الإمارات تغيث المدنيين في أوكرانيا.. جهود إنسانية رائدة
مساعدات إماراتية إغاثية للمدنيين المتضررين في أوكرانيا من الحرب الجارية بها، في موقف جديد من مواقف العطاء ترسّخ بها الإمارات مكانتها كعاصمة للإنسانية سبّاقة في مد يد العون.
مساعدات تدشن محطة إغاثية جديدة في تاريخ البلاد، في إطار جهودها التي لا تتوقف ضمن استراتيجية الأخوة الإنسانية التي تنتهجها الدولة وتضع في أولوياتها "الإنسان أولاً" من دون تمييز، بناء على أساس الجغرافيا أو العرق أو الدين.
مبادرة تجسّد حرص دولة الإمارات الدائم على دعم ومساندة الدول الشقيقة والصديقة وتؤكد نهج العمل الإنساني الراسخ الذي يعد ركيزة أساسية من ركائز السياسة الإماراتية التي لطالما أكدت قيادتها ضرورة مد يد العون والمساعدة للشعوب كافة التي تمر بظروف صعبة سواء كان بسبب كوراث طبيعية أو حروب وأزمات سياسية أو صحية .
وإضافة إلى أوكرانيا، أرسلت الإمارات مساعدات إنسانية خلال الأشهر القليلة الماضية إلى عدد من الدول من بينها الصومال وجامبيا وموزمبيق وإثيوبيا والسودان وماليزيا وأفغانستان.
وبالتوازي مع تلك المساعدات، يستفيد مليون و200 ألف شخص من المساعدات الشتوية لهيئة الهلال الأحمر الإماراتي في 26 دولة، من المتأثرين من تداعيات البرد والأحوال المناخية.
ريادة إنسانية
مبادرات تجسّد بها دولة الإمارات روح الأخوة الإنسانية في أسمى معانيها، سيراً على نهج المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في العطاء ومواصلة أعمال الخير، والتزاماً بنهج القيادة الرشيدة في ترسيخ قيم العطاء والتسامح وخدمة الإنسان.
وسبق أن أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، أن دولة الإمارات ستظل رمزاً للعون والنجدة في أوقات الشدة ومصدر إلهام في العمل الإنساني.
وأكد أن دولة الإمارات "لن تدخر جهداً في الوفاء برسالتها الإنسانية والمنطلقة من قيم العطاء وعمل الخير وترسيخ الأخوة الإنسانية والتضامن مع الشعوب خلال مختلف الظروف والتحديات".
الأمر الذي تُرجِم على أرض الواقع باحتلال الإمارات لسنوات عديدة المركز الأول عالمياً كأكبر جهة مانحة للمساعدات الخارجية في العالم قياساً إلى دخلها القومي، فيما بلغت حجم المساعدات الإماراتية الخارجية منذ تأسيسها نحو 320 مليار درهم في 201 دولة.
وحرصاً على استدامة هذه الأعمال الإنسانية، تمّ تضمينها في وثيقة مبادئ الخمسين التي تحدد توجهات الإمارات خلال الخمسين عاماً القادمة.
وتضمنت الوثيقة قيماً ومبادئ إنسانية سامية تجسِّد سياسة الإمارات الراسخة في مساعدة ودعم الشعوب ونجدة الملهوف والمستغيث في وطن عنوانه الإنسانية.
وينص المبدأ التاسع على أن "المساعدات الإنسانية الخارجية لدولة الإمارات هي جزء لا يتجزأ من مسيرتها والتزاماتها الأخلاقية تجاه الشعوب الأقل حظاً. ولا ترتبط مساعداتنا الإنسانية الخارجية بدين أو عرق أو لون أو ثقافة. والاختلاف السياسي مع أي دولة لا يبرر عدم إغاثتها في الكوارث والطوارئ والأزمات".
مساعدات لأوكرانيا
وترجمة لتلك المبادئ والقيم السامية والدبلوماسية الإنسانية الحكيمة، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة، الأربعاء، عن تقديمها مساعدات إغاثية للمدنيين المتضررين في أوكرانيا بقيمة خمسة ملايين دولار أمريكي، وذلك استجابة لنداء الأمم المتحدة العاجل، وخطة الاستجابة الإقليمية للاجئين في أوكرانيا، بما يعكس تركيز الإمارات على مبادئ التضامن الإنساني في حالات النزاع.
