الإمارات وألمانيا.. 47 عاما من التعاون الاستراتيجي

أسهمت الزيارات المتبادلة التي قام بها مسؤولون من الجانبين على مختلف المستويات في السنوات الماضية في تعميق أواصر التعاون والصداقة.

علاقات استراتيجية تمتد لأكثر من 47 عاما بين دولة الإمارات العربية المتحدة وألمانيا، توجتها زيارات متبادلة على أعلى مستوى وتعاون مشترك في جميع المجالات.

• محمد بن زايد ووزير خارجية ألمانيا يبحثان ترسيخ العلاقات

ويظهر مدى التعاون المتنامي بين الإمارات وألمانيا من خلال الاتفاقيات السياسية والاقتصادية الثنائية المبرمة بينهما، حيث شملت التعاون في آفاق الثقافة والاجتماع والاستثمار والتكنولوجيا، والطيران، والطاقة البديلة.

وما زاد من قوة العلاقة بين الدولتين جملة من القواسم المشتركة بينهما في مكانتهما الإقليمية والعالمية، وكذلك استقرار دولة الإمارات العربية المتحدة البعيدة عن جميع الاضطرابات التي تعصف بالمحيط العربي والإقليمي.

وأسهمت الزيارات المتبادلة التي قام بها مسؤولون من الجانبين على مختلف المستويات في السنوات الماضية في تعميق أواصر التعاون والصداقة، وأحدثها زيارة وزير الخارجية الألماني هايكو ماس التي ناقشت تطورات الأحداث التي تشهدها المنطقة وتداعياتها على أمنها واستقرارها.

كما تأتي زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى العاصمة برلين لتؤكد عمق العلاقات بين البلدين.

شراكة استراتيجية

والعلاقة بين البلدين قديمة وتعود إلى عام 1884 عندما ربطت ألمانيا القيصرية اهتماماتها الحيوية بين مستعمراتها في شرق أفريقيا ومنطقة الخليج العربي.

واستمر العمل التجاري المشترك بين الإمارات وألمانيا القيصرية حتى الحرب العالمية الأولى (1914- 1918) وبعد اكتشاف النفط في دولة الإمارات وإقامة الاتحاد وانطلاق آفاق سياسة الدولة داخليا وخارجيا التقت الإرادة المشتركة لدى القيادتين في حبك خيوط الاتصال لتحقيق المصالح المشتركة.

فأقيمت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في بداية السبعينيات وتم تبادل البعثات الدبلوماسية على مستوى السفراء ثم على مستوى القنصليات العامة، وفق وكالة الأنباء الإماراتية.

ويحظى البلدان بقواسم مشتركة في القيم والمثل التي تستند إلى تاريخ طويل من الحضارة قادرة على إحداث نقلة نوعية في العلاقات المستقبلية.

وشهدت هذه العلاقات تطورات كبيرة على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، جعلت الدولتين تتجاوزان حدود الصداقة التقليدية وتؤسسان لمستويات جديدة من التعاون الاستراتيجي والتنسيق الشامل في جميع الملفات.

ويأتي الاهتمام الألماني بتعزيز التعاون مع الإمارات، من كونها دولة مهمة وتمثل ثقلاً على المستوى الاقتصادي العالمي وتملك تأثيراً كبيراً في القرارات الإقليمية والدولية.

وعلى مدار السنوات الماضية، يقوم البلدان بمجهودات جادة وحثيثة لدفع علاقاتهما الثنائية إلى أعلى المستويات وفي جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.

رؤى مشتركة

وما يعزز العلاقات بين الإمارات وألمانيا ليس فقط الجوانب الاقتصادية والتجارية والفنية، وإنما أيضا وجود عوامل سياسية مشتركة يمكن تدعيمها وتقويتها من أجل الحفاظ على السلام العالمي واستتباب الأمن والاستقرار في جميع أنحاء العالم. 

وتتوحّد رؤى الدولتين في محاربة الفكر المتطرف والإرهاب، ونبذ التعصب والعنف، ونشر القيم الإنسانية المعتدلة.

ويظهر ذلك مدى الانسجام في مواقفهما السياسية تجاه القضايا العالمية وما يحظى به البلدان من ثقة عالمية واحترام دولي كبير، ما شكّل أرضية مشتركة في مجال التعاون على الأصعدة كافة.

