الإمارات وأمريكا.. الاقتصاد والتكنولوجيا والطاقة النظيفة تزين العلاقات
ركز البيان المشترك الذي أصدرته دولة الإمارات والولايات المتحدة بمناسبة الزيارة الرسمية التي يقوم بها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات إلى الولايات المتحدة على حجم التعاون في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والطاقة.
وأكد البيان على الشراكة الاستراتيجية الوثيقة بين البلدين, والتكامل الاقتصادي المتنامي، حيث تجاوز حجم التجارة الثنائية 40 مليار دولار سنوياً، مع تصدير الولايات المتحدة بضائع بقيمة تفوق 26 مليار دولار إلى دولة الإمارات.
ويتطلع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات وجو بايدن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية إلى تعزيز هذا التعاون لا سيما في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والطاقة النظيفة اللازمة للذكاء الاصطناعي، لقيادة التحول العالمي نحو اقتصاد عالمي أكثر استدامة وابتكارًا.
وفقا لوكالة أنباء الإمارات "وام"، رحب الرئيسان بالشراكة بين شركة مايكروسوفت ومجموعة "جي 42 الإماراتية" من خلال استثمار مايكروسوفت البالغ 1.5 مليار دولار في أبريل/نيسان 2024.. هذا الاستثمار يسرع تطوير الذكاء الاصطناعي المشترك لتوفير تقنيات الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الرقمية المتقدمة إلى دول في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأفريقيا.
التحول الرقمي
كما رحبا بالتحول الرقمي الجاري الذي تقوم به مايكروسوفت و"جي 42 " في كينيا، والذي سيعتمد على توفير 1 غيغاواط من الطاقة الحرارية الأرضية لتشغيل مراكز البيانات، مما يتيح نشر بنية تحتية سحابية وخدمات الذكاء الاصطناعي للقطاع العام والصناعات المنظمة بالإضافة إلى الشركات.
وعلاوة على ذلك، ستدعم هذه الشراكة تطوير النماذج اللغوية الكبيرة المحلية وإنشاء مختبر ابتكار في شرق أفريقيا.. كما يؤمل أن تسفر الشراكة عن تشجيع الاستثمارات في مجالات الاتصالات الدولية والمحلية والتعاون مع حكومة كينيا لتعزيز برامج التحول الرقمي عبر شرق أفريقيا.
وتمثل هذه المبادرات بداية شراكة البلدين واستثماراتهما في النشر المسؤول للتقنيات المتقدمة والطاقة النظيفة والتقنيات الرائدة التي ستكون المحرك الذي يقود عالم مترابط.
الذكاء الاصطناعي
وللارتقاء إلى مستوى هذا التحول واستغلال إمكانات التقنيات الرائدة لتحسين مستويات الرفاهية الإنسان عالميا، رحب الرئيس بايدن والشيخ محمد بن زايد آل نهيان بالمبادئ المشتركة للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي، والتي تم إقرارها اليوم من قبل مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان والشيخ طحنون بن زايد آل نهيان نائب حاكم إمارة أبوظبي مستشار الأمن الوطني.
حيث أنه من خلال تلك المبادئ المشتركة تهدف الولايات المتحدة ودولة الإمارات إلى تعزيز التعاون بشكل أكبر، وتطوير الأطر التنظيمية، وتعزيز نشر التقنيات الحساسة والناشئة بشكل آمن وموثوق، وزيادة الدعم المقدم للبحوث المشتركة بين القطاعين الخاص والعام والتبادل بين المؤسسات الأكاديمية في البلدين.
وبناءً على تعاون البلدين في مجال التكنولوجيا المتقدمة، تحتوي هذه الشراكة على ضمانات لحماية الأمن القومي لكلا البلدين وتمكين الاستثمارات الموثوقة وريادة الأعمال، وتسهيل الابتكار عبر الحدود، مع خلق فرص عمل وتيسير حماية التقنيات المتقدمة الأمريكية واحترام المبادئ الدولية وأفضل الممارسات وحقوق الإنسان.
