حكم جديد يدين «الإخوان».. جهود إماراتية شاملة لمكافحة «الإرهاب»

حكم قضائي جديد ضد عناصر من تنظيم "الإخوان" الإرهابي يتوج جهود دولة الإمارات المتواصلة لمحاربة التطرف، ويحمل رسائل ودلالات هامة.
وقضت الدائرة الجزائية بالمحكمة الاتحادية العليا في جلستها، أمس الخميس، بنقض الحكم الصادر من دائرة أمن الدولة بمحكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية، نقضاً جزئياً، ومجددًا بإدانة أربعة وعشرين متهمًا، في القضية المعروفة إعلامياً بقضية "تنظيم العدالة والكرامة الإرهابي"، وبمعاقبتهم بالسجن المؤبد عن جرائم التعاون مع تنظيم الإرهابي، وإمداد تنظيم "دعوة الإصلاح الإرهابي" بالمال، وبمصادرة الأموال والأشياء المضبوطة في الجريمتين.
محطات المحاكمة
وكان المستشار الدكتور حمد سيف الشامسي النائب العام للدولة، أمر في 6 يناير/كانون الثاني 2024، بإحالة 84 متهماً أغلبهم من أعضاء تنظيم الإخوان الإرهابي في دولة الإمارات إلى محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية (محكمة أمن الدولة) لمحاكمتهم عن جريمة إنشاء تنظيم سري آخر بغرض ارتكاب أعمال عنف وإرهاب على أراضي الدولة.
وكان المتهمون، قد أخفوا هذه الجريمة وأدلتها قبل ضبطهم ومحاكمتهم في القضية رقم 79 لسنة 2012 جزاء أمن الدولة.
وبناء على معلومات وتحريات كافية؛ أمر النائب العام بالتحقيق في وقائع هذه الجريمة مع ندب محام للحضور مع كل متهم.
وبعد قرابة الستة أشهر من البحث والتحقيق وكشف تفاصيل الجريمة والأدلة الكافية على ارتكابها، قرر النائب العام إحالة المتهمين إلى المحاكمة العلنية بمحكمة أمن الدولة.
واستمرت المحاكمة على مدار نحو 10 جلسات (من يناير/كانون الثاني إلى يوليو/تموز 2024).
وفي 10 يوليو/ تموز 2024، قضت محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية – دائرة أمن الدولة - بإدانة 53 متهما من قيادات وأعضاء تنظيم الإخوان الإرهابي، وست شركات في القضية، وبمعاقبتهم بعقوبات تراوحت بين السجن المؤبد والغرامة البالغ قدرها عشرين مليون درهم.
كما حكمت المحكمة بانقضاء الدعوى الجزائية لعدد 24 من المتهمين عن جرائم التعاون وامداد تنظيم دعوة الإصلاح الإرهابي بالمال، وبراءة أحد المتهمين مما نسب إليه.
طعون القضية
وفي إطار حرص دولة الإمارات وقضائها المستقل على توفير كافة الضمانات لمحاكمة عادلة ونزيهة ومراعاة حقوق الإنسان للمتهمين رغم خطورة جرائمهم، أتاحت الدولة للمتهمين مرحلة أخرى للتقاضي، وهو ما تم بالفعل، حيث تولت دائرة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا تلقي ونظر الطعون على الحكم الصادر من "محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية- دائرة أمن الدولة"، في القضية.
وتقدم المدانون بالقضية بطعون، فيما تقدم النائب العام بطعن في شق من الحكم والمتعلق بانقضاء الدعوى الجزائية لعدد (24) من المتهمين عن جرائم التعاون مع تنظيم "العدالة والكرامة الإرهابي"، وإمداد تنظيم "دعوة الإصلاح الإرهابي" بالمال، لسابق محاكمتهم في القضية رقم 79 لسنة 2012 جزاء أمن الدولة".
ويوم 4 مارس/ آذار الماضي، قررت دائرة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا في جلسة عقدتها، رفض الطعون المقدمة من المحكوم عليهم في القضية المعروفة إعلامياً بـقضية "تنظيم العدالة والكرامة" الإرهابي، وتأييد الحكم الصادر من محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية – دائرة أمن الدولة.
وفيما يتعلق بالطعن المقدم من النائب العام على الحكم الصادر بانقضاء الدعوى الجزائية لعدد (24) من المتهمين عن جرائم التعاون وإمداد تنظيم "دعوة الإصلاح" الإرهابي بالمال، فقد صدر الحكم بشأنه أمس الخميس.
تفاصيل الحكم الجديد
وقضت الدائرة الجزائية بالمحكمة الاتحادية العليا في جلستها أمس الخميس، بنقض الحكم الصادر من دائرة أمن الدولة بمحكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية، نقضاً جزئياً، ومجددًا بإدانة 24 متهمًا، في القضية، وبمعاقبتهم بالسجن المؤبد عن الجرائم التالية:
- التعاون مع تنظيم" العدالة والكرامة الإرهابي".
