تصعد الإمارات سلم التنافسية العالمية، وتواصل نهجها القائم على استشراف المستقبل وصناعة الغد برؤية استباقية، وتسخّر من أجل ذلك كافة إمكاناتها البشرية والاقتصادية وثقلها السياسي العالمي، وعلاقاتها المميزة مع جميع أقطاب الأرض مواقع صنع القرار والدول العظمى.
وتوظف دولة الإمارات سياساتها وبرامجها التطويرية من خلال تعزيز شراكاتها واستثمار هذه الشراكات من أجل رسم وتدعيم أركان الحاضر ورسم ملامح المستقبل، حيث استثمرت دولة الإمارات زيارة الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) لتوقيع اتفاقية استراتيجية ترسخ مكانتها في مجال الذكاء الاصطناعي، كونها الآن تتربع على المركز الثالث عالمياً بعد الولايات المتحدة والصين وتتطلع إلى تجاوز هذا المركز نحو الريادة الذكية عالمياً.
إن ظهور مفاهيم جديدة للنهضة الشاملة فرض نمطاً تطورياً جديداً قائماً على ركائز الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة الفائقة الإمكانيات والطاقة والقوة الدفاعية الرادعة، وهي العناصر الأساسية التي بلورت زيارة الرئيس الأمريكي لدولة الإمارات، واستطاعت من خلالها الإمارات أن تعزز من علاقاتها وشراكاتها مع الولايات المتحدة من خلال اتفاقيات تتضمن هذه المحاور الاستراتيجية الأساسية، والتي يقوم عليها الفكر والنهج التطويري لحكومة دولة الإمارات.
إن اتجاه دولة الإمارات لضخ 1,4 تريليون دولار واستثمارها في دعم خطط التطوير في مجال الذكاء الاصطناعي بالشراكة مع الولايات المتحدة الرائدة في هذا المجال خلال العشر السنوات المقبلة يؤهلها لأن تصبح قوة ضاربة، ومرجعاً عالمياً في مجال الذكاء الصناعي وكل الصناعات المرتبطة بهذا المجال شاملة، تعزيز القدرة على تحويل دولة الإمارات إلى بلد مصنع لأشباه الموصلات واستثمار الطاقة المتجددة وصناعة شرائح الذكاء الاصطناعي، الأمر الذي يحولها وفقاً لهذا النهج إلى مركز عالمي لتكنولوجيا المستقبل وصناعة الغد.
وتجسد ذلك في الإعلان عن الشراكة بين شركات أمريكية متخصصة بالذكاء الاصطناعي وبين شركة (G42) الإماراتية، حيث تستهدف هذه الشراكة بناء مراكز بيانات ضخمة في أبوظبي بهدف تعزيز البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في الإمارات وعلى المستوى الإقليمي والعالمي.
لقد أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة في العام 2017 استراتيجيتها للذكاء الاصطناعي مستهدفة تحقيق أهداف مئوية الإمارات 2071، وتسريع تنفيذ البرامج التنموية والتطويرية وصولاً إلى المستقبل المنشود، من خلال الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في العديد من المحاور، مثل الخدمات وتحليل البيانات بنسبة تصل إلى 100% حتى العام 2031، وكذلك العمل من أجل تحسين الأداء الحكومي وتقصير رحلة المتعامل والتشجيع على خلق البيئات الإبداعية والابتكارية، لتصل إلى الرقم واحد على المستوى العالمي وخصوصاً في مجالات توظيف الذكاء الاصطناعي في صناعة المستقبل.
إن المستهدفات العامة والأساسية من الاستراتيجية الإماراتية في الذكاء الاصطناعي تؤسس قاعدة صلبة، تؤهل دولة الإمارات لتتصدر قريباً قائمة دولة العالم في مجالات توظيف الذكاء الاصطناعي، والتي تستهدف إيجاد سوق جديدة تدعم اقتصاد المنطقة وترفع من معدلات الإنتاجية، وتدعم المبادرات الهادفة إلى ترقية الإنتاجية وتعزيز متطلبات البحث والتطوير في كافة المجالات، بجانب استثمار أحدث ما توصلت إليه تقنيات الذكاء الاصطناعي وإدخالها عنصراً أساسياً في جميع الخدمات والمجالات التي تساهم في تحسين جودة حياة المجتمع .
إن البعد الاستراتيجي العميق الكامن في استراتيجية دولة الإمارات في مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعي يرتكز على اتساع خارطة القطاعات الحيوية التي توليها الاستراتيجية عناية كبيرة، متمثلة بقطاعات النقل والصحة والفضاء والطاقة المتجددة والمياه والتعليم والبيئة والمرور، الأمر الذي يعزز من ريادة دولة الإمارات ويمنحها القدرة على القفز فوق المراحل، وصولاً إلى مسابقة المستقبل واستشرافه، وهذا هو نهج دولة الإمارات دائماً سباقة على مضمار التحضر والتمكين والريادة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة