الإمارات.. واحة للحريات الدينية ومنارة للتسامح تلهم العالم
لم تعد التجربة الإماراتية في نشر قيم التسامح ودعم الحريات الدينية مجرد نموذجا ناجحا يسعى كثيرون لتطبيقه بل أضحت مصدر إلهام للعالم.
لم تعد التجربة الإماراتية في نشر قيم التسامح ودعم الحريات الدينية مجرد نموذج ناجح يسعى كثيرون لتطبيقه، بل أضحت مصدر إلهام للعالم، بما تحتويه تلك التجربة من مبادرات وقيم يعم نفعها الإنسانية جمعاء.
- إشادات دولية بالحريات الدينية.. الإمارات منارة التسامح
- أمريكا تشيد بدور الإمارات في ملف الحريات الدينية
وأينما حل اسم الإمارات حول العالم، أضحت مبادراتها في نشر قيم التسامح ودعم الحريات الدينية حاضرة كنماذج للاقتداء والاحتذاء، ولا يكاد يمر يوم إلا ويشيد العالم بتلك التجارب والمبادرات.
أمس الجمعة في مؤتمر صحفي بشأن أوضاع الحريات الدينية في العالم، وفقا لتقرير سنوي تصدره الولايات المتحدة، حظيت الإمارات بإشادات واسعة لدورها الحيوي في نشر التسامح.
فخلال المؤتمر الذي عقد بحضور وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، أشاد بدور دولة الإمارات العربية المتحدة في ملف الحريات الدينية.
إشادة بومبيو جاءت بعد أيام من إشادة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بمبادرة عام التسامح، واصفة أنها "مهمة جدا" لبلادها، وذلك خلال زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى برلين.
تلك الإشادات سبقتها نماذج لأحداث ومواقف تكشف كيف أضحت الإمارات مصدر إلهام للعالم، كان من بينها قيام المتحدثة باسم الحكومة البريطانية المقيمة في الإمارات بالصوم خلال شهر رمضان الماضي لنشر التسامح.
وفي خطوة تغرس في ذاكرة العالم التاريخ الإماراتي في دعم الحريات الدينية تم انتهاء عمليات الحفاظ على موقع كنيسة ودير صير بني ياس أول موقع مسيحي يتم اكتشافه في الدولة وتجهيزه من قبل دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي لاستقبال الوفود السياحية والزوار.
أيضا ستظل "شجرة التسامح"، التي زرعها الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي بالإمارات في حديقة "الأونيري" ببوخارست قبل أيام، تلهم الرومانيين بدور الإمارات في نشر التسامح في العالم.
إشادات متتالية
وأشاد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، الجمعة، بدولة الإمارات العربية المتحدة لدورها في ملف الحريات الدينية.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده بومبيو بشأن أوضاع الحريات الدينية في العالم، وفقا لتقرير سنوي تصدره الولايات المتحدة في هذا الشأن.
وقبل 10 أيام وخلال زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى ألمانيا، أشادت أنجيلا ميركل مستشارة ألمانيا بالأمر نفسه.
وتحدثت ميركل عن مبادرة عام التسامح التي أطلقتها دولة الإمارات هذا العام وقالت.. "إنها بالنسبة لنا مهمة جدا، حيث شهدت الإمارات أول زيارة لبابا الكنيسة الكاثوليكية للإمارات، كما استضافت الإمارات الألعاب العالمية للأولمبياد الخاص التي تميزت نسختها هذه بمشاركة طيف واسع من مكونات شعب الإمارات والمقيمين فيها".
وأشارت المستشارة الألمانية إلى أن حديثها مع ولي عهد أبوظبي تضمن أهمية بناء الجسور بين الأديان والطوائف المختلفة وضرورة مواجهة التطرف والكراهية من خلال التفاهم بين الشعوب إضافة إلى أهمية مكافحة الإرهاب الدولي.
نموذج يحتذى
وتعد الإمارات واحة للإنسانية والتسامح ونموذجا يحتذى به، حيث تحتضن أكثر من 200 جنسية من مختلف الأديان والثقافات يعيشون على أراضيها بانسجام ووئام، ويضمن القانون الحق للمقيمين في استخدام مرافق الدولة الصحية والتعليمية والثقافية والترفيهية أسوة بمواطنيها دون أي تمييز.
