الدبلوماسية الإماراتية.. قرقاش يكشف توليفة النجاح
دبلوماسية إماراتية ناجعة ترتكز على أسس متينة تنبض على إيقاع تجربة ناجحة يرتد صداها إلى ما وراء الحدود لتفصح عن توليفة استثنائية للسياسة الخارجية.
فمن "استقرار سياسي، مرورًا باحترام للاقتصاد الحر، إلى الانفتاح الاجتماعي، والنظام القضائي الموثوق فيه"، عناصر تجربة دولة الإمارات، التي رسمت نجاحها طيلة الفترة الماضية.
تلك التجربة تحدث عنها أنور بن محمد قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات في كلمة بجلسة "المنطقة العربية: السيناريو والمستقبل" بمنتدى الإعلام العربي، قائلا إنه ليس هناك حل سحري، لكنها "مسألة مؤسسات وممارسات".
سياسة الإمارات الخارجية
وحول السياسة الخارجية الإماراتية، قال قرقاش، إن هناك 3 عناوين أساسية تحكم السياسة الخارجية الإماراتية؛ الأولى
أن السياسة الخارجية لدولة الإمارات تعنى باستقرار دولة الإمارات واستقرار المنطقة، وهذا جزء أساسي وطبيعي وأصيل في السياسة الخارجية الإماراتية.
وأوضح المستشار السياسي لرئيس دولة الإمارات، أن الاستقرار معناه:
- تعزيز التنافس الموجود في المنطقة
- تعزيز التعاون في المنطقة
- تعزيز النقاط المشتركة والبناء عليها
- تقليص الجوانب الخلافية، لأن التركيز على الجوانب الخلافية يجعل الجميع يدفع ثمنا غاليا.
أما العنوان الثاني، فيتمثل في أن السياسة الخارجية الإماراتية تعطي مساحة للوضع الجيواقتصادي أكثر من الجيوسياسي، ما يعني التركيز على الازدهار ، يقول قرقاش، مشيرًا إلى أنه إذا كانت النقطة الأولى تعني الاستقرار فإن الثانية تعني الازدهار.
وأشار إلى أن دولة الامارات تسعى لتعزيز تنافسيتها الاقتصادية، وكان نتاج ذلك أنها كسرت حاجز النصف تريليون دولار للناتج المحلي، ما يعني أيضا تعزيز وتحرير الجوانب الاجتماعية كوعاء للتنمية الاقتصادية.
ويقول المستشار السياسي لرئيس دولة الإمارات، إن بلاده لعبت دورا رئيسيا في بلورة فكرة الممر الاقتصادي الدولي، فهو ليس الممر الوحيد في جعبة الإمارات، مشيرًا إلى أن دولة الإمارات لديها طموح بممرات اقتصادية أخرى متعددة، فالحمض النووي للإمارات يرعى اهتماما كبيرة بالمسائل المتعلقة باللوجستيات.
وأكد قرقاش، أن دولة الإمارات تدرك أن الإعداد للتنمية الاقتصادية يحتاج إلى مسارات مختلفة؛ أبرزها التكنولوجيا والمياه والطاقة المتجددة والذكاء الاصطناعي.
قيم واضحة
أما العنوان الثالث لسياسة الإمارات الخارجية، فيتمثل في القيم، "فلدينا قيم واضحة وشفافة، وإلى جانب ما يميزنا من قيم الانتماء للإسلام والقيم العربية الأصيلة، فإن دولة الإمارات لديها قيمها الواضحة مثل تمكين المرأة، ولدينا ممارسات قائمة على التسامح واحترام التنوع، وهذا جزء رئيس إلى جانب دعم حقوق الإنسان"، يقول قرقاش، مضيفًا: "نحن نعرف جيدا كيف نرى أنفسنا وكيف نرى العالم، ولن ندع للحسابات السياسة الصغيرة تتحكم في سياستنا الكبيرة كدولة".
وبحسب المستشار السياسي لرئيس دولة الإمارات، فإن كل الدول لها مصالح وليست على نفس الصفحة، مشيرًا إلى أن دولة الإمارات المحرك الأول في المنطقة.
ورغم ذلك إلا أن سياسة دولة الإمارات لا تتحرك من دون شركاء، يقول قرقاش، مضيفًا: "لسنا دولة ضخمة لكن لدينا القدرة والإبداع والمبادرة، ونبحث عن الشركاء".
