الإمارات ودعم حقوق الإنسان.. غربال الأكاذيب لا يحجب شمس الحقيقة
"الشمس لا تحجب بغربال".. مقولة شهيرة تعد أبلغ رد على أي محاولة للتشويش على جهود الإمارات البارزة في دعم حقوق الإنسان محليا ودوليا.
تلك المحاولات العبثية الفاشلة، ظهرت هذه الفترة مع اقتراب موعد تقديم الإمارات تقريرها الوطني الرابع في إطار الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان في جنيف، وبالتزامن مع تواصل جهودها لاستضافة الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن المناخ COP28 التي ستعقد نهاية العام الجاري، والذي يعد أهم وأكبر مؤتمر دولي للعمل المناخي بمشاركة قادة وزعماء العالم.
إلا أن من يقف وراء تلك الحملات أغفل أن سجل الإمارات الحقوقي البارز، الذي تؤكده الحقائق والأرقام والشهادات والتقارير الدولية، واضح كالشمس، لا يمكن أن تحجبه أبدا مثل تلك المزاعم والافتراءات المليئة بثقوب الانحياز ضد الحقيقة والتحامل والتآمر وعدم الأمانة مثل الغربال المليء بالثقوب.
ومن المقرر أن تقدم الإمارات تقريرها الوطني الرابع في الدورة الـ43 للاستعراض الدوري الشامل لمجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة 8 مايو/أيار الجاري، والذي يُقدَّم كل 4 أعوام.
ومنذ اعتماد تقريرها الوطني الثالث في مجلس حقوق الإنسان في شهر يونيو/حزيران 2018، قطعت دولة الإمارات خلال السنوات الأربع الأخيرة شوطاً كبيراً في تعزيز سجّلها في مجال حقوق الإنسان، على مستوى تطوير الآليات الوطنية والسياسات والتشريعات والاستراتيجيات، جنبا إلى جنب مع الجهود الدبلوماسية والإنسانية والمبادرات المهمة على مختلف الأصعدة.
لجنة وهيئة
فعلى مستوى تعزيز وتطوير الآليات الوطنية لحقوق الإنسان أنشأ مجلس الوزراء الإماراتي في أكتوبر/تشرين الثاني 2019 اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، برئاسة الدكتور أنور بن محمد قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس الدولة.
جاء إنشاء اللجنة لمواكبة التطورات والاحتياجات الحالية لحقوق الإنسان، وفي إطار سعي دولة الإمارات نحو تعزيز وتطوير الآليات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان.
وتعد اللجنة حلقة الاتصال والتنسيق بين جميع أجهزة الدولة المعنية بشؤون حقوق الإنسان، وتعمل على وضع والإشراف على تنفيذ خطة وطنية شاملة، وصياغة السياسات والبرامج والخطط الكفيلة برفع الوعي وبناء القدرات في مجال حقوق الإنسان، وتعزيز التعاون مع المنظمات الإقليمية وأجهزة ولجان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فضلاً عن متابعة التقارير الدورية المستحقة على الدولة في إطار الأجهزة والمنظمات الإقليمية والدولية المعنية بحقوق الإنسان، بما فيها التقرير الوطني للمراجعة الدورية الشاملة.
وبعد نحو عامين من إنشاء اللجنة، أنشأت الدولة الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان وفقاً لمبادئ باريس، ويترأس مجلس أمنائها مقصود كروز.
جاء إنشاء الهيئة الوطنية بموجب القانون الاتحادي رقم (12) لسنة 2021 والذي ينص على أن الهيئة ذات شخصية اعتبارية مستقلة وتتمتع بالاستقلال المالي والإداري في ممارسة مهامها وأنشطتها واختصاصاتها وتهدف إلى تعزيز وحماية حقوق الإنسان وحرياته وفقاً لأحكام الدستور والقوانين والتشريعات السارية في الدولة والمواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية ذات الصلة.
وتعد المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان المنشأة بموجب مبادئ باريس هيئات رسمية تنشئها الدول ولها ولاية قانونية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان.
