الإمارات والسعودية.. تعاون ثقافي متنامٍ تعززه المناسبات الوطنية

تشارك دولة الإمارات، السعودية، الاحتفال بيومها الوطني الـ95، في وقت يتزايد فيه التعاون الثقافي بين البلدين.
تعاون متنامٍ يعزز العلاقات التاريخية الأخوية بين البلدين ويحفظ الإرث والتراث الحضاري المشترك ويثري المشهد الثقافي في البلدين والمنطقة ويسهم في نشر السلام والتسامح والوئام.
ويصادف اليوم الوطني السعودي، الذي يحل في 23 سبتمبر/أيلول من كل عام، وهو اليوم الذي أعلن فيه الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود توحيد البلاد تحت اسم "المملكة العربية السعودية" في شهر جمادى الأولى عام 1351هـ الموافق 23 سبتمبر/أيلول 1932.
وتحتفل المملكة بيومها الوطني هذا العام تحت شعار "عزّنا بطبعنا"، تجسيدا لمرور 95 عاما من العز والفخر للوطن، وتعبيرا عن قيم الأصالة المتجذّرة في طباع السعوديين وهويتهم الوطنية.
تحل تلك المناسبة في وقت تشارك فيه المملكة في فعاليات النسخة الـ25 من ملتقى الشارقة الدولي للراوي التي تستمر حتى 26 من سبتمبر/أيلول الجاري، بعد أن شاركت الإمارات قبل أيام في أعمال المؤتمر الدولي السابع للغة العربية وآدابها، الذي عقد في المدينة المنورة خلال الفترة من 5-7 سبتمبر/أيلول الجاري تحت شعار "اللغة العربية وآفاق المستقبل"، ضمن جهود البلدين المشتركة للحفاظ على لغة الضاد.
وتخلل الفعاليتين الإعلان عن فوز مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية جائزة الشارقة للاتصال الحكومي 2025م، عن فئة "أفضل حملات تعزيز الهُوية الثقافية واللغة العربية"، وذلك عن حملته الاتصالية "نفخر بها"، التي أطلقها المجمع بالتزامن مع اليوم العالمي للغة العربية.
تأتي تلك الجائزة ضمن جوائز عديدة فازت بها مؤسسات ثقافية سعودية ومثقفون وأدباء سعوديون خلال مشاركتهم في مسابقات نظمتها دولة الإمارات، بما يسهم تكريس قيم الأخوة والتواصل الثقافي وإثراء المشهد الأدبي والثقافي، والدفع نحو مزيد من الإنجاز والتأثير.
اللغة العربية
تعاون ملهم بين البلدين يصب في صون لغة الضاد، تجلى في مشاركة البلدين في فعاليات متبادلة لتحقيق هذا الهدف.
ضمن تلك الفعاليات، شاركت الإمارات في أعمال المؤتمر الدولي السابع للغة العربية وآدابها، الذي عقد في المدينة المنور خلال الفترة 5-7 سبتمبر/أيلول الجاري تحت شعار "اللغة العربية وآفاق المستقبل".
ويشكل دعم اللغة العربية وتعزيز حضورها في المنافسة بين اللغات العالمية إحدى أبرز أولويات البلدين.
وبعد أيام من ختام المؤتمر، تم الإعلان عن فوز مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية بجائزة الشارقة للاتصال الحكومي 2025م، عن فئة (أفضل حملات تعزيز الهُوية الثقافية واللغة العربية)، وذلك عن حملته الاتصالية (نفخر بها)، التي أطلقها المجمع بالتزامن مع اليوم العالمي للغة العربية.
وتُعدُّ هذه الجائزة من أبرز الجوائز المتخصصة في الاتصال الحكومي؛ تقديرًا لجهود المجمع في بناء حملات اتصالية مبتكرة تجمع بين الرسالة اللغوية العميقة، والهُوية البصرية الجاذبة، والتأثير المجتمعي الممتد؛ بما يعزّز الحضور المؤسسي للغة العربية في المشهد الإعلامي والثقافي.
