعودي مشترك، 8 ديسمبر الجاري، عن نجاح الوساطة التي قادها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي، للإفراج وتبادل مسجونين اثنين بين الولايات المتحدة وروسيا.
نجاح يبرز تعاظم مكانة دولة الإمارات الإقليمية والدولية، وتزايد ثقة العالم وتقديره لجهودها على مختلف الأصعدة.
تلك المكانة بدت واضحة في مشاركة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في 6 قمم دولية خلال الشهور القليلة الماضية هي قمة العشرين في إندونيسيا، قمة المناخ في شرم الشيخ، لقاء العلمين التشاوري، وقمة جدة للأمن والتنمية، وقمة مجموعة "I2U2" ، ومنتدى الاقتصادات الرئيسية الخاص بالطاقة وتغير المناخ
ركزت تلك القمم إجمالا على سبل مواجهة التحديات العالمية على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والبيئية والإنسانية، وعلى رأسها أمن الطاقة وأزمة تغير المناخ والأزمة الأوكرانية وبحث جهود تعزيز التنمية المستدامة.
كما أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان منذ توليه مقاليد الحكم نحو 11 زيارة خارجية، بينهم "زيارتي دولة" لفرنسا في 18 و19 يوليو/تموز الماضي، وسلطنة عمان في 27 و28 سبتمبر/أيلول الماضي، وحظي خلالهما بحفاوة استثنائية وترحيب كبير.
وتعد "زيارة الدولة" الأعلى مستوى بين أنواع الزيارات التي تتم بين قادة الدول ورؤساء الحكومات، ولها مراسم وبرامج وبروتوكولات خاصة، منذ الإعداد لها وحتى إتمامها، حيث تعد أهم أشكال الاتصالات الدولية في مجال البروتوكول الدبلوماسي، الأمر الذي يعبر عن حجم المكانة التي يحظى بها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لدى تلك الدول قيادة وشعبا.
الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أجرى كذلك زيارات إلى قطر في 5 ديسمبر/ كانون أول الجاري وإندونيسيا 14-16 نوفمبر/تشرين الثاني، ومملكة البحرين 10 نوفمبر/تشرين الثاني، ومصر (شرم الشيخ 7-8 نوفمبر/تشرين الثاني)، وروسيا 11 أكتوبر/تشرين الأول، وصربيا 10 أكتوبر/تشرين الأول، ومصر (مدينة العلمين) 21-23 أغسطس/آب، واليونان 25 أغسطس/آب، وسيشل 12 أغسطس/آب، والسعودية 16 يوليو/تموز للمشاركة في قمة جدة للأمن والتنمية.
وأجرى خلال تلك الزيارات مباحثات مهمة لتعزيز العلاقات وبحث المستجدات الإقليمية والدولية، وأسفرت عن نتائج مهمة.
مشاركات وزيارات دولية فعالة عززت حضور دولة الإمارات الفاعل في أرفع المنظمات والهيئات والمجالس الدولية، جاءت متناغمة مع فوز البلد الخليجي، نهاية مايو/أيار الماضي، برئاسة لجنة الأمم المتحدة للاستخدام السلمي للفضاء الخارجي "كوبوس"، والتي تضم في عضويتها 100 دولة.
فوز الإمارات برئاسة "كوبوس" جاء بعد نحو شهرين من إسدالها الستار على شهر كامل (مارس/آذار الماضي) من رئاستها مجلس الأمن الدولي، استطاعت خلاله تحقيق إنجازات بارزة، سواء كرئيس لمجلس الأمن الدولي أو عضو غير دائم به.
ولم تقتصر مساندة دولة الإمارات للقضايا العربية والدولية على رئاستها مجلس الأمن، بل إنها واصلت من خلال عضويتها مسيرة تعزيز وتأمين السلام الإقليمي وصون السلم والأمن الدوليين، بالإضافة إلى عضويتها بمجلس حقوق الإنسان والتي فازت بها مؤخرًا عن الفترة من 2022 إلى 2024.
وقامت الإمارات خلال عام 2022 بجهود دبلوماسية رائدة لتصفير الأزمات بالمنطقة وبناء جسور التعاون مع مختلف الدول.
