الإمارات.. دبلوماسية جريئة تصنع مسار السلام
خطوات جريئة اتخذتها دولة الإمارات بتوقيع معاهدة سلام مع إسرائيل، في قرار كسر الفصام أو التردد المطبق على الكثير من المواقف العربية إزاء إسرائيل.
دبلوماسية عملية تتجاوز الشعارات إلى الأفعال الملموسة، ونبذ المزايدات لصالح إجراءات ملموسة من شأنها أن تفتح طريقا حقيقيا نحو الاستقرار، وهو ما شجع مملكة البحرين على النسج على ذات المنوال، قبل أن ينضم السودان للقائمة.
وأصدرت الولايات المتحدة الأمريكية والسودان وإسرائيل، اليوم الجمعة، بيانا مشتركا بشأن "التقدم التاريخي" للسلام في الشرق الأوسط.
وقال البيان إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحدث ورئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم لمناقشة التقدم التاريخي للسودان وفرص تعزيز السلام في المنطقة.
وأكد على اتفاق القادة على تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل، وإنهاء حالة العداء بين بلديهما.
كما اتفقوا على بدء العلاقات الاقتصادية والتجارية، مع التركيز الأولي على الزراعة ومكافحة الإرهاب والتطرف، والاستفادة من إمكاناتهم الاقتصادية.
الإمارات رسمت الطريق
لطالما تسببت تعقيدات المشهد السودان في إرجاء خطوة السلام، رضوخا لتباينات داخلية تضم فئة ترفض أي حوار مع إسرائيل.
المحلل السياسي السوداني علي الدالي، اعتبر أن الحالة السودانية تشكل نتاجا لمخاوف ناجمة عن تلك التباينات، كما يبق أن توقع أن تساهم الخطوة الإماراتية في تشجيع الخرطوم.
وقال الدالي، في حديث سابق لـ"العين الإخبارية"، إن "المعاهدة التي جرى توقيعها رسميا في واشنطن بين الإمارات وإسرائيل، وإعلان تأييد السلام مع البحرين، ربما ستزيل التحفظ والتردد من جانب الخرطوم تجاه تل أبيب".
وأضاف الدالي أن "السلطة الانتقالية أضاعت فرصة كبيرة للسلام مع تل أبيب، وذلك بسبب قلة ترفض التقارب مع تل أبيب، استنادا إلى موقف أيديولوجي قديم، وهي بالطبع لا تراعي مصلحة السودان".
ولفت إلى أن "ما فعلته الإمارات والبحرين خطوة شجاعة تستحق الإشادة، ويجب على الحكومة السودانية السير في هذا الاتجاه، ليس من أجل السودانيين فحسب، وإنما حفظا لمصلحة الشعب الفلسطيني، إذ أوقفت المعاهدات الموقعة في واشنطن توسع إسرائيل بتجميد الضم، وهذا مكسب كبير".
من السلام الداخلي إلى الخارجي
جهود حثيثة بذلتها دولة الإمارات لتحقيق السلام بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة، تعززها اليوم، وإن بشكل غير مباشر، بفتح الطريق أمام هذا البلد للحاق بركب السلام العربي.
دور محوري في السلام الداخلي سبق أن أشاد به رئيس حركة جيش تحرير السودان مني أركو مناوي، بالقول، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، إن "دور دولة الإمارات العربية المتحدة كان واضحا في إعانة منبر التفاوض ودفعه، مما جعل السلام والاتفاق ممكنا".
وأشار مني إلى أن الدعم والسند الإماراتي لم ينقطع مطلقا طوال فترة مفاوضات الأطراف السودانية في العاصمة جوبا والتي استمرت لمدة عام كامل.
فيما رأى الأمين السياسي لحزب الأمة السوداني، فتحي مادبو، أن بلاده أحوج من أي دولة في العالم للحوار مع إسرائيل.
وأكد مادبو أن الحوار سيقود نحو "التخلص من المشكلات الكبيرة والعقوبات الدولية على السودان جراء العداء لتل أبيب".
وتابع: "بعد الخطوات الشجاعة التي قادتها الإمارات وتبعتها البحرين، يجب على الحكومة الانتقالية إنهاء حالة التردد، وعقد معاهدة سلام مع إسرائيل من أجل مصلحة البلاد. وبما لا يمس الحقوق الفلسطينية، فمسألة إزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب وإعفاء الديون الخارجية تأتي في قمة أولوياتنا".
وواصفا الخطوة الإماراتية والبحرينية بـ"النقلة النوعية" في التعاطي مع إسرائيل، شدد على أنها ستعود بفوائد كبيرة للمنطقة والقضية الفلسطينية"، داعيا السودان إلى "عدم التأخر عن ركب السلام مع تل أبيب".