ومضيًا نحو المستقبل، قرر الرئيسان تعزيز توسيع العلاقات بين المجتمعات العلمية والأكاديمية ودوائر البحث والتطوير.
مرونة سلاسل التوريد
ناقش الرئيسان التقدم المحرز في الجهود المبذولة لبناء عالم أكثر ترابطًا وتكاملاً من خلال الالتزام بتأمين سلاسل التوريد وضمان مرونتها عبر الشراكة من أجل البنية التحتية والاستثمار العالمي.
وناقش الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس بايدن التقدم المحرز في الممر الاقتصادي التاريخي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا الذي تم إطلاقه في قمة قادة مجموعة العشرين 2023 في نيودلهي مع قادة الهند والمملكة العربية السعودية وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي.
وأكد الرئيسان أن الممر – الذي يربط الهند بأوروبا عبر روابط بحرية وسكك حديدية من خلال الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والأردن وإسرائيل وأوروبا عبر اليونان – سيولد نموًا اقتصاديًا، ويشجع الاستثمارات الجديدة، ويزيد الكفاءة ويقلل التكاليف، ويعزز الوحدة الاقتصادية، ويوفر فرص عمل، ويقلل من انبعاثات الغازات الدفيئة، ويمكّن التكامل التحولي بين آسيا وأوروبا والشرق الأوسط.
حقبة جديدة من الاتصال الدولي
وأكد الرئيسان أن هذه الشراكة التحويلية لديها القدرة على إحداث حقبة جديدة من الاتصال الدولي لتسهيل التجارة العالمية، وتوسيع الوصول الموثوق إلى الكهرباء، وتسهيل توزيع الطاقة النظيفة، وتعزيز الاتصالات.
وشدد الرئيسان على أهمية المبادرات المشتركة لتعزيز الاقتصاد الدائري، وتقليل النفايات، وتسهيل إعادة التدوير، وتعزيز الممارسات المستدامة، مؤكدين التزامهما بالابتكار لتحقيق كفاءة الموارد والنمو المسؤول بيئيًا.
كما جدد الرئيسان التزامهما بمواصلة جهودهما مع الشركاء الدوليين والقطاع الخاص لربط القارات بالمراكز التجارية وتسهيل تطوير وتصدير الطاقة النظيفة ودعم أوجه التعاون الحالية في مجالات التجارة والتصنيع وتعزيز الأمن الغذائي وسلاسل التوريد وربط شبكات الطاقة وخطوط الاتصالات عبر الكابلات البحرية لتوسيع الوصول إلى الكهرباء، وتمكين الابتكار في تكنولوجيا الطاقة النظيفة المتقدمة، وربط المجتمعات بشبكة إنترنت آمنة ومستقرة.
الاستثمارات الاستراتيجية
كما ناقشا أهمية الجهود المستمرة للتعاون في الاستثمارات الاستراتيجية في البنية التحتية الصلبة وسلاسل توريد المعادن الحيوية في أفريقيا والأسواق الناشئة عالميًا.
تهدف هذه الاستثمارات إلى تنويع مصادر المعادن الحيوية التي تشكل مكونات أساسية للطاقة النظيفة والتكنولوجيات المتقدمة، بما في ذلك البطاريات، وتوربينات الرياح، وأشباه الموصلات، والمركبات الكهربائية.
وأشاد الرئيس بايدن بالدور الرائد للإمارات العربية المتحدة في الاستثمارات الاستراتيجية عالميًا لضمان الوصول الموثوق إلى البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك الموانئ والمناجم ومراكز اللوجستيات، من خلال جهاز أبوظبي للاستثمار، وشركة أبوظبي القابضة، وموانئ أبوظبي، وشركة "دي بي وورلد".
وتعهد الرئيسان بالبقاء على تواصل وثيق بشأن فرص الاستثمار المستقبلية والحفاظ على التعاون في الاستثمارات الاستراتيجية.
