إعادة تدوير الأكاذيب.. دعم الإمارات لغزة يفلس بنك افتراءات تجار الأزمات
حراك ودعم إماراتي تاريخي لغزة والقضية الفلسطينية أربك حملات "خفافيش الظلام" وتجار الأزمات، الأمر الذي اضطرهم لإعادة تدوير أكاذيبهم.
فرغم تسارع وتيرة حملات الأكاذيب والافتراءات الهادفة لتشويه دعم دولة الإمارات العربية المتواصل للقضية الفلسطينية وغزة، إلا أن ملحمة الدعم الإماراتية السياسية والدبلوماسية والإنسانية التاريخية الداعمة للقضية أربكت من يقف وراء تلك الحملات، وتسببت سريعا في إفلاس بنك افتراءاتهم وأكاذيبهم.
ظهر ذلك جليا، عندما اضطر محمد البخيتي القيادي في مليشيات الحوثي خلال لقاء تلفزيوني مساء الثلاثاء، إلى اللجوء إلى كذبة قديمة، وهو يعلم جيدا زيفها وعدم صحتها، زاعما كذبا وبهتانا أن الإمارات تشارك في قصف غزة.
وتمادى في كذبه، زاعما أن "لديه معلومات مؤكدة" بهذا الشأن.
كذبة تعود لأكثر من 9 أيام مضت، زعم من أطلقها آنذاك أن مصدرها قناة "فرانس 24"، لكن وكالة فرانس برس نفت صحة تلك الكذبة، عبر خدمة تقصّي صحّة الأخبار باللغة العربيّة، وفندت زيفها.
كذبة تبعها أكثر من كذبة تستهدف جميعها تشويه دعم الإمارات التاريخي للقضية الفلسطينية وغزة، سرعان ما انكشف زيفها وعدم صحتها جميعها، وتحطمت على صخرة حقائق هذا الدعم الواضح للجميع.
دعم يتجسد في ملحمة سياسية وإنسانية تدونها الإمارات في مجلدات التاريخ بمداد دعم لا ينضب لسكان غزة وفلسطين، تسبب في إفلاس بنك افتراءات وأكاذيب تحالف "خفافيش الظلام" من الإخوان والحوثيين المعادين لدولة الإمارات، فاضطروا إلى إعادة تدوير أكاذيبهم القديمة.
ومنذ تجدد التصعيد بغزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تكاد لا تمر فترة قليلة إلا ويتم استهداف الإمارات بكذبة جديدة.
حيل خبيثة
من أبرز الأكاذيب في هذا السياق تداول صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي مقطعا زُعم أنّه يُظهر وصول قائد سلاح الجوّ الإماراتي اللواء الركن طيار إبراهيم ناصر محمد العلوي إلى إسرائيل، للمشاركة في الغارات المستمرة على القطاع المُحاصر.
لكن هذا الادّعاء غير صحيح، حيث أكدت وكالة فرانس برس، عبر خدمة تقصّي صحّة الأخبار باللغة العربية، أن الفيديو منشور قبل سنوات ولا شأن له بالمستجدات الحالية.
وجاء في التعليقات المرافقة أن «الفيديو يوثّق مشاركة سلاح الجوّ الإماراتي في الغارات الإسرائيليّة» التي أوقعت آلاف القتلى في قطاع غزّة.
لكن ما قيل عن هذا الفيديو غير صحيح، وهو لا يُظهر وصول قائد سلاح الجوّ الإماراتي للمشاركة في العمليات الجارية حالياً في قطاع غزّة، مثلما ادّعت المنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي.
تجار الأكاذيب والأزمات الذين يقفون وراء تلك الحملات لجأوا إلى حيل خبيثة لتحقيق أهدافهم رصدتها "العين الإخبارية"، إما عبر إعادة تأويل تصريحات المسؤولين الإماراتيين وتحريفها عن مسارها عبر اجتزائها من سياقها، وإما إخراج أحداث سابقة عن سياقها الزمني وإسقاطها ضمن مسار عكسي لحقيقتها، أو محاولة مهاجمة الإمارات من خلال حسابات فلسطينية مزيفة ووهمية.
فقد أظهر التفتيش عنه على موقع يوتيوب -باستخدام كلمات مفتاح (قائد سلاح الجو الإماراتي في إسرائيل)- أنّه منشور في عام 2021، ما يدحض أن يكون حديثاً مثلما ادّعت المنشورات المضلّلة.
ونُشر الفيديو في 25 أكتوبر/تشرين الأول من عام 2021.
وفي ذلك الوقت، أجرت إسرائيل أكبر مناورة جويّة على الإطلاق بمشاركة عدّة دول وبحضور قائد القوات الجويّة الإماراتية إبراهيم ناصر محمد العلوي.
ورغم عدم مشاركة الطائرات الإماراتية في التدريبات، لكن المسؤولين الإسرائيليين وصفوا زيارة العسكريّ الإماراتيّ بأنها "مهمّة للغاية".
لم تكن تلك الزيارة سرية، بدليل تداولها على نطاق واسع من قبل الإعلام، لكن الكتائب الإلكترونية المعادية لدولة الإمارات تعمل جاهدة، خصوصا منذ توقيع اتفاق السلام مع إسرائيل عام 2020، على محاولة إخراج هذا الحدث على أنه اصطفاف مع تل أبيب ضد القضية الفلسطينية، وهو ما فندته مواقف الإمارات التاريخية التي تلت التوقيع.
وسبق أن ظهرت في الآونة الأخيرة منشورات مرفقة بفيديو قيل إنّه يُظهر تقارير عن مشاركة الإمارات في قصف قطاع غزّة، وقد فنّدته خدمة تقصّي صحّة الأخبار التابعة لوكالة فرانس برس.
أكاذيب ليست الأولى من نوعها، فقبل 3 أسابيع نفت وزارة الدفاع الإماراتية المزاعم التي تداولتها بعض وسائل الإعلام الدولية حول وصول سرب من الطائرات العسكرية الأمريكية إلى قاعدة الظفرة الجوية في دولة الإمارات لتقديم الدعم إلى إسرائيل.
وأكدت وزارة الدفاع أن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة، وأن وجود هذه الطائرات الأمريكية في قاعدة الظفرة يجري وفق جداول زمنية محددة مسبقاً منذ عدة شهور، في إطار التعاون العسكري بين دولة الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية ولا يرتبط إطلاقا بالتطورات الحاصلة في المنطقة حاليا.
حتى مواطني الإمارات
حملة الأكاذيب المتواصلة ضد الإمارات طالت حتى مواطنيها، الذين رسموا صورة إنسانية ملهمة في تضامهم مع إخوانهم في غزة عبر مشاركتهم في حملة "تضامن من أجل غزة".
وقبل أيام، تداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو زعموا أنه لحفل زفاف شخص إسرائيلي بسيّدة إماراتية جرى بالتزامن مع القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، وعلّق الناشرون بالقول: "بينما دماء الفلسطينيين تسفك من طرف الصهاينة الإمارات تزوّج بناتها للإسرائيليين".
لكن وكالة فرانس برس، عبر خدمة تقصّي صحّة الأخبار باللغة العربيّة نفت صحة هذا الادعاء، وأكدت أن هذا الاّدعاء مضلّل والفيديو يوثّق في الحقيقة حفل زفاف حاخام يهودي مقيم في الإمارات من سيدة بلجيكيّة يهودية العام الماضي.
تشويه الحقائق
وجنبا إلى جنب مع حملات الأكاذيب التي كانت تفشل واحدة تلو الأخرى، لجأ الذباب الإلكتروني إلى إعادة تأويل تصريحات المسؤولين الإماراتيين بغرض تشويهها.
وضمن الحراك الإماراتي المتواصل في مجلس الأمن الدولي، ألقت ريم الهاشمي وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي بالإمارات، كلمة مهمة رسمت خلالها خارطة طريق لتحقيق سلام مستدام وإنهاء الحرب على غزة وحماية جميع المدنيين، وحملت فيها كل طرف مسؤوليته التاريخية عما وصلت إليه الأوضاع الآن بما فيهم مجلس الأمن نفسه.