على الصعيد ذاته، أعلن مركز أبوظبي للغة العربية في 20 مايو/أيار الماضي عن القائمة القصيرة للدورة الخامسة من برنامج "المنح البحثية 2025"، التي شملت 11 عملاً مرشحاً من 8 دول عربية من بينها السعودية.
ويلعب برنامج المنح البحثية دورا رياديا في الارتقاء باللغة العربية وتعزيز حضورها عربياً ودولياً، ودعم استراتيجية مركز أبوظبي للغة العربية، القائمة على دعم الإبداع، والتأليف، والبحث العلمي في مختلف فنون اللغة العربية ومجالاتها.
الشعر
أيضا يحل اليوم السعودي الـ95 فيما يواصل برنامج "شاعر المليون"، الذي تنظمه هيئة أبوظبي للتراث تحت شعار "قصيدنا واحد"، جولاته لاختيار نجوم الموسم الثاني عشر.
جاء ذلك بعد أن أنهت لجنة التحكيم اختيار الشعراء المتسابقين من السعودية خلال الفترة من 24 إلى 28 أغسطس/آب الماضي في أولى جولات لجنة تحكيم الموسم الثاني عشر من برنامج "شاعر المليون".
وشهدت المحطة الأولى إقبالاً واسعاً، حيث بلغ عدد المتسابقين الذين قابلتهم اللجنة 473 متسابقا، قدموا مستويات متميزة أسفرت عن حصول 8 منهم على البطاقة الذهبية التي أهلتهم مباشرة إلى مرحلة المائة التي تسبق اختيار وإعلان قائمة الـ48 شاعراً.
وشهدت المواسم السابقة من البرنامج وصول 36 شاعراً سعودياً إلى النهائيات من أصل 61، بينهم شاعرتان، فيما فاز ثلاثة شعراء سعوديين باللقب في المواسم الثالث والثامن والحادي عشر.
ويواصل البرنامج، الذي تنتجه هيئة أبوظبي للتراث، ترسيخ رسالته الثقافية الرامية إلى صون الموروث الشعري النبطي، ودعم المواهب الشعرية، وإبرازها على الساحة الأدبية العربية، متخذاً هذا الموسم شعار "قصيدنا واحد"، الذي يبرز جزءاً من الهوية الشعرية المشتركة التي تجمع بين شعراء النبط في العالم العربي، من خلال لغة الشعر النبطي وأوزانه.
وتسعى القيادة في البلدين إلى الحفاظ على الهوية العربية وصون الإرث المعرفي العريق للشعر العربي، باعتباره ديوان العرب وسجلاً لتاريخهم.
واستقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات في 28 مايو/أيار الماضي، الفائزين في مسابقتي "أمير الشعراء" و"شاعر المليون" في الموسم الحادي عشر، و"برنامج المنكوس" في الموسم الرابع، إضافة إلى لجان تحكيم هذه المسابقات.
وتبادل مع الوفد - خلال اللقاء الذي جرى في قصر البحر - الأحاديث حول أهمية مثل هذه المسابقات في تعريف الأجيال بالموروث الشعبي والتراثي الثقافي الغني، بجانب تعزيز دوره في ترسيخ الهوية الوطنية والقيم الإماراتية الأصيلة.
وهنأ، الفائزين في المسابقات التراثية والثقافية، مؤكداً أنها تعد رافداً مهماً للمشهد الثقافي في دولة الإمارات والمنطقة العربية، وتسهم في إبراز المواهب وإيجاد منصة تفاعلية مهمة بين الشعراء والجمهور، بجانب تشجيع الدراسات النقدية والإسهامات البحثية المهتمة بهذه الأنواع الأدبية.
معارض الكتاب
أيضا يبرز التعاون الثقافي بين البلدين بشكل جلي في المشاركات المتبادلة في معارض الكتب.
وضمن أبرز تلك المشاركات، شاركت المملكة، في معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025، الذي أُقيم في مركز أبوظبي الوطني للمعارض "أدنيك" خلال الفترة من 26 أبريل/نيسان إلى 5 مايو/أيار الماضي.
وجاءت المشاركة السعودية بقيادة هيئة الأدب والنشر والترجمة، بمشاركة عددٍ من الجهات، تضم دارة الملك عبدالعزيز، ومكتبة الملك عبدالعزيز العامة، وجامعة الأميرة نورة، ووزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، ومجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، إضافة إلى جمعية النشر.