اتفاقية 123
وأشار الرئيسان إلى أن اتفاقية 123 بين الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة، التي توفر إطارًا شاملاً للتعاون النووي السلمي بناءً على التزام متبادل بعدم انتشار الأسلحة النووية، تعتبر "المعيار الذهبي" لتأمين ودفع الجيل القادم من التقنيات.
التحول إلى الطاقة النظيفة
أكد الرئيسان أهمية القيادة الأمريكية الإماراتية في مؤتمر الأطراف COP28 الذي حشد قادة العالم لاتخاذ إجراءات حيال أزمة المناخ. وقدم الرئيس بايدن شكره للشيخ محمد بن زايد آل نهيان على التزامه الاستثنائي الذي كان محوريًا في النتائج الرائدة التي تحققت في مؤتمر الأطراف في دبي، ما أسفر عن التوصل إلى اتفاق الإمارات.
يدرك الرئيسان أن هذه اللحظة تمثل فرصة فريدة لخلق وظائف مستدامة في مجال الطاقة النظيفة، وإحياء المجتمعات، وتحسين جودة الحياة، وتزويد البنية التحتية الرقمية بالطاقة المتجددة في كلا البلدين وعلى مستوى العالم.
وفي هذا السياق، أكد الرئيسان التزامهما المشترك بحماية كوكب الأرض وضمان مستقبل مستدام للبشرية من خلال القيادة الموحدة عبر منصات مختلفة، بما في ذلك مؤتمر الأطراف 29 وما بعده، مما سيسهم في تعزيز العمل المناخي وتقوية الشراكات العالمية.
المبادرات الخلاقة
وأعرب الرئيسان عن عزمهما الاستفادة من المبادرات الخلاقة بما في ذلك شراكة تسريع الطاقة النظيفة ومبادرة الابتكار الزراعي للمناخ ، وائتلاف الرواد الأوائل، ومنتدى المنتجين لتحقيق صافي الانبعاثات الصفري، والتحالف العالمي للميثان، وتحدي إدارة الكربون، وميثاق إزالة الكربون من النفط والغاز ومسرعا التحول الصناعي والتحالف العالمي للوقود الحيوي، وصندوق الثقة العالمي لتقليل حرق الغاز والميثان؛ وتشجيع الشراكات التجارية لإزالة الكربون من أنظمة الطاقة، وتقليل الانبعاثات سعياً نحو الاقتصاد الصافٍي الصفري، وتحقيق الازدهار للأجيال القادمة.
وجدد الرئيسان التزامهما بالتعاون الوثيق في مجال الاستدامة والمرونة المناخية، مؤكدين التزامهما المشترك بتطوير حلول مبتكرة لمواجهة التحديات العالمية المتزايدة.
وشددا على أهمية تعزيز الابتكارات الزراعية والتقنيات الزراعية العمودية ركائز أساسية لضمان الأمن الغذائي للأجيال القادمة وأكدا استمرارية التعاون في المبادرات الإنسانية الهادفة إلى معالجة أزمة انعدام الأمن الغذائي في المناطق الهشة، من خلال تعزيز التنمية الزراعية وبناء القدرات المحلية.
وفي إطار الاعتراف بالتأثير المتزايد لتغير المناخ على الصحة العامة، أكد الرئيسان ضرورة إدراج تعزيز مرونة قطاع الصحة ضمن الاستراتيجيات الشاملة للعمل المناخي.
المياه النظيفة
وهنأ الرئيس بايدن دولة الإمارات العربية المتحدة بنجاحاتها العديدة خلال عامي الاستدامة (2023-2024)، بما في ذلك الإعلان الأخير عن استضافة مؤتمر الأمم المتحدة المقبل للمياه في عام 2026 بالتعاون مع السنغال.. مشيرا إلى الأهمية البالغة للمياه النظيفة القابلة للوصول وبأسعار معقولة للجميع وأهمية ذلك في مختلف القطاعات في التحول إلى الطاقة النظيفة، ومعالجة تغير المناخ، وأجندة التنمية المستدامة.