- إمداد تنظيم "دعوة الإصلاح الإرهابي " بالمال.
وقضت المحكمة بمصادرة الأموال والأشياء المضبوطة في الجريمتين.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا قد نظرت الطعن المقدم من النائب العام على الحكم وقضت في جلستها ، بنقض الحكم - نقضاً جزئياً – والقضاء مجددا بإدانة أربعة وعشرين متهما، وبمعاقبتهم بالسجن المؤبد:
وبناء على الحكم الصادر عن دائرة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا، يرتفع عدد المدانين في هذه القضية إلى ثلاثة وثمانين متهمًا من أصل أربعة وثمانين أحيلوا إلى المحاكمة.
شفافية تامة
مع تتبع مختلف مراحل القضية، بدء من إعلان النائب العام الإماراتي عن قرار الإحالة وبدء المحاكمة العلنية وتفاصيل الجريمة الموجهة للمتهمين، ثم السماح للمحكوم عليهم تقديم الطعون إضافة لطعن النائب العام، أمور تكشف عدة دلالات من أبرزها:
- الشفافية الإماراتية المطلقة، والحرص على إطلاع الرأي العام المحلي والدولي عن تفاصيل تلك المحاكمة ونيل المتهمين حقوقهم مع الحرص على أمن وأمان المجتمع.
العقاب العادل
أيضا، كشف طعن النيابة العامة أهمية الدور التي تقوم بها النيابة العامة بوصفها النائبة عن المجتمع والممثلة لمصالحه فيه الحرص على تحقيق موجبات القانون وتحقيق العدالة، والعمل على نيل كل من أخطأ في حق المجتمع العقاب العادل في ظل منظومة قضائية تتمتع بالاستقلال والمصداقية والعدالة وقادرة على التعامل مع أعقد القضايا وأكثرها حساسية بنزاهة وتجرد ووفق أعلى المعايير العالمية.
يؤكد الحكم الجديد بأن جرائم الإرهاب لا تسقط بالتقادم، وأنها مهما تعددت وحاول مرتكبها التملص منها لا بد أن يحاسب عليها، ولا سيما إذا كانت جرائم تمس أمن الدولة.
أيضا يبرز الطعن دور النيابة العامة في الحفاظ على أمن واستقرار وازدهار الوطن.
كذلك، تكشف مراحل تلك المحاكمة عن نجاح دولة الإمارات في حماية أمنها وسيادتها واستقرارها والحفاظ على سلامة مواطنيها والمقيمين فيها وأمنهم، وأنها لن تتوانى عن متابعة كل من يحاول استهداف أمنها واقتصادها وسلامة مواطنيها.
وكانت جلسات محاكمة التنظيم قد كشفت عن مدى خطورة التنظيم الإرهابي وتخطيطه لسلسة جرائم خطيرة تستهدف أمن الوطن واقتصاده وسلامة مواطنيه، من أبرزها:
- تأسيس وإدارة تنظيم إرهابي تحت اسم "تنظيم لجنة العدالة والكرامة".
- غسل الأموال المتحصلة من جنايات إنشاء وتأسيس تنظيم سري إرهابي.
- التخطيط لإثارة الشارع وإراقة الدماء من خلال تنظيم الاحتجاجات والمظاهرات ضد الدولة.
- التخطيط لاختلاق الصدام والعنف مع أجهزة الأمن.
وخلال المحاكمة حرصت دولة الإمارات على ما يلي: كفالة جميع حقوق المتهمين وضماناتهم المقررة قانونا، وتمكينهم من اختيار محاميهم، وندبت محاميا للدفاع عن كل متهم ليس له محام، والاستماع لدفاعهم ومحاميهم، واطلعت على ما قدموه من مذكرات دفاع مكتوبة، والاستماع لشهادة الشهود في جلسات علنية، سمحت خلالها للمتهمين ومحاميهم بمناقشتهم.
كما عرضت النيابة العامة في مرافعتها خلال جلسة علنية أدلة الإثبات في القضية، والتي شملت: اعترافات وإقرارات المتهمين، وتحريات وشهادة ضباط جهاز أمن الدولة، وشهادات الخبراء الفنيين وتقاريرهم الفنية، والتي توافقت جميعها في إثبات الجرائم، وارتكاب المتهمين لها، وأدوارهم فيها.
وتوصلت النيابة إلى أنها جرائم مغايرة للجرائم التي سبق محاكمتهم عنها في القضية رقم 79 لسنة 2012 جزاء أمن الدولة.
وخضع المتهمون لمحاكمة علنية، وسمحت المحكمة أثناء مرافعات الدفاع لمن أراد من المتهمين بالحديث عن أنفسهم والتعليق على أدلة الإثبات ومرافعة النيابة العامة وما يودون إضافته من أوجه دفوع ودفاع، الأمر الذي يثبت بما لا يدع مجالاً للشك نزاهة وعدالة القضاء الإماراتي وحرصه على توفير محاكمة علنية عادلة أمام الجميع.
