الإمارات بالسودان.. «نهر عطاء» يبتلع الافتراءات
أكاذيب ومهاترات ضد دولة الإمارات تظهر بين الفينة والأخرى من بعض المحسوبين على جهات سودانية رسمية، سرعان ما يثبت زيفها.
أكاذيب تكشف حالة التخبط التي تعيشها تلك الجهات وداعموها، الذين باتوا يشككون في الجميع، ويستهدفون الجميع، بدءا من دولة الإمارات، ومرورا بهيئة التنمية في شرق أفريقيا "إيغاد"، دون أن تستثني الأمم المتحدة.
سياسة استعداء غريبة وغير مبررة، عمقت الأزمة السودانية وزادت حدتها، عبر محاولة الهروب من أي محاولات جادة لحل الأزمة داخليا، عبر تصديرها للخارج، في أسلوب يستهدف اختلاق أزمات جديدة للتنصل من المسؤولية، وفق محللين.
التزام هام
أسلوب لن يثني دولة الإمارات عن العمل مع الشركاء لإيجاد حل سياسي عاجل يحفظ السودان واستقراره، كما أكد الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات.
وقال قرقاش، في تغريدة نشرها، الثلاثاء، عبر موقع التواصل الاجتماعي "إكس": "رمي التهم جزافاً ضد الإمارات من بعض المحسوبين على جهات سودانية رسمية أسلوب ممجوج لإعادة إنتاج الأزمات وللتنصل من المسؤولية".
وأضاف: "علاقة الإمارات مع الشعب السوداني الشقيق تاريخية في جميع الظروف ولن تثنينا المهاترات عن العمل مع الشركاء لإيجاد حل سياسي عاجل يحفظ السودان واستقراره".
ومنذ بداية الأزمة بالسودان قبل 10 أشهر وحتى اليوم، لم تتوقف جهود الإمارات لوقف التصعيد وإنهاء الأزمة بالحوار والطرق السلمية.
جهود دبلوماسية وإنسانية انطلقت منذ اللحظة الأولى لاندلاع الأزمة منتصف أبريل/نيسان الماضي، وتطورت على مدار الفترة الماضية وفقا لتطورات الأزمة حرصا على التخفيف من وطأتها وتداعياتها الإنسانية.
عودة أكاذيب أغسطس
تلك الجهود البارزة حاول البعض عبثا التشويش عليها عبر أكاذيب مغرضة وافتراءات لا تمت للحقيقة بصلة، تزعم انحياز دولة الإمارات لأحد أطراف الأزمة في السودان.
أكاذيب سرعان ما نفت صحتها وزارة الخارجية الإماراتية، في بيان، دحضت فيه دولة الإمارات، أغسطس/آب الماضي، المزاعم بشأن انحيازها لأي من أطراف نزاع السودان، مؤكدة أن السلام والحل السياسي أولويتها.
وشددت دولة الإمارات على أنها "لم تقدم أي أسلحة أو ذخائر لأي من الأطراف المتحاربة في السودان منذ اندلاع النزاع".
أكاذيب أغسطس/آب التي سبق أن نفتها دولة الإمارات وفندتها ودحضت صحتها، يصر بعض المحسوبين على جهات سودانية رسمية، على إعادة ترديدها بين الفنية والأخرى، كان أحدثها خلال الساعات الماضية.
أكاذيب عجزت تلك الجهات ومن يدور في فلكها، عن أن يثبتوا صحتها، فلجأوا قبل ذلك إلى نشر وثائق مزورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تحمل نفس مضمون تلك الأكاذيب، إلا أن "العين الإخبارية" فندت تلك الوثائق وكشفت زيفها شكلا وموضوعا.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان الماضي، يخوض الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" اشتباكات لم تفلح سلسلة هدن متتالية في إيقافها، ما خلف آلاف القتلى، أغلبهم من المدنيين، وفرار أكثر من 8 ملايين شخص، نصفهم من الأطفال.
وبحسب أرقام الأمم المتحدة فإن نحو 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف سكان السودان، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، في حين يعاني نحو 3.8 مليون طفل دون سن الخامسة سوء تغذية.
وتحاول الأمم المتحدة حشد مساعدات من المجتمع الدولي وأطلقت نداء لجمع 4.1 مليار دولار للاستجابة للحاجات الإنسانية الأكثر إلحاحا.
اختلاق أزمات
وفي مواجهة الدعوات المستمرة لإنهاء الحرب والتفاوض لحل الأزمة، لجأت أطراف رسمية سودانية لاختلاق أزمات مع كل من يدعو لإنهاء الأزمة عبر الحوار.
فأعلن السودان رسميا، يناير/كانون الثاني الماضي، تجميد عضويته في الهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد" بشكل كامل.
جاء هذا بعد يوم واحد من القمة التي عقدتها إيغاد في العاصمة الأوغندية كمبالا والتي حددت في ختامها مهلة لمدة أسبوعين لقائدي الجيش عبد الفتاح البرهان والدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" لعقد لقاء مباشر بينهما لمناقشة وقف الحرب المستمرة بين الطرفين منذ منتصف أبريل/نيسان؛ كما قررت القمة وضع جدول زمني محدد لخارطة الطريق الأفريقية التي تشمل نشر قوات إقليمية في العاصمة الخرطوم.
وقبل ذلك بنحو شهر طلب السودان من الأمم المتحدة، "إنهاء فوريا" للبعثة السياسية للمنظمة في البلاد، والتي تحمل اسم بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس)، زاعمة أن أداء البعثة في تنفيذ أهدافها "كان مخيبا للآمال".