وأكدت دولة الإمارات أهمية التركيز على الوضع الإنساني المتدهور للمدنيين وضمان حمايتهم، وكذلك إتاحة دخول الوكالات الإنسانية، وإنشاء ممرات آمنة، والسماح لأي شخص يرغب بالمغادرة أن يفعل ذلك دون تمييز أو عوائق.
وكان أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة قد أطلق، الثلاثاء، نداءً رسمياً لتمويل العمليات الإنسانية للأمم المتحدة في أوكرانيا، حيث ذكرت تقارير الأمم المتحدة أن هذا التمويل أمر ملحّ لمساعدة ودعم آلاف الأشخاص الذين يعانون من نقص في الحصول على الخدمات الأساسية.
ودخلت الحرب الروسية الأوكرانية يومها السابع، الأربعاء، وسط اشتداد المعارك في أكثر من منطقة بشرق وجنوب البلاد، وسقوط بعض المدن المهمة في أيدي القوات الروسية، فيما تدافع القوات الأوكرانية عن المنطقة المحيطة بالعاصمة كييف.
وبينما تتهم كييف الجيش الروسي باستهداف المباني المدنية بشكل مكثف، ينفي الأخير أي استهداف لمناطق مدنية، ويصر على قصف المقرات والقواعد العسكرية فقط.
وقالت خدمة الطوارئ الأوكرانية إن العملية العسكرية الروسية أودت بحياة أكثر من ألفي مدني ودمّرت مئات المباني بما في ذلك مرافق النقل والمستشفيات ورياض الأطفال والمنازل.
وارتفع عدد اللاجئين الفارين من أوكرانيا إلى البلدان المجاورة إلى 836 ألف شخص حتى الأول من مارس/آذار، بحسب إحصاء أعدته مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين صدر الأربعاء.
وأكدت دولة الإمارات، الثلاثاء، تشجيعها الحوار بين روسيا وأوكرانيا لإنهاء الأزمة.
وقالت السفيرة لانا زكي نسيبة، مندوبة دولة الإمارات الدائمة بالأمم المتحدة، في كلمة عقب تسلمها رئاسة مجلس الأمن، إن "موقفنا من الأزمة في أوكرانيا يتمثل في الدعوة إلى الدبلوماسية والحوار ووقف التصعيد".
وأوضحت: "موقفنا من الأزمة في أوكرانيا يتمثل في الدعوة إلى الدبلوماسية والحوار ووقف التصعيد"، مشددة على "ضرورة أن تبقى قنوات الحوار مفتوحة بين أوكرانيا وروسيا".
مساعدات حول العالم
وجنباً إلى جنب مع جهودها الدبلوماسية لإنهاء الأزمة الأوكرانية وجهودها الإنسانية للتخفيف من وطأة الأزمة، لم تتوقف مبادرات الإغاثية حول العالم.
وقبل أسبوع، أرسلت دولة الإمارات في 25 فبراير/شباط الماضي طائرة مساعدات تحمل 48 طناً من الإمدادات الغذائية الأساسية إلى جمهورية جامبيا، في إطار الدعم المستمر من دولة الإمارات والمساهمة في تخفيف حدة الأوضاع الإنسانية، ودعم المستوى المعيشي لشريحة كبيرة من السكان في العديد من المناطق.
وقال سلطان علي الحربي، سفير الإمارات غير المقيم لدى جامبيا، إن إرسال هذه الإمدادات الغذائية إلى جمهورية غامبيا يأتي في إطار توجيهات القيادة الرشيدة بتقديم الدعم والاستجابة للجهود الإنسانية المبذولة للتخفيف من حدة معاناة الأهالي، خاصة من النساء والأطفال.
وقبلها بأيام، أرسلت دولة الإمارات في 22 من الشهر نفسه طائرة تحمل 47 طناً من الإمدادات الإغاثية العاجلة إلى موزمبيق ، للتخفيف من حدة التداعيات الإنسانية التي تتعرض لها بعض دول القارة الأفريقية الناجمة عن الأعاصير وآثار الجفاف والهجمات الإرهابية، والتي أسفرت عن سقوط الضحايا ونزوح عدد كبير للسكان، ووجود العديد من العائلات بلا مأوى أو احتياجات غذائية أساسية خاصة من الأطفال والنساء.
