"سراديب الموت" في ماريوبول.. همزة وصل بين دونباس والقرم
كصخرة تتأرجح في أعلى جبل؛ هكذا يبدو "آزوف ستال" بماريوبول الأوكرانية؛ المصنع الذي يستكمل سقوطه بيد الروس همزة الوصل بين دونباس والقرم.
مصنع تعدين يعد من بين الأضخم في أوروبا، شبيه بقلعة محصنة مكونة من طبقات سفلية مضادة للنووي والانفجارات، وتضم داخلها كل ما يكفي من طعام ومساكن ونظام اتصالات متطورة، وهو ما يفسر قدرة آلاف الجنود الأوكرانيين على المرابضة داخله منذ مطلع الشهر الجاري.
والخميس، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قواته بعدم اقتحام المصنع الذي يشكل آخر معقل أوكراني متبق في مدينة ماريوبول المحاصرة وإغلاقها "بحيث لا تمر حتى ذبابة من خلالها".
وحينها أيضا، قال وزير الدفاع سيرغي شويغو، في لقاء بثه التلفزيون، لبوتين، إن مصنع الصلب مترامي الأطراف "آزوف ستال"، حيث تتحصن القوات الأوكرانية "مغلق بشكل آمن"، معلنا "تحرير" بقية المدينة، وهو ما أشاد به بوتين معتبرا أنه "نجاح".
وأبلغ الرئيس الروسي وزير الدفاع أيضا أنه يريد محاصرة آخر المقاتلين الأوكرانيين المتحصنين في "آزوف ستال" لأن شن هجوم سيكلف الكثير من الأرواح، نظرا لأن المنطقة تتألف من شبكة واسعة من الأنفاق تحت الأرض.
فكيف تخطط روسيا لما بعد سقوط "آزوف ستال"؟
دونباس والقرم
بعد سيطرتها على شريط ساحلي في منطقتي زاباروجيا وخيرسون المجاورة في الغرب، تتطلع موسكو لفرض سيطرتها الكاملة على ماريوبول، المدينة الساحلية الاستراتيجية التي لا تبعد لأكثر من 55 كيلومترا فقط عن حدودها، وهو ما حدث وإن بشكل جزئي.
سيطرة كاملة ستمكنها من خلق طريق بري يربط أراضيها بشبه جزيرة القرم التي ضمتها في 2014، ما يفتح أمام روسيا آفاقا أوسع من الناحية العسكرية، وتوجه بموجبها ضربة قوية لأوكرانيا، وتزيد من التهديدات لها، والأهم أنها تحقق أهدافها الأساسية باستحداث حزام يفصل أراضيها عن أوكرانيا.
وذلك الحزام سيكون بمثابة صمام الأمان بالنسبة لموسكو، أي تحقيق أحد أبرز الضمانات الأمنية التي طالبت بها الغرب قبل الحرب، وهي عدم توسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) شرقا حال انضمام كييف.
ففي ظل التطورات الراهنة، يبدو جليا أن موسكو نجحت في حماية نفسها من توسع غربي محتمل مع ما يعنيه كل ذلك من تهديد لأمنها خصوصا على حدودها الشرقية.
كما أن سيطرة روسيا على ماريوبول تعني فتح جبهة ثالثة قوية ضد المقاومة الأوكرانية في إقليم دونيتسك الذي اعترفت موسكو باستقلاله مباشرة قبل الحرب؛ تضاف إلى جبهة الشرق الانفصالي المفتوحة أصلا في المنطقة منذ سنوات.
أما الجبهة الثانية فستكون في خاركيف (شمال)؛ المنطقة التي تحاول القوات الروسية منذ أسابيع السيطرة على محاورها الجنوبية المتاخمة لدونيتسك ثم التقدم نحوها، أما ثالثها فمن ماريوبول في الجنوب، بتعزيزات تأتيها مباشرة من بحر آزوف أو شبه جزيرة القرم.
ولا يعتقد محللون أن الأمر سيتوقف عند ذلك الحد، بل إن سقوط ماريوبول التي تعد ثاني أهم مدن منطقة دونيتسك بإقليم دونباس، قد يشجع موسكو على التقدم أعمق في الأراضي الأوكرانية، خاصة في منطقة زاباروجيا المجاورة غربا، وحتى في دنيبروبيتروفسك شمال غربي أوكرانيا.
aXA6IDE4LjExOC4xNDkuNTUg جزيرة ام اند امز