وأضاف مستشار رئيس دولة الإمارات: نحن نرجو أن يكون هذا الازدهار الذي أمامنا أن يكون مشتركًا، وترجمة ذلك إلى واقع ومشاريع مشتركة أو ممرات اقتصادية، إلا أن هذا لا يعني أن الوضع الجيوسياسي انتهى، لكن نحن في منطقة مُتخمة بصراعات قديمة بعضها له عشرات السنوات ولم يحل، لذلك من الضروري أن نبحث عن المشترك.
الهجوم الحوثي
وفيما يتعلق بالحادث الأخير لقوات البحرين على حدود السعودية الجنوبية، قال المستشار السياسي لرئيس دولة الإمارات، إن "الاستهداف الغادر هو استهداف لأبنائنا"، مضيفًا: "هذا الحادث مفاجئ وكل المؤشرات تؤكد ذلك، لكن لا أستطيع الحكم على ماذا حدث وكيف صار".
وأضاف: كل المؤشرات كانت تقول إن هناك نوعا من التفاهمات تؤدي إلى وقف لإطلاق النار في اليمن، إلا أن هناك بعض الأطراف في المعسكر الحوثي لا تريد للحرب في اليمن أن تنتهي.
سياسة إيران الخارجية
"لكن فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الإيرانية فلا أعتقد انها تغيرت كثيرا، لكننا في المقابل نبحث عن المشترك حتى ولو كان أقل"، يقول قرقاش، مشيرًا إلى أن استجابة إيران بطيئة ربما بسبب السياسات المرتبطة بالوضع الداخلي".
وأكد أن العالم تغير؛ فالجميع بات يركض خلف المستقبل وخلف التكنولوجيا المتحددة، "ونحن لدينا قدرتنا الردعية، ونركز على الثلاثة جوانب التي ذكرتها، وهي: الاستقرار والازدهار والقيم في سياستنا الخارجية".
الأزمة السورية
وحول عودة سوريا إلى الجامعة العربية، قال قرقاش، إن القرار الاستراتيجي العربي بعودة سوريا هو قرار صائب، مشيرًا إلى أن الإمارات كان لها باع كبير في إعادة سوريا إلى الحاضنة العربية.
وأوضح المستشار السياسي لرئيس دولة الإمارات، أن إعادة سوريا هي بداية إعادة الدور العربي إلى سوريا، مشيرًا إلى أنه بينما القرار السوري يحتاج إلى دعم من القرار العربي، إلا أنه في المقابل يجب أن نرى توجها من سوريا لمعالجة مثل هذه القضايا وهذا لن يكون إلا بدور وقرار عربي.
واستدرك: لابد أن أميز بين أمرين؛ الأول غياب سوريا، والثاني غياب الدور العربي عن سوريا، مشيرًا إلى أن عودة الدور العربي إلى سوريا لن تكون بلمسة سحرية أو مفاجئة، ولن يكون فاعلا على نحو مفاجئ، بل يحتاج إلى وقت.
"فما زال لدينا قلق خاصة بموضوع الكبتاغون والوضع فيما يتعلق بلبنان والأردن وعودة اللاجئين"، يقول المستشار السياسي لرئيس دولة الإمارات.
التحول السياسي
يقول قرقاش، إن العالم يسير بسرعات مختلفة؛ فالدول العربية مختلفة السرعات، مضيفًا: بينما كان السودان يستعيد عافيته دخل في مواجهة تقوض كل أمل في التحول السياسي.
وتابع: نحن لا نعطي دروسا لدول أقدم منا في المنطقة لكن نقول لهم: انظروا إلى تجربتنا هذه واستفيدوا منها، وتجربتنا تقول إنه:
- لابد من الاستقرار السياسي
- لابد من دعم للاقتصاد الحر
- لابد من انفتاح سياسي، مثل تمكين المرأة
لابد من نظام قضائي، فنظامنا القضائي يدير الأمور الشخصية والاقتصادية لأكثر من 200 جنسية في دولة الإمارات والجميع يثق في هذا النظام القضائي.
الوضع العربي؟
وحول أزمات العالم العربي، يقول قرقاش، إنه بالتأكيد ليست هناك حلول سحرية لكثير من الإشكاليات في الوطن العربي، لكن نقول من خلال تجربتنا ، إن الحلول يجب أن ترتكز على المؤسسات الرصينة والممارسات العملية المحكمة.
