استعرضت، فجر أمس الأحد،معالي ريم الهاشمي وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ78، أولويات سياسة دولة الإمارات ورؤيتها لقضايا السلام والأمن والتعاون الدولي.
ويمكن تلخيص القراءة السياسية لكلمة دولة الإمارات من على منبر الأمم المتحدة بأنها تميزت بسمتين اثنتين، هما: السمة الأولى: أن الكلمة عبرت عن الشمولية التي تميز سياسة دولة الإمارات واتساع آفاق رؤية الإمارات لتحقيق الاستقرار والسلم في العالم بأجمعه.
والسمة الثانية: أن الكلمة ركزت على القضايا ذات البعد العالمي التي باتت تشغل البشرية كلها مثل المناخ والغذاء ما يعني أن الأمر يحتاج إلى تعاون الجميع لإيجاد الحلول، وهو ما يجسد نهج وسياسة الإمارات المنفتحة على العالم وقضاياه بشقيها، الإيجابي أي التعاون من أجل التقدم والازدهار، والسلبي أي بمواجهة التحديات والتهديدات الماثلة والمتوقعة أمام مستقبل أفضل للبشر.
فالكلمة جاءت جامعة وشاملة لمختلف أنماط القضايا سياسياً واقتصادياً وبيئياً، كما عكست الترابط والتداخل بين المجالات والاستحقاقات العالمية، حيث تتشابك مخاطرها وبالتالي ما يجب أو ينبغي فعله.
أما من حيث التفاصيل، فقد تطرقت معالي ريم الهاشمي إلى القضايا السياسية والدبلوماسية المهمة والمفصلية في حاضر ومستقبل الشرق الأوسط، وبصفة خاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، حيث جددت التأكيد على ثوابت دولة الإمارات بشأن ضرورة استعادة حقوق الفلسطينيين وبناء دولتهم المستقلة، حيث "تؤمن الإمارات بأن الدولة الفلسطينية المستقلة يجب أن تقام على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
ولهذا الموقف الإماراتي أهمية كبيرة في هذا التوقيت، حيث يجسد الميزان الدقيق والمعايير الموضوعية والمبدئية التي تستند إليها الإمارات في تحديد سياساتها الخارجية بشكل عام والإقليمية بصفة خاصة.
فالمعنى السياسي في هذا الجانب، أن الحرص على إقامة علاقات تعاونية مع كل دول العالم بما فيها إسرائيل، لا يعني التخلي عن الثوابت أو التساهل فيما يتعلق بالحقوق التاريخية للفلسطينيين والمواقف المبدئية للإمارات في هذه القضية.
ولأن دولة الإمارات تعطي للقضايا ذات البعد العالمي ما تستحقه من اهتمام وتركيز، فإن التحديات التي تواجه العالم ككل، وقد تشكل تهديدات مباشرة وحيوية لسكان الكرة الأرضية، حظيت بتركيز كبير في كلمة دولة الإمارات، والتي خصصت فيها حزمة من القضايا المترابطة ولفتت انتباه صناع القرار في العالم إلى خطورتها وتسليط الضوء عليها من خلال المنصة الأممية.
وربطت معالي ريم الهاشمي بين التحديات المصاحبة للتغير المناخي، والشح المائي، حيث لا تزال أزمة ندرة المياه حول العالم تفتقر إلى الاهتمام الدولي بالدرجة الكافية لمعالجتها، والنتيجة الخطيرة المترتبة على هاتين القضيتين هي افتقاد الأمن الغذائي لكثير من شعوب العالم، الأمر الذي يعني تهديد حياة الشعوب وبالتالي الأمن والاستقرار في كثير من مناطق العالم.
لقد كان الطابع التحذيري واضحاً في موقف الإمارات بهذا الصدد، حيث حرصت كلمة الإمارات في الأمم المتحدة على دق جرس إنذار للعالم بشأن تلك التحديات التي يعد التغير المناخي المكون الجوهري فيها، بتأكيدها على أن أزمة المناخ "مرحلة مفصلية يمر بها العالم"، ما يعني أن مستقبل العالم مرهون بكيفية التعاطي مع ذلك التحدي وحدود القدرة على اجتياز هذه المرحلة بنجاح.
ولأن الحديث كان من فوق منصة الأمم المتحدة، كان للمنظمة الدولية نصيب من الكلمة يتعلق بالإصلاحات الضرورية المطلوبة فيها، خصوصاً مجلس الأمن، حيث أكدت معالي ريم الهاشمي ضرورة تعديل نظام المجلس، وتحديداً فيما يتعلق بحق النقض "الفيتو"، وتوسيع العضويات الدائمة والمنتخبة، كما لفتت إلى ضرورة الحفاظ على نظام دولي قائم على احترام سيادة الدول، وإدارة التفاعلات الدولية بما يتسق مع القرارات الدولية والمبادئ التي أجمع عليها المجتمع الدولي.
إن المضمون الشامل والمتوازن لكلمة دولة الإمارات في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأسلوبها الدقيق في شرح مهددات الأمن والاستقرار العالمي وطرح الحلول المناسبة لها، يعكس الوضوح في الرؤية والإيمان بالنهج التعاوني بين الجميع لبناء المستقبل.
وكل هذا لخصته معالي ريم الهاشمي في كلمات ثلاث: "خيارنا السلام، وسبيلنا التنمية، ووجهتنا المستقبل".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة