الإمارات قوة صاعدة في أفريقيا.. جهود إنسانية وتنموية ودبلوماسية رائدة
«توجه استراتيجي إماراتي لتقوية العلاقات التنموية مع قارة أفريقيا بما يعود بالخير والازدهار على الجميع، ودعم كل ما يحقق السلام والاستقرار والتنمية».
تصريحات للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات في مارس/آذار الماضي، تحدد أطر وأهداف السياسة الخارجية والدبلوماسية التنموية والإنسانية للإمارات في القارة الأفريقية.
- الإمارات تقود رياح الأمل في أفريقيا
- إشادة دولية بدور الإمارات الريادي في دعم السلام والإغاثة الإنسانية
أمر تم ترجمته على أرض الواقع في شكل شراكات اقتصادية ومشاريع تنموية ومبادرات إنسانية ووساطات وجهود دبلوماسية لدعم الأمن والاستقرار والازدهار في القارة السمراء.
جهود تنموية إماراتية كبيرة في القارة الأفريقية تعرضت لجانب منها صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية في تقرير لها قبل يومين.
أكد التقرير أن دولة الإمارات تمثل مصدراً رئيسياً متزايد الأهمية للاستثمار الأجنبي في القارة الأفريقية، فيما تمثل دبي نيويورك لكثير من الأفريقيين حاليا.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إماراتي قوله إن "إجمالي الاستثمارات في أفريقيا يصل إلى 110 مليارات دولار"، وهو ما يعكس "التزام الدولة بتعزيز التنمية المستدامة والنمو في جميع أنحاء القارة".
وأكد المسؤول الإماراتي أن انخراط بلاده في أفريقيا، بدءًا من التجارة ووصولا إلى الأمن الغذائي ومكافحة الإرهاب، كان سعيا إلى "تعزيز مستقبل مزدهر قائم على المنفعة المتبادلة"، حيث وقعت أبوظبي العشرات من اتفاقيات الاستثمار منذ عام 2019 مع دول مثل زامبيا وزيمبابوي والكونغو الديمقراطية وكينيا وإثيوبيا.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن الأكاديمي في جامعة جورج تاون، كين أوبالو أن "دولة الإمارات كانت دائما بين أكبر أربعة مستثمرين في القارة خلال العقد الماضي".
أرقام وتصريحات واتفاقيات تؤكد أن دولة الإمارات تستثمر في ازدهار القارة الأفريقية، من خلال مشاريع البنية التحتية الحيوية والتعاون الدبلوماسي والإنساني والتنموي، وتبادل الخبرات في مجال الطاقة المتجددة لتعزيز التنمية الاقتصادية والبشرية، وهو أمر باتت تستشعره شعوب القارة الأفريقية.
شراكات واستثمارات تعزز العلاقات التاريخية التي تربط الإمارات بالقارة الأفريقية منذ تأسيسها عام 1971.
وخلال 53 عاماً من الشراكة مع دول أفريقيا واصلت دولة الإمارات دعم الازدهار والمساهمة في الجهود المشتركة لدعم القارة الأفريقية ودولها على مواجهة التحديات المستقبلية ووضع الحلول المبتكرة لها.
دعم السلام ومكافحة الإرهاب
ومع كل استثمار إماراتي جديد في القارة الأفريقية يستذكر الأفارقة جهود دولة الإمارات المتواصلة لدعم السلام والتنمية والاستقرار في القارة.
ولا ينسى الإثيوبيون بشكل خاص نجاح وساطة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات لنزع فتيل أطول نزاع في أفريقيا بين إثيوبيا وإريتريا، في يوليو/تموز 2018، الأمر الذي أسهم في إرساء علاقات استقرار في المنطقة واحترام حسن الجوار.
