الإمارات في حرب روسيا وأوكرانيا.. الإنسان أولا والدبلوماسية الشاملة ثانيا (خبراء)
لا يمكن فصل موقف دولة الإمارات العربية المتحدة في جلسة مجلس الأمن حول الحرب الروسية الأوكرانية، عن مبادئ الدولة الإنسانية المترسخة وتبنيها الدائم لرؤية تعتمد على الدبلوماسية وعدم الانحياز، وإبقاء قنوات الحوار مفتوحة، بحسب خبراء دوليين لـ"العين الإخبارية".
ففي الجلسة التي خصصت لمناقشة الحرب الروسية الأوكرانية، عبرت دولة الإمارات عن مبادئها الراسخة، وفضلت التمسك بطريق الدبلوماسية وعدم الانحياز، وإبقاء قنوات الحوار مفتوحة مع الجميع.
موقف واضح
وشددت السفيرة لانا نسيبة، المندوبة الدائمة لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة، على ضرورة الامتثال للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة كأساس للحوار.
وطالبت مندوبة دولة الإمارات في كلمتها خلال جلسة مجلس الأمن، بالتهدئة في أوكرانيا ووقف الأعمال العدائية وأن تظل القنوات الدبلوماسية مفتوحة.
وعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا، في نيويورك ليلة الجمعة، للتصويت على مشروع القرار الذي قدمته الولايات المتحدة وألبانيا، والذي كان يدين العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وكما كان متوقعًا، تم رفض النص بسبب استخدام موسكو حق النقض "الفيتو"، لكن الخطوة كانت تهدف إلى إظهار العزلة الدولية الجماعية لفلاديمير بوتين.
وخلال جلسة مجلس الأمن الدولي، امتنعت الصين عن التصويت في خطوة تعتبرها الدول الغربية انتصارا لإظهار عزلة روسيا على الصعيد الدولي.
كما امتنعت دولة الإمارات والهند أيضا عن التصويت على النص الذي صاغته الولايات المتحدة، فيما صوت الأعضاء الآخرون بمجلس الأمن وعددهم 11 لصالح مشروع القرار.
"مبادئ لا تتجزأ"
التأسيس القانوني لامتناع دولة الإمارات، يقود إلى تبيان الأسباب السياسية والإنسانية التي تقف وراء التوجه الإماراتي، وهي لا تنفصل بأي حال من الأحوال عن المبادئ الإنسانية لدولة الإمارات، واستراتيجيتها السياسية التي تشجع الدبلوماسية والحوار.
وفي هذا الإطار، اعتبر جيل إيمانويل جاكيه، أستاذ العلاقات الدولية بكلية جنيف للدبلوماسية، اليوم السبت، أن رؤية دولة الإمارات الإنسانية تجاه الحرب الأوكرانية مستوحاة من المبادئ التقليدية التي تنتهجها.
وقال المحلل السياسي في معهد جنيف الدولي لبحوث السلام، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "دولة الإمارات العربية المتحدة لديها علاقات مع أوكرانيا وروسيا، وبالتالي تتبنى موقفًا محسوبًا في دعم الحوار والحل السلمي لهذا الصراع وفق القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة".
وأضاف أن دولة الإمارات العربية المتحدة لديها نهج محايد في هذا الصراع، وأن رؤيتها الإنسانية مستوحاة من المبادئ التقليدية التي تنتهجها وللشريعة الإسلامية، لا سيما مبادئ الخمسين التي أعلن عنها مسبقا.
كما اعتبر جيل إيمانويل جاكيه أن "دولة الإمارات تريد أيضًا إظهار أن لها دورًا تلعبه في تسوية المشاكل الدولية بشكل سلمي".
"الدبلوماسية أولا"
بدوره، قال دانييلي روفينيتي الخبير السياسي الإيطالي، ومستشار السياسة الخارجية، في حديث لـ"العين الإخبارية" إن "دولة الإمارات تبني رؤيتها المستقلة والواقعية والتي تتمركز بالتالي حول مصالحها؛ ودعني أقل الشرعية".
