الإمارات وإندونيسيا.. ركيزتان لكوكب مستدام مناخياً وبيئياً
كوكب أخضر متجدد المناخ بلا تحديات احترار أو تداعيات كوارث، هدف مشترك وطموح تعمل دولة الإمارات وإندونيسيا على تحقيقه.
في مجالي الطاقة المتجددة والنظيفة والبيئة، يحشد البلدان جهودهما الحثيثة لتعزيز العمل المناخي الدولي، عبر تعاون أكبر وضخ استثمارات نوعية من خلال توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم ثنائية عديدة في مصادر من شأنها ضمان الاستدامة للمجتمعات والأجيال القادمة.
واليوم، تتقدم الدولتان معاً نحو عصر جديد من الازدهار المستدام مدعومتين بطموحات المجتمعات لتحقيق الحياد المناخي، وذلك تماشياً مع أولويات "اتفاق الإمارات التاريخي"، لمضاعفة القدرة العالمية على إنتاج الطاقة المتجددة ثلاثة أضعاف بحلول عام 2030.
وقد استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، الثلاثاء الموافق 16 يوليو/تموز 2024، جوكو ويدودو رئيس جمهورية إندونيسيا، الذي يقوم بزيارة دولة تستغرق يومين لدولة الإمارات.
وتشكل "زيارة دولة" التي بدأها رئيس إندونيسيا، الثلاثاء، لدولة الإمارات؛ محطة مهمة في تعزيز مسار العلاقات الشاملة بين البلدين، متوجة مسيرة 47 عاماً من علاقات التعاون والصداقة بين أبوظبي وجاكرتا.
ويتوقع أن يعزز البلدان خلال الزيارة شراكتهما خصوصاً في قطاعات كالطاقة النووية، والاستثمار، والقطاع المالي، وغيرها من القطاعات الحيوية.
مركز "محمد بن زايد - جوكو ويدودو" لأبحاث القرم
في 21 مايو/أيار 2024، أعلنت دولة الإمارات وضع حجر الأساس لمشروع "مركز محمد بن زايد – جوكو ويدودو" لأبحاث القرم بالتعاون مع إندونيسيا، وذلك في جزيرة بالي، والذي جاء ثمرة التزام دولة الإمارات بتقديم 10 ملايين دولار لتعزيز الجهود العالمية لتنمية القرم، التي تعد أحد أهم الحلول الحيوية القائمة على الطبيعة في مواجهة التغيرات المناخية وحماية النظم البيئية الساحلية.
ويعد المركز إضافة متميزة للجهود العالمية المعنية بزيادة نشر أشجار القرم وعلى رأسها، "تحالف القرم من أجل المناخ" الذي أطلقته دولة الإمارات بالتعاون مع إندونيسيا ويضم 41 دولة من مختلف أنحاء العالم، إضافة إلى مبادرة "تنمية القرم"، التي تمثل جهداً تعاونياً بين التحالف العالمي لأشجار القرم ورواد الأمم المتحدة للمناخ.
ويمثل مركز "محمد بن زايد - جوكو ويدودو" أحد أهم إسهامات دولة الإمارات في تعزيز الاستدامة المناخية والبيئية في العالم وحماية كوكب الأرض من آثار التغيرات المناخية ويجسد متانة الشراكة الاستراتيجية بين دولة الإمارات وإندونيسيا في العديد من المجالات الحيوية وأهمها دفع منظومة التنمية المستدامة وتوحيد الجهود لخلق مستقبل مستدام للدولتين.
ويقام مركز (محمد بن زايد - جوكو ويدودو) على مساحة 2.5 هكتار حيث ستتوفر البنى التحتية الداعمة بما في ذلك الطرق والكهرباء والمياه، وسيكون داخل متنزه الغابات الكبرى "نغوراه راي" في مقاطعة بالي الإندونيسية وهو متنزه يتميز بتنوعه البيولوجي الفريد ويمتد على مساحة 1.158.44 هكتارا من نظم أشجار القرم البيئية حول خليج بينوا.