وفي 9 يوليو/تموز 2018، وقّع أسياس أفورقي رئيس إريتريا وآبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا إعلانا حول السلام، ينهي رسميا عقدين من العداء بعد آخر مواجهة عسكرية عام 2000 بين الجانبين، خلفت نحو 100 ألف قتيل من الجانبين وآلاف الجرحى والأسرى والنازحين وأنفق خلالها أكثر من 6 مليارات دولار.
وتوج الاتفاق عددا من الخطوات الإيجابية بمبادرة إماراتية، لإنهاء الصراع بين إثيوبيا وإريتريا من خلال قمة ضمت الزعيمين في العاصمة أبوظبي، في خطوة شكّلت انتصارا لدبلوماسية السلام.
أيضا انتصارا للسلام ودعما لجهود مكافحة الإرهاب سطر شهداء الإمارات ملحمة فداء خالدة، دعما للأشقاء ونصرة للحق.
وقبل 3 شهور، ودعت الإمارات ومعها العالم الحر 4 من شهدائها من منتسبي القوات المسلحة صعدت أرواحهم إلى بارئها إثر تعرضهم لعمل إرهابي في الصومال 10 فبراير/شباط الماضي، أثناء أدائهم مهام عملهم في تدريب وتأهيل القوات المسلحة الصومالية، التي تندرج ضمن الاتفاقية الثنائية بين دولة الإمارات وجمهورية الصومال في إطار التعاون العسكري بين البلدين.
تضحيات لم ولن تذهب سدى، بعد أن حققت القوات المسلحة الإماراتية إنجازات لا تخفى على أحد، وأكد خبراء أن جهود الإمارات أسهمت على نحو كبير في تحقيق الجيش الصومالي انتصارات ميدانية متسارعة على حركة الشباب أغنى وأخطر التنظيمات الإرهابية في أفريقيا والمرتبطة بتنظيم "القاعدة" الإرهابي، مشددين على أن فقدان الحركة مناطق واسعة في وسط البلاد خلال العام الماضي من أبرز الدلائل على أهمية التعاون بين مقديشو والإمارات.
أيضا على صعيد جهودها لنشر السلام ومكافحة الإرهاب، وقعت الإمارات مذكرة تفاهم مع إثيوبيا للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب في أغسطس/آب الماضي، وذلك بعد نحو أسبوعين من تقديم الإمارات آليات عسكرية ومعدات أمنية إلى جمهورية تشاد، وذلك لتعزيز قدراتها في مجال مكافحة الإرهاب ودعم برامج حماية الحدود.
مساعدات إنسانية
على الصعيد الإنساني تعد دولة الإمارات من أوائل الدول في تقديم الجهود الإغاثية إلى كل الدول الأفريقية الشقيقة والصديقة، إيماناً من القيادة الرشيدة بأن العالم يجب أن يتضامن ويقف صفاً واحداً تجاه القضايا الإنسانية الملحة وأن يُسخّر كل الجهود لإغاثة المحتاجين حول العالم.
ضمن أحدث تلك الجهود، أرسلت دولة الإمارات 21 مايو/أيار الماضي، 5 طائرات تحمل على متنها 200 طن من المساعدات الإغاثية، والتي تشمل المواد الغذائية الأساسية والمستلزمات الطبية إلى كينيا، وذلك ضمن توجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بتخصيص مبلغ 15 مليون دولار لمساعدة المتضررين من الفيضانات وتداعيات الأمطار الغزيرة التي اجتاحت كينيا مؤخراً، وأدت إلى مقتل مئات الأشخاص الأبرياء ونزوح الآلاف من السكان.
عطاءٌ يأتي في إطار استراتيجية الأخوة الإنسانية التي تنتهجها الإمارات وتضع في أولوياتها "الإنسان أولاً"، دون تمييز جغرافي أو عرقي أو ديني.
ضمن تلك الاستراتيجية، سيرت دولة الإمارات على مدار الفترة الماضية جسورا إنسانية عديدة لإغاثة ضحايا الكوارث الطبيعية والمناخية التي شهدتها العديد من دول العالم خصوصا في القارة الأفريقية مثل سيشل وليبيا والمغرب والصومال وكينيا.