وتابع روفينيتي الذي تظهر تحليلاته في عدد من الصحف المهمة حول العالم، وبينها صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية، أنه "في خضم التحالف التاريخي مع واشنطن، والعلاقات التجارية والاقتصادية الجديدة مع بكين، والعلاقات مع روسيا المرتبطة أيضا بالمصالح في إطار منظمة أوبك، أستطيع أن أقول بناء على كل ذلك، أن قرار الامتناع عن التصويت في الأمم المتحدة، مفهوم بشكل كبير".
روفينيتي تحدث أيضا عن استراتيجية دولة الإمارات التي تميل إلى اتباع دبلوماسية متوازنة وإبقاء قنوات الحوار مفتوحة مع الجميع.
سند قانوني
من الناحية القانونية، أشاد خبير في القانون الدولي، بقرار دولة الإمارات العربية المتحدة، الامتناع عن التصويت على مشروع القرار بمجلس الأمن.
وقال الدكتور أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي العام في مصر، إن امتناع دولة الإمارات عن التصويت هو أحد الحقوق القانونية التي تملكها الدولة، وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال رفض مشروع القرار.
وأوضح سلامة أن كافة الدول يكون لديها 3 خيارات أثناء عرض أي مشروع قرار عليها، سواء كانت دول تملك عضوية دائمة في مجلس الأمن أو عضوية غير دائمة؛ وهي الموافقة على القرار أو رفضه أو حتى الامتناع عن التصويت، والإجراء الأخير "لا يعني قبولا أو رفضاً للمشروع".
وأضاف "من الناحية القانونية طبقاً للمواثيق الدولية، فإن دولة الإمارات لها مطلق الحرية في اختيار قرارها، وهو يعد من القرارات السيادية الانفرادية التي لا تملك أي جهة أو هيئة دولية أو دولة منازعتها فيه"، لافتاً إلى أن الامتناع عن التصويت "لا يقف عقبة" حينما يكون هناك إجماع في سبيل صدور قرار عن مجلس الأمن.
وأشاد سلامة بتصريحات المندوبة الإماراتية الدائمة في الأمم المتحدة لانا نسيبة في جلسة التصويت، ونوه إلى أن دعوة الإمارات إلى احترام القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة معناها احترام عدم اللجوء إلى النزاعات المسلحة والجنوح إلى السلام في تسوية النزاعات دون خوض حروب تؤدي في نهاية المطاف إلى خسائر بشرية واقتصادية لا يمكن تداركها.
٣ ركائز
ووفق مراقبين، فإن موقف دولة الإمارات العربية المتحدة من الأزمة ينطلق من ٣ عوامل رئيسية؛ وهي ضرورة حماية المدنيين وتوفير المساعدات الإنسانية، وخفض التصعيد ومنع انزلاق الصراع إلى وضع مهدد للأمن والسلم الدوليين، واللجوء للحوار والقنوات الدبلوماسية لحل الأزمة.
واتساقا مع موقف دولة الإمارات المستند لمبادئها الإنسانية، أعربت وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية، عن قلقها بشكل خاص تجاه التداعيات المترتبة على المدنيين المتواجدين في أوكرانيا، وعلى المنطقة والمجتمع الدولي بأسره.
ودعت الوزارة في بيان صدر اليوم السبت، إلى وقف "الأعمال العدائية" في أوكرانيا، محذرة من أن التطورات الخطيرة تقوض الأمن والسلم الدوليين.
كما أكدت ضرورة وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، داعيةً كافة الأطراف إلى احترام القانون الإنساني الدولي، وإعطاء الأولوية لحماية المدنيين، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق.
وبذلك، لا ينفصل موقف دولة الإمارات عن الموقف الدولي العام الداعي لوقف التصعيد واللجوء إلى الحوار والدبلوماسية، ويتماشى مع مواثيق وقوانين الأمم المتحدة، وفق المراقبين.
يأتي ذلك في وقت دخلت فيه الحرب الروسية الأوكرانية، يومها الثالث، السبت، وسط قتال في ضواحي العاصمة الأوكرانية كييف، ومناطق متفرقة من البلاد.
وقالت وزارة الدفاع الروسية، في وقت سابق اليوم، إن هناك أوامر صدرت لوحدات القوات المسلحة الروسية بشن هجوم في جميع الاتجاهات، عقب إعلان الرئاسة الأوكرانية رفض التفاوض مع روسيا.
aXA6IDMuMTMxLjEzLjI0IA== جزيرة ام اند امز