وقال خالد إبراهيم القحطاني سفير دولة الإمارات لدى جمهورية موزمبيق: "إن هذه المساعدات الإنسانية العاجلة التي ترسلها دولة الإمارات إلى جمهورية موزمبيق تأتي في إطار توفير الإمدادات الإنسانية والاحتياجات الأساسية للتخفيف عن كاهل المتضررين كما تأتي ضمن الاستجابة الإنسانية ومساعدة الدول الأفريقية الصديقة في مثل هذه الظروف الحرجة".
ومنتصف الشهر نفسه، وصلت إلى العاصمة الصومالية مقديشو، في 14 فبراير/شباط، طائرة ثانية ضمن الجسر الجوي الذي تسيره هيئة الهلال الإماراتي، لإغاثة المتأثرين من الجفاف من أبناء الشعب الصومالي، تنفيذاً لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، ومتابعة الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة رئيس هيئة الهلال الأحمر الإماراتي.
ويتضمن برنامج المساعدات تسيير جسر جوي للحد من تداعيات كارثة الجفاف، ونقل عشرات الأطنان من المؤن والمواد الإغاثية للمتضررين حيث وصلت أولى طائراته إلى العاصمة مقديشو 8 فبراير/شباط الماضي.
وكانت الإمارات قد قدمت في ديسمبر/كانون الأول الماضي مساعدات إنسانية إغاثية عاجلة للمتأثرين من الفيضانات التي اجتاحت ماليزيا نتيجة الأمطار الغزيرة وتشمل مستلزمات الإيواء وطروداً غذائية وصحية في المرحلة الأولى.
وقبلها بشهر، قدمت دولة الإمارات عبر ذراعها الإنسانية هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، مساعدات إغاثية للمتأثرين من الأوضاع الإنسانية في إثيوبيا، تضمنت 50 طنا من المواد الغذائية والطرود الصحية والمكملات الغذائية للأطفال، تستفيد منها آلاف الأسر النازحة والمتضررة في عدد من الأقاليم.
وفي سبتمبر/إيلول الماضي، أرسلت الإمارات طائرات مساعدات طبية وغذائية عاجلة إلى أفغانستان، وذلك في إطار المساهمة في توفير الاحتياجات الأساسية والضرورية لآلاف الأسر الأفغانية خاصة الفئات الأكثر ضعفاً كالنساء والأطفال وكبار السن.
يأتي هذا في وقت يستفيد فيه مليون و200 ألف شخص من مساعدات هيئة الهلال الأحمر الإماراتي الشتوية في 26 دولة، حيث كثفت الهيئة جهودها الإنسانية والإغاثية لصالح المتأثرين من تداعيات البرد والأحوال المناخية في الدول الأكثر تضررا، وخصصت الهيئة مساعدات إغاثية إضافية للنازحين واللاجئين السوريين داخل بلادهم وفي الدول المجاورة، وذلك نسبة للمعاناة التي يواجهونها بسبب الأحوال المناخية السيئة في هذه الأيام.
ويستفيد من مساعدات الهلال الأحمر الشتوية المتأثرون بموجات البرد في كل من المملكة الأردنية الهاشمية وسوريا والبوسنة، العراق، ألبانيا، كازاخستان، سان مارينو، أرمينيا، لاتفيا، روسيا، تونس، مصر، لبنان، اليونان، طاجيكستان، قيرغيزستان، أوزبكستان، استونيا، أوكرانيا، داغستان، بيلاروسيا، ليتوانيا، جورجيا، مولدوفا، أذربيجان، وتركمنستان.
جهود متواصلة تؤكد حرص الإمارات على تلبية النداءات الإنسانية على المستويين الإقليمي والدولي وفق استجابات عاجلة تستهدف حماية الحياة وحشد الجهود الإنسانية لمساعدة الضعفاء والمنكوبين أينما كانوا، في وقت تتواصل فيه الإشادات الدولية للإمارات، عرفاناً بالدور الريادي للإمارات وقادتها في دعم العمل الإنساني والإغاثي والتنموي.