المجلس الوطني الاتحادي.. تاريخ وطن يُسطر بعقول أبنائه
انطلق المجلس الوطني الاتحادي انعكاسا لمبدأ الشورى الذي رسخه الشيخ زايد آل نهيان، وكجزء من السلطات الاتحادية الخمس في دولة الإمارات.
الطموح والمشاركة والمسؤولية ركائز في التعامل بين المواطن الإماراتي وحكومته، شكلت تلك الركائز هوية سياسية وطنية انطلقت منها المبادرات والرؤى الحكومية والقوانين والتشريعات، وبُنيت وفقها مختلف مؤسسات الدولة، بدءا من الجهات الحكومية المحلية وصولا إلى الجهات الاستشارية العليا.
هذه المشاركة الفعالة أسست مجتمعا متماسكا دائم التطور اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وسط جهود حكومية حثيثة من قبل قيام دولة الاتحاد وحتى هذه اللحظة، واليوم ونحن على أعتاب الدورة الرابعة من انتخابات المجلس الوطني الاتحادي يتبادر إلى أذهاننا كم ساهمت تلك الممارسات والمبادئ في إيجاد بيئة سياسية خلاقة تتيح للمواطن المشاركة في صنع القرارات ورسم خارطة مستقبله.
"العين الإخبارية" ترصد في التقرير التالي كيف تشكل المجلس الوطني الاتحادي؟ وما هي الاختصاصات المنوطة به وأهم إنجازاته منذ التأسيس وحتى الآن؟
الإرهاصات الأولى
مشاركة المواطنين الإماراتيين في صياغة واقعهم ومستقبلهم شهدتها الدولة حتى من قبل قيام الاتحاد، إذ ساد نظام العمل بالشورى في عهد الإمارات المتصالحة، لتستمر المسيرة مع قيام الاتحاد بتطبيق مبادئ الشورى والديمقراطية التي انطلقت رسميا مع سن الدستور الإماراتي في عام ١٩٧١.
وقد مرّ المجلس الوطني الاتحادي بمرحلتين مهمتين وهما: مرحلة التأسيس من 1971 إلى 2004، ومرحلة التطور والتحسين والإصلاح منذ 2006.
البداية
انطلق المجلس الوطني الاتحادي انعكاسا لمبدأ الشورى الذي رسخه الشيخ زايد آل نهيان، وكجزء من السلطات الاتحادية الخمس في دولة الإمارات العربية المتحدة وهي: "المجلس الأعلى للاتحاد، رئيس الاتحاد ونائبه، مجلس وزراء الاتحاد، المجلس الوطني الاتحادي، القضاء الاتحادي"، وبذلك يتبوأ المجلس المركز الرابع في سلم السلطات الاتحادية.
عُقدت أولى جلساته في الثاني عشر من فبراير 1972 ليسلط الضوء على متطلبات المواطنين وسن القوانين والتشريعات التي تعكس تلك الاحتياجات وتعزيز الاستثمار في العنصر البشري، ومن ثم ترسيخ مشاركة مختلف فئات الشعب في العمل السياسي عبر البرلمان.
التشكيل
تنص المادة ٦٨ من الدستور الإماراتي على تشكيل المجلس الوطني الاتحادي، إذ يتكون من 40 عضوا مُوزعين على مختلف إمارات الدولة بواقع: ٨ مقاعد لإمارة أبوظبي، و٨ مقاعد لإمارة دبي، و٦ مقاعد لإمارة الشارقة، و٦ مقاعد لإمارة رأس الخيمة، و٤ مقاعد لإمارة عجمان، و٤ مقاعد لإمارة الفجيرة، و٤ مقاعد لإمارة أم القيوين.
عهد الانتخاب
تشكيل المجلس الوطني الاتحادي كان في البداية يخضع لاختيار كل إمارة، بحيث يتم حسب المادة ٦٩ من الدستور الإماراتي اختيار عدد من المواطنين لتمثيلها في المجلس.
ولكن مع صدور قرار المجلس الأعلى للاتحاد رقم ٤ لسنة 2006، بدأ عهد الانتخاب إذ يتم انتخاب نصف الأعضاء مع ترك المجال لحاكم كل إمارة لاختيار النصف الآخر.
وفي عام 2008، أُطلقت تعديلات دستورية لمنح صلاحيات أوسع للمجلس الوطني الاتحادي، لتفعيل تأثيره السياسي على أرض الواقع بالتنسيق مع مجلس الوزراء.
الاختصاصات
يختص المجلس الوطني الاتحادي بثلاث وظائف رئيسية يندرج منها عدد من الوظائف الفرعية وهي: مهام تشريعية تخص إجراء التعديلات الدستورية، وإقرار مشروعات القوانين الاتحادية، قبل رفعها إلى رئيس الاتحاد لعرضها على المجلس الأعلى للتصديق عليها، كما يناقش المجلس مشروعات قوانين الميزانية العامة للدولة ومشروعات قوانين الحساب الختامي.
