محاكمة الإخوان بالإمارات.. دلالات ترسم «المعادلة المثالية»
جلسة محاكمة لعناصر من الإخوان في دولة الإمارات تكشف تفاصيل ودلالات هامة تختزل خطورة التنظيم الإرهابي وعداءه للدولة وشعبها.
محاكمة تفضح مكائد التنظيم عبر التخطيط لإثارة الشارع وإراقة الدماء من خلال تنظيم الاحتجاجات والمظاهرات ضد الدولة واختلاق الصدام والعنف مع أجهزة الأمن.
ليس هذا فحسب، بل حاول التسلل إلى الاقتصاد بشكل خبيث عبر غسل إيراداتهم من أعمالهم غير المشروعة، لمحاولة إخفاء نشاطهم الإجرامي.
أيضا كشفت الجلسة تكتيك الإخوان المفضوح في اختيار مسميات خادعة لتنظيماتهم كفخاخ لاستقطاب آخرين من جهة، ولإخفاء أهدافهم الحقيقية، حيث كشفت الجلسة تأسيس وإدارة تنظيم إرهابي تحت مسمى "تنظيم لجنة العدالة والكرامة".
وفي المقابل، كشفت الجلسة ذاتها عن دلالات عميقة تبرز نجاحا منقطع النظير للجهات الأمنية ويقظتها ودور النيابة العامة في مكافحة الإرهاب بشكل عام وإرهاب تنظيم الإخوان بشكل خاص، عبر محاصرته بأدلة دامغة بالصوت والصورة ومستندات تكشف مخططاتهم الخبيثة.
وفضلا عن نجاح دولة الإمارات المستحق في حماية نظامها المالي والاقتصادي من أي عمليات غسل أموال، كشفت الجلسة أيضا نزاهة وعدالة القضاء الإماراتي إلى أبعد مدى، وحرصه على توفير محاكمة علنية عادلة للمتهمين رغم خطورة جرائمهم، عبر حضور محاميي الدفاع عن المتهمين في القضية، وكذلك حضور عدد من أهالي المتهمين وممثلي وسائل الإعلام المختلفة.
تفاصيل الجلسة
عقدت محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية جلسة للنظر في القضية رقم 87 لسنة 2023 جزاء أمن الدولة، والمتهم فيها عدد من الأشخاص والكيانات، والتي تتعلق بارتكاب جرائم تأسيس وإدارة تنظيم إرهابي وغسل الأموال المتحصلة من جنايات إنشاء وتأسيس تنظيم سري إرهابي.
وخلال الجلسة التي امتدت لأكثر من خمس ساعات، استمعت المحكمة لمرافعة النيابة العامة، بحضور جميع المتهمين، حيث قدم ممثل النيابة أدلة الثبوت والإدانة ضد المتهمين في القضية.
وشملت الأدلة تقارير فنية ومواد صوتية ومرئية وكذلك مستندات خطية، تثبت تورط المتهمين في جرائم تأسيس وإدارة تنظيم إرهابي وهي الجرائم محل الاتهام في القضية.
وأكدت النيابة، في مرافعتها، أن هذه القضية مختلفة تماما عن القضية رقم 79 لسنة 2012 جزاء أمن الدولة، وليست إعادة لمحاكمة المتهمين، وفقا للأدلة التي عرضتها في الجلسة العلنية.
وتضمنت الأدلة اعترافات وإقرارات للمتهمين توافقت مع تحريات جهاز أمن الدولة وشهادات وتقارير الخبراء الإعلاميين المكلفين برصد وتحليل النشاط الإعلامي والإلكتروني للمتهمين ومحتوى التغريدات والمدونات التي نشروها في إطار مخطط عمل التنظيم.
وأشارت النيابة إلى أن المتهمين تورطوا في تأسيس وإدارة تنظيم إرهابي تحت مسمى "تنظيم لجنة العدالة والكرامة" بهدف إثارة الشارع وإراقة الدماء من خلال تنظيم الاحتجاجات والمظاهرات ضد الدولة واختلاق الصدام والعنف مع أجهزة الأمن.
وشهدت الجلسة حضور محاميي الدفاع عن المتهمين في القضية، وكذلك حضور عدد من أهالي المتهمين وممثلي وسائل الإعلام المختلفة.