بيـان وفـد دولة الإمارات العربية المتحدة في المناقشة المفتوحة ربع السنوية لمجلس الأمن بشأن البند المعنون الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية، يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي حمل رسائل قوية دعت خلالها الهاشمي مجلس الأمن إلى اعتماد قرار بوقف إطلاق نار فوري ومستدام في غزة.
إلا أن بعض وسائل الإعلام وبعض الجهات المشبوهة على مواقع التواصل التي دأبت على ترويج أكاذيب تستهدف تشويه جهود الإمارات القياسية المتواصلة لوقف حرب غزة وحماية جميع المدنيين، قامت باقتطاع بعض الجمل من كلمة الهاشمي واجتزائها في محاولة تشويه متعمد لموقف دولة الإمارات من الحرب في غزة، متناسين أن غربال الأكاذيب لا يستطيع حجب شمس الحقيقة.
وأن هذا التشويه "لن يغير من الحقائق شيئاً، وسيبقى مجرد زبد لا يضر ولا ينفع"، كما أكد الدكتور أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات في تغريدة له عبر حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "إكس" (تويتر سابقا) آنذاك.
وقال الدكتور قرقاش إن "مضامين الموقف العربي الداعية إلى وقف إطلاق النار لإيصال المساعدات والتحذير من العقاب الجماعي والتهجير والمطالبة بخفض التصعيد عبرت عنها ريم الهاشمي بكل وضوح أمام مجلس الأمن".
وأضاف أن "الاجتزاء والتشويه المتعمد لمواقف الإمارات لن يغير من الحقائق شيئاً، وسيبقى مجرد زبد لا يضر ولا ينفع".
حراك استثنائي
أكاذيب تستهدف تشويه جهود إماراتية قياسية على مدار الساعة لوقف حرب غزة، وحماية جميع المدنيين وتقديم الدعم الإنساني لهم، وإيجاد أفق للسلام الشامل.
جهود لا تتوقف من خلال المباحثات الثنائية أو المشاركة في قمم واجتماعات ومؤتمرات دولية أو من خلال الحراك المتواصل في مجلس الأمن الدولي.
ومنذ تجدد التصعيد بغزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عقد مجلس الأمن 6 جلسات حول القضية الفلسطينية والوضع في غزة، لم تمر أيا منها دون أن تسجل الإمارات رسائل قوية داعمة، إضافة إلى سعيها لتحقيق التوازن بين مختلف الأطراف والعمل على دعم جهود السلام وتخفيف حدة التصعيد.
ومن أبرز تلك المواقف القوية رفض مشروع القرار الأمريكي بالمجلس يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول، لعدم دعوته إلى وقف إطلاق النار في غزة.
أيضا تكللت تلك المواقف القوية بعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، الإثنين الماضي، بطلب من الإمارات عقب إعلان إسرائيل "توسيع عملياتها البرية" في غزة، تم خلالها الاستماع إلى إحاطات من مسؤولين أمميين وجهوا دعوات بالوقف الإنساني لإطلاق النار.
حراك يأتي امتدادا للدعم الإماراتي التاريخي للقضية الفلسطينية عبر الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، والذي يعد أحد ثوابت السياسة الخارجية الإماراتية منذ تأسيسها عام 1971.
وجنبا إلى جنب مع الجهود الدبلوماسية والسياسية، أعلنت دولة الإمارات عن تقديم مساعدات إنسانية عاجلة بقيمة تتجاوز 154 مليون درهم، فضلا عن إطلاق مبادرة "تراحم من أجل غزة" التي جمعت مئات الأطنان من المساعدات الإغاثية منذ إطلاقها منتصف الشهر الماضي.
جهود تنشد تحقيق إجراءات فعلية على الأرض، وتقدم إضافة حقيقية للفلسطينيين، سواء فيما يتعلق بالحرب الراهنة في غزة، أو في إطار القضية الفلسطينية، بعيدا عن شعارات جوفاء لم تمنح فلسطين أي مجال لتحقيق تقدم في قضيتها.