ومن الأمثلة العملية لروح التسامح التي تتمتع بها دولة الإمارات، والتي لا ينساها العالم، توجيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عام 2017، بإطلاق اسم السيدة مريم أم النبي عيسى على مسجد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في منطقة المشرف بأبوظبي.
وثيقة وجائزة ومسجد وكنيسة
ويصادف عام 2019، عام التسامح في الإمارات، تعمل خلاله الدول على نشر قيم التسامح باعتبارها عملا مؤسسيا مستداما من خلال مجموعة من التشريعات والسياسات الهادفة إلى تعميق قيم التسامح والحوار وتقبل الآخر والانفتاح على الثقافات المختلفة خصوصا لدى الأجيال الجديدة بما تنعكس آثاره الإيجابية على المجتمع بصورة عامة.
ويشهد "عام التسامح" التركيز على 5 محاور رئيسية أولها تعميق قيم التسامح والانفتاح على الثقافات والشعوب في المجتمع من خلال التركيز على قيم التسامح لدى الأجيال الجديدة، وثانيها ترسيخ مكانة دولة الإمارات عاصمة عالمية للتسامح من خلال مجموعة من المبادرات والمشاريع الكبرى في هذا الإطار منها المساهمات البحثية والدراسات الاجتماعية والثقافية المتخصصة في مجال التسامح وحوار الثقافات والحضارات.
ويرتكز المحور الثالث على التسامح الثقافي من خلال مجموعة من المبادرات المجتمعية والثقافية المختلفة، أما المحور الرابع فيقوم على طرح تشريعات وسياسات تهدف إلى مأسسة قيم التسامح الثقافي والديني والاجتماعي، وأخيرا تعزيز خطاب التسامح وتقبل الآخر من خلال مبادرات إعلامية هادفة.
وكان من أبرز مبادرات عام التسامح، إطلاق وثيقة "الأخوة الإنسانية" التي وقعها قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين، على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة يوم 4 فبراير/شباط الماضي.
ومنذ توقيع الوثيقة تعمل الإمارات بالتعاون مع الرمزيين الدينيين الكبيرين على نشر الوثيقة وتطبيق مبادئها على أوسع نطاق.
ووثيقة الأخوة الإنسانية تؤسس دستورا جديدا للتعايش السلمي يجمع الشرق بالغرب، يتضمن عدداً من الثوابت والقيم، منها قيم السلام وثقافة التسامح وحماية دور العبادة وحرية الاعتقاد ونشر الأخلاق ومفهوم المواطنة.
وتضمنت الوثيقة التي وقعت داخل أرض دولة الإمارات العربية المتحدة، وشهدت تفاعلاً دولياً وإقليمياً، الضمانات الكفيلة بمحاصرة الإرهاب وفكرته، وتضييق الخناق على كل مسبباته وأسباب وجوده في العالم.
وخلال مراسم توقيع الوثيقة، ودعما لأهدافها، أعلن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، إطلاق الإمارات "جائزة الأخوة الإنسانية- من دار زايد"، التي ستكرم في كل دورة منها شخصيات ومؤسسات عالمية بذلت جهودا صادقة في تقريب الناس من بعضهم.
وأعلن منح الجائزة في دورتها الأولى لقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف؛ "لجهودهما المباركة في نشر السلام في العالم".
وقال: باسم حكومة وشعب دولة الإمارات والمقيمين على هذه الأرض الطيبة وفي هذا اليوم التاريخي "سنواصل حمل راية الأخوة الإنسانية ونتعهد بمواصلة دعم الجهود الرامية إلى جعل المنطقة والعالم مكانا أكثر سلاما وتسامحا".
وفي ترجمة عملية للوثيقة وأهدافها، أعلن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة توقيعه وأخيه محمد بن راشد وقداسة البابا فرنسيس وفضيلة الشيخ أحمد الطيب على حجر الأساس لبناء كنيسة القديس فرنسيس ومسجد الإمام الأكبر أحمد الطيب في أبوظبي.