وفي هذا المجال، تفخر شركة مبادلة الإماراتية للطاقة بسجلها الحافل بالأنشطة الداعمة لبرامج الحفاظ على البيئة البحرية في دولة الإمارات وإندونيسيا من خلال تعزيز جهود إعادة التأهيل ودعم الدراسات البحثية، حيث سيكون لهذا التوسع المهم في أنشطة الشركة البيئية تأثير حقيقي من حيث دعم التزام دولة الإمارات بزراعة 100 مليون شجرة قرم بحلول عام 2030.
- الإمارات وكوريا الجنوبية.. شراكة عابرة للجغرافيا وثمار اقتصادية شرقا وغربا
- الإمارات وأذربيجان.. توقيع اتفاقيات شراكة بمجالات الطاقة الخضراء
أكبر محطة طاقة شمسية كهروضوئية عائمة.. إندونيسيا سوق استراتيجي لـ"مصدر"
فيما تعتبر إندونيسيا وجنوب شرق آسيا سوقاً استراتيجية رئيسية لشركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر"، حيث قامت "مصدر" بتطوير محطة "شيراتا" للطاقة الشمسية الكهروضوئية العائمة بقدرة 145 ميغاواط والتي تعد أكبر محطة من نوعها في المنطقة، وتسهم في تزويد 50 ألف منزل بالكهرباء.
وقد أعلنت "مصدر" عن المشروع في يناير/كانون الثاني 2020 من خلال توقيع اتفاقية شراء طاقة مع شركة "بي تي بي إل إن نوسانتارا رينوبلز" التابعة لشركة الكهرباء الحكومية في إندونيسيا "بيروشان ليستريك نيجارا"، وذلك في إطار تطوير "مصدر" لأكبر محطة طاقة شمسية كهروضوئية عائمة في جنوب شرق آسيا.
وفي فبراير/شباط 2023، أعلنت "مصدر" عن دخولها قطاع الطاقة الحرارية الأرضية من خلال استثمار استراتيجي في شركة "برتامينا جيوثرمال إنرجي".
بينما جرى تدشين المرحلة الأولى من محطة "شيراتا" في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 بقدرة 145 ميغاواط (192 ميغاواط وقت الذروة)، لتوفر الطاقة المتجددة لنحو 50 ألف منزل، وتسهم المحطة التي تم بناؤها على سطح مياه سد "شيراتا" الواقع في مقاطعة جاوة الغربية في الحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بمعدل 214 ألف طن سنوياً.
وفي 3 ديسمبر/كانون الأول 2023، وقعت "مصدر"، اتفاقيات تعاون استراتيجية مع شركة "بي إل إن نوسانتارا باور"، بهدف المضي في خطط تطوير أكبر محطة طاقة شمسية كهروضوئية عائمة في جنوب شرق آسيا، إلى جانب تطوير مشروع الهيدروجين الأخضر، ما يعزز من مكانة دولة الإمارات وإندونيسيا كمراكز لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتحقيق الحياد الكربوني.
وتركز الاتفاقيات على مجموعة من المبادرات والمشاريع الاستراتيجية، أبرزها إجراء دراسة مشتركة حول مضاعفة القدرة الإنتاجية في محطة "شيراتا" للطاقة الشمسية الكهروضوئية العائمة ثلاث مرات إلى 500 ميغاواط. كما اتفق الجانبان على استكشاف خيارات للطاقة المتجددة في مختلف أنحاء العالم، وإمكانية تطوير الهيدروجين الأخضر الذي يتمتع بإمكانات هائلة في الحد من انبعاثات الكربون خصوصاً في قطاع الصناعات ذات الاستخدام الكثيف للطاقة، بما فيها صناعة الصلب، وقطاع البناء إلى جانب قطاعي النقل والطيران.
وفي 22 مايو/أيار 2024، وقعت "مصدر"، اتفاقيات استراتيجية لتطوير مشاريع جديدة للطاقة المتجددة في إندونيسيا بهدف المساهمة في دعم جهود تحول الطاقة في البلاد.
وتعزز الاتفاقيات الشراكة الوطيدة بين دولة الإمارات إندونيسيا والرامية إلى تطوير قطاع الطاقة المتجددة في المنطقة، وتلبية احتياجات إندونيسيا الحالية والمستقبلية من الطاقة.
وشملت الاتفاقيات الموقعة مذكرة تفاهم مع شركة "بيرتامينا باور إندونيسيا" لتطوير مشاريع طاقة شمسية وطاقة رياح وهيدروجين أخضر في إندونيسيا وخارجها.
