تحذير إماراتي من الاستخدام المفرط للمياه الجوفية
حذرت "هيئة البيئة-أبوظبي" في الإمارات العربية المتحدة من الاستخدام المفرط للمياه الجوفية.
وتسعى استراتيجية الأمن المائي 2036 في دولة الإمارات إلى ضمان استدامة واستمرارية الوصول للمياه العذبة، من أجل تحقيق رخاء المجتمع واستدامة نمو الاقتصاد الوطني، بحسب وكالة الأنباء الإماراتية.
وتنقسم الموارد المائية في الإمارات إلى قسمين، الأول موارد تقليدية تشمل المياه السطحية مثل مياه الينابيع ومياه السدود ومياه الأفلاج والمياه الجوفية تشمل التي طبقات المياه الجوفية الضحلة والعميقة. والثاني موارد غير تقليدية وتشمل المياه المحلاة ومياه الاستمطار ومياه الصرف الصحي المعالجة.
وكشفت هيئة البيئة-أبوظبي أن مشكلة شح الموارد المائية المتجددة طبيعياً التي تعانيها إمارة أبوظبي تتفاقم بسبب زيادة الطلب على المياه الجوفية وزيادة السحب من الخزان الجوفي، الأمر الذي فرض تحديات بيئية ساهمت في زيادة الملوحة والتلوث وهبوط المناسيب واستنزاف المخزون وتدهور حالة المياه الجوفية، الذي أدى إلى تصنيف بعض المناطق على أنها مناطق مستنزفة يحظر حفر آبار جديدة فيها.
وتواجه إمارة أبوظبي مشكلة شح الموارد المائية نتيجة وقوعها في حزام المناطق الجافة، الذي يتسم بقلة معدلات التجدد الطبيعي للخزان الجوفي، نظراً لضعف معدلات الهطول المطري والذي يتراوح من 90 إلى 140 مليون متر مكعب سنوياً فقط، ومع تزايد معدلات التنمية والزيادة السكانية يزداد الطلب على المياه للاستهلاك الآدمي والتنمية الاقتصادية ولتلبية الاحتياجات من المياه اللازمة للمحافظة على صحة النظم الأيكولوجية والبيئية وتوفير الغذاء.
وقالت الدكتورة شيخة سالم الظاهري، الأمين العام لهيئة البيئة-أبوظبي في حديث لوكالة أنباء الامارات "وام": "تعتبر المياه الجوفية من المصادر غير المتجددة في أبوظبي ومعدل التغذية الطبيعية لها محدود للغاية ويحدث فقط في منطقة جبال حجر" وتمثل المياه الجوفية نحو 60% من إجمالي الموارد المائية المستخدمة في الإمارةـ بينما تمثل مياه التحلية نحو 30% والباقي 10% من مياه الصرف الصحي المعالجة ويستخدم نحو 65% من الموارد المائية في الري في القطاع الزراعي والغابات والحدائق والمتنزهات.
وأكدت أن من أهم مصادر التهديد الاستخدام المفرط للمياه الجوفية لأغراض الزراعة وعدم الوعي الكافي للمستخدمين ومحدودية التجدد الطبيعي للمياه الجوفية، وتتفاقم المشكلة مع زيادة معدلات الضخ الحالي للمياه الجوفية بالإمارة بشكل متزايد، نتيجة التوسع في القطاع الزراعي والحاجة إلى المياه والذي يصل حالياً إلى 2100 مليون متر مكعب سنوياً، وهو ما يمثل حوالي 20 ضعف كميات التغذية الطبيعية للخزانات الجوفية.
وأضافت الظاهري أنه وبسبب هذا الضخ الجائر للمياه الجوفية من هذه الخزانات انخفضت مناسيبها وتدهورت نوعيتها في العديد من المناطق، حيث أصبح 79% منها مياها جوفية عالية الملوحة و18% مياها متوسطة الملوحة، في حين أن 3% منها فقط تعتبر عذبة وفقا لتصنيف نوعية المياه حسب الملوحة الذي وضعته الهيئة.
وحذرت من أنه مع استمرار الوضع الحالي من المتوقع أن ينضب مخزون المياه الجوفية الصالح للاستخدام من الإمارة خلال العقود القليلة القادمة في المناطق التي تشهد كثافة في معدلات الري ما لم يتم مواجهة التحدي من تنظيم استخدام المياه الجوفية المتوفرة بشكل مستدام والتخطيط والإدارة الحكيمة لتزايد الطلب عليها وزيادة استخدام المياه المعاد تدويرها (مياه الصرف الصحي المعالجة) في قطاعي الزراعة والغابات وتحويل إمدادات المياه لمصادر المياه المحلاة بعيداً عن مواقع المياه الجوفية التي لا تتجدد بشكل طبيعي.