وأوضح الشيخ محمد بن زايد أن الكنيسة والمسجد سيكونان "منارتين لإعلاء قيم التسامح والسمو الأخلاقي والتآخي الإنساني في سماء الإمارات".
مصدر إلهام
هذا النموذج الإماراتي في التسامح أضحى مصدر إلهام لكثيرين، فبعد تأثرها بأجواء رمضان الرائعة في الإمارات التي أكدت أنها تعكس روح التآخي والتكافل الاجتماعي، قررت أليسون كنغ المتحدثة باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خوض تجربة الصيام خلال رمضان الماضي لنشر قيم التسامح التي لمستها في الإمارات.
أيضا وفي إطار مبادرة "أشجار التسامح" التي يتم تنفيذها تزامنا مع "عام التسامح" بتعاون مشترك بين وزارة الثقافة وتنمية المعرفة ووزارة الخارجية والتعاون الدولي، قام الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي وتيودور ميليشكانو وزير الخارجية الروماني بغرس "شجرة التسامح" وذلك في حديقة "الأونيري" بالعاصمة الرومانية بوخارست.
وتم اختيار هذه الحديقة لتنفيذ مبادرة زارعة شجرة التسامح بها نظرا لمكانتها السياحية وموقعها الاستراتيجي على مفترق أكثر من شارع رئيسي في بوخارست.
تاريخ مشرف في دعم الحريات الدينية
وفي خطوة تغرس في ذاكرة العالم التاريخ الإماراتي في دعم الحريات الدينية تم انتهاء عمليات الحفاظ على موقع كنيسة ودير صير بني ياس أول موقع مسيحي يتم اكتشافه في الدولة وتجهيزه من قبل دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي لاستقبال الوفود السياحية والزوار.
ويعود تاريخ الكنيسة والدير إلى القرنين السابع والثامن الميلادي واستمرت في الازدهار حتى بعد انتشار الإسلام في المنطقة، حيث تم اكتشاف مباني الموقع عام 1992 تبعها العديد من أعمال التنقيب لاستكشاف المهاجع الشرقية والشمالية بالدير والكنيسة والسور المحيط والمنازل ذات الفناء وفي عام 1994 ثبت أن المخطط المعماري للموقع يعود لكنيسة.
ويعد دير وكنيسة صير بني ياس رمزا للتنوع الثقافي في دولة الإمارات وحظي باهتمام ورعاية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان نظرا لقيمته التراثية والثقافية العميقة باعتباره دليلا تاريخيا مهما وجزءا من التراث الحضاري للدولة.
يذكر أن موقع كنيسة ودير صير بني ياس يحظى بأهمية استثنائية لذلك تم إجراء التدخلات المقررة بعناية للحفاظ على الموقع منذ الانتهاء من أعمال التنقيب الأثري الأولى، حيث تم بناء منصة للزوار فوق الكنيسة عام 2010 بينما تم إعادة دفن معظم الدير.. وخلال الفترة بين عامي 2015 و2016 استكملت دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي وضع خطة للحفاظ على موقع الكنيسة كجزء من خطة أوسع لإدارة الجزيرة بأكملها.
وتعد هذه الخطة فرصة لجمع معلومات عن الموقع وتقييم حالته، إضافة إلى وضع سياسات لأعمال الحفر والأبحاث المستقبلية وأعمال الترميم والإدارة والحفاظ على مظهر الموقع.
وخلال عام 2018 شرعت دائرة الثقافة والسياحة في تصميم وتنفيذ حلول جديدة لحماية الموقع والتي من شأنها ضمان الحفاظ على البقايا الأثرية للموقع من المخاطر البيئية الحالية والتقليل من التأثير البصري والمادي عليها وكذلك تعزيز تجربة الزوار.
وتعد الإمارات من أوائل الدول الخليجية التي احتضنت جميع الكنائس المسيحية، منها الشرقية كالأرثوذكسية والغربية البروتستانتية والرومانية الكاثوليكية.
ويوجد في دولة الإمارات حاليا 76 كنيسة ودار عبادة للديانات والعقائد المختلفة، حيث تبرعت الدولة لبعضها بأراضٍ لإقامتها.