على صعيد قطاع الصحة، تواصل دولة الإمارات جهودها ومبادراتها متعددة الأطراف للوصول إلى عالم خال من الأمراض المدارية المهملة التي تؤثر على حياة أكثر من 1.6 مليار نسمة، حيث أطلق الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"، في عام 2017، صندوق بلوغ الميل الأخير، وهو صندوق متعدد المانحين، تصل مخصصاته إلى نحو 500 مليون دولار أمريكي لدعم جهود القضاء على اثنين من الأمراض المدارية المهملة في قارة أفريقيا.
وقدم الصندوق منذ إطلاقه أكثر من 100 مليون علاج، وساهم في تدريب 1.3 مليون عامل صحي، في إطار شراكة وثيقة مع الدول التي تتوطن فيها الأمراض.
وفي منتدى «بلوغ الميل الأخير» الذي أقيم على هامش COP28 في ديسمبر/كانون الأول الماضي، انضمت الإمارات إلى عدد من قيادات الدول الأفريقية والشركاء العالميين في التعهد بتقديم أكثر من 777 مليون دولار أمريكي لمكافحة الأمراض المدارية المهملة.
استثمارات تنموية مستدامة
وجنبا إلى جنب مع مساعداتها الإنسانية، تحرص الإمارات وقيادتها على دعم ومساندة الشعوب الأفريقية في سعيها لتحقيق النهضة الاقتصادية والاجتماعية.
وضمن تلك الجهود، أسهم صندوق أبوظبي للتنمية على مدار أربعة عقود، في تمويل مشاريع تنموية واستثمارية مستدامة في 42 دولة أفريقية بقيمة 35.3 مليار درهم، إذ يعمل الصندوق كشريك استراتيجي مع تلك الدول ويقدم لها الدعم والمساندة لتنفيذ برامجها وأهدافها التنموية.
وتضمنت مبادرات الصندوق في هذا الإطار الإسهام في تمويل مبادرة إماراتية عام 2023 بقيمة 16.5 مليار درهم (4.5 مليار دولار) للمساعدة في تحفيز قدرات أفريقيا في مجال الطاقة النظيفة، حظيت بدعم من جهات حكومية وخاصة، وتم تنفيذها بالتعاون مع "مجموعة أفريقيا 50" التي تمثل منصة استثمارية أنشأتها الحكومات الأفريقية وبنك التنمية الأفريقي؛ بهدف معالجة تحديات البنية التحتية الأساسية في القارة عبر تحديد المشروعات وربط المبادرة بالشركاء المنفذين المحليين.
وخلال قمة المناخ (COP28) التي استضافتها الإمارات ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلنت دولة الإمارات عن عدة تعهدات والتزامات تجاه أفريقيا، ومن أهمها تخصيصها 200 مليون دولار أمريكي لتعزيز القدرة على الصمود في وجه تغير المناخ في الدول المعرضة للخطر، و100 مليون دولار أمريكي من التمويل الجديد لمشاريع الطبيعة والمناخ مع استثمار أولي قدره 30 مليون دولار أمريكي في خطة "غانا المرنة" التابعة للحكومة الغانية.
استثمارات تؤكد التزام دولة الإمارات الراسخ بالعمل مع شركائها في القارة لإيجاد حلول عملية ومستدامة، لتعزيز العمل المناخي الدولي لصالح المناطق والمجتمعات المعرضة لخطر تغير المناخ، ولا سيما الجنوب العالمي.
شراكات اقتصادية
أيضا على الصعيد التنموي، نجحت الإمارات في تطوير العلاقات مع كثير من الدول الأفريقية، وأسهمت في تنمية اقتصاداتها من خلال شراكات واتفاقيات اقتصادية تحقق الأهداف المشتركة للجانبين.
