تعاون إماراتي-أمريكي في الذكاء الاصطناعي.. شراكة رقمية استراتيجية

في ظل التحولات الرقمية المتسارعة التي يشهدها العالم، برز التعاون بين الولايات المتحدة ودولة الإمارات كنموذج رائد في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة والأمن السيبراني.
يهدف هذا التعاون إلى تعزيز الابتكار، وتحقيق النمو المستدام، وتوفير بيئة رقمية آمنة لمواجهة التحديات السيبرانية المتزايدة.
شهدت العلاقات بين البلدين تطورا ملحوظا في السنوات الأخيرة، خاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة. فقد أعلنت شركة G42 الإماراتية، بدعم من صندوق مبادلة، عن توسعها في الولايات المتحدة من خلال إنشاء شركة تحت اسم "G42 USA" في ولاية ديلاوير، مما يعكس التزام الإمارات بتعزيز وجودها في سوق الذكاء الاصطناعي الأمريكي.
في سبتمبر/أيلول 2024، أعلنت الإمارات والولايات المتحدة عن إطار تعاون مشترك في مجال الذكاء الاصطناعي، يهدف إلى تعزيز وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل آمن وموثوق. يشمل هذا الإطار التعاون في مجالات البحث والتطوير، وبناء أطر تنظيمية لتعزيز الابتكار، وتوسيع التعاون في مجال حماية الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، وتطوير المواهب في هذا المجال.
كما وقعت الولايات المتحدة والإمارات اتفاقيات تعاون لتعزيز الأمن السيبراني، تهدف إلى إنشاء بيئة إلكترونية آمنة وموثوقة، وتعزيز التعاون في مجال الاستجابة للحوادث السيبرانية.
مواجهة المخاطر السيبرانية
يُعد الأمن السيبراني أحد المحاور الرئيسية في الشراكة بين الإمارات والولايات المتحدة. يهدف التعاون إلى توفير بيئة آمنة ومواجهة المخاطر السيبرانية المتزايدة، من خلال رفع كفاءة نظم الحماية والمراقبة، وتعزيز القدرات الدفاعية ضد التهديدات السيبرانية.
شهدت الفترة الأخيرة توقيع العديد من الاتفاقيات بين الشركات الإماراتية والأمريكية لتعزيز التعاون في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة. من أبرز هذه الشراكات، التعاون بين شركة G42 الإماراتية وشركة إنفيديا الأمريكية، بهدف تطوير حلول الذكاء الاصطناعي لتحسين توقعات الطقس على مستوى العالم.
كما أعلنت شركتا مايكروسوفت وG42 عن استثمار استراتيجي قدره 1.5 مليار دولار، يهدف إلى تعزيز التعاون بين الشركتين لإدخال أحدث تقنيات مايكروسوفت الخاصة بالذكاء الاصطناعي ومبادرات تطوير المهارات إلى دولة الإمارات وبقية دول العالم.
تطوير الكفاءات في مجال الذكاء الاصطناعي
تركز الشراكة بين الإمارات والولايات المتحدة على تطوير الكفاءات في مجال الذكاء الاصطناعي، من خلال برامج تدريبية وتبادل معرفي بين المؤسسات التعليمية والبحثية في البلدين. تهدف هذه المبادرات إلى بناء جيل من المتخصصين القادرين على قيادة مسيرة الابتكار والتقدم التكنولوجي.
تسعى الشراكة الإماراتية-الأمريكية إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام، من خلال توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، مثل التعليم، والرعاية الصحية، والطاقة، والنقل. يُتوقع أن تسهم هذه الجهود في خلق فرص عمل جديدة، وتعزيز الاستدامة البيئية، وتحقيق التنمية الشاملة.
في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، تسعى الإمارات والولايات المتحدة إلى الاستفادة من هذه التطورات لتعزيز قدراتهما التكنولوجية، وتشكيل منظومة حوكمة للذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي، مع التركيز على الاستخدام المسؤول والأخلاقي للتكنولوجيا.
حجم سوق الذكاء الاصطناعي
بلغ حجم سوق الذكاء الاصطناعي في الإمارات 3.47 مليار دولار في عام 2023، ومن المتوقع أن يصل إلى 46.33 مليار دولار بحلول عام 2030، مما يمثل نموًا سنويا مركبا بنسبة 43.9%. أما في الولايات المتحدة، فقد بلغ حجم سوق الذكاء الاصطناعي 42 مليار دولار في عام 2023، مع توقعات بنموه إلى 299.64 مليار دولار بحلول عام 2026.
يتيح التعاون بين البلدين فرصًا كبيرة للنمو المستدام، من خلال تبادل الخبرات، وتعزيز الابتكار، وتطوير البنية التحتية الرقمية. كما يسهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية لكلا البلدين في مجالات الاقتصاد الرقمي، والتعليم، والرعاية الصحية، والطاقة المتجددة.
يشهد كلا البلدين تحولا رقميا متسارعا، مع زيادة الاعتماد على الخدمات السحابية والتقنيات الحديثة. ويعملان معًا على تطوير حلول مبتكرة لتحسين الكفاءة، وتعزيز المرونة، وتوفير خدمات رقمية متقدمة للمواطنين والشركات.
يمثل التعاون بين الولايات المتحدة والإمارات في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة والأمن السيبراني نموذجًا ناجحًا للشراكة الاستراتيجية التي تهدف إلى تحقيق التقدم والازدهار المشترك. ومن المتوقع أن يستمر هذا التعاون في النمو والتطور، مما يسهم في بناء مستقبل رقمي آمن ومستدام لكلا البلدين.
من خلال هذه الشراكة، تسعى الدولتان إلى تحقيق مستقبل رقمي آمن ومستدام، يعزز من قدراتهما التكنولوجية، ويدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويواجه التحديات السيبرانية المتزايدة.
aXA6IDE4LjE5MS4yMDEuMjcg
جزيرة ام اند امز