الإمارات تترأس مجلس الأمن مجددا.. تعزيز التعاون والسلام والتنمية
تبدأ، اليوم الخميس، رئاسة الإمارات لمجلس الأمن الدولي لشهر يونيو/حزيران الجاري للمرة الثانية منذ مارس/آذار 2022، في وقت تواصل فيه جهودها لتعزيز التعاون والسلام والتنمية.
جهود تجسّد أهدافا سامية وضعتها القيادة الإماراتية ضمن خارطة طريق لتعزيز دور الإمارات المستدام من أجل ترسيخ السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.
جهود تتواصل لترك بصمة إماراتية-عربية بارزة في إحدى أهم مؤسسات العمل الجماعي الدولي، في مرحلة من أصعب المراحل التي مرت بها البشرية عبر تاريخها، كما أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات في كلمة له بمناسبة اليوم الوطني للدولة الـ51 مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وأبرز الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في كلمته، جهود الإمارات الرائدة في المجلس وخططها بها خلال عضويتها به لعامي 2022 و2023.
وقال في هذا الصدد: "منذ تسلمت الإمارات موقعها في مجلس الأمن الدولي بداية 2022 جسدت الدولة، بمواقفها ومبادراتها، تطلعات الشعوب في العالم كله نحو التعاون والسلام والتنمية".
وأردف: "ستواصل الإمارات دورها الإيجابي خلال الفترة المتبقية في عضوية المجلس حتى تترك بصمة إماراتية-عربية بارزة في إحدى أهم مؤسسات العمل الجماعي الدولي في مرحلة من أصعب المراحل التي مرت بها البشرية عبر تاريخها".
وبين أن الإمارات ستواصل دورها المستدام من أجل ترسيخ السلام والاستقرار في المنطقة والعالم، والعمل على حل النزاعات والصراعات، أياً كان نوعها ومكانها ودرجة تعقيدها، من خلال السبل الدبلوماسية، والتحرك في كل اتجاه لتعزيز فرص التفاهم والحوار على الساحتين الإقليمية والدولية، والدعوة إلى التسامح والاعتدال ونبذ التطرف والتعصب.
تعزيز التسامح والسلم
وتبدأ، اليوم، رئاسة الإمارات لمجلس الأمن الدولي، الذي يعتبر أعلى هيئة دولية معنية بصون الأمن والسلم الدوليين، لشهر يونيو/حزيران، وذلك للمرة الثانية بعد أن ترأسته شهر مارس/آذار من العام الماضي.
ومع استمرار عضويتها في المجلس تواصل الإمارات جهودها كشريك بنّاء في المجتمع الدولي للتعامل مع التحديات الراهنة مثل الحفاظ على السلام، وتعزيز التسامح، والتغير المناخي، وإعطاء الأولوية للإغاثة الإنسانية، ولمعالجة الأزمات الصحية العالمية، والابتكار في التنمية.
وقبيل تسلم الإمارات رئاسة مجلس الأمن الدولي نشط وفد الإمارات في الأمم المتحدة بإجراء لقاءات واجتماعات، تعزز فرص نجاح دولة الإمارات في تحقيق أهدافها خلال ترؤسها مجلس الأمن الدولي.
وضمن تلك الجهود قام وفد دولة الإمارات في الأمم المتحدة، الثلاثاء، بمراجعة جدول الأعمال المقترح لشهر يونيو/حزيران مع تشابا كروشي، رئيس الدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وتطرقت مباحثات وفد الإمارات الذي تترأس بلاده مؤتمر الأطراف بدورته الثامنة والعشرين COP28 في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في مدينة إكسبو دبي، وهي القمة المعنية بمكافحة تغير المناخ، الذي يعد أكبر تحدٍّ يواجه البشرية، خلال اللقاء إلى الحديث عن التخطيط لقمة أهداف التنمية المستدامة في سبتمبر/أيلول القادم لضمان الترابط بين كلا الاجتماعين.
وشدد الوفد على أن ضمان التنسيق بين مجلس الأمن والجمعية العامة أمر بالغ الأهمية لإحداث تغيير فعال.
أيضا التقت أميرة الحفيتي، نائبة المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، مع مارثا بوبي، مساعدة الأمين العام لشؤون أفريقيا، وأطلعتها على برنامج العمل المقترح، بما تتضمنه من أحداث مميزة تخطط لرئيس مجلس الأمن في شهر يونيو/حزيران.
وأكدت الإمارات التزامها بتعزيز التعاون مع شركائها في الأمم المتحدة، لا سيما بشأن الملفات الأفريقية المدرجة على جدول أعمال المجلس.
ويعقد مجلس الأمن جلسة الخميس، حيث يستعرض خلالها خطة العمل المقترحة للمجلس خلال شهر يونيو/حزيران.
وقالت مصادر في الأمم المتحدة إن مجلس الأمن سيواصل دراسة ومناقشة مشروع قرار دولي حول "التسامح والسلم العالمي الأمن" مقدم برعاية إماراتية وبريطانية مشتركة.