تطوير الشراكة الاقتصادية

وخلال اجتماع الدورة الـ11 من اللجنة الإماراتية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتجاري والفني التي انعقدت في برلين مارس/آذار الماضي، اتفقت حكومتا البلدين على توسيع نطاق التعاون في عدد من المجالات ذات الاهتمام المشترك، من أبرزها تعزيز أطر التعاون التجاري والاستثماري وتطوير الشراكة الاقتصادية إلى مستويات أعلى.

واتفق البلدان على مجموعة من المسارات لتنمية الشراكة والتعاون في مجالات الطاقة وسياسات المناخ والاقتصاد الأخضر، حيث جاءت البنية التحتية أيضاً كمحور رئيسي للتعاون، بما يشمل شبكات القطارات والنقل البحري والطيران المدني.

كما أكدا التعاون في قطاعات الرعاية الصحية والتعليم والزراعة والأمن الغذائي والمواصفات والمقاييس، وكذلك التعاون التجاري والاستثماري وتبادل الخبرات من خلال منصة إكسبو دبي 2020، والعمل على مبادرات ومشاريع مشتركة في مجال المدن الذكية.

وفي كلمته، قال سلطان بن سعيد المنصوري، وزير الاقتصاد الإماراتي، إن إجمالي حجم التجارة الخارجية غير النفطية بينهما وصل في عام 2017 إلى نحو 13.45 مليار دولار أمريكي، وأنه بلغ خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2018 نحو 9.3 مليار دولار، بنمو في الصادرات الإماراتية إلى ألمانيا نسبته 122% ونمو في إعادة التصدير نسبته 69% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2017.

وأشار إلى أن التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين شهد خلال السلسلة الزمنية من عام 2010 حتى 2017 نمواً إجمالياً نسبته 60%.

وتعد الإمارات الشريك التجاري الأول عربيا لألمانيا فيما تعد برلين أكبر شريك تجاري أوروبيا لدولة الإمارات وتستحوذ الدولة على ما نسبته حوالي 22 في المائة من مجمل التجارة العربية الألمانية.

زيارة مهمة

ويبدأ اليوم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، زيارة إلى ألمانيا ليومين تتناول تعزيز العلاقات بين البلدين.

ووفق مراقبين، فإن الزيارة مهمة كونها تؤكد عمق الصداقة بين البلدين وحرصهما على مواصلة ترسيخ علاقاتهما والعمل المشترك من أجل تنميتها وتنويع مقوماتها وفرصها الواعدة، بما يحقق تطلعات الشعبين الصديقين.

9 لقاءات بارزة

ويدخل قطار لقاءات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، محطته التاسعة بالزيارة المرتقبة للشيخ محمد بن زايد إلى برلين، في سبيل تعزيز التعاون، وتقوية العلاقات بين الدولتين، ترسيخاً للتعاون الدولي الثنائي.

ومنذ عام 2006، سجلت أبوظبي وبرلين 8 لقاءات تاريخية جمعت الطرفين، حيث كان اللقاء الأول في برلين قبل 13 عاماً، بينما سجلت المستشارة الألمانية أول زيارة إلى الإمارات في عام 2007.

وزار الشيخ محمد بن زايد ألمانيا 5 مرات، وكانت في أعوام 2006 و2009 و2012 و2014 و2016، لتصبح زيارته لبرلين الحالية هي السادسة، فيما زارت ميركل الإمارات ثلاث مرات في سنوات 2007 و2010 و2017، تأكيداً على استمرارية تطوير الشراكة الاستراتيجية، وأبدت الدولتان اهتماماً بالعلاقات الاقتصادية والقضايا السياسية المختلفة.

القضايا الإقليمية والدولية

وخلال زيارته إلى الإمارات، الأحد، التقى وزير الخارجية الألماني هايكو ماس كلا من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، وكذلك وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان.

وتناول اللقاءان تطورات الأحداث التي تشهدها المنطقة وتداعياتها على أمنها واستقرارها، إضافة إلى سبل ترسيخ علاقات البلدين.

كما شهدت المباحثات العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل دعمها وتطويرها في ظل ما يجمعهما من روابط صداقة متميزة ومصالح مشتركة في الجوانب الاقتصادية والاستثمارية والثقافية والاجتماعية والتعليمية، إضافة إلى التنسيق والعمل المشترك بشأن العديد من القضايا والملفات على المستويين الإقليمي والدولي.