تسريع الطاقة النظيفة
وفي إطار مبادرة الشراكة الأمريكية الإماراتية لتسريع الطاقة النظيفة ، تعلن الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة عن عدة مبادرات جديدة لمواصلة جهود الدولتين لضمان الانتقال السريع والسلس نحو الطاقة النظيفة.
تظل الولايات المتحدة والإمارات ملتزمتين بالاستثمار معًا في أفريقيا والعمل على إنهاء فقر الطاقة في جميع أنحاء إفريقيا جنوب الصحراء واليوم، تنضم شركتا "أفيري فاينانس" و"إيه إم إي إيه باور" اللتان تتخذان من الإمارات مقرا لهما ويعملان في القطاع الخاص إلى الشراكة القائمة مع "فينس" في مبادرة "باور أفريقيا" الأمريكية.
وبصفتهما شريكين استراتيجيين من القطاع الخاص، ستحظى هذه الشركات بدعم متكامل من خبراء ماليين وفنيين، بالإضافة إلى خدمات حكومية أمريكية متخصصة، بهدف تعزيز مساهمتها في تطوير قطاع الطاقة في أفريقيا.
مبادرة "باور أفريقيا"
ولتعزيز مبادرة "باور أفريقيا"، تستثمر "أفيري فاينانس" 5 مليارات دولار لتوليد 3 غيغاواط من الطاقة النظيفة، وبناء 3000 كيلومتر من شبكات الكهرباء، وتوصيل 500 ألف منزل وشركة ، وتقليل انبعاثات الكربون بمقدار 90 مليون طن.
وقد انضمت "إيه إم إي إيه باور" إلى مبادرة باور أفريقيا، مستهدفة 5 غيغاواط من الطاقة المتجددة بحلول 2030 باستثمارات 5 مليارات دولار.
بالإضافة إلى ذلك، وفي إطار مبادرة الشراكة الأمريكية الإماراتية لتسريع الطاقة النظيفة، أعلنت "أدنوك" عن استحواذها على حصة بنسبة 35% في منشأة إنتاج الهيدروجين والأمونيا منخفضة الكربون المقترحة من قبل "إكسون موبيل" في مدينة بايتاون، تكساس.
تهدف هذه المنشأة إلى إنتاج حوالي 900000 طن من الأمونيا منخفضة الكربون سنويا، مما يسهم في الانتقال إلى الوقود الأنظف في القطاعات التي يصعب الحد من انبعاثاتها.
تقنية الاندماج النووي التجاري
كما استثمرت شركة "بلينث إنرجي"، وهي صندوق حكومي في أبوظبي يركز على تكنولوجيا الاندماج وسلاسل التوريد، في شركة "زاب إنرجي" الأمريكية، التي تخطط لبناء طاقة اندماجية نووية تجارية قابلة للتطوير.
سيساعد هذا الاستثمار في تمويل تطوير تقنية الاندماج النووي التجاري ذات الصيغة الصغيرة التي تطورها "زاب إنرجي".
وتشارك "زاب إنرجي" في برنامج تطوير الاندماج القائم على الإنجازات الذي تديره وزارة الطاقة الأمريكية، وستتلقى تمويلاً من وزارة الطاقة بناءً على تحقيق مراحل تطوير لدعم تصميم محطة طاقة اندماجية.
وأخيراً، وانسجاماً مع التزام الدولتين بالتعهد العالمي بشأن الميثان، والذي يضم أكثر من 155 دولة، تسعى الولايات المتحدة والإمارات بشكل متسارع إلى خفض انبعاثات الميثان على أراضيهما كما تتعاونان على دعم جهود الدول الأخرى في هذا الصدد، من خلال تعزيز المشاريع المتعلقة بخفض الميثان، وتطوير معايير ولوائح صارمة، ومعالجة الانبعاثات المفاجئة الكبيرة للميثان، وتوفير التمويل اللازم لدعم هذه الجهود وتهدف الدولتان إلى حث باقي الدول على الانضمام إليهما في هذا المسعى العالمي.
aXA6IDMuMTM1LjIwNi4yMTIg جزيرة ام اند امز