وأثمرت تلك الجهود عن عودة العلاقات مع تركيا إلى مسارها الطبيعي، وتعزيز العلاقات الأخوية مع قطر، وتطوير العلاقات إيجابيا مع إيران بإعادة سفير دولة الإمارات إليها أغسطس/ آب الماضي بعد 7 سنوات من سحبه، ودعم عودة سوريا لحاضنتها العربية عبر جهود عدة كان أبرزها استقبال رئيسها بشار الأسد في الإمارات مارس/آذار الماضي.
ويتوقع أن تتضاعف وتتزايد ثمار تلك المبادرات بتعزيز آفاق التعاون مع تلك الدول وغيرها في عام 2023، بما يسهم في تحقيق الازدهار والاستقرار في المنطقة والعالم.
يأتي هذا فيما تستعد دولة الإمارات لاستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "كوب 28" عام 2023، والذي يعد أهم وأكبر مؤتمر دولي للعمل المناخي بمشاركة قادة وزعماء العالم، في خطوة جديدة تؤكد ريادة دولة الإمارات، وتقدير العالم لجهودها في استدامة المناخ.
إنجازات تتواصل.. برا وبحرا وجوا
على الصعيد الداخلي، تواصلت مسيرة الإنجازات على مختلف الأصعدة.
ومن بين أحدث تلك الإنجازات، دشن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، 13 ديسمبر الجاري، مشروع توسعة ميناء خليفة بتكلفة إجمالية بلغت أربعة مليارات درهم، ضمن مشروع جديد يعزز موقع دولة الإمارات في حركة التجارة العالمية، ويعد رافداً مهماً من روافد تنمية الاقتصاد الوطني وتنويعه.
جاء هذا الإنجاز بعد يومين فقط من تحقيق الإمارات إنجاز تاريخي جديدة في قطاع الفضاء، بإطلاقها المستكشف "راشد" إلى سطح القمر ، 11 ديسمبر الجاري، لتكون الإمارات أول دولة عربية، والرابعة على مستوى العالم، التي تحقق هذا الإنجاز.
وستسهم الاختبارات العلمية التي يجريها المستكشف راشد خلال مهمته في إحداث تطورات نوعية في مجالات العلوم والتكنولوجيا وتقنيات الاتصال والروبوتات.
"إنجاز" استبقه انطلاق النسخة الأولى من حوار أبوظبي للفضاء يومي 5 و6 ديسمبر/كانون الأول 2022، برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وبمشاركة عالمية رفيعة المستوى من قادة الدول النشطة في مجال الفضاء، ونخبة من الخبراء وأهم الشخصيات المؤثرة في القطاع حول العالم بهدف صياغة سياسات دولية جديدة في مجال الفضاء.
واختتم الحوار بالتوصل لتوصيات ورؤى سيكون لها تأثير كبير في استدامة وتطوير قطاع الفضاء العالمي، وتنمية وتعزيز التعاون الدولي، وتبادل الخبرات والمعلومات والتكنولوجيا والتطبيقات الحديثة للاستخدامات السلمية للفضاء.
كما شهدت فعاليات حوار أبوظبي للفضاء توقيع وكالة الإمارات للفضاء 5 اتفاقيات ومذكرات تفاهم، تستهدف تعزيز التعاون في البحث العلمي واستكشاف الفضاء وتبادل المعارف، بما يخدم المصالح المشتركة ويعزز الشراكات الدولية التي تصب في صالح خدمة مسيرة العلم والمعرفة.
وخلال الشهر الجاري أنهى رائدا الفضاء الإماراتيان هزاع المنصوري وسلطان النيادي تدريبات متعلقة باختصاصيي وحدة "كولومبوس"، تحضيرًا لأول مهمة طويلة الأمد لرواد الفضاء العرب على متن محطة الفضاء الدولية تستمر 6 شهور.
سلسلة إنجازات خلال الشهر الجاري فقط تأتي بين عدة إنجازات في قطاع الفضاء شهدتها دولة الإمارات على مدى الأشهر الماضية، أبرزها إطلاقها البرنامج الوطني للأقمار الاصطناعية الرّادارية "سرب" في 17 يوليو/تموز الماضي، لتطوير سرب من الأقمار الرّادارية، والذي يعد أحد البرنامج النوعية والأولى عربياً في القطاع الفضائي.
