من قتل الروسية داريا دوغينا؟.. السؤال الحائر بين القدرة والرغبة
لم تكد تمر دقائق معدودة على مقتل الصحفية الروسية داريا دوغينا، في انفجار سيارة مفخخة، حتى ألقت موسكو بالمسؤولية على أوكرانيا.
لكنّ الاتهامات أثارت حفيظة خبراء استخباراتيين، حول مدى قدرة أوكرانيا على تدبير مثل هذا الهجوم، وما بين مؤيدين يرون قدرة كييف على تنفيذ هذا الهجوم، ومعارضين لا يرجحون هذا الاحتمال، يظل السؤال حائرا حول من المسؤول عن مقتل دوغينا؟
- مقتل داريا دوغينا.. إستونيا ترد على اتهامات روسيا
- شقة بموسكو وسيارة بـ3 لوحات وهروب للنمسا.. كيف قُتلت داريا دوغينا؟
وداريا دوغينا (29 عاما)، التي قتلت السبت خارج موسكو، هي ابنة المفكر القومي ألكسندر دوغين، الملقب بـ"عقل بوتين" المؤيد للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، التي بدأت منذ أكثر من 6 أشهر.
"ممكن"
ومنذ الإعلان الروسي، رفضت كييف اتهامات أجهزة الأمن الروسية التي تفيد بأن عملية القتل نفذتها امرأة أوكرانية أرسلت لتعقب دوغينا والقضاء عليها، وقد فرّت لاحقا إلى إستونيا.
وقال مسؤول في جهاز الاستخبارات الأوكراني لوكالة الأنباء الفرنسية، طلب عدم كشف اسمه "هل يمكننا إدخال 400 جرام من مادة (تي إن تي) إلى روسيا؟ نظريا، نعم. هل يمكننا تركيب قنبلة؟ نعم".
وأضاف: "لكن السؤال الأكبر هو، ما جدوى ذلك؟، لا أحد في أوكرانيا يعرف من هو دوغين. من سيكون لديه شيء ضد ابنته؟ قتلها لا معنى له"، وهو بذلك يؤكد قدرة كييف على اغتيالها ولكن ينفي الرغبة في ذلك.
وقال جيرالد أربوا، خبير الاستخبارات الدولية في معهد "كنام" للبحوث في باريس "أعتقد أنه منذ مارس/ آذار، هناك شبكات لوجستية وتشغيلية أوكرانية في روسيا.. هناك أوكرانيون على الجانب الآخر من الحدود".
لكن "بالنسبة إلى هذا النوع من الهجوم، ستحتاج إلى فريق استطلاع لتتبعها، ثم فريق للتنفيذ، ستحتاج إلى شخصين أو 3 لتفخيخ سيارة.. لا يستطيع شخص واحد القيام بكل ذلك بمفرده".
ولم يستبعد احتمال تدخل أوكراني، ربما مع جماعات معارضة روسية محلية، مشيرا إلى أن "أجهزة الأمن الروسية فككت شبكات أوكرانية في السنوات الأخيرة".
ومنذ ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في العام 2014، تشن أوكرانيا حربا سرية ضد روسيا، مع إقامتها شبكات تجسس استعدادا للتوترات المستقبلية.
"صعب"
في المقابل، اعتبر كولان كلارك مدير البحوث في مركز صوفان في نيويورك، أن "عملية اغتيال دوغينا وقعت في موسكو التي تعتبر هدفا صعبا جدا بالنسبة إلى الاستخبارات الأوكرانية لاختراقه".
وأضاف أن "إدخال عملاء أوكرانيين إلى روسيا سيتطلب تملصا من وكالات الاستخبارات الروسية التي يفترض أنها في حالة تأهب قصوى بعد 6 أشهر من الحرب".
وأضاف: "لكن في الوقت نفسه، أعتقد أن ذلك ممكن.. من المحتمل أن تكون القوات الأوكرانية الخاصة أو أجهزة الاستخبارات قادرة على شن الهجوم".
بدوره، قال ألكسندر جرينبرج، وهو محلل لدى معهد القدس للأمن والاستراتيجية: "لا أرى الأساس المنطقي لهذه العملية بالنسبة إلى الأوكرانيين، والتي سيكون تنفيذها معقدا جدا".
وأضاف "لا أستطيع أن أتخيل أن الأمريكيين أو البريطانيين سمحوا لهم بذلك. يبدو أنها حيلة من أجهزة الأمن الروسية للإضرار بكييف خصوصا أن دوغين ليس له أي تأثير حقيقي في الكرملين".
ولفت كلارك إلى أنه "إذا قامت أوكرانيا باغتيال شخصية روسية رفيعة المستوى، فهي لن تختار دوغينا"، مضيفا: "ما زلت أشتبه في أن عملية الاغتيال نفذتها جهة أخرى، وقد تكون من داخل روسيا".
المستفيدون والعواقب
وأشار الخبراء أيضا إلى أن "مقتل دوغينا سيخدم على الأرجح مصالح بوتين، مع تأجيج الغضب الذي قد يعزز الدعم للتعبئة العامة لحشد المزيد من الجنود للحرب التي تراوح مكانها إلى حد كبير في جنوب أوكرانيا وشرقها".
وقال مصدر استخباراتي فرنسي لوكالة الأنباء الفرنسية: "لا أستبعد أن دوغينا قتلت على أيدي الروس لتصعيد الحرب، على الأرجح بأسلحة غير تقليدية" مثل القنابل الحرارية.
كما أن الاغتيالات التي تستهدف شخصيات روسية بارزة، خصوصا امرأة شابة، ستأتي بنتائج عكسية على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي يعتمد بشكل كبير على التعاطف والمساعدة العسكرية من الحلفاء الغربيين.
aXA6IDMuMTQ1LjUwLjcxIA== جزيرة ام اند امز