وتابع: للأسف.. العالم العربي يسير بسرعتين الأولى 10 كليو متر والثانية 100 كيلو متر، مؤكدًا ضرورة إيجاد صيغ للتعاون العربية جديدة بعيدة عن القديمة.
وأشار إلى أن دولة الإمارات لا تتحرك في أي ملف بنفسها "وفي بالنا دائما أن سياستنا العربية تقول إن "هناك عمودين عربيين أساسيين هما العمود المصري والعمود السعودي، ما يعني أن كل نجاح لمصر هو نحاج للعرب يجب البناء عليه وهو يحتاج إلى شراكات".
المستشار السياسي لرئيس دولة الإمارات، أضاف: نحن كدولة الإمارات العربية المتحدة قد نكون مبادرين وهذا لا يعني أننا نتقدم بعمل بدون الدورين السعودي والمصري، لكن يجب أن نعيد مفهوم التعاون العربي بعيدا عن الصيغ الأيديولوجية السابقة.
الحرب الأوكرانية
أما عن الحرب الأوكرانية والدور الإماراتي، فأكد قرقاش، أن رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، "يقول ما في عدد محدد أو سقف لبناء جسور التعاون والصادقات الإماراتية مع الدول الأخرى".
وشدد على ضرورة أن تكون العلاقات متينة مع الكل، فالعلاقات مع أمريكا وأوروبا تتعزز من الناحية الاستثمارية ومن ناحية اهتمامنا بالعلوم الحديثة، ولنا أيضا مصالح في الشرق ومصالح قوية في الهند والصين وإندونيسيا، لكننا نقول إن العلاقات لابد أن تكون سياسية أقل اقتصادية أكثر.
أمريكا؟
وأشار إلى أنه جرى تجاوز الحديث عن الفتور في العلاقات مع أمريكا "لأننا أصبحنا مهمين لحلفائنا، وأصبحنا جسورًا للتعاون والبناء وليس مجرد عدد"، مضيفًا: "لدينا مقعد بناء دولي ونلعب دورنا بدون هواجس عظمة، نحن باختصار نريد أن نكون شركاء ومبادرين.
وتابع: تحدثنا كثيرا عن الضمانات الأمريكية لأمن دولة الإمارات والمنطقة، والتي كانت في أغلبها شفاهية، نريد لهذه الضمانات أن تتحول إلى نصوص ملزمة لأنه بناء علي ذلك تبنى الخطط، وهذا ليس مفيدا لنا فقط كشركاء فقط، لكنه مفيد لمصالح أمريكا كذلك.
كوب 28
وبحسب قرقاش، فإن كوب 28 هو أحد أهم المؤتمرات الدولية التي تقام في دولة الإمارات والتي تستضيف وتجمع جميع الأطراف لمناقشة واحدة من أهم وأخطر التحديات التي تواجه العالم كله.
وأشار إلى دولة الإمارات إلى جانب التنظيم، تعد واحدة من أوائل الدول التي نظرت باهتمام إلى التغير المناخي ومعالجته، واهتمت بالطاقة المتجددة "فلدينا خبرة أكثر من 16 عاما من العمل والمبادرات في هذا الملف.
وتابع: نحن سنجمع جميع الأطراف على طاولة المفاوضات في كوب 28، وإلى جانب ذلك فنحن أكثر تمرسا في مجال الطاقة المتجددة وريادة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في العالم.
وبحسب المستشار السياسي لرئيس دولة الإمارات، فإنه "على الطاولة لدينا استكمال ملف كوب شرم الشيخ وملف التمويل،
وهناك أيضا جوانب مراجعة اتفاق باريس وما تم الاتفاق عليه في المؤتمرات السابقة، لكن النجاح في كل هذه الملفات يحتاج إلى جميع الشركاء الأخرين في كوب ونحن سنأتي ونجمعهم".
واختتم تصريحه بقوله: "باختصار كوب 28 سيكون خطوة عالمية ناجحة مع أحد أهم التحديات الوجودية وسيكون لدولة الإمارات بصمة واضحة فيه".
aXA6IDE4LjE5MC4xNTMuNzcg جزيرة ام اند امز