ومن إنجازات الفضاء إلى إنجازات الأرض، حيث تواصل دولة الإمارات مسيرة إنجازاتها في محطات براكة للطاقة النووية أول مفاعل سلمي للطاقة النووية في العالم العربي، فقبل نحو 3 شهور وتحديدًا في 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي أعلنت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية عن ربط المحطة الثالثة ضمن المحطات الأربع في براكة بشبكة كهرباء دولة الإمارات، وإنتاج أول ميجاواط من الكهرباء الصديقة للبيئة من ثالث محطات براكة الأربع.
إنجاز أعقبته الإمارات بإطلاق مبادرة شاملة بالشراكة مع أمريكا، مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي للاستثمار في الطاقة النظيفة وتعزيز الأهداف المناخية المشتركة وأمن الطاقة العالمي، سيتم بموجبها استثمار 100 مليار دولار لتوليد 100 غيغاوات إضافية من الطاقة النظيفة في دولة الإمارات وأمريكا، والاقتصادات الناشئة حول العالم بحلول سنة 2035.
أمن الطاقة
إنجازات توجت باعتماد مجلس إدارة شركة بترول أبوظبي الوطنية "أدنوك" في 28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، استراتيجية "أدنوك" لتسريع النمو في جميع مجالات أعمالها ومراحلها لتلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة بشكلٍ مسؤول ودعم أمن الطاقة العالمي.
كما اعتمد خطط "أدنوك" لتسريع تنفيذ هدف رفع سعتها الإنتاجية من النفط الخام إلى 5 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2027 بدلاً من عام 2030، بهدف تعزيز مكانة دولة الإمارات في المركز السادس عالمياً ضمن قائمة الدول التي تمتلك أعلى احتياطيات نفطية، والمركز السابع ضمن قائمة الدول التي تمتلك أكبر احتياطيات للغاز الطبيعي.
رسائل الشيخ محمد بن زايد
إنجازات في مختلف المجالات سيجني الإماراتيون ثمارها خلال المرحلة المقبلة، التي أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في كلمته مطلع الشهر الجاري أنها ستكون "أفضل وأكثر إشراقا وعزة".
المرحلة الجديدة التي يقودها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان سيكون "الاهتمام بالمواطن وفتح كل سبل التطور والإبداع وإثبات الذات أمامه، كان ولا يزال وسيظل الأولوية الأساسية والقصوى".
وفي القلب من تلك المرحلة "فإن الشباب يحظون باهتمام استثنائي في رؤية القيادة الإماراتية لحاضر البلاد ومستقبلها".
أيضا "خلال المرحلة المقبلة سيتعزز دور المرأة الإماراتية في كل المجالات".
أما على صعيد السياسة الخارجية بشقها الدبلوماسي والاقتصادي والإنساني في تلك المرحلة، فقد وضع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مبادئ عامة وأهدافا تفصيلية.
ضمن تلك المبادئ والأهداف "ستظل دولة الإمارات شريكاً أساسياً وداعماً رئيسياً لكل ما يصنع التقدم والنماء للبشرية، ويعزز من قدرة العالم على مواجهة تحدياته وفي مقدمتها التغير المناخي والأمن الغذائي والأمراض والأوبئة والفقر وغيرها".
أيضا ضمن تلك المبادئ "ستواصل الإمارات دورها المستدام من أجل ترسيخ السلام والاستقرار في المنطقة والعالم".
كذلك ستواصل الإمارات "تعزيز الشراكات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية الفاعلة مع مختلف دول العالم لخدمة أهدافها التنموية".
كما أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أهمية تعزيز التكامل العربي والخليجي في تلك المرحلة، إلا أنه بين أن "تعزيز التكامل العربي سيكون على أسس جديدة تتسم بالفاعلية والواقعية وتستند إلى المصالح المشتركة".
وإيمانا منه بأنه لا تنمية ولا سلام بدون قوة تحميه، فقد أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن تطوير القوات المسلحة الإماراتية وتحديثها سيظل أولوية قصوى كما كان على الدوام.
aXA6IDMuMTIuMTU0LjEzMyA= جزيرة ام اند امز