الإمارات وأزمة السودان.. رسائل مهمة ترسم خارطة طريق لحل الأزمة
دعم إماراتي لجميع المبادرات الرامية إلى إنهاء الأزمة في السودان، وتحقيق تطلعات شعبه إلى التنمية والرخاء.
رسالة واضحة أكدها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات خلال مباحثاته الهاتفية مع الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي في جمهورية السودان.
مباحثات تأتي بعد أيام من إصدار الإمارات و14 دولة أخرى بيانا مشتركا دعا الأطراف المتحاربة في السودان إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية، واحترام التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، والامتثال لجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
بيان يأتي ضمن جهود إماراتية متواصلة لحل الأزمة والتخفيف من تداعياتها على مختلف الأصعدة.
ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبدالفتّاح البرهان وقوات "الدعم السريع" بقيادة نائبه السابق الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) معارك لم تفلح سلسلة هدن متتالية في إيقافها، ما خلف آلاف القتلى، أغلبهم من المدنيين، ودفع إلى فرار ملايين الأشخاص، معظمهم من الأطفال.
ومنذ اندلاع الأزمة لم تتوقف جهود دولة الإمارات وقيادتها ودبلوماسيتها على مدار الساعة لبحث جهود وقف التصعيد.
مباحثات مهمة
ضمن أحدث تلك الجهود تأتي الرسائل المهمة التي وجهها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال مباحثاته الهاتفية مع البرهان.
وتلقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، أمس الخميس، اتصالاً هاتفياً من الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي في جمهورية السودان.
وبحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ورئيس مجلس السيادة، خلال الاتصال، العلاقات بين البلدين الشقيقين وشعبيهما، بالإضافة إلى تطورات الأوضاع على الساحة السودانية وسبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها.
وأكد رئيس دولة الإمارات في هذا السياق ما يلي:
- حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان الشقيق، بما يسهم في تعزيز استقراره وأمنه ويحقق تطلعات شعبه إلى التنمية والرخاء.
- ضرورة تغليب صوت الحكمة والحوار السلمي وإعلاء مصالح السودان العليا والحفاظ على أمنه واستقراره.
- التزام دولة الإمارات بمواصلة دعمها للجهود الإنسانية لرفع معاناة الشعب السوداني الشقيق.
بيان 15 دولة
التزام سبق أن ترجمته دولة الإمارات عبر جهود لم تتوقف لحل الأزمة، والتحذير من تداعياتها ودعم أي جهد دولي لحلها.
فقبل يومين أعربت دولة الإمارات، و14 دولة أخرى، الأربعاء، عن بالغ قلقها بشأن الأمن الغذائي بالسودان والمخاوف بشأن خطر المجاعة، والتأثيرات الوخيمة للوضع المتدهور على سلامة المدنيين.
جاء ذلك في بيان مشترك ضم دولة الإمارات، والمغرب، والأردن، وموريتانيا، وتشاد، وجزر القمر، وغينيا بيساو، وسيشل، والسنغال، وبنين، وكينيا، وسيراليون، وأوغندا، وموزمبيق ونيجيريا.
البيان جاء تعليقا على "ما خلص إليه تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC)، المنشور بتاريخ 27 يونيو/حزيران 2024، الذي يشير إلى أنه (بعد 14 شهرًا من الصراع، يواجه السودان أسوأ مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد التي سجلها التصنيف على الإطلاق في البلاد)".
جاءت تلك الدعوة بعد أيام من دعوة بعثة دولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، الأطراف المتحاربة في السودان، على وقف القتال فورًا.
وفي بيان لها 27 يونيو/حزيران الماضي، جددت البعثة دعوة دولة الإمارات للأطراف المتحاربة إلى ضرورة حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية.
وذكّرت دولة الإمارات الأطراف المتحاربة بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي والالتزامات التي تم التعهد بها في جدة بشأن حماية المدنيين وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم".
دعم إنساني متواصل
على الصعيد الإنساني، عقدت الإمارات سلسلة اتفاقيات مع منظمات أممية خلال يونيو/حزيران الماضي لدعم السودان على الصعيد الإنساني.
وأبرمت دولة الإمارات والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، 26 يونيو/حزيران الماضي، اتفاقية تقدم من خلالها دولة الإمارات 20 مليون دولار أمريكي لدعم العمليات الإنسانية للمفوضية في السودان والدول المجاورة.
وتأتي هذه الاتفاقية والتمويل، بهدف تعزيز الظروف المعيشية وسلامة النازحين واللاجئين.