ومنذ إنشائها في ديسمبر/كانون الأول 2021 تقوم الهيئة بجهود بارزة في إدارة كافة "الملفات الحقوقية" في سبيل تعزيز وحماية حقوق الإنسان لكل من يقيم في وطن الإنسانية وأرض التسامح.
وضمن أحدث جهودها، استعرض مجلس أمناء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في 12 أبريل/نيسان الماضي، الخطة الاستراتيجية للهيئة 2023-2025 التي ترتكز على تعزيز حماية حقوق الإنسان ونشر ثقافتها في دولة الإمارات العربية المتحدة، من خلال التعاون المشترك مع الجهات المعنية وتطوير آليات متابعة تنفيذ المعايير الدولية لحقوق الإنسان على المستوى الوطني.
وناقش المجلس مشاريع مذكرات التفاهم بين الهيئة والجامعات والمراكز البحثية في إطار التعاون الأكاديمي مع المؤسسات الرائدة لتحسين وتطوير المجالات الحقوقية وتبادل الخبرات وتدريب الكوادر الحقوقية وإصدار البحوث والنشرات الحقوقية العلمية، التي تعكس حرص الهيئة على بناء شراكات مستدامة مع مختلف المؤسسات لتعزيز وحماية حقوق الإنسان وتطوير آليات العمل الحقوقي.
حزمة تشريعات
وعلى المستوى التشريعي شهدت السنوات الأربع الماضية اعتماد حزمة كبيرة من التشريعات المهمة، منها على سبيل المثال: إصدار مرسوم بقانون بشأن الحماية من العنف الأُسَري، وقانون حماية الشهود ومن في حكمهم، بالإضافة إلى تعديلات تشريعية مهمة وواسعة شملت قوانين العقوبات، ومكافحة التمييز والكراهية، والأحوال الشخصية، والإجراءات الجزائية، والمعاملات المدنية، والشركات التجارية، والتي جاءت مواكبة لاحتياجات ومتطلبات المرحلة الحالية، ومتوائمة مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي تعد دولة الإمارات طرفاً فيها.
سياسات واستراتيجيات
أما على مستوى السياسات والاستراتيجيات، فتمّ اعتماد العديد من الخطط التي تسهم في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، وأهمها استراتيجية التوازن بين الجنسين 2026، والمبادرة الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، والسياسة الوطنية للتحصينات، والسياسة الوطنية للأسرة، وسياسة حماية الأسرة، والسياسة الوطنية لكبار المواطنين، والاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2051.مبادرات ملهمة
بالتزامن مع تلك الجهود تبرز مبادرات الدولة الخليجية الرائدة والملهمة في دعم حقوق الإنسان على الصعيدين الوطني والدولي، من أبرزها ما يلي:
بيت العائلة الإبراهيمية
تتويجا لجهود دولة الإمارات بنشر التسامح والأخوة الإنسانية، افتتح في أبوظبي، 16 فبراير/شباط الماضي، بيت العائلة الإبراهيمية الذي يضم كنيسة ومسجداً وكنيساً.
ويعد "بيت العائلة الإبراهيمية" الذي يجمع الديانات السماوية الرئيسية الثلاث تحت سقف صرح واحد، ترجمة على أرض الواقع لأهداف وثيقة "الأخوة الإنسانية" التاريخية التي وقعها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، في أبوظبي فبراير/شباط 2019، برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.
ويجسد هذا البيت رسالة دولة الإمارات للإنسانية بأهمية التعايش والأخوة بين الجميع، بغض النظر عن الأديان والمعتقدات واللغات والجنسيات.
وبافتتاحها هذا البيت تكون دولة الإمارات قد أهدت العالم معلما حضاريا ومركزا للحوار والتفاهم بين الأديان، وفضاءً ملهما للتثقيف، ومنارة للتفاهم المتبادل والتعايش بين أبناء الديانات، ووجهة للتعلم والحوار والتعارف، وواحة تجمع الأخوة في الإنسانية نحو مستقبل يسوده السلام والوئام والمحبة.