وكانت وزارة الخارجية الإماراتية قد نظمت 24 مايو/أيار الجاري حلقة نقاشية بعنوان "الفرص والتحديات في مجلس الأمن"، جمعت سفراء الدول غير دائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لدى دولة الإمارات وهي جمهورية ألبانيا، البرازيل الاتحادية، جمهورية الغابون، جمهورية غانا، اليابان، جمهورية مالطا، جمهورية موزمبيق والاتحاد السويسري.
تم خلال الحلقة النقاشية استعراض أولويات رئاسة دولة الإمارات لمجلس الأمن خلال شهر يونيو/حزيران المقبل وبحث سبل تعزيز التعاون المشترك بين الدول غير دائمة العضوية في المجلس، ومناقشة التجارب والفرص والتحديات خلال العضوية غير الدائمة في المجلس، إلى جانب مناقشة المواضيع ذات الاهتمام وبحث تبني مبادرات مشتركة بين هذه الدول.
مسيرة حافلة
ومع مطلع عام 2022، بدأت عضوية دولة الإمارات في مجلس الأمن الدولي بعد انتخابها من قبل أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة في 11 يونيو/حزيران من عام 2021 لعضوية مجلس الأمن للفترة 2022-2023، في خطوة تعكس المكانة المميزة لدبلوماسية قائمة على نشر السلام والمحبة بين جميع شعوب الأرض، والتقدير الدولي لها.
استهلت دولة الإمارات عضويتها بالإعلان عن أهداف محددة والتزامات واضحة تسعى لتحقيقها، وهي: تعزيز الشمولية وبناء القدرة على الصمود وتحفيز الابتكار وتأمين السلام.
وقالت لانا زكي نسيبة، مساعدة وزير الخارجية والتعاون الدولي للشؤون السياسية، المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة عند تسلم العضوية بمجلس الأمن: "سيعكس عملنا في مجلس الأمن ما نمثله كدولة وشعب من تسامح وشمولية وإيمان بأننا أقوى باتحادنا".
وأضافت: "سنسعى خلال عضويتنا في مجلس الأمن إلى تقريب وجهات النظر، وأن يكون للمجلس صوت موحد لتلقي قراراته أكبر قدر ممكن من الدعم.. ونتطلع إلى العمل مع زملائنا في المجلس وفي الأمم المتحدة ككل، من أجل بناء الجسور، وتعزيز العمل متعدد الأطراف وتنفيذ ولاية المجلس".
إنجازات بارزة
ومضت الإمارات بالفعل لتحقيق تلك الأهداف والالتزامات، فمع وجودها بمجلس الأمن الدولي على مدار الـ17 شهرا الماضية، حققت إنجازات بارزة، سواء كرئيس لمجلس الأمن الدولي أو عضو غير دائم به.
وسجلت من خلال رئاستها وعضويتها بالمجلس مواقف ورسائل مهمة مساندة للقضايا العربية والدولية العادلة، تستهدف في مجملها تعزيز وتأمين السلام الإقليمي وصون السلم والأمن الدوليين الذي يعد نهجاً متأصلاً في سياسة دولة الإمارات منذ قيام الاتحاد.
ومنحت الأولوية في عملها لأجندة المرأة والسلام والأمن العالمي، والأمن المناخي، والتعاون بين المجلس وجامعة الدول العربية، بالإضافة إلى معالجة التطورات الأخيرة بشأن القضايا الأمنية في جميع أنحاء العالم.
واعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة برئاسة دولة الإمارات العربية المتحدة خلال شهر مارس/آذار من العام الماضي، 4 قرارات وأصدر 6 بيانات، منها بيانان رئاسيان و4 بيانات صحفية.
وبصفتها الرئاسية لمجلس الأمن عقدت دولة الإمارات 3 اجتماعات رئيسية في شهر مارس/آذار 2022، تناولت الإدماج الاقتصادي للمرأة، والتمويل المناخي لصون السلم والأمن الدوليين، والتعاون بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية.
كما ألقت دولة الإمارات كعضو غير دائم في مجلس الأمن نحو 20 بيانا خلال مشاركتها في جلسات وأنشطة المجلس على مدار شهر مارس/آذار من العام الماضي تضمنت مواقفها من قضايا عدة على رأسها الأزمة الأوكرانية والقضية الفلسطينية والأوضاع في اليمن وسوريا وجنوب السودان وأفغانستان والصومال والعديد من المناطق حول العالم.
وترأست دولة الإمارات اجتماعات مجلس الأمن الدولي على مدار شهر مارس/آذار قادت خلاله المجلس -بالتعاون مع الأعضاء الآخرين- لتطوير استجابات للتحديات الأمنية العالمية الملحة، وعلى رأسها الأزمة الأوكرانية، وسجلت العديد من المواقف والرسائل الهامة.
وعملت دولة الإمارات بكل طاقاتها لخفض التصعيد والتوتر جراء الوضع في أوكرانيا، والعودة إلى الحوار والمفاوضات وإعطاء الأولوية لحماية المدنيين، واحترام جميع الأطراف للقانون الإنساني الدولي.