وجسّدت المشاركة حيوية المشهد الأدبي والفكري السعودي، من خلال برنامج ثقافي شامل بمشاركة نخبة من المتحدثين والأدباء السعوديين؛ ليعكس التقدم الذي تشهده المملكة في مجالات النشر والترجمة والصناعات الإبداعية، ضمن رؤية ثقافية طموحة تسعى إلى التواصل الثقافي الدولي وتعزيز الحضور السعودي في المحافل العالمية، ومنصة لتعزيز التعاون الثقافي بين المملكة ودولة الإمارات العربية المتحدة، انطلاقًا من العلاقات التاريخية الوثيقة بين البلدين الشقيقين، وتأكيدًا على الدور المحوري الذي تضطلع به الثقافة في تعزيز الحوار والتقارب بين الشعوب.
يأتي هذا فيما يرتقب أن تشارك الإمارات في معرض الرياض الدولي للكتاب 2025، الذي سيقام في الفترة من 2 إلى 11 تشرين الأول/أكتوبرالمقبل، في حرم جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بالرياض، بمشاركة أكثر من 2000 دار نشر من 25 دولة.
ويمثل معرض الرياض الدولي للكتاب منصة ثقافية كبرى، تجمع تحت مظلتها صنّاع الأدب والنشر والترجمة من مختلف أنحاء العالم، بهدف تعزيز صناعة النشر، ودعم حركة الترجمة، وتأكيد دور الأدب رافدًا أساسيًا للثقافة والمعرفة، وتعزيز القراءة في المجتمع، ويتيح المعرض لدور النشر فرصة لاستعراض أحدث إصداراتهم أمام جمهور واسع من القراء والمهتمين، ضمن أجواء ثقافية ثرية ومتنوعة.
الحفاظ على التراث
وفي إطار الحرص على تعزيز التعاون العلمي في مجال التراث العمراني بين البلدين، جاءت مشاركة السعودية في الاجتماع التنسيقي الخاص برؤساء الفرق العلمية لموسوعة العمارة التقليدية في العالم العربي والذي عقد في معهد الشارقة للتراث أوائل الشهر الجاري بمشاركة نخبة من الخبراء والأكاديميين من أكثر من 20 دولة عربية.
وتمثل موسوعة العمارة التقليدية في العالم العربي واحدة من المشروعات العربية الرائدة التي يتبناها المعهد والتي تسعى إلى حفظ التراث العمراني وصون ذاكرة المكان فالعمارة التقليدية ليست مجرد مبانٍ بل هي انعكاس لهويتنا وثقافتنا وجهودنا اليوم تؤكد التزامنا بتوثيق هذا الإرث للأجيال القادمة.
أيضا تشارك المملكة حاليا في فعاليات النسخة الـ25، من ملتقى الشارقة الدولي للراوي التي تستمر حتى 26 من سبتمبر/أيلول الجاري، بمشاركة وحضور إقليمي ودولي واسع ووسط اهتمام وتفاعل عالمي متنامي.
وتتزامن النسخة مع احتفال الملتقى بيوبيله الفضي الذي يأتي هذا العام تحت شعار "حكايات الرحالة"، بمشاركة 120 راوياً من 37 دولة عربية وأجنبية في حدث ثقافي عالمي يجسد ملامح فنون السرد ويستحضر تجارب السفر والترحال عبر العصور.
ويزخر الملتقى في نسخته الجديدة، ببرنامج متنوع يجمع بين العروض الحية والمعارض والورش والجلسات الفكرية ليشكل مساحة تفاعلية جامعة بين الرواة والباحثين والجمهور.
فعاليات متبادلة وتعاون متنام يجسد العلاقات الأﺧﻮﻳﺔ المتينة التي تجمع الإمارات والسعودية، ويدعم روابط تاريخية مستندة إلى الإرث الثقافي والاجتماعي المشترك، ويسهم في تكريس قيم الأخوة وإثراء المشهد الأدبي والثقافي في البلدين، ولا سيما في المناسبات الوطنية.