تلك الأهداف جسدتها دولة الإمارات على أرض الواقع، من خلال احتضانها أكثر من 200 جنسية تمارس معتقداتها بحرية تامة، من خلال دور العبادة المنتشرة في البلاد المخصصة لهم، من بينها كنائس للمسيحيين ومعبدان هندوسيان وكنيس يهودي ومعبد للسيخ ودير بوذي.
وتوجد في دولة الإمارات العربية المتحدة 76 كنيسة ودار عبادة للديانات والعقائد المختلفة، بعضها تبرعت لها دولة الإمارات بأراضٍ لإقامتها، ما يترجم عراقة قيم التسامح والتعايش السلمي وحرية المعتقد في الدولة.
ريادة إنسانية
وبالتوازي مع جهودها الرائدة في نشر التسامح والسلام وتعزيز الاستدامة، تتدفق هذه الأيام مساعدات إنسانية إماراتية عاجلة للنازحين واللاجئين السودانيين في موقف جديد من مواقف العطاء ترسّخ بها دولة الإمارات مكانتها كعاصمة للإنسانية وتعزز سبقها الإنساني دعما لأبناء النيل.
وأرسلت دولة الإمارات، أمس الثلاثاء، طائرة مساعدات إلى تشاد تحمل إمدادات غذائية من قبل مؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية وهيئة الهلال الأحمر الإماراتي لمساعدة السودانيين الذين اضطرتهم المعارك الجارية في بلادهم إلى ترك منازلهم.
وبالتزامن مع وصول المساعدات، وجه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بتوفير مساعدات إنسانية عاجلة للنازحين السودانيين، تتولى تقديمها مؤسسة "مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية".
مساعدات إماراتية تتدفق لدعم السودانيين في إطار جهود الإمارات التي لا تتوقف ضمن استراتيجية الأخوة الإنسانية التي تنتهجها الدولة وتضع في أولوياتها "الإنسان أولاً" من دون تمييز، بناء على أساس الجغرافيا أو العرق أو الدين.
مبادرة تجسّد حرص دولة الإمارات الدائم على دعم ومساندة الدول الشقيقة والصديقة، وتؤكد نهج العمل الإنساني الراسخ الذي يعد ركيزة أساسية من ركائز السياسة الإماراتية التي لطالما أكدت قيادتها ضرورة مد يد العون والمساعدة للشعوب كافة التي تمر بظروف صعبة سواء كان بسبب كوراث طبيعية أو حروب وأزمات سياسية أو صحية.
يأتي الإعلان عن المساعدات الجديدة، بعد أسبوع من تعهد دولة الإمارات، الأربعاء الماضي، بتقديم 50 مليون دولار كمساعدات إنسانية طارئة للسودان.
مساعدات تتدفق كنهر عطاء ينبع من دار زايد لإغاثة أهل السودان، فيما تتواصل جهود الإمارات لإجلاء رعايا دول العالم من السودان، في محطة إنسانية جديدة في مسيرة الإمارات المتواصلة لاحتواء الأزمة السودانية.
ضمن أحدث تلك الجهود، وصلت إلى دولة الإمارات، أمس الثلاثاء، طائرة الإجلاء الثالثة من السودان، والتي تقل 126 شخصا من رعايا 5 دول.
جاء ذلك يعد يومين من وصول طائرة الإجلاء الثانية من السودان، الأحد، والتي تقل 136 راكبا من دولة الإمارات ودبلوماسيين ورعايا من 9 دول.
تأتي تلك الطائرة بعد يوم من وصول طائرة إجلاء تقل عددا من مواطني دولة الإمارات ورعايا 16 دولة قادمة من السودان.
وتقل تلك الطائرات الفئات الأكثر احتياجا من المرضى والأطفال وكبار السن والنساء، حيث وضعتهم دولة الإمارات على رأس أولوياتها.
جهود إنسانية على مختلف الأصعدة تجسد صورة مثالية لإمارات الخير، وتقدم نموذجاً متفرداً في الإغاثة الإنسانية كما يجب أن تكون، ويترجم مفهوم الأخوة الإنسانية، على مختلف الأصعدة السياسية والإنسانية والإغاثية والصحية.
