الإمارات والأردن.. زيارات أخوية ترسخ شراكات استراتيجية
تتوج زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية للأردن العلاقات الأخوية بين البلدين.
وفي وقت سابق صباح اليوم، استقبل الملك عبدالله الثاني، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في عمان، في مستهل زيارة تناقش العلاقات والروابط الثنائية والملفات الإقليمية.
هذه العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، أرسى دعائمها الراحلان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والملك الحسين بن طلال، منذ سبعينيات القرن الماضي.
ويواصل رعاية الروابط الأخوية بين البلدين وتنميتها، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.
وتحمل زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للأردن، أهمية خاصة لأكثر من سبب؛ فهي تأتي تزامناً مع احتفالات الأردن بمناسبة عيد استقلاله الــ 75 ومئوية تأسيس المملكة الأردنية.
ويستذكر الأردنيون في تلك المناسبات الهامة الدعم الذي قدمته وما زالت تقدمه دولة الإمارات لبلادهم حكومة وشعبا منذ تأسيسها عام 1971، فيما يعتز الإماراتيون بالدعم الأردني المتواصل لمواقف بلادهم في مختلف المحافل الدولية والتنسيق المشترك معها لأجل مصالح المنطقة.
كما تأتي الزيارة بعد أسبوع على وقف التصعيد الأخير بين قطاع غزة وإسرائيل، بوساطة مصرية، وتأييد ودعم إماراتي أردني، فيما يجري تنسيق متواصل بين البلدان الثلاثة للتوصل إلى تهدئة طويلة الأمد ونشر السلام ودعم الأمن والاستقرار في المنطقة.
ويعزز هذا الدعم المتبادل والتنسيق المشترك العلاقات النموذجية المترسخة بين البلدين، والتي تعد مثالا يحتذى به في العلاقات العربية والدولية.
وتأتي زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان للأردن بعد نحو أسبوعين من تلقيه رسالة شفوية من الملك عبدالله الثاني، تتصل بالعلاقات الأخوية والاستراتيجية التي تجمع البلدين وسبل تنميتها وتعزيزها في مختلف المجالات بما فيه مصالحهما المتبادلة.
وتلقى ولي عهد أبوظبي، الرسالة خلال استقباله بشر الخصاونة رئيس وزراء الأردن، في قصر الشاطئ في 10 مايو/أيار الجاري.
واستمع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان من الخصاونة إلي بيان حول الجهود التي يبذلها الأردن لرعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف في ظل التطورات الراهنة التي تشهدها المدينة، مؤكدا دور الأردن المحوري ومواقفه التاريخية في حماية المقدسات الإسلامية في فلسطين والحفاظ على هويتها.
قمم وزيارات
وصل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالإمارات، الخميس، إلى عمان.
وكان في استقباله -لدى وصوله مطار "ماركا"- العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين.
ورحب الملك عبدالله الثاني بالشيخ محمد بن زايد آل نهيان والوفد المرافق، معربا عن سعادته بهذه الزيارة التي تجسد عمق العلاقات الأخوية التي تجمع دولة الإمارات والأردن وشعبيهما الشقيقين.
وبحث عاهل الأردن وولي عهد أبوظبي العلاقات الأخوية بين البلدين، والتطورات في المنطقة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
والمتتبع لمسيرة العلاقات الإماراتية - الأردنية في الآونة الأخيرة، وما تشهده من تقارب في الرؤى حول مجمل القضايا، وتنامي التعاون بينهما في مختلف المجالات، يلمس خصوصية هذه العلاقات، وكيف أنها تشكل أهم مرتكزات الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة.
وينبع هذا الدور الثنائي في المنطقة من أن العلاقات بين الإمارات والأردن تستند إلى أسس صلبة من التضامن والتعاون الوثيق في مواجهة كل التحديات والمخاطر التي تنطوي على تهديد واضح لأمن واستقرار الدول العربية.
ويتجسد التنسيق والتعاون الثنائي على أرض الواقع، في مشاركة البلدين الفاعلة في العديد من المبادرات والجهود التي تستهدف تحقيق الأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي.
ويحرص البلدان على تبادل الرؤى وتعزيز التعاون بينهما لخدمة القضايا العربية، ومواجهة التهديدات التي تواجه الأمن القومي العربي، وذلك من منطلق الإيمان بأن الأمر لا يمكن التصدي له، إلا عبر جهد جماعي عربي مشترك.
كما أن القمم والزيارات المتبادلة والمباحثات المتتالية بين قيادات البلدين رسخت العلاقات القوية التي تربط الإمارات والأردن، وعمقت توافق الرؤى بينهما حول مجمل قضايا المنطقة والعالم.
وإضافة إلى زيارة رئيس وزراء الأردن للإمارات قبل أسبوعين، أجرى عاهل الأردن زيارة لأبوظبي يناير/كانون الثاني الماضي كانت الثانية له خلال 3 أشهر فقط؛ حين استقبله الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في قصر الشاطئ بأبوظبي؛ وبحثا العلاقات الثنائية وتبادلا وجهات النظر حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية.
وحضر الملك عبدالله الثاني في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قمة ثلاثية ضمت الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة. في أبوظبي.