ومن المقرر أن تواصل المحكمة الاستماع لمرافعة النيابة العامة بجلسة تعقد الخميس المقبل.
وفي 6 يناير/كانون الثاني الماضي، أحال المستشار الدكتور حمد سيف الشامسي النائب العام لدولة الإمارات 84 متهما، أغلبهم من أعضاء تنظيم الإخوان، إلى محكمة أمن الدولة لمحاكمتهم عن جريمة إنشاء تنظيم سري آخر، بغرض ارتكاب أعمال عنف وإرهاب على أراضي الدولة.
وأخفى المتهمون هذه الجريمة وأدلتها قبل ضبطهم ومحاكمتهم في القضية رقم (17) لسنة 2013 جزاء أمن الدولة.
وكانت محكمة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا الإماراتية قد أصدرت، في 2 يوليو/تموز 2013، حكمها في قضية التنظيم السري غير المشروع.
وحكمت المحكمة بإنزال العقوبة القصوى البالغة 15 عاماً سجناً بحق 8 متهمين هاربين، ومعاقبة 56 متهماً حضورياً بالسجن لمدة 10 أعوام، مع مراقبتهم لمدة 3 سنوات بعد تنفيذ العقوبة، ومعاقبة 5 متهمين بالسجن 7 سنوات.
كما نص الحكم على براءة 25 متهماً من بينهم 13 امرأة، ما يعني تبرئة كل متهمات التنظيم النسائي.
وكانت هذه القضية قد استأثرت باهتمام محلي وإقليمي ودولي منذ الإعلان عن إحالة المتهمين إلى القضاء بتهمة محاولة الاستيلاء على الحكم، ومناهضة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها، والإضرار بالسلم الاجتماعي.
وكشفت التحقيقات الأولية واعترافات المتهمين للنيابة العامة عن وجود مخططات تمس أمن الدولة، إضافة إلى ارتباط التنظيم وأعضائه بتنظيمات وأحزاب ومنظمات خارجية مشبوهة.
ووفقاً للتحقيقات، فقد أنشأ المتهمون وأسسوا وأداروا تنظيماً يهدف إلى مناهضة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم في دولة الإمارات والاستيلاء عليه.
واتخذ التنظيم مظهراً خارجياً وأهدافاً معلنة هي دعوة أفراد المجتمع إلى الالتزام بالدين الإسلامي وفضائله، بينما كانت أهدافهم غير المعلنة الوصول إلى الاستيلاء على الحكم في الدولة ومناهضة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها.
وقد خططوا لذلك خفية في اجتماعات سرية عقدوها في منازلهم ومزارعهم وأماكن أخرى حاولوا إخفاءها وإخفاء ما يدبرونه خلالها عن أعين السلطات المختصة.
وأكدت الأحكام الصادرة آنذاك تبعية التنظيم السري في الإمارات إلى إطار تنظيمي إقليمي يتبع بدوره التنظيم العالمي للإخوان الهادف وبصورة منهجية إلى إخضاع سيادة دولة الإمارات له.
ومؤخرا، تم الكشف عن جريمة جديدة حاول من أدينوا في تلك القضية إخفاءها، وهي جريمة إنشاء تنظيم سري آخر بغرض ارتكاب أعمال عنف وإرهاب على أراضي دولة الإمارات.
جرائم بالجملة
كشفت آخر جلسات محاكمة التنظيم عن مدى خطورته وتخطيطه لسلسة جرائم خطيرة تستهدف أمن الوطن واقتصاده وسلامة مواطنيه، من أبرزها:
• تأسيس وإدارة تنظيم إرهابي تحت مسمى " تنظيم لجنة العدالة والكرامة".
• غسل الأموال المتحصلة من جنايات إنشاء وتأسيس تنظيم سري إرهابي.
• التخطيط لإثارة الشارع وإراقة الدماء من خلال تنظيم الاحتجاجات والمظاهرات ضد الدولة.
• التخطيط لاختلاق الصدام والعنف مع أجهزة الأمن.
نجاح أمني
أيضا كشفت جلسة المحاكمة الأخيرة عن نجاح دولة الإمارات في حماية أمنها وسيادتها واستقرارها والحفاظ على سلامة مواطنيها والمقيمين فيها وأمنهم، وأنها لن تتوانى عن متابعة كل من يحاول استهداف أمنها واقتصادها وسلامة مواطنيها.