من جهتها أشارت المهندسة شيخة الحوسني، المدير التنفيذي لقطاع الجودة البيئية بالهيئة، إلى أنه يوجد في إمارة أبوظبي حالياً ما يقرب من 118 ألف بئر جوفية في جميع مناطق الإمارة منها أكثر من 53 ألف بئر عاملة ضمن أكثر من 24 ألف مزرعة، وتصل كميات الضخ من الخزانات الجوفية بالإمارة من القطاع الزراعي إلى 1756 مليون متر مكعب، أي ما يشكل 84% من إجمالي المياه الجوفية المستخدمة و248 مليون متر مكعب أي 12% من قطاع الغابات و86 مليون متر مكعب أي 4% من قطاع الحدائق والمتنزهات.
وذكرت أن الهيئة تعتبر هي الجهة المخول لها تنظيم استخدامات المياه الجوفية بإمارة أبوظبي، حيث تركز بشكل مباشر على المحافظة على المياه الجوفية والمساهمة بشكل فاعل في الإدارة المتكاملة للمياه الجوفية والمياه المحلاة والمعاد تدويرها، وفي سبيل ذلك قامت الهيئة بالكثير من الجهود للحفاظ على موارد المياه الجوفية في إمارة أبوظبي من خلال تحديث الأطر التشريعية والقانونية المنظمة للمياه الجوفية بالإمارة ومراقبة المياه الجوفية وجمع البيانات الخاصة بالتغير في مناسيب المياه الجوفية ونوعيتها واستخدام التقنيات الحديثة في الحفاظ على المياه الجوفية والتوعية والتعليم ونشر الوعي بين مستخدمي المياه الجوفية بشأن ترشيد استخدام المياه الجوفية والتنسيق مع جميع الشركاء المعنيين لتوحيد الجهود للحفاظ على المياه الجوفية وتنفيذ العديد من المشاريع الاستراتيجية.
وفي إطار القيام بدورها التنظيمي المباشر فيما يتعلق باستخراج المياه الجوفية، أكملت الهيئة في عام 2018 أول مشروع لحصر آبار المياه الجوفية في الإمارة، والذي من خلاله تم حصر وتصنيف وتسجيل حوالي 118 ألف بئر جوفي في جميع أنحاء الإمارة تم توثيقها في أول أطلس من نوعه للمياه الجوفية، وتقرير ضخم ومكثف من عشرة مجلدات وتم تصنيف هذه الآبار إلى آبار عاملة أو غير عاملة أو آبار مراقبة وغيره، ويوجد الكثير من البيانات في أطلس المياه الجوفية الذي أصدرته الهيئة والمتوفر على الموقع الهيئة على شبكة الإنترنت.
ومن خلال مشروع حصر آبار المياه الجوفية في الإمارة فقد تم تحديث خريطة ملوحة المياه الجوفية، وكذلك يتم تجميع بيانات الملوحة والمناسيب من خلال شبكة مراقبة تغطي جميع أنحاء الإمارة ويتم إصدار تقرير سنوي بهذه النتائج ويتم تصنيف المياه الجوفية في الإمارة وفقا لملوحتها إلى أربعة أنواع رئيسية، هي المياه الجوفية العذبة والمياه الجوفية المالحة والمياه الجوفية عالية الملوحة والمياه الجوفية شديدة الملوحة.
وفي عام 2020 أطلقت الهيئة برنامجاً لمدة 3 سنوات لتقييم الخزانات الجوفية العميقة وتحديد إمكاناتها والمخزون الجوفي بها ونوعيته وإمكانية استغلاله في المستقبل.
وبصفتها السلطة المختصة بإدارة المياه الجوفية تتولى هيئة البيئة-أبوظبي مسؤولية إصدار تراخيص وتنظيم عملية حفر الآبار الجوفية وفقاً لقانون المياه الجوفية لإمارة أبوظبي الصادر في عام 2016، والذي يعزز من الإطار القانوني وسلطة الهيئة لضمان استخدام المياه الجوفية بكفاءة مما يساهم في طول عمر خزانات المياه.
ويمِّكن هذا القانون هيئة البيئة-أبوظبي من إصدار تراخيص المياه الجوفية للمزارع والغابات والتي يتم من خلالها تحديد الحد الأقصى المسموح به لاستخراج المياه والأنشطة التي ستستخدم فيها هذه المياه ستتحدد كمية المياه المطلوبة باستخدام حاسبة المحاصيل وهي آلة من ابتكار هيئة البيئة-أبوظبي وشركائها وتهدف إلى تعزيز كفاءة استخدام المياه بالمزارع والغابات، حيث تقوم بحساب كمية المياه اللازمة لكل محصول مع الأخذ في الاعتبار ظروف المناخ والتربة كما أنه يجرى العمل لإعداد حاسبة تناسب أنواع الأشجار المختلفة.