وتستفيد الإمارات من مميزاتها الخاصة، حيث تتمتع بقدرات استثمارية، وموقع جغرافي استراتيجي، لتشكل ممراً للصادرات والواردات الأفريقية من وإلى مختلف دول العالم، خاصة للقارة الآسيوية، ونجحت الدولة في خلق شراكات قوية مع كثير من الدول الأفريقية في مختلف القطاعات، منها النقل الجوي، والتعدين والطاقة المتجددة.
وأنجزت الإمارات العديد من محادثات الشراكة الاقتصادية الشاملة مع 3 دول أفريقية، تمهيدا لتوقيع الاتفاقيات النهائية في وقت لاحق.
ففي 23 فبراير/شباط الماضي أنجزت دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية كينيا محادثات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بينها، بعدما توصلتا إلى البنود النهائية للاتفاقية، تمهيداً للتوقيع عليها رسمياً في وقت لاحق، ومن ثم استكمال باقي الإجراءات ذات الصلة.
وفي 22 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أنجزت دولة الإمارات وجمهورية موريشيوس بنجاح المحادثات الرامية إلى التوصل لاتفاقية شراكة اقتصادية شاملة.
وفي 28 من الشهر نفسه، أنجزت دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية الكونغو (الكونغو برازافيل)، بنجاح المحادثات الهادفة إلى التوصل إلى اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة للارتقاء بالعلاقات التجارية والاستثمارية إلى آفاق جديدة من التعاون وبناء الشراكات بين مجتمعي الأعمال وتحفيز النمو الاقتصادي المشترك.
ويعد برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة عنصراً أساسياً في خطط دولة الإمارات الرامية إلى مضاعفة تجارتها الخارجية غير النفطية من السلع إلى 4 تريليونات درهم، والصادرات السلعية إلى 800 مليار درهم بحلول عام 2031.
ويأتي إنجاز تلك الاتفاقيات تنفيذاَ للرؤية الاستشرافية للقيادة الإماراتية بشأن توسيع قاعدة شركائها التجاريين حول العالم، مع التركيز على قارة أفريقيا باعتبارها واحدة من أهم المناطق الواعدة للنمو الاقتصادي.
وكشف حميد محمد بن سالم الأمين العام لاتحاد غرف التجارة والصناعة بالإمارات عن وجود أكثر من 45 ألف شركة أفريقية بدولة الإمارات، منوها إلى اهتمام الدولة بتطوير حجم العلاقات الاقتصادية والتجارية مع البلدان الأفريقية في ظل توقعات بأن يرتفع حجم التبادل التجاري بين الإمارات وأفريقيا بنسبة 30% ليصل إلى ما يقارب 50 مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة.
وأوضح أن أنشطة قطاع الأعمال مع قارة أفريقيا شهدت نمواً ملحوظاً منوها إلى أن أكثر من 30 بعثة تجارية إماراتية زارت أفريقيا من عام 2022 حتى أغسطس/آب الماضي وتنظيم أكثر من 150 فعالية مشتركة مع أفريقيا في الجانبين ممثلة في مؤتمرات ومنتديات أعمال ولقاءات ثنائية تخص قطاع الاعمال إضافة إلى العشرات من الشركات المحلية ومنها شركة مصدر وموانئ دبي العالمية والتي تعمل في القارة بعدة قطاعات أهمها الطاقة والطاقة المتجددة، الزراعة، النقل والخدمات اللوجستية.
وأشار بن سالم إلى أن اتحاد الغرف يرتبط بأكثر من 35 مذكرة تفاهم مع الغرف والاتحادات والمنظمات الأفريقية ذات الصلة بالقطاع الخاص، فيما يوجد 10 مجالس أعمال مشتركة مع مجالس مماثلة في الدول الأفريقية، فضلاً عن مشاريع مقترحة لتأسيس 10 مجالس مع دول أفريقية أخرى.
aXA6IDE4LjIxNi41My43IA== جزيرة ام اند امز