جهود متواصلة
يتوج الحكم جهود دولة الإمارات الشاملة لمحاربة الإرهاب، على الصعيدين المحلي والدولي.
وضمن أحدث جهودها في هذا الصدد، شاركت دولة الإمارات قبل أيام في الاجتماع العام الثاني والأربعين لمجموعة أوراسيا لمواجهة غسل الأموال، والمنتدى المصاحب له والذي انعقد بتنظيم مشترك بين مجموعة أوراسيا ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مؤخرا في العاصمة الروسية موسكو.
ويعد المنتدى المشترك حول التنظيم والمخاطر الحدث الأول من نوعه الذي يجمع بين مجموعتين إقليميتين من نمط مجموعة العمل المالي (فاتف)، ما يعكس تعزيز الشراكة الاستراتيجية والتعاون الدولي في مواجهة المخاطر العالمية المتعلقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وفي مايو/ أيار الماضي، شاركت دولة الإمارات العربية المتحدة في أعمال الاجتماع العربي المشترك حول تقييم الأطر القانونية والاستراتيجيات الخاصة بحماية وتعزيز حقوق واحتياجات ضحايا الإرهاب، والذي عقد بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، بمشاركة وفود الدول الأعضاء، إلى جانب مسؤولي أجهزة العمل العربي المشترك والآليات المتخصصة في مكافحة الإرهاب.
وفي الشهر نفسه، استضافت العاصمة أبوظبي الحوار الهيكلي الثامن بين الاتحاد الأوروبي ودولة الإمارات العربية المتحدة بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وجدد هذا الاجتماع الاستراتيجي التأكيد على الالتزام القوي والتعاون المستمر بين دولة الإمارات والاتحاد الأوروبي في مكافحة الجرائم المالية وتعزيز التعاون الدولي.
أيضا، استضافت دولة الإمارات في إبريل/ نيسان الماضي قمة “دور قطاع الأعمال والمهن غير المالية المحددة في مكافحة الجرائم المالية”، والتي سلطت الضوء على جهود الإمارات لمكافحة تمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح، من خلال تعزيز الامتثال والتعاون بين القطاعين العام والخاص.
تجربة رائدة
وتملك دولة الإمارات تجربة رائدة في مكافحة الإرهاب، حرصت خلالها على أن تكون الوقاية والتعاون الدولي نهجاً لسياستها، واتخذت تدابير تمنع التطرف قبل أن يتحول إلى تطرف عنيف.
وأصدرت دولة الإمارات العديد من القوانين والتشريعات وتبنت العديد من الخطط والاستراتيجيات والمبادرات والبرامج الوطنية لمكافحة الإرهاب والتطرف.
كما تقوم دولة الإمارات بجهود كثيرة لتعزيز التسامح لمعالجة الأسباب الجذرية للتطرف وعلى الرسائل التي تؤدي إلى التطرف، وأطلقت عدة مبادرات رائدة في هذا الصدد منها ووثيقة الأخوة الإنسانية، وتشييد "بيت العائلة الإبراهيمية".
جهودٌ تُوجت بتصدُّر مدن دولة الإمارات قائمة المدن الأكثر أمانًا على مستوى العالم لعام 2025، وفقًا لموقع الإحصائيات الإلكتروني "نومبيو"، ما يعكس جهود الدولة في تبنّي الخطط والاستراتيجيات والمبادرات الرائدة أمنيًا.
من أبرز تلك المبادرات "قوائم الإرهاب"، التي تُعد خطوة "مهمة" على طريق تعزيز التعاون الدولي لمكافحة تمويل الإرهاب، وتأكيدًا على مساعيها في محاربة آفة العصر والحرص على محاصرتها.
وأدرجت دولة الإمارات في يناير/كانون الثاني الماضي 11 فردًا و8 كيانات في قوائم الإرهاب المحلية، وفقًا للقوانين والتشريعات المعتمدة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك لارتباطهم بتنظيم الإخوان الإرهابي.
ويأتي قرار دولة الإمارات بإضافة هؤلاء الأشخاص إلى قائمة الإرهاب لديها، في إطار إيمانها بأهمية تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب، وحرصها على تحديث القائمة المعتمدة لديها، لتعزيز جهودها في هذا الصدد.
كما تأتي ضمن استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب والتطرف على مختلف الأصعدة القانونية والتشريعية والدينية والثقافية والإعلامية والأمنية.
وعلى صعيد التشريعات، أصدرت حكومة دولة الإمارات، في 11 أغسطس/آب الماضي مرسوماً بقانون اتحادي بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون اتحادي بشأن مواجهة جرائم غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة استراتيجيتها الوطنية الجديدة للأعوام 2024-2027 لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح التي كان مجلس الوزراء قد وافق عليها بعد رفعها من اللجنة العليا للإشراف على الاستراتيجية الوطنية لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.