وتستند المذكرة في أهدافها إلى الشراكة القائمة بين "مصدر" و"بيرتامينا باور" من خلال شركة بيرتامينا للطاقة الحرارية الأرضية. وتمثل خطوة مهمة للمضي قدماً في تعزيز العلاقة الاستراتيجية بين الطرفين.
وبهدف المساهمة في دعم تحول الطاقة في المناطق العمرانية، حصلت "مصدر" على الموافقة على المضي قدماً في تطوير ما يصل إلى 2 غيغاواط من الطاقة المتجددة في مشروع العاصمة الإندونيسية الجديدة نوسانتارا بدءاً بـ200 ميغاواط كمرحلة أولى. ويأتي ذلك في أعقاب تقديم "مصدر" لدراسة مقترحة تتضمن تلبية كامل احتياجات المدينة من الطاقة بحلول عام 2045، وذلك بالاعتماد على مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
الحد من تسرب النفايات البلاستيكية في 7 أنهار بإندونيسيا
في 25 أبريل/نيسان 2024، وقعت وزارة التغير المناخي والبيئة بدولة الإمارات، مذكرة تفاهم مع وزارة الشؤون البحرية والاستثمار في إندونيسيا. وذلك لمساعدة الجانب الإندونيسي في الحد من تسرب النفايات البلاستيكية إلى المحيطات.
وخلال الحدث تم الإعلان عن إطلاق مؤسسة "الأنهار النظيفة" - وهي منظمة غير ربحية عالمية تهدف إلى مواجهة تحدي التلوث البلاستيكي النهري ويقع مقرها في أبوظبي، حيث ستقوم بدورها كشريك تنفيذي رسمي لمذكرة التفاهم. وتلتزم "الأنهار النظيفة" بتقديم ما يصل إلى 20 مليون دولار لمبادرات في إندونيسيا ستمنع دخول نحو 300 ألف طن من النفايات البلاستيكية إلى المحيطات كل عام.
وستساهم الاتفاقية في معالجة تسرب النفايات البلاستيكية في 7 أنهار في إندونيسيا. ومن المتوقع أن تتمكن إندونيسيا من خلال تلك الاتفاقية من تسريع عملية خفض نسب تسرب النفايات البلاستيكية لتحقيق هدفها بخفضه بنسبة 70% بحلول 2025.
تعاون مستدام في الاقتصاد الأخضر
وتحرص إندونيسيا على تعزيز التعاون مع دولة الإمارات في العديد من المجالات في صدارتها الاقتصاد الأخضر وتحسين فرص الأعمال.
وفي يوليو/تموز الجاري رحّبت ناسداك دبي، بثلاثة إصدارات لصكوك صادرة من قبل إندونيسيا، بقيمة إجمالية تبلغ 2.35 مليار دولار، في إطار برنامجها لإصدار شهادات الائتمان بقيمة 35 مليار دولار.
عززت هذه الصكوك من مكانة دبي كمركز محوري في العالم لإدراج الصكوك، إذ بلغت القيمة الإجمالية للصكوك المدرجة 96.39 مليار دولار، فضلا عن تعزيز العلاقات الوثيقة بين دبي وإندونيسيا.
وتشمل إدراجات الصكوك الثلاثة شهادات ائتمان بقيمة 750 مليون دولار مُستحقة في عام 2029، وشهادات ائتمان بقيمة مليار دولار مُستحقة في عام 2034، إلى جانب شهادات ائتمان هي عبارة عن صكوك خضراء بقيمة 600 مليون دولار وتستحق في عام 2054.
ويعكس إدراج هذه الصكوك في ناسداك دبي، مكانة جمهورية إندونيسيا كأحد المُصدرين الرئيسين للصكوك في البورصة، مع 20 إدراجا بقيمة إجمالية تبلغ 24.1 مليار دولار.
ويعد إصدار الصكوك الخضراء التي تمتد لـ30 عاماً دليلاً ملموساً على إندونيسيا والتزامها طويل الأمد بالتمويل الأخضر والمستدام لمواجهة تأثيرات التغير المناخي.
aXA6IDMuMTM2LjIyLjIwNCA=
جزيرة ام اند امز