أيضا في إطار التعاون الكبير الذي يهدف إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان، خصصت دولة الإمارات 8 ملايين دولار أمريكي لمنظمة الصحة العالمية بموجب اتفاقية أخرى وُقّعت في اليوم نفسه.
أيضا وقعت دولة الإمارات، 23 يونيو/حزيران الماضي، اتفاقية مع برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة لتقديم مساعدات غذائية طارئة للشعب السوداني الشقيق المتضرر من الأزمة في السودان وجنوب السودان، ويشمل ذلك اللاجئين والمجتمعات المضيفة والنازحين داخليا والعائدين المتأثرين بالحرب.
ويواجه 17.7 مليون شخص في السودان، و7.1 مليون شخص في جنوب السودان، انعدام الأمن الغذائي الحاد نتيجة الحرب في السودان، وللمساعدة في التخفيف من هذه الأزمة، خصصت دولة الإمارات بموجب الاتفاقية مساعدات بقيمة إجمالية قدرها 25 مليون دولار أمريكي بواقع 20 مليون دولار للسودان، و5 ملايين دولار أمريكي لجنوب السودان.
وجاء توقيع الاتفاقية غداة توقيع الإمارات اتفاقيتين إنسانيتين لدعم السودان.
ووقعت دولة الإمارات، آنذاك، اتفاقية مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، تدعمها بموجبها بـ5 ملايين دولار لمعالجة الأزمة الإنسانية في السودان ومنع خطر المجاعة الوشيك.
كما وقعت دولة الإمارات اتفاقية أخرى مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، لتخصيص مبلغ 5 ملايين دولار، لدعم صندوق السودان الإنساني (SHF).
وتعد تلك المساهمات جزءا من التزام أوسع بقيمة 70 مليون دولار، خصصته الإمارات لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة في السودان، من خلال وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية.
ويمثّل هذا التمويل جزءا كبيرا من تعهد دولة الإمارات، الذي أعلنته خلال مشاركتها في "المؤتمر الإنساني الدولي للسودان والدول المجاورة"، الذي عُقد في باريس أبريل/نيسان الماضي، الذي تبلغ قيمته 100 مليون دولار.
ويأتي هذا بالإضافة إلى 130 مليون دولار سبق أن قدمتها الإمارات كمساعدات منذ اندلاع الأزمة.
وبتلك المساعدات ترتفع قيمة المساعدات الإماراتية للسودان منذ بدء الأزمة الحالية إلى أكثر من 230 مليون دولار، في حين ترتفع قيمة المساهمات الكلية المقدمة من دولة الإمارات إلى السودان، خلال الأعوام العشرة الماضية إلى ما يزيد على 3.5 مليار دولار.
وتكشف الاتفاقيات بين الإمارات والمنظمات الأممية عن رؤية حكيمة لإدارة المساعدات بشكل يعظّم الاستفادة منها، عبر توجيهها إلى أكثر من قطاع، وفي أكثر من مجال ليستفيد منها مختلف فئات المجتمع السوداني ولا سيما الأكثر ضعفا.
أيضا تكشف حرص دولة الإمارات على تقديم معالجة إنسانية شاملة للأزمة تشمل المدنيين المتضررين منها داخل السودان، وخارجه من اللاجئين والنازحين في دول الجوار.
كذلك يظهر في تلك الاتفاقيات حرص دولة الإمارات على استدامة الفوائد من تلك المساعدات عبر توجيهها في قطاعات مهمة لأهل السودان مثل الزراعة.
فلم تكتفِ الإمارات بإعلانها في أبريل/نيسان الماضي تقديم دعم إنساني إضافي للسودان قدره 100 مليون دولار، بل حرصت على إدارة هذا الدعم بشكل مثالي، إذ أعلنت في 17 يونيو/حزيران الجاري تخصيص 70 مليون دولار من هذا الدعم لوكالات الأمم المتحدة ومنظماتها الإنسانية والإغاثية، دعماً للجهود الإنسانية في السودان، إلى جانب 30 مليون دولار أخرى لدول الجوار التي تأوي لاجئين سودانيين.
وتأتي المساعدات الإماراتية للسودان ولدول الجوار في إطار حرص القيادة الإماراتية المستمر على تقديم الدعم الإنساني والإغاثي للشعب السوداني الشقيق، والاهتمام الكبير الذي توليه الإمارات للتحديات الإنسانية والتزامها بمواصلة مد يد العون والمساندة والدعم الإنساني له.
رؤية حكيمة
ومنذ بداية الأزمة بالسودان وحتى اليوم، لم تتوقف جهود الإمارات لوقف التصعيد وإنهاء الأزمة بالحوار والطرق السلمية.
جهود دبلوماسية وإنسانية انطلقت منذ اللحظة الأولى لاندلاع الأزمة منتصف أبريل/نيسان من العام الماضي، وتطورت على مدار الفترة الماضية وفقا لتطورات الأزمة حرصا على التخفيف من وطأتها وتداعياتها الإنسانية.
رؤية ترتكز على محاور أساسية لطالما أكدتها الإمارات وهي:
- ضرورة التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، ووقف الاقتتال بين الأطراف المتحاربة في أسرع وقت ممكن، إذ إنه لا يوجد حل عسكري للصراع، ولا بد على الأطراف المتحاربة العمل نحو إيجاد حل سلمي للأزمة من خلال الحوار.
- ضمان حماية المدنيين والمنشآت المدنية، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية عبر طرق متعددة وعبر خطوط النزاع وتقديم أوجه الدعم الإنساني، وتأمين وصول المساعدات لتصل إلى المحتاجين كافّة لا سيما الفئات الأقل ضعفاً.
- دعم الحل السلمي للصراع في السودان الذي يواجه اضطرابات سياسية منذ أعوام.
- التزام دولة الإمارات بالعمل مع جميع الشركاء لدعم العودة لمسار العملية السياسية في السودان، وأي عملية تهدف إلى وضعه على مسار التوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة يشارك فيها ويقودها المدنيون.
- الحوار والتعاون هما السبيل الوحيد لحل هذا الصراع، ولا بد من التزام جميع الأطراف السودانية التزاماً جوهرياً في محادثات السلام.
دعم تاريخي
ومنذ بدء العلاقات بين دولة الإمارات والسودان قبل 5 عقود وحتى اليوم، تتدفق مساعدات إماراتية إغاثية وإنسانية واقتصادية وتنموية.
مساعدات تتدفق كنهر عطاء ينبع من دار زايد لإغاثة أهل السودان، الأمر الذي يجسّد خصوصية العلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين من جانب، ومن جانب آخر يؤكد أن التزام الإمارات بمد يد العون والمساعدة للأشقاء في السودان التزام تاريخي بدأ منذ عهد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ويتواصل حتى اليوم بتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.
دعم يتواصل على مر التاريخ منزه عن أي غرض، سوى حرص القيادة الإماراتية على الوقوف إلى جانب السودان.
وتزايد هذا الدعم، منذ الاشتباكات التي يخوضها الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" منذ منتصف أبريل/نيسان من العام الماضي.
وبلغة الحقائق والأرقام:
- دشنت دولة الإمارات منذ بداية الأزمة في السودان جسراً جوياً (مع السودان وتشاد المجاورة) بهدف تقديم جميع أشكال الدعم والمساندة للسودانيين، وللتخفيف من حدة الظروف الإنسانية في السودان ودول الجوار.
- قدمت دولة الإمارات منذ بدء الأزمة 130 مليون دولار لدعم الاستجابة الإنسانية.
- قدمت الإمارات 9 آلاف و500 طن من الإمدادات الغذائية والطبية عبر تسيير 148 طائرة إمدادات إغاثية، إضافة إلى سفينة حملت على متنها نحو 1000 طن من المستلزمات الإغاثية العاجلة.
- دعمت دولة الإمارات مخيمات اللاجئين السودانيين في عدد من المناطق في تشاد.
- تم تسيير طائرة مساعدات غذائية تحمل على متنها 100 طن إلى اللاجئين السودانيين في جنوب السودان من خلال برنامج الأغذية العالمي.
- شيدت دولة الإمارات مستشفيين ميدانيّيْن في أمدجراس وأبشي التشاديّتين لدعم السودانيين اللاجئين.. وبلغ عدد من استقبلهم المستشفى في أمدجراس منذ افتتاحه أكثر من 29,378 حالة.
- أعلنت دولة الإمارات وخلال مشاركتها في مؤتمر باريس أبريل/نيسان الماضي تعهدها بتقديم 100 مليون دولار أمريكي دعماً للجهود الإنسانية في السودان ودول الجوار، وأعلنت 17 يونيو/ حزيران الجاري أنها ستخصص 70 مليون دولار منهم كمساعدات للسودان عبر وكالات الأمم المتحدة، فيما ستوجه 30 مليون دولار أخرى لدول الجوار التي تؤوي لاجئين ونازحين.