كما تأكد أن جرائم الإرهاب لا تسقط بالتقادم، وأن الجريمة مهما مر الوقت عليها وحاول مرتكبها إخفاؤها لا بد أن يحاسب، ولا سيما إذا كانت جريمة تمس أمن الدولة.
أيضا كشفت الجلسة عن وجود فرق متكاملة تعمل على مكافحة الإرهاب داخل الإمارات تضم أكثر من جهة، الأمر الذي ساعدها على محاصرة التنظيم الإرهابي، وكشف جرائمها بأدلة دامغة تضمن اعترافات وإقرارات للمتهمين توافقت مع تحريات جهاز أمن الدولة وشهادات وتقارير الخبراء الإعلاميين الذين كلفوا برصد وتحليل النشاط الإعلامي والإلكتروني للمتهمين ومحتوى التغريدات والمدونات التي نشروها في إطار مخطط عمل التنظيم.
أيضا كان لافتا أن الجلسة التي امتدت لأكثر من خمس ساعات، لمرافعة النيابة العامة، لم تنته النيابة خلالها من مرافعتها، ومن المقرر أن تواصل المحكمة الاستماع لمرافعة النيابة العامة في جلسة الخميس المقبل، وهو ما يعني أنه ما زالت بجعبة النيابة المزيد من الأدلة التي تدين التنظيم وتكشف خطورته.
جهود متكاملة سبق أن توجت باحتفاظ دولة الإمارات للسنة الرابعة على التوالي على مكانتها ومركزها الأول في مؤشر الإرهاب العالمي، حيث تعتبر من أكثر الدول أماناً من بين عدة دول فعالة في مجال مكافحة الأنشطة الإرهابية والمتطرفة.
كما تعد من أكثر الدول أماناً في العالم بمستوى "منخفض جداً" لمخاطر انتشار النشاط الإرهابي، حسب النتائج الصادرة من معهد الاقتصاد والسلام الدولي المسؤول عن المؤشر ونشر نتائجه في يناير/كانون الثاني الماضي.
عدالة وشفافية
رغم خطورة المحاكمة والاتهامات الموجهة للتنظيم، وحرصا من المحكمة على الشفافية التامة وإطلاع الرأي العام المحلي والدولي على وقائعها، كانت الجلسة علنية وحضرها محامو الدفاع وأهالي المتهمين وممثلون عن وسائل الإعلام.
أمر يكشف الحرص على توفير محاكمة عادلة، وإفساح المجال للمتهمين ودفاعهم، للاستماع لأدلة إدانتهم والرد عليها أمام الجميع، وتجسد المحاكمة العلنية ما يتمتع به الجهاز القضائي في دولة الإمارات من استقلالية تامة.
وسبق أن تضمن قرار إحالة المتهمين للمحاكمة في 6 يناير/كانون الثاني الماضي، الإعلان عن ندب محام لكل متهم لم يتمكن من توكيل محام للدفاع.
وهو ما يعني صون حقوق الأفراد في الدعاوى القضائية، والتي تشمل أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وبناء على هذه القاعدة لا يجوز فرض أي عقوبة جزائية على أي شخص، دون أن تثبت إدانته وفقاً للقانون.
أيضا يشمل هذا حق توكيل محام، حيث يجب أن يتوفر لكل من اتهم بارتكاب جناية يعاقب عليها بحكم الإعدام، أو بالسجن المؤبد محام للدفاع عنه في مرحلة المحاكمة.
وإذا لم يوكل المتهم محامياً، تقوم المحكمة بتعيين محام له، وتتحمل الدولة مصاريفه وفقاً للقانون. كما يجوز للمتهم في جناية يعاقب عليها بالسجن المؤقت أن يطلب من المحكمة أن تعين له محامياً للدفاع عنه، بعد التحقق من عدم قدرته على توكيل محام.
دلالات عدة تكشف نجاح دولة الإمارات في تحقيق المعادلة المثالية في هذا الصدد، عبر نجاحها في مكافحة الإرهاب ونشر الأمن والأمان واحترام حقوق الإنسان، عبر استراتيجية متكاملة: قانونية وأمنية وحقوقية ودبلوماسية وسياسية.
aXA6IDMuMTQyLjQwLjE5NSA= جزيرة ام اند امز