وبالتوازي مع جهودها الإنسانية، تبذل دولة الإمارات جهودا سياسية ودبلوماسية على مدار الساعة لبحث جهود وقف التصعيد في السودان.
ومنذ اندلاع الأزمة منتصف الشهر الماضي، بسبب اندلاع قتال بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، والإمارات تسابق الزمن عبر اتصالات ومباحثات وساطات ضمن حراك متسارع على أكثر من صعيد وفي أكثر من اتجاه لوقف التصعيد في السودان والعمل على إنهاء الأزمة بالحوار.
العدالة المناخية
جهود تتزامن أيضا مع تواصل استعدادات دولة الإمارات لاستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ نهاية العام الجاري"COP28"، الذي يستهدف مواجهة تغير المناخ، الذي يهدد التمتع الكامل والفعلي بمجموعة متنوعة من حقوق الإنسان، بما في ذلك الحق في الحياة، والحق في الحصول على المياه وخدمات الصرف الصحي.
ويعول العالم على المؤتمر الدولي في وضع استراتيجية فاعلة تسهم في إحداث التغييرات العالمية اللازمة لتحقيق العدالة المناخية، وإبراز تلك القضايا بصدارة الاهتمام العالمي، بغية الوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050.
عام الاستدامة
يأتي استضافة المؤتمر الدولي في عام الاستدامة، بعد أن أعلن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات 2023 "عام الاستدامة" في دولة الإمارات، في مبادرة ملهمة تتوج جهود بلاده الرائدة لتعزيز الاستدامة محليا ودوليا وترسم عبرها خارطة طريق لمستقبل أفضل للعالم.
يعني مفهوم الاستدامة "تلبية حاجات الحاضر دون المساس بقدرات الأجيال المستقبلية على تلبية حاجاتها الخاصة"، وهو أمر يجسد الأخوة الإنسانية في أسمى معانيها من خلال حفظ حقوق أجيال المستقبل.
تجربة رائدة
ومنذ تأسيسها، أولت دولة الإمارات أولوية قصوى لقيم احترام حقوق الإنسان، مستمدة ذلك من تراثها الثقافي ودستورها الذي يكفل الحريات المدنية للجميع، ومنظومتها التشريعية التي تعزز مبادئ العدالة والمساواة والتسامح، واحترام الحقوق، ودعم العمل الإنساني والإغاثي تماشياً مع مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وتوجت تلك الجهود بإنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في 2021، واستبقتها باستحداث وزارة للتسامح ووضع سياسات وقوانين لحماية حقوق العمال والطفل، والمرأة، وكبار المواطنين، وأصحاب الهمم، والسجناء، كما تساهم على الصعيدين الإقليمي والدولي في تعزيز حقوق الإنسان.
ولم تكتفِ دولة الإمارات بدعم حقوق الإنسان على مدار 51 عاما منذ تأسيسها وحتى اليوم، بل رسخت الالتزام بها على مدار الـ50 عاما المقبلة، لتكون نهجا أبديا لها عبر وثيقة "مبادئ الخمسين".
وتتويجا لتجربتها الرائدة، فازت دولة الإمارات في أكتوبر/تشرين الأول 2021 بعضوية مجلس حقوق الإنسان الأممي للفترة 2022-2024، في إنجاز يعبر عن حجم التقدير والاحترام الدولي للإمارات ومكانتها ودورها وسجلها الحقوقي.
وسبق لدولة الإمارات أن شغلت عضوية مجلس حقوق الإنسان لولايتين متتاليتين على مدار 6 سنوات في الفترة (2013-2018)، حيث إن فترة ولاية أعضاء المجلس ثلاث سنوات، ولا تجوز إعادة انتخابهم مباشرة بعد شغل ولايتين متتاليتين.
وعملت دولة الإمارات خلال عضويتها في تلك الفترة على دعم أجندة المجلس لا سيما في مجالات تمكين المرأة وحقوق الطفل وحقوق أصحاب الهمم إلى جانب الحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
وشاركت دولة الإمارات بفعالية في عمل المجلس من أجل تعزيز احترام حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.