وأنهت مهمة بعثة الأمم المتحدة في السودان (يونيتامس) ديسمبر/كانون الأول بموجب قرار صوت عليه مجلس الأمن الدولي.
وتم إنشاء بعثة الأمم المتحدة من قبل مجلس الأمن الدولي في يونيو/حزيران 2020 لتقديم الدعم للسودان خلال انتقاله السياسي إلى الحكم الديمقراطي.
وفي 27 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أمر الاتحاد الأفريقي، بتعليق مشاركة السودان في جميع أنشطته "بأثر فوري"، على خلفية ما وصفه بـ"استيلاء الجيش السوداني على السلطة وحل الحكومة الانتقالية".
وبين الفينة والأخرى تحاول تلك الأطراف المحسوبة على الجهات الرسمية السودانية ترويج أكاذيب عن دولة الإمارات.
القيادي بقوى الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم السابق بالسودان)، محمد عبدالحكم حذر في تصريحات سابقة لـ"العين الإخبارية" من أن "استعداء الحكومة للدول الشقيقة والصديقة التي فتحت أبوابها للسودانيين الفارين من جحيم الحرب، أمر مثير للعجب".
وتساءل "كيف يتسق أن تعادي من هرع لعون شعبك لا لشيء سوى أنه حمل أحلام السودانيين التواقين للحياة الكريمة، وسعى لدعم حلمهم في وقف الحرب وإحلال السلام في وطن كانت ولا تزال الحركة الإسلامية الإرهابية هي مبعث مصائبه، وسبب عذاباته".
دعم تاريخي
منذ بدء العلاقات بين دولة الإمارات والسودان قبل 5 عقود وحتى اليوم، تتدفق مساعدات إماراتية إغاثية وإنسانية واقتصادية وتنموية.
مساعدات تتدفق كنهر عطاء ينبع من دار زايد لإغاثة أهل السودان، الأمر الذي يجسّد خصوصية العلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين من جانب.
ومن جانب آخر يؤكد أن التزام الإمارات بمد يد العون والمساعدة للأشقاء في السودان، هو التزام تاريخي بدأ منذ عهد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ويتواصل حتى اليوم بتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.
يأتي ذلك في إطار حرص دولة الإمارات الدائم على دعم ومساندة الدول الشقيقة والصديقة، وتؤكد نهج العمل الإنساني الراسخ الذي يعد ركيزة أساسية من ركائز السياسة الإماراتية التي لطالما أكدت قيادتها ضرورة مد يد العون والمساعدة للشعوب كافة التي تمر بظروف صعبة سواء كان بسبب كوارث طبيعية أو حروب وأزمات سياسية أو صحية.
دعم يتواصل على مر التاريخ منزه عن أي غرض، سوى حرص القيادة الإماراتية على الوقوف إلى جانب السودان.
وتزايد هذا الدعم، منذ الاشتباكات التي يخوضها الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي.
ضمن أحدث جهودها في هذا الصدد، أرسلت دولة الإمارات، 21 ديسمبر/كانون الأول، طائرة مساعدات إلى جمهورية جنوب السودان تحمل على متنها 100 طن من الإمدادات الغذائية لتوفير الاحتياجات الإنسانية الضرورية للاجئين السودانيين في جنوب السودان.
خطوة رائدة تأتي في إطار توسيع مظلة المساعدات الإنسانية الإماراتية لتشمل عدداً من دول الجوار السوداني بما يساهم في تعزيز الاستجابة الإنسانية للمجتمعات المحلية المستضيفة للاجئين، وتزويدها بسلة متكاملة من الإمدادات الغذائية الضرورية والمستلزمات والخدمات الطبية، وذلك في إطار التزام دولة الإمارات الثابت ونهج قيادتها الرشيدة بمساعدة الدول والشعوب في الأوقات الصعبة.
وبذلت دولة الإمارات منذ بداية الأزمة جهوداً إنسانية مكثفة لمتابعة الوضع الإنساني للشعب السوداني الشقيق، عبر تدشين جسر جوي مع جمهورية السودان وجمهورية تشاد في إطار جهودها الإنسانية المتواصلة لدعم اللاجئين السودانيين في دول الجوار، وخاصة الفئات الأكثر احتياجاً من المرضى والأطفال وكبار السن والنساء، وتقديم كافة أشكال الدعم والمساندة للأشقاء السودانيين.
بلغة الأرقام، قدمت الإمارات ما يلي:
- 8810 أطنان من الإمدادات الغذائية والطبية عبر تسيير 133 طائرة إمدادات
- إرسال سفينة حملت نحو 1000 طن من المستلزمات الإغاثية العاجلة
-إعادة تأهيل 3 مدارس، وحفر 3 آبار، وكذلك إقامة مستشفى ميداني في مدينة أمدجراس التشادية 9 يوليو/تموز الماضي شكّل شريان حياة بالغ الأهمية للاجئين السودانيين والتشاديين الذين يحتاجون إلى الرعاية الطبية والصحية حيث يوفر العلاج والخدمات الطبية للاجئين الفارين من النزاع وكذلك السكان التشاديين.
وكانت الإمارات أول دولة تعلن عن دعم إنساني للسودان في بداية الأزمة، حينما أعلنت في 26 أبريل/نيسان تقديم 50 مليون دولار كمساعدات إماراتية إنسانية طارئة للسودان، في سبق إنساني وجهت دولة الإمارات عبره أنظار العالم إلى ضرورة التركيز على البعد الإنساني للأزمة السودانية لتخفيف وطأة الأزمة على المدنيين، وعززت من خلاله جهودها السياسية المتواصلة لاحتواء الأزمة.