وعقدت جلسات بالمجلس لبحث التطورات بشأن أوكرانيا أيام 4 و7 و18 و30 مارس/آذار، دعت خلالها دولة الإمارات المجتمع الدولي لبذل قصارى الجهود لتخفيف تداعيات الأزمة الإنسانية هناك.
ودعت إلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية للمُحتاجين دون تقييد ذلك بأي اتفاقات لوقف إطلاق النار، فضلاً عن ضمان سلامة العاملين في المنظمات الإنسانية.
ودعت إلى ضبط النفس والتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في كافة أنحاء أوكرانيا، إلى جانب تفعيل القنوات الدبلوماسية لإنهاء النزاع بشكلٍ مستدام.
ومن منطلق التزامها بالتعددية اللغوية، نشرت دولة الإمارات على الموقع الإلكتروني لبعثة الدولة لدى الأمم المتحدة، جدول أعمال مجلس الأمن باللغتين الإنجليزية والعربية، لتكون بذلك المرة الأولى التي يتم فيها إعداد الجدول باللغة العربية، في تاريخ الأمم المتحدة البالغ 76 عاماً.
مواقف ورسائل
تلك الجهود، واصلت الإمارات القيام بها أيضا خلال عضويتها في مجلس الأمن على مدار الفترة الماضية.
وسجلت الإمارات مواقف ورسائل مهمة مساندة للقضايا العربية والدولية العادلة، تستهدف في مجملها تعزيز وتأمين السلام الإقليمي وصون السلم والأمن الدوليين الذي يعد نهجاً متأصلاً في سياسة دولة الإمارات منذ قيام الاتحاد.
وطوال فترة عضويتها بالمجلس على مدار الـ17 شهرا الماضية لم يتوقف دعم الإمارات للقضية الفلسطينية، في رسالة مهمة تؤكد خلالها دعمها الأبدي للقضية الفلسطينية، وأن توقيعها اتفاق سلام مع إسرائيل في 15 سبتمبر/أيلول 2020 لم ولن يكون على حساب القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وإنما توظفها دولة الإمارات العربية المتحدة دائما لدعم حقوقه.
وتمكنت الإمارات أكثر من مرة من الانتصار للقضية الفلسطينية.
ولعل أبرز تلك الانتصارات ما حدث في 21 فبراير/شباط الماضي عندما تمكنت من اقتناص نصر حيوي للقضية الفلسطينية من داخل مجلس الأمن الدولي باعتماده بياناً رئاسياً يعارض الإجراءات أحادية الجانب التي تعرقل عملية السلام في الأراضي الفلسطينية، ويؤكد التزامه بحل الدولتين.
كانت دولة الإمارات العربية المتحدة، بصفتها عضواً منتخباً في مجلس الأمن، قد يسّرت هذا القرار المهم بدعم من جميع أعضاء المجلس.
جهود إماراتية تكللت بإصدار أول قرار من مجلس الأمن الدولي بشأن ملف الاستيطان منذ أكثر من ست سنوات، وسط دعوة إماراتية قوية تؤكد أهمية التزام المجتمع الدولي برؤية فلسطين مستقلة تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل في سلام، ورفض أي إجراءات إسرائيلية تعوق حل الدولتين.
أيضا ضمن أحدث جهودها المساندة لدعم الاستقرار بالدول العربية، أكدت الإمارات أمس الأول الثلاثاء في مجلس الأمن خلال بحث البند المعنون الأوضاع الإنسانية والسياسية في الجمهورية العربية السورية أن الحَل السياسي هو السَبيل الوحيد لتجاوز الأزمة السورية وأن عودِة سوريا إلى الجامعة العربية هي نُقطة البداية وخُطوةً هامة في مسار السلام بقيادة عربية وبتنسيقٍ وثيق مع المبعوث الخاص والأمم المتحدة.
وأعرب مجلس الأمن الدولي 16 أبريل/نيسان الماضي عن قلقه العميق إزاء الاشتباكات الجارية في السودان، وحث الأطراف المعنية على وقف الأعمال القتالية وإعادة الهدوء والعودة إلى الحوار لحل الأزمة.
وضمن إنجازاتها على الصعيد الدولي، اعتمد مجلس الأمن الدولي 28 أبريل/نيسان الماضي بالإجماع قراراً صاغته كل من دولة الإمارات واليابان بصفتهما حاملتي القلم المشارك لملف أفغانستان يدين قرارات طالبان لحظرها عمل النساء الأفغانيات لدى الأمم المتحدة في أفغانستان.
شارك في دعم القرار ورعايته أكثر من 90 دولة عضوا في الأمم المتحدة، وللمرة الأولى تشارك أكثر من 28 دولة من منظمة التعاون الإسلامي في دعم قرار بمجلس الأمن.
وتترأس الإمارات مجلس الأمن الدولي لشهر يونيو/حزيران 2023، لتواصل دورها المستدام من أجل ترسيخ السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.