الحل الصيني.. نهاية للأزمة الأوكرانية أم للقرن الأمريكي؟
"رحلة من أجل السلام"، هكذا وصفت الصين زيارة الرئيس شي جين بينغ لروسيا والتي ستكون الأزمة الأوكرانية بمثابة شمس لا تغيب على جدول أعماله.
تلك الرحلة والتي تأتي في أعقاب الوساطة الصينية التي أنهت أعوامًا من القطيعة بين السعودية وإيران، يسعى من خلالها الرئيس شي إلى دعم مكانة بكين كصانع سلام عالمي وإبرازها بكونها قوة عظمى مسؤولة.
فالصين ستتمسك بموقف موضوعي وعادل بشأن الأزمة الأوكرانية وستلعب دورًا بناء في تعزيز محادثات السلام، هكذا قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية عن زيارة الرئيس شي اليوم الإثنين إلى بكين.
ويأتي دخول الصين على خط الأزمة الأوكرانية، بينما وصل الوضع الدولي الآن إلى نقطة تحول جديدة؛ فهناك رياحان في العالم اليوم، الرياح الشرقية التي بزغ فجرها والرياح الغربية التي غربت شمسها.
وتقول صحيفة "فايننشال تايمز"، إن الرئيس شي سيقدم نفسه في موسكو على أنه رجل سلام، وخاصة بعد الإنجاز الدبلوماسي الحقيقي المتمثل في إحداث تقارب بين إيران والمملكة العربية السعودية قبل أيام.
تأتي الرحلة بعد قرابة شهر من طرح الصين مؤخرًا خطة سلام من 12 نقطة لتسوية الحرب في أوكرانيا، فيما من المتوقع أن يقترح الرئيس شي أثناء وجوده في موسكو، وقف إطلاق نار فوري.
وبعد قمته مع الرئيس فلاديمير بوتين، من المرجح أن يتصل الزعيم الصيني بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لعرض آخر ما توصلت إليه بلاده في المباحثات مع الرئيس الروسي.
عقبات أمام الحراك الصيني
واتخذ زيلينسكي نهجًا مختلفًا مع بكين، حتى الآن، فأثنى على ورقة الموقف الصيني المكونة من 12 نقطة بشأن أوكرانيا، لكنه شدد على وحدة الأراضي.
وتقول صحيفة "فايننشال تايمز"، إنه على عكس السعودية وإيران، فإن الصين لا تتوسط بين طرفين مستعدين للتوصل إلى اتفاق، مشيرة إلى أن "خطة السلام" الصينية الحالية لا تذكر شيئًا عن الانسحاب الروسي من الأراضي الأوكرانية.
لكن بالنسبة إلى شي، من المفيد تقديم الصين كصانع سلام براغماتي - مهتم قبل كل شيء بالتجارة والازدهار المشترك، فيما تنظر أمريكا إلى التحركات الصينية بشيء من القلق، بحسب الصحيفة البريطانية.
فيما تقول صحيفة "وول ستريت جورنال"، إن الصين تحاول الظهور كقوة بديلة للولايات المتحدة، ورعاية انفراج دبلوماسي بين الخصمين السعودية وإيران وإصدار مبادرات تحث على التفكير الجديد بشأن الأمن العالمي.
وقال متخصصون في السياسة الخارجية إن هذه الرسالة تلقى صدى في الداخل، وخاصة مع الصراع الذي تخوضه العديد من الدول النامية بسبب تأثير الصراع في أوكرانيا على أسعار المواد الغذائية وإمدادات الطاقة.
حراك أمريكي مضاد
إلا أن الولايات المتحدة تحاول تجنب اقتراح محتمل من بكين لوقف إطلاق النار في أوكرانيا قبل القمة الروسية الصينية، قائلة إن تعليق القتال الآن سيساعد في تعزيز سيطرة روسيا على الأراضي الأوكرانية.
وأعرب البيت الأبيض يوم الجمعة عن قلقه بشأن تعميق العلاقات بين الصين وروسيا خلال الحرب الأوكرانية، فيما قال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، إن هذا يجعل الدعوة المحتملة لوقف إطلاق النار اقتراحًا من جانب واحد لصالح روسيا.
النقد الوقائي الذي تستخدمه بكين لاقتراح محتمل لوقف إطلاق النار هو محاولة من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لتضييق مساحة بكين في المناورة مع موسكو، بما في ذلك من خلال إبراز نفسها كوسيط، وفقًا لمسؤولين سابقين ومحللي الشؤون الخارجية.
في الأسابيع الأخيرة، حذر مسؤولون أمريكيون، نقلاً عن معلومات استخباراتية، علنًا من أن بكين تدرس تقديم أسلحة وقدرات فتاكة لروسيا، بما يتجاوز التجارة في سلع مثل الطائرات بدون طيار وأجزاء الطائرات التي لها استخدامات مدنية وعسكرية.
وقال كيربي، إنه إذا كانت بكين مهتمة بالسلام، فيجب على الرئيس شي التحدث مباشرة مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. ولا يُعتقد أنهما تحدثا منذ أن شنت روسيا عمليتها العسكرية قبل ما يقرب من 13 شهرًا.
وفي الوقت الذي تضع فيه روسيا والصين جدول أعمال اجتماع بوتين-شي، قال كيربي إن الولايات المتحدة تريد لفت الانتباه إلى أي اقتراح صيني لوقف إطلاق النار من شأنه "أن يكون من جانب واحد ويعكس المنظور الروسي فقط".
عندما سأله الصحفيون، قال كيربي إنه لا يستطيع التحدث باسم زيلينسكي وما إذا كان سيقبل اقتراحًا تدعمه الصين. وقال كيربي، في إشارة إلى الصين: "نحن بالتأكيد لا ندعم الدعوات إلى وقف إطلاق النار التي ستطالب بها الصين في اجتماع في موسكو".
وفي الإعلان عن قمة موسكو الأسبوع المقبل، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية يوم الجمعة إن زيارة الرئيس شي ستكون "رحلة من أجل السلام".
وقال المتحدث وانغ وين بين للصحفيين في بكين وفقا لنص رسمي: "ستتمسك الصين بموقف موضوعي وعادل بشأن الأزمة الأوكرانية وستلعب دورًا بناء في تعزيز محادثات السلام".
فما موقف الصين من التسوية السياسية للأزمة الأوكرانية؟
طرحت الصين الشهر الماضي ورقة مكونة من 12 نقطة لحل الأزمة الأوكرانية، نصت على:
- احترام سيادة جميع الدول، واستقلالها وسلامة أراضيها، والتقيد الصارم بالقانون الدولي المعترف به عالميا، بما في ذلك مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
- التخلي عن عقلية الحرب الباردة، فلا ينبغي تحقيق أمن المنطقة من خلال تعزيز أو توسيع الكتل العسكرية.
- وقف الأعمال العدائية؛ فالصراع والحرب لا يفيدان أحدا، مما يستدعي من جميع الأطراف التحلي بالعقلانية وضبط النفس.
- استئناف محادثات السلام؛ فالحوار والتفاوض هما الحل الوحيد القابل للتطبيق للأزمة الأوكرانية.
- حل الأزمة الإنسانية، عبر تشجيع ودعم جميع التدابير التي تؤدي إلى تخفيف الأزمة الإنسانية.
- حماية المدنيين وأسرى الحرب، وضرورة التزام طرفي النزاع بالقانون الإنساني الدولي، وتجنب مهاجمة المدنيين أو المنشآت المدنية، وحماية النساء والأطفال، واحترام الحقوق الأساسية لأسرى الحرب.
- المحافظة على سلامة محطات الطاقة النووية، ووقف مهاجمة محطات الطاقة النووية أو غيرها من المنشآت النووية السلمية، والامتثال للقانون الدولي.
- تقليل المخاطر الاستراتيجية، وعدم استخدام الأسلحة النووية في خوض حروب نووية.
- تسهيل تصدير الحبوب، ودعم الأمم المتحدة في لعب دور مهم في هذا الصدد.
- وقف العقوبات الانفرادية، فلا يمكن للعقوبات الأحادية والضغط الأقصى أن يحل المشكلة، مما يتوجب على الدول المعنية التوقف عن إساءة استخدام الولاية القضائية طويلة المدى ضد البلدان الأخرى.
- الحفاظ على استقرار الصناعة وسلاسل التوريد، مما يتطلب من جميع الأطراف معارضة استخدام الاقتصاد العالمي كأداة أو سلاح لأغراض سياسية.
- تشجيع إعادة الإعمار بعد الصراع والتأكيد على استعداد الصين لممارسة دور فعال في هذا الصدد.
aXA6IDEzLjU5LjEyNy42MyA= جزيرة ام اند امز