كما أجرى العاهل الأردني زيارة أيضا لأبوظبي في يوليو/تموز الماضي، وبحث مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، العلاقات الأخوية بين البلدين وسبل دعمها وتنميتها على المستويات كافة بما يحقق مصالحهما المتبادلة، إضافة إلى عدد من القضايا والملفات الإقليمية والدولية التي تهم البلدين.
وتطرق الجانبان خلال الزيارة إلى جهود دولة الإمارات والمملكة الأردنية في التعامل مع انتشار فيروس "كورونا" وآليات تعزيز التعاون بين مؤسساتهما الصحية في هذا الشأن، إضافة إلى آخر المستجدات الخاصة بانتشار الجائحة في المنطقة والعالم وجهود المجتمع الدولي لاحتواء تداعياتها.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبدالله الثاني في ختام اللقاء، حرصهما على الاستمرار في دعم العلاقات الأخوية بين البلدين، للوصول بها إلى آفاق جديدة من التعاون والعمل المشترك الذي يخدم مصالحهما وشعبيهما.
نقلة نوعية
وشهدت العلاقات بين البلدين نقلة نوعية تمثلت في حرص القيادة فيها على إضفاء الطابع المؤسسي على العلاقات من خلال تأسيس لجنة عليا مشتركة برئاسة وزيري الخارجية، ولجنة مشاورات سياسية، ولجان فنية، ولجنة الأخوة البرلمانية الأردنية- الإماراتية.
وعملت هذه اللجان على تنفيذ الرؤية الاستراتيجية لقيادتي البلدين للوصول إلى آفاق أرحب وأوسع في العلاقات الثنائية ولمواجهة التحديات في المنطقة بما يعود بالخير على الشعبين الشقيقين ويدعم مسيرة العمل العربي المشترك.
وفي المجال العسكري، يصب التعاون المشترك بين القوات المسلحة الإماراتية والأردنية، في مصلحة الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، ويعزز العمل على مواجهة المخاطر التي تواجه الأمن الإقليمي بشكل عام، والأمن القومي العربي بشكل خاص.
وفي أحدث خطوات التعاون بين البلدين، وقعت وزارة الدفاع الإماراتية مذكرة تفاهم "عن بعد" في 14 أبريل/ نيسان الماضي مع الأردن في مجال الصناعات العسكرية، وذلك لتعزيز التعاون بين البلدين في القطاع العسكري.
محمد بن زايد.. مكانة خاصة
العلاقات الأخوية التاريخية بين الإمارات والأردن، تظهر جلية في أسماء العديد من المؤسسات التي تحمل اسم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في الأردن، تقديرا للدعم الإماراتي والعلاقات الأخوية، وتعبيرا عن المكانة التي يحظى بها لدى الأردن.
أحدث هذه المؤسسات مستشفى الشيخ محمد بن زايد الميداني المخصص لعلاج المصابين بكورونا، الذي افتتحه عاهل الأردن يناير/كانون الثاني الماضي، ويضم 216 سريراً منها 56 سريراً للعناية الحثيثة، وأنشئ بتبرع من دولة الإمارات.
أيضا على صعيد التعاون بين البلدين في مواجهة جائحة "كوفيد- 19"، أرسلت الإمارات 3 طائرات مساعدات تحمل 39.1 طن من المواد والمستلزمات الطبية استفاد منها نحو 39100 عامل في المجال الطبي الأردني، كما تم إرسال فريق طبي أردني لدعم الجهود الطبية في الإمارات.
وفي مارس/آذار 2020، افتتح الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي عهد الأردن أيضا "مدينة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان التدريبية" في محافظة الزرقاء.
وأعرب ولي العهد الأردني وقتها عن تقديره لدولة الإمارات لتمويلها إنشاء المدينة التدريبية التابعة للجيش الأردني في إطار التعاون الذي يؤكد عمق العلاقات الأخوية، لافتا إلى أن هذا التعاون نهج ثابت ينطلق من عمق العلاقة التاريخية التي رسختها قيادتا البلدين.
وفي دلالة على عمق العلاقات الراسخة بين البلدين، أطلق العاهل الأردني اسم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على لواء التدخل السريع/عالي الجاهزية، في حفل بهيج بقصر الحسينية بعمان حضره الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في نوفمبر/تشرين الثاني عام ٢٠١٨.
وتتويجا لتلك العلاقات، منح الملك عبدالله الثاني بن الحسين خلال الزيارة ذاتها، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، "قلادة الحسين بن علي"، وهي أرفع وسام في المملكة الأردنية يهدى للملوك ورؤساء الدول والحكومات.
هذه العلاقات الأخوية القوية، انعكست على العلاقات الاقتصادية التي تترجمها الأرقام على أرض الواقع، حيث بلغ حجم الاستثمارات الإماراتية في المملكة حوالي 17 مليار دولار، وقيمة التبادل التجاري 818 مليون دولار خلال الفترة من يناير/كانون الثاني وحتى شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي.
كما بلغ إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية بين الجانبين في عام 2019 نحو 10.4 مليار درهم إماراتي، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 10.6% مقارنة بالعام 2018، فيما ارتفعت نسبة إعادة التصدير من دولة الإمارات إلى الأردن بنحو 19%.