كما يعني المجلس بمهمة تمثيلية للإنابة عن شعب الاتحاد جميعه، وليس فقط عن الإمارة التي يمثلها داخل المجلس، بالإضافة إلى القيام بدور رقابي يتمثل في مناقشة القضايا العامة، وتوجيه الأسئلة إلى الوزراء والمسؤولين المختصين حول أداء مختلف الجهات داخل الدولة.
مدة العضوية
تبلغ مدة عضوية المجلس الوطني الاتحادي ٤ سنوات منذ تاريخ انعقاد أول اجتماع للمجلس، يتمتع العضو خلال تلك الفترة بالحصانة البرلمانية، ويقسم الفصل التشريعي إلى عدة أدوار انعقاد عادية سنوية تبدأ في الأسبوع الثالث من شهر أكتوبر كل عام، ويستمر لمدة لا تقل عن ٧ أشهر، ويمكن تحديد الانعقاد غير العادي حسب متطلبات الدولة.
كيفية الترشح
هناك مجموعة من الشروط الواجب توافرها في المترشح انتخابات المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي، وهي: أن يكون من مواطني إحدى إمارات الاتحاد، ويقيم بصفة دائمة في الإمارة التي يمثلها في المجلس الوطني الاتحادي، وألا يقل عمره عن 25 سنة، إضافة إلى أن يكون متمتعاً بالأهلية المدنية، محمود السيرة، حسن السمعة، لم يسبق الحكم عليه في جريمة مخلة بالشرف، ما لم يكن قد رد إليه اعتباره طبقاً للقانون، إلى جانب ضرورة إلمامه بمبادئ القراءة والكتابة.
الحقوق
يتمتع المرشح لانتخابات المجلس الوطني الاتحادي بالعديد من الحقوق للتعبير عن نفسه والقيام بأي نشاط يستهدف إقناع الناخبين باختياره والدعاية لبرنامجه الانتخابي بحرية تامة وفق القواعد التي تنص عليها التعليمات التنفيذية للانتخابات المجلس الوطني الاتحادي 2019.
كما يحق له تلقي تبرعات من الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين الإماراتيين فقط، إلى جانب تأسيس مقر انتخابي بعد الحصول على موافقة لجنة الإمارة، مع إمكانية حصوله على إجازة إذا كان موظفاً عاماً أو من ذوي الصفة العسكرية، إضافة إلى اختيار وكيل عنه من بين المقيدين في الهيئة الانتخابية للإمارة التي ينتمي إليها لحضور عمليتي الاقتراع والفرز.
الواجبات
في مقابل الحقوق التي يحصل عليها المرشح الانتخابي، هناك مجموعة من الواجبات التي يجب عليه الالتزام بها، ومنها: العمل على تعزيز الانتماء الوطني تحقيقا للمصلحة العامة، مع التزامه بالمحافظة على قيم ومبادئ المجتمع والتقيد بالنظم واللوائح واحترام النظام العام.
كما يلتزم المرشح بعدم تضمين الحملة الانتخابية أفكاراً تدعو إلى إثارة التعصب الديني أو الطائفي أو القبلي أو العرقي تجاه الغير، مع ضرورة الإفصاح عن تمويل حملته الانتخابية، وتقديم كشوف بالأموال التي يتلقاها –أولاً بأول- إلى لجنة الإمارة.
التطوع
تتيح اللجنة الوطنية لانتخابات المجلس الوطني الاتحادي فرصة لأبناء الإمارات، للمشاركة في هذا العرس الديمقراطي من خلال التطوع في التنظيم، وهو ما يسهم في توسيع مداركهم وإثراء معلوماتهم الثقافية حول دور المجلس واختصاصاته والأطر القانونية التي تحكم عمله.
وقد وضعت اللجنة شروطا بسيطة يجب أن تتوافر في المتطوع وهي: أن يكون من مواطني دولة الإمارات، ولا يقل عمره عن ٢١ عاما، ويلتزم بحضور الدورة التدريبية واجتيازها بنجاح، مع التقيد بالعمل ضمن فرق المركز الانتخابي المنتشرة على مستوى إمارات الدولة ومناطقها، إضافة إلى تزويد اللجنة بالوثائق المطلوبة.
الإنجازات
تطور كبير شهده المجلس الوطني الاتحادي منذ تأسيسه وحتى الآن ظهر جليا في التالي:
انعقاد 534 جلسة ودراسة وإقرار 577 من مشروعات القوانين ومناقشة 302 موضوع عام وتوجيه 663 تساؤلاً إلى المسؤولين الحكوميين والوزراء وإصدار 73 بياناً.