كان زايد يعلم أن ارتياد الفضاء حلم صعب المنال، لكنه ليس محالا؛ لأن الزمن كفيل بأن يحول ورقة التوت إلى حرير لمن يمتلك إرادة وتصميما
قبل أكثر من أربعين عاماً استقبل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ـ رحمه الله ـ وفد وكالة ناسا بعد مهمة أبولو التاريخية التي قادت الإنسان إلى سطح القمر عام 1976. وكان فيما أبداه زايد من اهتمام بهذا الوفد والمهمة التي أداها موضع استغراب ممن لم يعرفوا زايد عن كثب. فكيف لهذا الفارس العربي القادم من الصحراء أن يتطلع إلى عالم الفضاء؟
نشوة الإنجاز يجب ألا تشغلنا عن القادم، وألا نركن إلى إنجازات الآخرين ونكتفي بأن نكون مهللين مصفقين مشجعين. علينا أن نغدو قدوة كل في مجاله. فالإمارات قد نفضت عن كاهلها غبار الركود، واستفاقت من سبات الصحراء لتخط اسمها بأحرف من نور في الفضاء وفي مختلف المجالات.
وكان زايد في قرارة نفسه يعلم أن ارتياد الفضاء حلم صعب المنال، لكنه ليس محالا؛ لأن الزمن كفيل بأن يحول ورقة التوت إلى حرير لمن يمتلك الإرادة والتصميم. وفي 3 سبتمبر 2018 تحقق حلم زايد، وأعلنت دولة الإمارات اختيار أول رائدي فضاء إماراتيين بالتعاون مع وكالة الفضاء الروسية تم اختيارهما من بين 4 آلاف شاب وشابة.
عندما انطلق رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري يوم الأربعاء 25 سبتمبر إلى الفضاء في مهمته التاريخية التي تشكل علامة فارقة في تاريخ الإمارات كان كتفه يزدان بشعار "طموح زايد"، وكانت كلماته الأولى: فخور كوني الممثل للمنطقة العربية الأول على متن محطة الفضاء الدولية، وأضاف: "إنها ساعات حاسمة بين شغف البداية، وهيبة الموقف، أنطلق حاملاً على عاتقي فخر وآمال هذا الوطن إلى بعد وأفق جديد".
انطلق تحوطه عيون جميع أبناء الإمارات وقلوبهم، انطلق يحمل حلم زايد ليجعله حقيقة ترسخ الثقة في شبابنا الذين يحملون راية الوطن، ويعززون طموحاته الواعدة نحو المستقبل. انطلق مستلهماً مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "المستحيل ليس في قاموسنا.. وليس جزءاً من تفكيرنا. ولن يكون جزءاً من مستقبلنا".
انطلق متسلحاً بمقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة "هزاع رسخ ثقتنا بشبابنا الذين يحملون راية الوطن، وحكمة القيادة المتطلعة إلى حاضر، ومستقبل باهر".
ولكن نشوة الإنجاز يجب ألا تشغلنا عن القادم، وألا نركن إلى إنجازات الآخرين ونكتفي بأن نكون مهللين مصفقين مشجعين. علينا أن نغدو قدوة كل في مجاله. فالإمارات قد نفضت عن كاهلها غبار الركود، واستفاقت من سبات الصحراء لتخط اسمها بأحرف من نور في الفضاء وفي مختلف المجالات.
والآن قد حان دوركم يا أبناء زايد لحمل راية الوالد والقائد المؤسس لنؤكد للعالم أجمع همة شباب الإمارات التي تتجاوز المستحيل، والتي عانقت عنان السماء وانطلقت خارج الكرة الأرضية. لا أن نقف نتغنى بما حققنا وأن نفي بالوعد الذي نذره صاحب السمو محمد بن راشد آل مكتوم بقوله:
"الجميع يحلمون.. ولكننا ننهض ونجتهد لتحقيق الحلم.. وهدفنا القادم سيكون الوصول إلى المريخ.. وأنا وأخي محمد بن زايد نؤمن بقدرتنا على تحقيق ذلك.. البعض من حولنا قالوا هذا مستحيل.. ولكن كلمة المستحيل لا يرددها سوى الضعفاء.. ولا وجود لها طالما امتلك الإنسان الإرادة".
وأخيراً وليس آخراً علينا أن نتابع، وألا نتوقف فما دامت هناك قمم بلا أسماء فهذا يعني أننا ما زلنا بحاجة إلى مزيد من الإنجازات والإبداعات من شباب وشابات الإمارات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة