الإمارات.. نموذج عالمي في صون التراث الثقافي والإنساني

برزت دولة الإمارات خلال السنوات الأخيرة كقوة فاعلة في حماية وصون التراث الإنساني، مؤكدة حضورها على الصعيدين الوطني والدولي كشريك موثوق لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو".
وفي مقابلة خاصة مع وكالة أنباء الإمارات "وام"، أثنت سيمونا ميرلا ميكولسكو، رئيسة المؤتمر العام لليونسكو، على الدور الريادي للإمارات، مشيدة بنجاحها في إدراج موقع "الفاية" الأثري على قائمة التراث العالمي.
واعتبرت أن هذا الإنجاز يجسّد التزاماً عميقاً بحماية الذاكرة الإنسانية، ويعكس وعياً حضارياً بقيمة التراث كجسر للحوار بين الثقافات.
وأكدت ميكولسكو أن الإمارات لا تكتفي بحماية تراثها الوطني، بل تبادر إلى صون التراث العالمي، بما في ذلك دعم مبادرات إعادة تأهيل مواقع تضررت بالنزاعات، ودمج حماية التراث مع خطط التنمية المستدامة، ما يجعلها نموذجاً عالمياً في الاستثمار الثقافي المسؤول.
وتعد تجربة الإمارات في حماية التراث العالمي نموذجاً متكاملاً يجمع بين الحداثة وصون الهوية، ويعكس سياسة تقوم على التسامح والانفتاح والتعايش، في وقت يشهد فيه العالم محاولات متكررة لطمس المعالم الثقافية والدينية.
ودعمت دولة الإمارات مبادرة "إحياء روح الموصل"، التي قادتها "اليونيسكو" لإعادة إعمار جامع النوري التاريخي ومنارته الحدباء، بعد أن دمّره تنظيم داعش الإرهابي في عام 2017.
وفي لحظة فارقة من ذاكرة الموصل، ارتفعت مجدداً المنارة الحدباء، التي شُيّدت منذ أكثر من 840 عاماً، ونجحت فرق العمل في إعادتها إلى سابق عهدها باستخدام المواد الأصلية، لتحافظ على ميلها الفريد وشكلها التاريخي، بدعم إماراتي كامل.
ولم يتوقف العطاء الإماراتي عند جامع النوري، إذ شمل أيضاً كنيستي الطاهرة والساعة التاريخيتين في الموصل، في رسالة حضارية تتحدى العنف والتطرف، وتعزز مفاهيم التنوع والتسامح.
وفي إطار دعمها المستمر للتراث العالمي، تبنت الإمارات ترميم عدد من أبرز المعالم الدينية والثقافية في العالم، من بينها قبة الصخرة في القدس التي رممها المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عام 2004، وكنيسة المهد المجاورة التي تضررت في 2002، إضافة إلى ترميم مسجد عمر بن الخطاب، الذي شُيد في بيت لحم عام 1860.
وامتد هذا الالتزام ليشمل معالم ثقافية عالمية مثل مسرح قصر فونتينبلو في فرنسا، الذي أعيد افتتاحه في 2019 بتمويل من دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، وحمل لاحقاً اسم رئيس دولة الإمارات الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.
كما ساهمت إمارة الشارقة في ترميم مكتبة ماكميلان الشهيرة في نيروبي، أحد أهم المعالم الثقافية في أفريقيا، إلى جانب تكفل شخصيات إماراتية بترميم متحف الفن الإسلامي في القاهرة عام 2014، والذي يُعد أكبر متحف إسلامي في العالم ويضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية نادرة.
وتواصل الإمارات دعمها لمشاريع إحياء التراث في المنطقة، من بينها "نُزُل السلام" في البحرين، الذي أُعيد افتتاحه عام 2019 في مدينة المحرق، كأحد مشاريع التعاون الثقافي مع مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة.
وبينما تتواصل الجهود الإماراتية بالتعاون مع اليونسكو وشركاء دوليين لإحياء معالم تاريخية جديدة، تترسخ مكانة الإمارات كحاضنة لقيم الإنسانية والسلام، ورسالة أمل في وجه كل من يحاول محو ذاكرة الشعوب.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTQ5IA== جزيرة ام اند امز