محطات المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية.. السلام المنتظر
وصل قطار السلام إلى محطة السودان، بعد اتفاقها مع إسرائيل توقيع اتفاق سلام، "العين الإخبارية" ترصد مسار مفاوضات السلام من مدريد إلى أوسلو
مرت اتفاقيات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بمحطات عدة منذ تسعينيات القرن الماضي، تعثرت معظمها بعد أن خرجت بقرارات لم تنفذ، ولم تستطع التوصل إلى تسوية حقيقية وسلام مكتمل الأركان.
وعلى مدى قرابة ٣ عقود أخذت القضية الفلسطينية حيزا واسعا من الاهتمام العربي والأوروبي، فانطلقت الجولات المكوكية للحكام العرب والمحورية لدول أوروبا عبر مبادرات عدة، باءت معظمها بالفشل، فيما نجح بعضها بشكل جزئي.
واليوم، اتفقت كل من إسرائيل والسودان على توقيع اتفاق سلام، لتكون بذلك ثالث دولة عربية، عقب الإمارات والبحرين، تنضم لاتفاقات السلام مع إسرائيل في نحو شهرين، في محاولة لإعادة عملية السلام لمسارها بعد توقفها، وإعادة إحياء حل الدولتين بعد أن كان قد مات إكلينكيا.
وفي ٣٠ أكتوبر/تشرين الأول ١٩٩١، عقد مؤتمر مدريد للسلام الدولي بين الدول العربية وإسرائيل لحل القضية الفلسطينية، في العاصمة الإسبانية مدريد، انطلاقا من مبادرة أمريكية جديدة للسلام.
وطرح المبادرة آنذاك الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب، وكانت قائمة على تحقيق تسوية سلمية شاملة وعادلة ودائمة من خلال مفاوضات مباشرة تأخذ مسارين بين إسرائيل والدول العربية، وبين إسرائيل والفلسطينيين، وترتكز على قرارات مجلس الأمن 242 و338.
المؤتمر الذي استمر ثلاثة أيام، برعاية الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، كان الأول الذي يلتقي فيه وجها لوجه، ممثلون فلسطينيون وإسرائيليون.
وشاركت معظم الدول العربية في المؤتمر، حيث حضرت وفود من سوريا ولبنان ومصر، بالإضافة لممثلين عن مجلس التعاون الخليجي واتحاد المغرب العربي، والاتحاد الأوروبي.
مدريد.. جولات متعثرة
وشكّل الأردن والفلسطينيون وفدا مشتركا معا تضمن ممثلين فلسطينيين عن الضفة وقطاع غزة، وأفضى إلى بدء المفاوضات الثنائية بين وفود إسرائيلية ووفود الدول العربية، لكن هذه المفاوضات التي استمرت على مدار جولات عدة تعثرت.
وعقب مؤتمر مدريد، وعلى مدى عاملين، انتقلت المفاوضات بين الوفد الإسرائيلي والوفد الأردني الفلسطيني المشترك إلى واشنطن، وانعقدت نحو ١٠ جولات ثنائية دون إحراز تقدم يذكر.
وعن هذا، يسرد كتاب مدخل للقضية الفلسطينية والذي حرره المحلل السياسي جواد الحمد أن الوفد الفلسطيني قضى ساعات كثيرة ضمن عشر جولات كاملة من المفاوضات منهمكا في جدل عقيم حول عبارة واحدة وهي "هل هي أراض أو أنها الأراضي المحتلة".
وتوقفت المحادثات قرابة شهرين، ثم استؤنفت مجددا دون جدوى، لكن مع فوز حزب العمل بزعامة إسحق رابين في الانتخابات الإسرائيلية عام ١٩٩٢ تغير المشهد، إذ شعر الفلسطينيون بارتياح لأن الرجل كان يتبنى التفاوض مباشرة مع منظمة التحرير الفلسطينية.
أوسلو.. اعتراف متبادل
ومع بداية عام 1993 بدأت مباحثات سرية بين وفد من منظمة التحرير الفلسطينية ووفد إسرائيلي في أوسلو، دون علم الوفد الفلسطيني الآخر الذي كان يواصل مفاوضاته الصعبة مع الإسرائيليين في واشنطن.
وعقدت في العاصمة النرويجية أوسلو نحو ١٤ اجتماعا بين الوفد الفلسطيني برئاسة محمود عباس أبو مازن من حركة فتح، بينما ترأس الوفد الإسرائيلي شمعون بيريز وزير خارجية إسرائيل، ليوقعا معا فيما بعد اتفاق أوسلو في سبتمبر/أيلول ١٩٩٣.
وكان من أبرز نتائج اتفاق أوسلو هو تأسيس حكم ذاتي فلسطيني ممثل في السلطة الوطنية الفلسطينية، مقابل الاعتراف بدولة إسرائيل وانسحاب إسرائيلي تدريجي من الضفة الغربية وقطاع غزة، واعتماد المفاوضات كحل أمثل ووحيد لحل الأزمة الفلسطينية.